بيان الـ36 يفتح ملف القضايا الحساسة في الإعلام

بيان الـ36 يفتح ملف القضايا الحساسة في الإعلام
الرابط المختصر

تقارير وكالات أنباء دولية عن بيان 36 شخصية عشائرية ينتقد الملكة رانيا يثير استياء الديوان الملكي وانتقاد نقابة الصحفيين الأردنيين وكتاب صحف يومية.. وتفتح ملفات تغطية الإعلام للقضايا الحساسية ومعايير المهنية في برنامج عين على الإعلام.

الكاتب الصحفي سلامة نعيمات، وفي حديثه لعين على الإعلام، يرى أن نشر هذا البيان وإعطاءه هذا الحجم، لم يكن قرارا صائبا من قبل وكالة الأنباء الفرنسية ووكالة رويترز، مشيرا إلى أن نشر البيان سيكون مبررا في حال كانت الشخصيات الموقعة عليه تمثل "قيادات شعبية"، وتساءل إن كانت الوكالات تنشر أي بيان موقع من عدد من الشخصيات أيا كانت.

كما سيكون النشر مبررا، بحسب نعيمات، في حال تضمن البيان لحقائق، مؤكدا عدم صحة ما ورد في البيان من معلومات في قضايا "تسجيل الأراضي بأسماء عدد من الشخصيات البارزة"، وقضية "تجنيس عدد كبير من الأشخاص"، متسائلا إن كانت مهمة الصحفي هي ترديد معلومات غير صحيحة، تصبح، بتكرارها، حقائق، خاصة وأن ما ورد في البيان يمس بسمعة عدد من الأشخاص مما قد يكون بمثابة "اغتيالا سياسيا" لهم.

الكاتب والمحلل عريب الرنتاوي، أعرب خلال حديثه لعين على الإعلام، عن أمله بأن يبقى الجدل حول هذا الموضع ضمن إطاره المهني الصحفي، دون أن يأخذ أبعادا سياسية أو غير ذلك، إضافة إلى ضرورة التعامل الهادئ مع هذه القضية، مشيرا إلى وجود أطر قانونية يمكن التعامل ضمنها في حال وجود أي خلل.

ويرفض الرنتاوي إعطاء البيان حجما كبيرا، لافتا إلى أن رد الديوان الملكي وغيره من الردود كان من المفترض أن توجه للبيان وليس ضد وكالة الأنباء التي نشرته، كما أن الرد على الوكالة الفرنسية أوصل البيان لأوسع قطاع من المجتمع.

وهذا ما يؤكده نعيمات، حيث أوضح أن الرد كان يجب أن يوجه للبيان وللموقعين عليه من شخصيات، من خلال بيان رسمي ردا عليهم، وليس على الوكالة.

وحتى بيان النقابة الذي رد على تقرير الوكالة معتبرا إياه مبلبلا للصف الوطني ومتجاوز للحدود المهنية، فيؤكد نعيمات أن ليس من مهمة النقابة توجيه النقد لوكالات الأنباء، ومهمتها هي الارتقاء بالمستوى اللإعلامي، وليس "المزايدة والتنظير" على الزملاء الصحفيين.

أما حول مهنية تقرير الوكالة الفرنسية، فيرى نعيمات أنه كان على الوكالة أخذ الحذر عند تناول مثل هذا الموضوع لحساسيته، كما كان عليها القيام بالاتصال بالجهات المعنية، (دائرة الأراضي بقية تسجيل الأراضي، والداخلية بقضية التجنيس) والتأكد من المعلومات الواردة في البيان.

فيما يوضح الرنتاوي أن تقرير وكالة رويترز كان أكثر توازنا من تقرير الفرنسية، مرجحا أن يكون الأخير قد جاء ضمن سياق وتوجه معدته "مديرة مكتب الوكالة في عمان رندا حبيب"، الناقد والمعارض، ولذا قرئ تقريرها بحساسية أكبر، وهو الأمر الذي جعل الردود تتوجه إليه بشكل أكبر من تقرير رويترز.

