تباين في تغطية الإعلام بين حكومتي الرفاعي والبخيت
تباين في تغطية الإعلام لردود الفعل الشعبية والنيابية على تولي البخيت رئاسة الحكومة.. فتور في التعاطف الإعلامي مع "مسيرات الغضب" وتجاهل لعدم الرضى النيابي عن تولى البخيت... موضوع نقاش برنامج عين على الإعلام.
يوضح الكاتب والمحلل محمد أبو رمان أن الأجندة السياسية لكل وسيلة إعلام، طغت على الأجندة المهنية بتغطية الحراك الشعبي وردود الفعل على تكليف معروف البخيت بتشكيل الحكومة خلفا لحكومة سمير الرفاعي.
وعلى الرغم من حق الوسيلة الإعلامية بأن تكون ذات أجندة سياسية، وهو الأمر الحاصل في كبريات وسائل الإعلام العالمية، إلا أنه يجب في الوقت ذاته أن تكون هذه الأجندة واضحة علنية، وعدم الوقوع في المنطقة الرمادية مما يطغى على الإعلام الأردني، وضرورة التوازن بين التوجه والمعايير المهنية، بحسب أبو رمان.
ويضيف بأن الأجندة السياسية لوسيلة الإعلام قد تحدد هويات كتاب الأعمدة والرأي لديها وفقا لتوجهها، إلا أن ذلك لا يجوز أن ينسحب على المادة الإخبارية لتحدد الأخبار المنسجمة مع توجهها وتغض الطرف عما لا ينسجم من أحداث، الأمر الذي يخالف مهمة الإعلام بنقل جميع الأحداث مهما كان مدى انسجامها أو عدمه مع توجه وأجندة الوسيلة الإعلامية.
أما ما يمكن تسميته بالتعاطف الإعلامي مع "مسيرات الغضب"، والحراك الشعبي الذي يشهده الشارع الأردني، فيرى أبو رمان أنه تراجع حاليا، مع تأكيده على استمرار التغطية الإعلامية للمسيرات التي تواصلت حتى بعد رحيل حكومة الرفاعي وتكليف البخيت بتشكيل حكومة جديدة.
وأشار إلى أن تراجع المظاهرات انعكس على التغطية الإعلامية، كما تباينت الوسائل الإعلامية بتغطيتها حيث شهد بعضها تقدما فيما تراجعت التغطية لدى البعض الآخر، لافتا إلى أن التغطية الإعلامية شهدت مبالغة وتضخيما للمسيرات لدى بعض وسائل الإعلام، وخاصة المواقع الالكترونية، فيما شهدت لدى البعض الآخر عدم إعطاء الأهمية للحراك.
وفيما يتعلق بالتخوف الذي أبداه البعض حول سقف الحرية الإعلامي الذي أفرزته حكومة البخيت الأولى، فيؤكد أبو رمان أنه وعلى الرغم من جميع "الكوارث" التي وقعت في عهد البخيت السابقة كتزوير الانتخابات والحريات العامة وغيرها من ملفات، إلا أن الحريات الإعلامية لم تتأثر بذلك، وأن أجندة الرئيس المكلف أفضل بكثير من أجندة رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي، التي حملت في طياتها "أحكاما عرفية ونكاية وانتقاما من الإعلام، وحساسية عالية من أي نقد الإعلامي يوجه إليه".
وتوقع أبو رمان أن لا يحمل عهد البخيت الجديد إجراءات فعلية لتقييد حرية الإعلام، رغم وجود توجه داخل الدولة يطالب بذلك، إضافة إلى أن المرحلة القادمة لا تسمح بمثل تلك الإجراءات، ولا يتصور عاقل، بعد ما حدث في تونس وما يحدث في مصر، أنه أصبح بالإمكان الحد من حرية الإعلام، "فقد انتهى دور من كان يتحدث عن تحجيم الحرية الإعلامية، ولم يعد هنالك مكان لمن يدعو لوضع قيود على حرية الإعلام".
الإعلام وغياب الصوت النيابي:
يوضح النائب بسام حدادين، أن التغطية الإعلامية لردود الأفعال النيابية حول رحيل حكومة الرفاعي وتكليف البخيت، اقتصرت على إيراد أخبار شبه رسمية عن لقاءات الرئيس المكلف مع اللجان والكتل النيابية، دون أن يبذل الإعلام جهدا لاستنطاق النواب وسبر مواقفهم من الرئيس المكلف وتجربته السابقة كرئيس للحكومة، أو برحيل الحكومة السابقة.
فلم يقدم الإعلام، يضيف حدادين لعين على الإعلام، "وجبة" إعلامية كافية تضع المراقب أو المتابع أمام حقيقة مواقف النواب، أو مشاعرهم حول حل الحكومة التي منحوها ثقة عالية ولم تعمر سوى 40 يوما، فلم يعالج الإعلام هذه المواضيع مكتفيا بالتعامل مع القشور.
"كما لا يوجد لدينا إعلام برلماني محترف، فهنالك قلة من الإعلاميين المختصين بالشأن البرلماني، وهذه القلة محكومة بسقف الحريات المتاح في وسائل الإعلام والسياسة المعتمدة لديها".
