تحقيق ..معضلة الحوالات في الأردن تتفاقم (انفوجرافيك وبيانات)

إزاء نمو الاقتصاد الأردني وتقلّص اعتماده على الأردنيين في الخارج، هل تحسّن وضع المواطنين المقيمين في المملكة؟

على الرغم من اعتماد الأردن الكبير تاريخيًا على الحوالات المالية التي يرسلها المغتربون الأردنيون إلى الوطن، فإن نسبة الحوالات المالية قياساً بالناتج المحلي الإجمالي للبلاد آخذة بالانحسار. وعلى نحو موازٍ، فإن الدول التي كانت في السابق وجهات شائعة للمهاجرين الأردنيين، مثل المملكة العربية السعودية، باتت تواجه انكماشًا اقتصاديًا وتفرض أنظمة أكثر صرامة على العمال الوافدين فيما تظهر اتجاهات مماثلة كذلك الأمر على الصعيد العالمي.

ما هي تداعيات هذا الأمر على الأردنيين المقيمين منهم في المملكة والمغتربين منهم على حد سواء؟ تجمع هذه المقالة بيانات من البنك الدولي ودائرة الإحصاءات للمساعدة في فهم الدور الذي تؤديه الحوالات في أوساط الأسر الأردنية، وذلك بالنسبة لأولئك الذين يقررون السفر إلى الخارج والذين يبقون في المملكة، وعلى صعيد سكان الأردن بشكل عام.

السعودية تفرمل ضخ الأموال إلى الأردن من قبل أصحاب الوظائف

شهدت أعداد الأردنيين المتوافدين إلى دول الجوار الغنية بالنفط من دول الخليج العربي على مدى عقود تزايداً بالمقارنة مع الوجهات الأخرى، وذلك سعياً وراء فرص وظيفية أكثر ربحًا. ولطالما كانت الحوالات المالية في هذا الإطار، لا سيما من دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك من أميركا الشمالية وأوروبا ومناطق أخرى، عنصراً مساهماً في نمو الاقتصاد الأردني بحيث شكلت مرات عديدة ربع الناتج المحلي الإجمالي على مدار الأربعين عامًا الماضية.

وفي عام 2017، عمدت المملكة العربية السعودية، التي شكلت على الدوام المصدر الأكبر للحوالات المالية إلى الأردن، إلى فرض ضرائب جديدة على جميع العمال الأجانب والمُعالين من عائلاتهم. وهي ضرائب تزداد من حيث المبلغ إذا كان الوافد يعمل في مؤسسة غالبية الموظفين فيها من غير السعوديين. لذلك كلما ازداد عدد الأجانب الذين توظفهم الشركة السعودية ازدادت في المقابل الضرائب التي يتعين على الشركة دفعها. وتصبّ هذه الضرائب الجديدة التي تصل في بعض الحالات إلى ما يقرب 200 دينار أردني شهريًا في جهود "السعودة" التي رُسمت خطوطها العريضة بشكل أساسي قبل عام في "رؤية 2030" لمكافحة البطالة السعودية وتقليل اعتماد البلاد على النفط. وإزاء هذا الواقع، بدأت العديد من الشركات بتسريح العمال الأجانب بحيث إذا رأت أي شركة أن الاستمرار بتوظيف الأردنيين مكلف للغاية، يتم التخلي عنهم. البيانات المتاحة لا تكشف بالضبط عن عدد الأردنيين الذين فقدوا وظائفهم في السعودية بعد فرض الضريبة الجديدة.

صعوبة ملحوظة في احتساب دقيق للحوالات

وفي ظل عدم نشر العدد الدقيق للأردنيين في السعودية رسميًا، فقد أقام ما يقرب من تسعة من كل عشرة مغتربين أردنيين في الخليج العربي في عام 2019، وفقًا للبيانات التي تم الحصول عليها من وزارة الخارجية الأردنية لهذا التحقيق. وأشارت بعض التقديرات إلى إقامة حوالي 250 ألف أردني في المملكة العربية السعودية وحدها في عام 2015.