نائب نقيب الصحفيين حكمت المومني، وبالرغم من تأكيده على الحريات الإعلامية، إلا أنه يرى أن الوكالة الفرنسية جانبت المهنية، موضحا أن على وسائل الإعلام التحقق من طبيعة الأشخاص الموقعين على أي بيان يصل إليها، حيث لا يجوز نشر أي بيان صادر عن شخصيات لا تحمل صفة قيادية أو تمثيلية أو اعتبارية.، فكان على "الفرنسية" من باب المسؤولية المهنية والأخلاقية والسياسية، أن توضح مدى تمثيل الموقعين على البيان للعشائر.

وأضاف المومني، في حديثه لعين على الإعلام، أن ما ورد في البيان الذي نشرته الوكالة، مجاوز للدستور، حيث أن الملك، بحسب المومني، فوق النقد، وكذلك العائلة المالكة، فالمس بالعائلة الهاشمية هو خروج عن الأطر القانونية والمهنية المرعية في الأردن، والتي يجب أن يلتزم بها جميع العاملين على أرضه.

كما أن تناول موضوع حساس مثل ما جاء في البيان، يستلزم إيراد الرأي والرأي الآخر عند التناول الإعلامي، وهو ما غاب عن تقرير الوكالة الفرنسية.

ولذلك، يضيف المومني، كان موقف النقابة تجاه التقرير، وذلك في إطار العمل المهني، حيث لا تنطبق عليه قاعدة "ناقل الكفر ليس بكافر"، وكان على كاتبة التقرير التثبت من صحة ما ورد في البيان، لما فيه من خطورة ومس بالنظام وعلاقة الشعب بالملك، وخلق البلبلة في الصف الوطني، على حد قوله.

وإلى جانب الردود الرسمية، تناول عدد من كتاب الرأي تقريري الوكالتين، فيما يراه الرنتاوي "أسلوب الفزعات الإعلامية"، الذي اعتبره غير مقنع ومجرب بفشله، حيث يعطي إحساسا لدى القارئ أن هنالك جهات تملي على الكتاب والصحفيين ما يكتبون، فالقارئ ذكي ويعرف إن كان الكاتب يبدي رأيه الشخصي أم "إن هو إلا وحي يوحى"، على حد تعبيره.

ولا يرى الرنتاوي أن مثل القائمين على هذه "الفزعات"، مؤثرون أو يحسب لهم حساب ليشكلوا أداة ضغط على بعض الكتاب المخالفين لهم بالرأي وليشكلوا أمامهم عائقا للخوض في بعض القضايا.

أما عن حساسية نقابة الصحفيين من مراسلي ومندوبي الوكالات الأجنبية، فيؤكد المومني أن النقابة تعمل جاهدة على التواصل مع الجهات المعنية لتسهيل التعامل معه، وتوفير المعلومات وتسهيل تغطية الأحداث، مشيرا إلى أن النقابة والمراسلين، محكومون بالعمل ضمن القوانين المرعية وخاصة قانون المطبوعات والنشر.

وكانت نقابة الصحفيين الأردنيين اعتبرت أن وكالتي الصحافة الفرنسية ورويترز وبعض الفضائيات بنشرها بعض البيانات والمواقف السياسية التي عبرت عنها مجموعة محدودة من المواطنين، تجاوزت فيها حدود النقد المقبول والمعارضة الشرعية وحق الاختلاف.

وأضافت النقابة في بيان لها، أن “ما أثار الاستغراب والدهشة هو هذا الابتعاد عن المهنية الذي أصاب من يمثلون وكالات إخبارية وفضائية كهذه عبر الانزلاق إلى التحريض وتعريض النسيج المجتمعي الأردني إلى المخاطر ناهيك عن تهديد الوحدة الوطنية مضافا إليها اختراع أسماء وشخصيات وهمية تدلي بآراء متطرفة وتحليلات سقيمة بذريعة طلب عدم ذكر اسمه أو الاتكاء على تصريحات منسوبة لمصادر سياسية أو اجتماعية موهومة أو متخيلة.

