تخفيض 10% من النفقات الجارية
عند مراجعته للموازنة العامة من حق مجلس النواب، بل من واجبه الدستوري، أن يحاول إنقاص النفقات العامة، ولكن عليه في هذه الحالة أن يحدد النفقات الواجب إنقاصها، لا أن يفرض نسبة عشوائية مثل 10% ويترك للحكومة توزيع هذه النسبة كما تراه مناسباً، فما تراه مناسباً هو أرقام الموازنة كما ؟قدمت للبرلمان.
لم نعرف قيمة النسبة المطلوب خفضها، وهل تحسب على كل النفقات المتكررة ثم توزع على فصول الإنفاق عدا الرواتب، أم أنها تستثني الرواتب سلفاً ثم تحسب المبلغ المطلوب تخفيضه كنسبة من باقي النفقات.
إلى جانب الرواتب طالب الرئيس باستثناء مخصصات الجيش وأجهزة الأمن. وطالب وزير المالية باستثناء مخصصات المعونة الوطنية ودعم الكاز والأعلاف وباقي نفقات الأمن الاجتماعي، ولم يعارض أحد من النواب هذه الاستثناءات. وهناك عناصر كبيرة غير قابلة للتخفيض كالفوائد.
ما تبقى من النفقات المتكررة يقل عن 10% من النفقات الجارية ولذا يجب شطبها كلها لتوفير هذه النسبة، مما يوقف عمل الوزارات؟. هل يمكن تخفيض مخصصات الأدوية مثلاً أم فواتير الماء والكهرباء والإيجارات وفوائد الدين العام؟.
حتى بدون هذا التخفيض فإن المستشفيات الخاصة تطالب بتسديد حقوقها المتأخرة، ومستودعات الأدوية تهدد بالتوقف عن توريد الأدوية إلى وزارة الصحة إذا لم تسدد التزاماتها، ويطالب المقاولون الذين يطالبون بتسديد مطالباتهم المتأخرة. تسديد كل هذه المستحقات متأخر لأن المخصصات المرصودة لها في الموازنة نفدت قبل نهاية السنة، فكيف يمكن تخفيض تلك المخصصات.
خلافاً للهدف الدستوري، وافق المجلس على النفقات الجارية فصلاً فصلاً دون أن يعرف المبالغ التي ستؤول إليها تلك الفصول فيما لو استطاعت الحكومة تخفيضها بشكل يلبي طلب التخفيض. أي أن المجلس فوّض صلاحياته في تخفيض الفصول إلى الحكومة اكتفاء بتحديد الهدف .
كان أمام اللجنة المالية، لو كانت جادة، وقت كاف لمراجعة فصول النفقات المتكررة وتخفيضها بالشكل الذي تراه مناسباً، وتتحمل مسؤولية ذلك، لا أن تترك للحكومة أن تنفذ التخفيضات على مسؤوليتها، مع أن المفروض أنها استنفدت وسائل التخفيض عند إعداد مشروع الموازنة.
توصية اللجنة المالية كان يجب أن تظل توصية، أي أن تمثل رسالة إلى الحكومة بأن تحاول تخفيض النفقات والعجز، أما تحويل التوصية إلى جزء من القانون فإنه ينسف الموازنة ويخلق مأزقاً قانونياً ومالياً.











