ووفقًا لبيانات الحوالات السنوية للبنك الدولي، بلغ إجمالي الحوالات إلى الأردن عام 2017 3.14 مليار دينار أردني. ففي ذلك العام، ولأعوام عدة سبقته، شكّلت المملكة العربية السعودية المصدر لما يقرب 40٪ من جميع الحوالات الأردنية، حوالي 1.2 مليار دينار أردني، أي أكثر بقليل مما أنفقته وزارة الدفاع في نفس العام. وبعد عام واحد، ونظراً إلى الأنظمة الجديدة، تراجعت هذه الحوالات بواقع ربع كامل إلى 900 مليون دينار أردني.

هذا ويتم احتساب البيانات المتعلقة بالحوالات والصادرة عن البنك الدولي عبر ضرب متوسط ​​الدخل الفردي المحلي في البلد المضيف بعدد المهاجرين - المغتربين الأردنيين على سبيل المثال - في كل بلد. وتستند أرقام الهجرة إلى الإحصاءات السكانية المتاحة التي تعدها الحكومات. ونظراً إلى التعقيدات الناتجة عن الهجرة غير النظامية (غير الموثقة) والتحفظ الذي قد يبديه الناس عندما يتعلق الأمر بالإجابة على الإحصاءات الرسمية، فمن المرجح أن تكون الأعداد المسجلة للمهاجرين أقل من العدد الفعلي.

وفي محاولة للإحاطة بكيفية تأثير التغييرات الحاصلة في هذه الاتجاهات القائمة منذ أمد عمليًا على الأردنيين على نطاق واسع، استخدمنا الحوالات والبيانات الديموغرافية وأجرينا مقابلة مع الوزير السابق للشؤون الاقتصادية ورئيس مجلس إدارة بورصة عمان، الدكتور يوسف منصور.

 

 

 

في حين شهدت الحوالات تغيرًا كبيرًا في المملكة العربية السعودية، حافظت الحوالات القادمة من مصادر أخرى معروفة باستقرارها على ثباتها إلى حد ما، مع زيادة المبالغ الواردة من بعضها بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والكويت (بنحو 105 ملايين و90 مليون دينار أردني على التوالي).

تُظهر البيانات أيضًا أنه على الرغم من أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لا تزال تشكّل معظم الأموال الواردة إلى البلاد، قد يحاول الأردنيون دخول أسواق مختلفة للتعويض عن تقلّص الفرص في الوجهات التقليدية. ففي أعقاب التغييرات القانونية التي شهدتها المملكة العربية السعودية على وجه التحديد والتغيرات الاقتصادية عبر دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام سجلت الحوالات المالية من كندا ودول أوروبا نمواً بشكل تناسبي، وتحديداً بين عامي 2017 و2018، وهي السنوات التي أصبح فيها العمل في الخليج أكثر صعوبة.

 

في حالة كندا، عكس الارتفاع المفاجئ لسنة 2018 اتجاهًا إيجابيًا بشكل عام ولكنه غير مستقر بدأت ملامحه بالظهور سنة 2013. أما الأموال المرسلة من بلجيكا، فقد تخطت عام 2018 تلك التي تم إرسالها عام 2017 بواقع 18 مرة. وكذلك سجلت الحوالات الواردة من أوكرانيا واليونان ازدياداً بواقع ثلاث مرات.

وإذ لا تزال المبالغ المرسلة من هذه البلدان محدودة لكن اتجاهاتها قد تعكس ديناميكية متغيرة. في الواقع، سجل إجمالي الحوالات إلى الأردن نمواً فعليًا في عامي 2018 و2019، مما يشير إلى أن هذا التحول المحتمل إلى أسواق جديدة قد عوض حتى الآن الانحسار الذي أعقب القيود السعودية. كما يشير إلى أن الأردنيين يتجهون إلى دول أخرى، وليس  إلى التوظيف في الأردن، كبديل عن العمل في المملكة العربية السعودية.