وفيما أكدت على اعتزازها بالعمل في دولة مؤسسات وقانون وبما فيها من هوامش واسعة أفقيا وعموديا من الحريات العامة وبما يضمنه الدستور من حق وحرية في التعبير، إلا أنها أشارت إلى أهمية لفت انتباه الزملاء في وسائل الإعلام الأجنبي المختلفة بأن المهنية والموضوعية تحتم الإضاءة على أية قصة إخبارية أو تحليل من جميع جوانبه، وعدم اللجوء إلى إهمال أو إخفاء حقائق مهمة وتقديم وإعلاء أخبار ثانوية بهدف التضخيم والشحن وتوتير الأجواء واستغلال مناخات الحرية التي تميز العمل الصحفي في الأردن.

وأشارت إلى أن ”اعتبار مذكرة لعدد قليل من المواطنين لا يزيد عددهم عن ستة وثلاثين بأنها تمرد أو خروج على النظام العام والقانون رغم أن ما ورد في التقارير الصحفية من بعض هذه الوكالات والفضائيات من الإساءة والتطاول والاغتيال الشخصي والمعنوي وتوفير الأجواء ناهيك عن الادعاءات التي انطوت عليها تلك التقارير المغلوطة التي تنصل منها أبناء الوطن الغيارى على الأردن نظاما ووطنا، بحسب بيان النقابة.

وأعربت النقابة عن “استهجانها بل وفجعها بهذا التخلي المقصود عن المهنية لدى ممثلي وكالة الصحافة الفرنسية ووكالة أنباء رويترز وبعض وسائل الإعلام الخارجية يهمها أن تعيد التذكير بأنها تقف بلا تردد مع حرية التعبير والرأي وحق وصول الصحفي إلى المعلومة وضمان حق المواطنين في الوصول إلى الحقيقة طالما تم الالتزام بالمهنية والموضوعية والدقة وإيراد الحقائق كما هي بعيدا عن الابتذال أو الزيادة أو الإخفاء أو التهويل أو التوظيف السياسي والشخصي.

فيما أكدت مديرة مكتب الوكالة الفرنسية للأنباء رندا حبيب أن كل ما هو منتقد في الخبر الذي أعدته حول ما عرف بـ”بيان الـ 36″، هو اقتباسات من البيان نفسه، مشيرة إلى أنه تم التعامل مع الخبر لأهميته التي تتمثل بتجاوز البيان لخطوط حمراء لم يعتد على تجاوزها.

وأوضحت في حديث سابق لعمان نت أن الوكالة ليست مسؤولة عن مضمون البيان، بل تقع مسؤوليته على عاتق موقعيه، مؤكدة أنه لو لم يكن موقعا من قبل شخصيات معروفة لما تم التعامل معه.

كما أن الوكالة، بحسب حبيب، لا تتحمل مسؤولية التحقيق بما ورد في البيان من اتهامات “فنحن لم نصنع خبرا وإنما نقلنا ما ورد بالبيان”، على حد قولها.

وأضافت “أننا لسنا طرفا في الخلفية التي أصدر البيان على أرضيتها”.

وأوضحت أن الوكالة، ومن باب المهنية، عمدت إلى نشر نفي الديوان الملكي حال وروده، مشيرة إلى محاولتهم الاتصال بمكتب الملكة رانية العبد الله قبل نشر الخبر دون تلقي الرد، بحسب حبيب.

ولفتت حبيب إلى أن البيان قد نشر عبر مختلف وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية المحلية، موضحة أن رئيس الوكالة أكد على شجبه لما أسماه “النقد الظالم” لمديرة المكتب في عمان.

للاستماع للحلقة والاطلاع على المواضيع الإعلامية زوروا موقع: عين على الإعلام