تذمّر في الأردن من اللاجئين السوريين: عمالة منافسة وموارد غير كافية

تذمّر في الأردن من اللاجئين السوريين: عمالة منافسة وموارد غير كافية
الرابط المختصر

يرزح الأردن تحت وطأة مليون ومئتي ألف لاجئ سوري عبروا إليه منذ اندلاع الثورة في بلادهم مطلع آذار من العام 2011 وحتى الأول من حزيران/ يونيو 2013، وذلك بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن الحكومة الأردنية.

هذا التدفق في أعداد اللاجئين زاد من معاناة البلد الفقير، بما شكله من ضغط على الموارد المحدودة للدولة الأردنية، ورتّب كلفة إضافية على موازنة تعاني العجز، الأمر الذي دفع بالحكومة إلى درس إعلان المحافظات الشمالية المتاخمة للحدود السورية "منكوبة بفعل اللاجئين"، الذين باتوا ينافسون الأردنيين على كل أسباب الحياة.

ويُشكّل اللاجئون السوريون اليوم 15 بالمئة من تعداد سكان الأردن، البالغ وفق أرجح الإحصائيات ستة ملايين نسمة، وذلك بحسب المنسق العام لشؤون مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن انمار الحمود.

هذا العدد إلى ارتفاع، إذ إن معدلات التدفق الحالية للاجئين يبلغ متوسطها اليومي ألف وخمسمائة لاجئ، وهذا ما سيجعل اللاجئين أكثر من 40 بالمئة من تعداد سكان الأردن منتصف العام 2014، وفق إعلان وزير الخارجية الأردني ناصر جودة.

هذه الأرقام "الـمخيفة" المتوقّعة يستند إليها الرسميون في دراسة الأثر الذي يخلّفه اللجوء السوري على الأردن. ويكشف الحمود في حديث لموقع "NOW" عن دراسة أعدّتها وزارة التخطيط الأردنية مطلع العام الجاري خلصت إلى أن "660 ألف لاجئ سوري يكلّفون الدولة نصف مليار دولار خلال العام 2013".

وبحسب دراسة عمل عليها فريق من الباحثين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بلغت كلفة اللاجئين السوريين على الاقتصاد الأردني خلال العامين الماضيين نحو 832 مليون دولار.

ويقول الحمود: "عالمياً يعتبر ما نسبته 0.7 بالمئة من اللاجئين إلى عدد السكان عبئاً على الدولة المضيفة، فكيف الحال في الأردن مع اللاجئين؟"، ويضيف: "إن أثر اللاجئين امتد ليشمل مختلف القطاعات الخدماتية، من صحة وتعليم وإيواء وطاقة ومياه ومواصلات، خصوصاً وأن غالبية اللاجئين يقيمون خارج أسوار مخيمات اللجوء البالغ عددها مخيمين حتى الآن، والتي تضم حتى مطلع حزيران/يونيو 164 ألف لاجئ، فيما يتوزع العدد المتبقي على أرجاء المملكة".

وقدّرت دراسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي كلفة تعليم 14 ألف لاجئ نحو 46 مليون دولار، فيما بلغت فاتورة علاج اللاجئين 33 مليون دولار، وزادت بفعلهم فاتورة الطاقة البالغة 56 مليار دولار سنوياً، ما معدّله 18 مليون دولار في السنة، وهذه كلها أرقام ترصد أثر اللاجئين خلال العامين الماضيين، حيث لم يكن يزيد عددهم على 300 ألف لاجئ.

الأرقام السابقة لم تزعج الأردنيين، فأثرها لم ينعكس عليهم مباشرة، بل إن ما أزعجهم من أثر مباشر تمثلّ بانعكاس هذا اللجوء على سوق العمل وأجور السكن وحصص المياه.

الحمود حمّل اللاجئين مسؤولية فقدان مزيد من الأردنيين فرص العمل، فيما كشفت إحصائيات غير رسمية ان نسبة اللاجئين السوريين في سوق العمل الأردني بلغت 30 بالمئة، حسب الناطق بإسم وزارة العمل هيثم الخصاونة.

وقال الخصاونة لـ"NOW": "إغتنَم أصحاب العمل وجود اللاجئين كعمالة رخيصة كفرصة للاستغناء عن العمالة المحلية، حيث يوافق اللاجئون على العمل بأجر لا يتعدى 141 دولاراً في الشهر في بلد يحدد فيه الحد الأدنى للأجور بـ 286 دولاراً".

وما زاد من قناعة أرباب العمل الاعتماد على اللاجئين شهرة السوريين بأنّهم تجار وحرفيين مهرة، لترتفع بذلك نسبة البطالة بين الأردنيين البالغة 25 بالمئة حسب تقرير التنمية البشرية للعام 2013.

وزارة العمل الأردنية، وفي مسعى للحد من "تغوّل" اللاجئين على سوق العمل الأردني أطلقت حملة للتفتيش على المنشآت التي تشغِّلهم بشكل مخالف، تحت طائلة إغلاقها، وفق ما أكد الخصاونة.

أما الإيجارات فقد ارتفعت بشكل جنوني نتيجة لزيادة الطلب من قبل اللاجئين المقيمين خارج المخيمين، لاسيما في محافظات الشمال. وزاد متوسط إيجار البيوت في الأردن من 212 دولاراً شهريًا إلى ضعف المبلغ وهو ارتفاعٌ عجز الأردنيون عن مجاراته، وتطور الأمر إلى احتجاجات مطلع العام 2013، حيث نصب بعض الأردنيين خياماً في محافظة المفرق (68 كيلومتراً شمال شرق عمّان) للإقامة فيها وكتبوا عليها "مخيم النازحين الأردنيين".

الأثر الأكثر صعوبة الذي تركه اللاجئون، ضغطهم الهائل على مياه الشرب في بلد يصنّف ضمن أفقر أربع دول في العالم مائياً. وفقاً لإحصاءات وزارة المياه والري الأردنية، التي أُعدّت قبل توافد اللاجئين، يبلغ العجز المائي في الأردن سنوياً خمسمائة مليون مترٍ مكعب، وهو العجز الذي يجعل المياه في الصيف كنزاً ثمينا يلهث وراءه المواطنون.

المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لدى الأردن حددت حاجة اللاجئ اليومية داخل المخيم من المياه بـ 50 لتراً، الحصة التي اعتبرها الخبير المائي الدكتور مروان الرقاد مناسبة، غير أنه أشار إلى أن حصة اللاجئ خارج المخيم تتجاوز ما هو محدد للاجئ داخل المخيم.

دراسات غير رسمية تشير إلى أن اللاجئين يتحملون المسؤولية عن عجز مائي يبلغ ستمائة مليون متر مكعب سنوياً. وتوقّع الرقاد أن يكون العجز المائي في الأردن متساوياً ونسبة الوجود السوري، والذي حدده بين 10- 15 بالمئة.

لموقع لبنان Now

أضف تعليقك