ذوو التحصيل العلمي العالي من الأردنيين يميلون إلى المغادرة؛ ارتباط عام بين الحوالات وثروة الأسرة 

خصائص عدة تجمع الأردنيين الذين يهاجرون للعمل. تجد معظم الأبحاث دليلاً قوياً على "هجرة الأدمغة"، حيث يذهب المواطنون الأكثر تعلماً إلى أماكن أخرى للعمل لدعم نمط حياة أسرهم في الأردن. وفي مسح نفقات ودخل الأسرة الذي تقوم به دائرة الإحصاءات العامة كل ستة أشهر حيث تجري مسح عشوائي لآلاف العائلات في جميع أنحاء البلاد، تشير العديد من النتائج الرئيسية إلى وجود ارتباط بين مستوى الدخل واحتمال الهجرة. وهذا يعني أن العائلات في المحافظات حيث الدخل أعلى تكون أكثر اعتمادًا على الحوالات. وقد تبينت صحة هذا الأمر في كل مرة يتم فيها استطلاع دائرة الإحصاءات العامة المذكور وآخرها في 2017-2018. وبحسب النتائج التي توصلوا إليها، فإن الحوالات تشكل الجزء الأكبر من الدخل للأسر في عمان وإربد. وكلما كانت الأسرة أكثر ثراءً​​ بصورة عامة ازداد في المقابل احتمال جنيها أموال من الحوالات .

عام 2018، احتلت الأردن المرتبة الرابعة بين دول الشرق الأوسط من حيث الاعتماد على الحوالات بعد فلسطين واليمن ولبنان. وعلى عكس البلدان الأخرى الفقيرة بالنفط في المنطقة حيث يميل العمال أصحاب المهارات المحدودة إلى الهجرة منها إلى الدول المجاورة الغنية بالنفط، فإن الأردنيين الحاصلين على شهادات جامعية وغيرهم من ذوي التعليم العالي هم من يغادرون، وذلك وفقًا لدراسة تعتمد على بيانات عام 2010 نشرت على موقع New Medit بعنوان تأثيرات الحوالات على التعليم المدرسي في الأردن: التحليلات فيما يتعلق بوجهات المهاجرين.

وفقًا لوزارة الخارجية، وفي رد مباشر على الأسئلة التي تم تقديمها إلكترونيًا في وقت سابق من هذا العام، يتولى الأردنيون في الخارج "مناصب رفيعة المستوى في المجالات الهندسية والطبية والقانونية والعقارية والمالية والتعليمية في القطاعين الخاص والعام".

وأوضح الدكتور منصور في هذا الصدد قائلاً إنه "عندما يعمد أي صاحب عمل في الخارج إلى توظيف [أردني]، فإنهم ينظرون إلى المؤهلات. فالمحسوبية لا مكان لها في معادلة التوظيف. التعليم والخبرة هي العوامل الحاسمة".

 

 

استثمار الحوالات لاستحداث فرص عمل في الداخل أمر نادر

تعتمد دول عديدة استراتيجيات لتوجيه الحوالات المالية إلى مشاريع النمو الاقتصادي المحلية. فالهند، التي تعتبر تقليديا دولة مصدرة للعمالة بشكل كبير، تقوم ببيع "سندات الشتات" إلى المغتربين من مواطنيها لتعزيز التنمية في الداخل. وتُعتبر هذه الاستثمارات استثمارات منخفضة العائد وطويلة الأجل في مشاريع التنمية المحلية، وهي طريقة تستفيد منها البلاد المعنية إلى جانب قائمة متزايدة من البلدان النامية والمصدرة للعمالة لتوليد رأس المال.

من جهته صرّح ديليب راثا، الذي يتولى إدارة وحدة الهجرة والحوالات بالبنك الدولي والذي شارك في تأليف منهجية التحصيل المستخدمة لبيانات الحوالات المستخدمة في هذا التقرير، لرويترز عام 2016 قائلا إن "المستثمرين الذين لديهم ارتباط شخصي بالدولة المعنية يكونون في الغالب أكثر استعدادًا من غيرهم من الغرباء للمخاطرة والاستثمار بالعملة المحلية وبعوائد أقل ".

 

ويرى الدكتور منصور سندات المغتربين وسيلة يستطيع المواطنون من خلالها المساهمة في قرارات التنمية المتخذة في بلدانهم ما  يشعرهم بأنهم "لهم يد مساهمة في مدنهم واحيائهم" ويحفزهم على إعادة الاستثمار محليًا. ويعتبر الدكتور منصور الحوالات المالية الأردنية فرصة ضائعة.

