تراجع فكرة الشرطة الجامعية وتأهيل الامن

الرابط المختصر

تواجه الجامعات الاردنية مصاعب عديدة امام تحسين صورتها المهشمة في نظر الشارع بسبب تزايد اعمال العنف بين الطلبة خاصة في المواسم الانتخابية, حتى بعدما اعلن عدد منها سلسلة من الاصلاحات مثل الغاء نظام الانتخابات السابق في الجامعة الاردنية الذي اقل ما يوصف بأنه نصف ديمقراطي واعتماد نظام اخر يتيح للطلبة اختيار ممثليهم بحرية اكبر رغم منغصات وجود الصوت الواحد.
وقد اثيرت تساؤلات في الوسط الاكاديمي عن فرص نجاح ادارات الجامعات في مساعيها الدعائية في التقليل من اهمية ما يجري داخل حرم الجامعة من شغب طلابي ظل يرسم صورة المشهد لاكثر من عقد تقريبا, لا سيما مع استمرار ازمات اخرى مثل عجز الموازنات وفشل جهود الاصلاح الاكاديمي وهو ما عبرت عنه بوضوح استقالة رئيس مجلس امناء الجامعة الدكتور كامل العجلوني قبل عدة اشهر وتركت تداعيات كبيرة داخل وخارج الجامعة الى جانب ازمات اخرى ما زالت تلوح في الافق.
قبل اربع سنوات وتحديدا في العام 2007 زار الملك عبد الله الثاني الجامعة الاردنية على وقع احداث عنف وشغب طلابي متصاعد وقف الجميع امامه مذهولين وجعلته يحذر بشكل غاضب من تنامي الظاهرة التي باتت مقلقة اكثر من اي قت مضى ووصفه له بأنه خط احمر, حتى تداعى رؤساء الجامعات عن بكرتهم لعقد مؤتمر يناقش ويعالج اسباب الواقعة, لكن مع تراجع مستوى العنف داخل الجامعات لاسباب مختلفة ذهبت قرارات تلك المؤتمرات ادراج الرياح لتصحو الجامعات مجددا على تسونامي جديد من العنف كان اخره في جامعة البلقاء التطبيقية قبل شهر والجامعة الاردنية العام الماضي اضطر ادارة الجامعة الى فصل ما يزيد على 36 طالبا والاعلان عن سلسلة قرارات وقائية تحمس لها الجميع لكن من دون جدوى.
مع هبة الربيع العربي وضغط الشارع المتصاعد تراجعت الجامعة الاردنية عن كثير من القرارات التي كان يمكن ان تضع حدا لحالة الفوضى الخلاقة التي شوهت صورة اقدم جامعة في الاردن, ففيما يتعلق بقرارات فصل الطلبة التي جاءت على خلفية مشاجرات وقعت خلال انتخابات اتحاد الطلبة التي جرت العام الماضي الغت رئاسة الجامعة جميع عقوبات الانذار او الفصل واستبدلتها بعقوبات بديلة من انواع الخدمة الاجتماعية وإخضاع الطلبة الى برامج تأهيل نفسي وتربوي او اجتماعي.
ويأتي هذا التراجع عن سياسات التشدد والمعالجات الامنية السائدة في سياق ما تشهده المنطقة من ثورات ومظاهرات احتجاج على الاوضاع العامة, تحسبا لمظاهرات قد تشهدها الجامعة, وهو ما القى بأعباء كبيرة على ادارة الجامعة التي بدت مذهولة للواقع الجديد.
ولا يقف الامر عند هذا الحد فقد تراجعت ادارة الجامعة ايضا عن جميع التوصيات التي تقدم بها مجلس عمداء الجامعة مثل انشاء (شرطة جامعية) تخضع للمعايير المعمول بها في جهاز الامن العام, وإجراء ما يلزم لكي يتمتع العاملون في دائرة الامن الجامعي بصفة نائب الضابطة العدلية, الى جانب تقييم كل منتسب لهذه الدائرة والتعرف على مدى كفاءته وخصائصه الشخصية والابقاء فقط على المؤهلين وتحويل غير المؤهلين الى دوائر الجامعة الاخرى.
وجاءت هذه التوصية بالاساس بعد ان اثبتت نتائج التحقيق في كثير من المشاجرات التي حدثت بين الطلبة في الجامعة الى عدم كفاءة بعض العامين في دائرة الامن الجامعي, او تحيزهم لعدد من الطلبة او خشونتهم او تقاعسهم المتعمد وتجنبهم الدخول المباشر في المشكلة كذلك , فإن من العاملين في الامن الجامعي لا يتمتعون بحماية قانونية لطبيعة عملهم.
كما دعت الى اعادة النظر في مادة التربية الوطنية وعدم اقتصارها على التربية الوطنية فقط وإنما ايضا على التربية المدنية والتركيز يجب ان ينصب في هذه المادة على الحقوق المدنية والانسانية ومفهوم المواطنة الصالحة, الى جانب مراجعة سياسات القبول في جميع الجامعات بحيث تستند الى اسس المنافسة العامة والقدرة على التحصيل العلمي.
من التوصيات التي تقدمت بها اللجنة التحضيرية لمعالجة العنف الجامعي ورأسها انذاك الدكتور جميل الصمادي ضرورة قيام عمادة شؤون الطلبة بواجباتها برؤية افضل وانفتاحها على الطلبة والتواصل معهم, والاستماع الى همومهم ومعالجة مشكلاتهم ومن هنا يجب دعم العمادة بكادر مؤهل قادر على الوصول الى الطلبة وتلمس معاناتهم حسب نص التوصية وهذا لم يتم حتى الان.
تتحمل ادارة الجامعة الاردنية المسؤولية الكاملة عما يجري فيها من احداث عنف وفوضى ما كانت لتحدث لولا حالة التراخي التي سيطرت على اداراتها المختلفة الامر الذي ترك اعباء كبيرة على الجامعة بشكل خاص والبلاد على وجه العموم, وهو ما يطرح تساؤلات عديدة عن سبب عدم تنفيذ تلك التوصيات وإعادة تأهيل العاملين في الامن الجامعي الذي انتقدت اداءهم اللجنة المكلفة بدراسة وضع العنف في الجامعة.