أما الإعلام "غير الرسمي" فيشير النائب حدادين إلى أنه تعامل مع حكومة الرفاعي بما وصفه بـ"عنف إعلامي"، وانسحب هذا التعامل على مجلس النواب الذي منحها الثقة العالية، الأمر الذي أرجعه إلى سياسة حكومة الرفاعي مع الإعلام وتحديدا مدونة السلوك مع الإعلام، التي تضرر منها، عدد من وسائل الإعلام والشخصيات الإعلامية، مما ترجم بحملة تستهدف في جوهرها إسقاط الحكومة، إضافة إلى أن حكومة الرفاعي كانت "يتيمة" إعلاميا، بسبب تعاضد مراكز قوى دفعت إلى إسقاطها.
ولذلك جاءت إشارة الرئيس المكلف إلى ضرورة إعادة النظر بمدونة السلوك، التي يعرف البخيت أنها حركت "الدبابير الإعلامية" التي تسلطت على الحكومة السابقة بسبب إضرارها بمصالح مؤسسات وشخصيات إعلامية، من خلال ما تضمنته حول عوائد الإعلانات والاشتراكات، ومنع الإعلاميين من العمل بمناصب حكومية ومستشارين، بحسب حدادين.
ومقابل تلك التغطية الإعلامية لحراك الرئيس المكلف، منع من النشر عدد من المقالات التي حملت طابع التقييم لحكومة البخيت السابقة والجديدة.
فيؤكد النائب والكاتب جميل النمري منع نشر أحد مقالاته في صحيفة "الغد"، مشيرا إلى أنه سيتوجه إلى منابر أخرى لنشره، إضافة إلى منع نشر مقال للصحفي ياسر أبو هلالة في ذات الصحيفة.
الإعلام الجديد:
برز دور "الإعلام الجديد" من مواقع تواصل اجتماعي ومواقع جماهيرية في تغطية الأحداث الأخيرة من تحركات شعبية ومظاهرات ومسيرات ما تزال متواصلة.
الزميلة إيمان جرادات، المهتمة برصد "الحراك الافتراضي" عبر مختلف المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ترى أن مثل هذه المواقع تميزت بنقل الأحداث والتحركات من قلبها من خلال الصور ومقاطع الفيديو ونقل الشعارات التي ترفع خلال المسيرات والاعتصامات.
وأوضحت أن هذا النقل الذي يتم بشكل سريع، يقوم به أناس عاديون لا يحملون أية أجندات تحكمهم وتوجه عملهم بنقل الوقائع، إضافة إلى نقل صورة الحراك مباشرة للمواقع الالكترونية من خلال المراسلين المتواجدين في الشارع، والذين يزودون مواقهم بتفاصيل الحدث حال انطلاقه.
فيما يرى كثير من متابعي ومشاركي تلك المواقع، بحسب جرادات، أن الإعلام التقليدي قام بتغطية جانب محدد من الحراك في الشارع الأردني، حيث سلطت الأضواء على الاعتصامات التي نفذها عدد من الأحزاب والقوى النقابية أمام رئاسة الوزراء، فيما لم تحظ مسيرات وسط البلد التي غلب عليها التنظيم الشبابي، بمثل تلك التغطية إعلاميا.
ويتساءل هؤلاء المتابعين والمشاركين عن دور الإعلام المحلي بتغطية ذلك الحراك، مشيرة إلى صورة أرسلها أحد مشاركي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، عن التلفزيون المصري والتي تظهر عددا من المتظاهرين المؤيدين للرئيس حسني مبارك، مع غض النظر بتغطية المتظاهرين بميدان التحرير المعارضين لبقاء الرئيس، موضحا أن الإعلام الأردني، والتلفزيون تحديا، يتعامل بذات الطريقة مع الحراك الشعبي في الشارع الأردني.
وإضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت بعض المدونات التي ترصد التغطية الإعلامية لمختلف القضايا، فالمدونة "صبحية" تتتساءل عن كيفية توزيع الأخبار على الصفحة الأولى للصحف اليومية التي رصدت تغطيتها لعدد من الأخبار.
وتناولت أعداد الصحف اليومية يوم الثالث من الشهر الجاري، وتساءلت: "هل محرر الدستور مضطر تحت ضغط ما لإفراد النصف الأعلى من الصفحة الأولى بأكمله لخبر زيارة الملك لدير الكهف أم أن هذا تقييمه التحريري لأهمية هذا الخبر مقارنة ببقية الأخبار؟ أتساءل لأن جريدة الرأي أفردت لهذا الخبر مساحة أصغر من التي أفردتها الدستور".
أما صحيفة الغد، بحسب المدونة المرفقة بصور الصفحات الرئيسية للصحف، فقد "خصصت النصف الأسفل من الصفحة الأولى لما حدث في مصر بالأمس، فيما أعطته الدستور والرأي حيزا صغيرا. لفت انتباهي أيضا أن العرب اليوم لم تكن فقط الوحيدة التي أبرزت أخبار مصر في النصف الأعلى، ولكنها أيضا لم تذكر زيارة الملك لدير الكهف على الصفحة الأولى بتاتا، ولا خبر احتفال الأمن العام".
للاستماع للحلقة والاطلاع على المواضيع الإعلامية
زوروا موقع: عين على الإعلام











