هنا، يتم استخدام الحوالات المالية للمشتريات التجارية أو للاستثمار في العقارات والتي قال إنها "تسببت بتضخم قيم الممتلكات".

وأشار قائلاً إن "المغترب سيشتري لوالدته [في الأردن] ثلاجة أو تلفزيونًا مستوردًا وسيحصل طفله أو شقيقه أو شقيقته على سيارة مستوردة أي أن المال سيخرج من البلاد بمجرد دخوله فلا يدرّ دخلًا إضافيًا ولا يتم توظيف أي أردني في هذه العملية".

وأما مشاريع البناء الممولة من قبل المغتربين، فتقتصر مساهمتها في الاقتصاد على توظيف العمالة الأردنية خلال عملية البناء إذ إن شيكات الرواتب ما تلبث تتوقف عند اكتمال البناء.

علاوة على ذلك، في حين أن العقارات قد تكون خيارًا استثماريًا بديهيًّا للكثيرين غير أن الأردن كموقع قد لا يكون بهذه البديهية دائمًا. هذا وتضع دائرة الأراضي والأملاك في دبي باستمرار الأردنيين في خانة أبرز المستثمرين العرب في عقارات دبي، إن لم يكونوا أبرزهم. كما تفيد تقارير عن استثمارات عقارية أردنية بقيمة مليارات الدنانير الأردنية في دبي ودول مثل تركيا ومصر والمملكة المتحدة.

ومن وجهة نظر الدكتور منصور، "الأردنيون في مدينة مثل دبي، تتيح للأجانب الحصول على قروض عقارية بأسعار فائدة منخفضة، سيستفيدون من ذلك مستخدمين مخصصات الإيجار من راتبهم الشهري لتسديد قرض شراء شقة". ووفقًا للدكتور منصور، فإنهم يفضلون ذلك على أسعار الفائدة المرتفعة والقروض الخاضعة لتنظيم صارم في الأردن.

في العام الماضي، عُقِد المؤتمر السنوي السابع للمغتربين الأردنيين في عمان. يهدف المؤتمر إلى تحفيز الاستثمار الأردني في البلاد، وهو يندرج من ضمن المحاولات العديدة التي بذلت بالتعاون مع جمعية ( تواصل ) سيدات ورجال الأعمال الاردنيين المغتربين (BAJE) لجذب المغتربين الأردنيين. وصرّح فادي المجالي، رئيس BAJE، لصحيفة جوردان تايمز أن الأردنيين يستثمرون ما يقدر بنحو 7.2 مليار دينار أردني في الخارج. يأمل أن يتم تحفيزهم لإعادة استثمار الأموال محليًا على الرغم من صعوبة تحديد قصص النجاح.

هل سيدفع عدم الاستقرار رأس  المال القصير الأجل إلى عودة واسعة النطاق إلى الأردن؟

في أعقاب حرب الخليج (1990-1991)، أُجبر حوالي مليون فرد على القدوم إلى الأردن مع عائلاتهم من الكويت ودول الخليج الأخرى. كان معظمهم من الأردنيين والفلسطينيين من ذوي التعليم العالي. في حين أن الدخول المفاجئ للعديد من الأشخاص، أردنيين وغير أردنيين على حدٍ سواء، كان قد أدى إلى إغراق سوق العمل وأنظمة التعليم والصحة المتخمة أساسًا، غير أنهم في واقع الأمر أعادوا معهم أيضًا أموالهم وأصولهم. وبحسب الدكتور منصور، دخل ما يقدر بنحو 2.5 مليار دينار أردني إلى البلاد بين عامي 1990-1992. وإذا ما قمنا بتعديل الرقم ليراعي التضخم، نجد أن القيمة بلغت 5.3 مليار دينار أردني، أي ما لا يقل كثيرًا عن 5.6 مليار دينار أردني تتوقع الحكومة تحصيلها على نطاق جميع الضرائب هذا العام.

وفي حين أن ارتدادات جائحة كورونا على دولة مصدرة للعمالة مثل الأردن لم تتضح بعد معالمها، بصرف النظر عن التأثير على اقتصادها المحلي، يعتقد الدكتور منصور أننا قد نرى وضعًا مشابهًا لما حدث في أوائل التسعينيات. 

إن الإنفاق قصير الأجل المماثل بطبيعته للإنفاق الذي حدث أثناء حرب الخليج وفي أعقابها من شأنه أن يولّد طفرة اقتصادية مفيدة ولكن مؤقتة حيث قد نشهد قيام الناس بشراء السيارات وتكديس العقارات في سوق مشبع أساساً بعقارات غير مملوكة حاليًا وسيستهلكون السلع والخدمات".

"لا بد بالتالي من وضع تخطيط حيال الآثار على المدييْن المتوسط والطويل لاسيما أن الناس يحتاجون إلى مصادر مستدامة للدخل والإنفاق السريع لن يولد ذلك"، حسب ما أفاد به الدكتور منصور.

 



 

بما أن دور الحوالات في الاقتصاد آخذ بالانحسار، هل بات الأردنيون المقيمون داخل المملكة  أفضل حالاً؟

بدون إتاحة الفرص الاقتصادية في الداخل لا يبدو أن الحوالات قادرة على سدّ الثغرات في الاقتصاد الأردني الهش أساسًا. وتبحث دراسة أجراها منتدى الاستراتيجيات الأردني بمشاركة البنك الدولي في الآثار الاقتصادية للحوالات على الاقتصاد الأردني، عنوانها اقتصاديات الحوالات الأردنية، وتستخدم عدة مؤشرات في تحليلها (دخل الفرد، الواردات، إلخ) وهي لا تدقق في المقابل في كيفية توزيع تلك الثروة عبر الطبقات الاقتصادية أو ما إذا كان ذلك يفاقم الفرق.

وأظهر الباحثون الذين نُشرت دراستهم في عام 2018 أن زيادة قيمة الحوالات لها تأثير إيجابي ومتناسب مع دخل الفرد كما أن لها تأثيرًا أكبر على الناتج المحلي الإجمالي. وقد ذكر الباحثون أن زيادة الحوالات بنسبة 5٪ ستؤدي إلى زيادة متساوية في الدخل ونمو بنحو 8٪ في الناتج المحلي الإجمالي مشددين على أن تدفق الحوالات ليس له أي تأثير على معدل التضخم في البلاد.

من الناحية النظرية ووفقًا لهذه الدراسة، من المفترض أن تؤثر الحوالات المتزايدة بشكل إيجابي على الأردنيين أو على الأقل ترجيح ميزان المدفوعات لما فيه مصلحة الأردن من خلال تقليص العجز في البلاد. أما من الناحية العملية، يبدو أن مساهمة الحوالات المالية الكبيرة في الناتج المحلي الإجمالي الأردني آخذة بالانحسار. ففي العام 2014 شكلت الحوالات 18٪ من الاقتصاد الأردني في الوقت الذي كانت تشكل قبل ثلاثين عامًا ربع الناتج المحلي الإجمالي. وأما عام 2019، فبلغت النسبة 10٪ فقط.

وبالنظر إلى أن ما يقرب واحد من كل عشرة مواطنين أردنيين يعيش في الخارج، فإن مساهمة 10٪ في الناتج المحلي الإجمالي هي أقل فائدة للاقتصاد الأردني مما كانت عليه في السابق، رغم أنها لا تزال مهمة جدًا.

 

هل ما زالت الحوالات تشكل مصدر تعزيز للاستقرار الاقتصادي بالنسبة للأردنيين في الأردن؟ قد تكون كذلك من الناحية النظرية، وذلك إذا أدى وجود العمال في الخارج إلى زيادة فرص العمل لمن هم في الداخل وكانت هناك رغبة محدودة لدى العمال من ذوي التعليم العالي في مغادرة البلاد.

 

لكن الواقع لا يعكس ذلك. يعبّر الدكتور منصور عن أسفه مشيراً إلى أنه "عندما يستمر الأردنيون في الهجرة، ويكون هناك ركود اقتصادي حاد على غرار ما شهدناه خلال السنوات العشر الماضية وينحسر كذلك حجم الأموال التي يتم تحويلها إلى الوطن في نفس الوقت، فإنه مؤشر سلبي جدًا".

 

أضف تعليقك