في ظل الجدل الكبير الذي أثاره فيلم "أميرة" وتفسيره من طرف البعض بأنه يمسّ بالقضية الفلسطينية واحتراما لمشاعر الأسرى وعائلاتهم، قررت الهيئة الملكية للأفلام العدول عن تقديم “أميرة” لتمثيل الأردن في جوائز الأوسكار 2022.
وقالت في بيان: "نقدر قيمة الفيلم الفنية ونؤمن أنه لا يمسّ بأي شكل من الأشكال بالقضية الفلسطينية ولا بقضية الأسرى؛ بل على العكس، فإنه يسلط الضوء على محنتهم ومقاومتهم وكذلك توقهم لحياة كريمة على الرغم من الاحتلال".
وتابعت: "وكان هذا أيضا رأي أعضاء لجنة الاختيار المستقلة، التي تم تشكيلها من قبل الهيئة الملكية للأفلام، والتي اختارت فيلم "أميرة" من بين أفلام أخرى ليمثل المملكة".
لن يعرض في السينما الأردنية
وقال الرئيس التنفيذي للشبكة العربية للإعلام طارق أبو لغد في حديثه "لراديو البلد"، إن فيلم "أميرة" لن يعرض بدور العرض السينمائية في الأردن، وتم سحبه من جدولة العروض في السينما الأردنية.
وأشار أبو لِغَد إلى أن الفيلم إنتاج "أردني فلسطيني مصري" مشترك، يتحدث حول قصة خيالية عن إخراج النطف من سجون الاحتلال للأسر الفلسطينية.
وفي بيانٍ صحفي فجر اليوم الخميس، للمخرج المصري محمد دياب، أعلن فيه باسم أسرة فيلم “أميرة” “وقف أي عروض للفيلم”، وجاء ذلك إثر الحملة الغاضبة التي انطلقت في اليومين الماضيين، معتبرة أن العمل السينمائي مسيء للأسرى الفلسطينيين.
ووفقاً لدياب "أن الحبكة الدرامية الخاصة بالفيلم بتغيير النطف (بين الأسير الفلسطيني والجندي الإسرائيلي) جاءت لتطرح سؤالا وجوديا فلسفيا حول جوهر معتقد الإنسان وهل سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر".
فلسطين والانحياز للقضية العادلة
ويؤكد أن الفيلم ينحاز لفلسطين، فالبطلة أميرة تختار أن تكون فلسطينية وتختار أن تنحاز للقضية العادلة، وأن المغزى يشجب ويدين ممارسات الاحتلال المشار إليها بشكل صريح في الجريمة التي يتناولها الفيلم.
وأضاف أبو لغد "لا أشكك في نيّة شركة التمويل والإنتاج في إبراز القصة لكن ربما المجتمع أساء فهمها أو المخرج أخطأ في إيصال الفكرة" وتم سحب الفيلم حتى لا يحدث لغط إضافي لا يخدم الفكرة ولا عوائل الأسرى.
ويرى أبو لغد أن الفيلم أراد إبراز جوانب أخرى تظهر وديّة العلاقة بين الأسير وزوجته، وقدرة الزوجة على احتواء العائلة، وبالرغم من أن الإخراج الفني يبنى على خيال الكاتب والمخرج إلا أن الجمهور استاء من تناول أي قصة خيالية حول الأسرى باعتباره موضوعاً حساساً.
ووفقاً لبيان دياب، فإن الفيلم ينتهي بعبارة مفادها "منذ 2012 ولد أكثر من 100 طفل بطريقة تهريب النطف، كل الأطفال تم التأكد من نسبهم، طرق التهريب تظل غامضة"، أي أن أسرة الفيلم لم تترك الأمر للتأويل، بل أكدت بهذه الجملة أن الفيلم خيالي، وبحسب أبو لغد أن المخرج نوّه إلى خيالية القصة من خلال الفيلم ذاكراً في أحد الاقتباسات "أنه لا يشكك أحد في مصدر النطفة أو أصلها".
وطالب دياب في بيانه بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدة ومناقشة الفيلم، وحول هذه المطالبة يعتبر أبو لغد أنه من حق المخرج أن يفسّر ويدافع عن وجهة نظره أمام الجماهير التي أبدت رأيها في الفيلم.
وأكد أنّ “الهدف السامي الذي صنع من أجله العمل لا يمكن أن يتأتى على حساب مشاعر الأسرى وذويهم الذين تأذوا بسبب الصورة الضبابية التي نسجت حول الفيلم”.
نقابة الصحفيين الأردنيين ترد
أما مجلس نقابة الصحفيين الأردنيين أدان إنتاج فيلم "أميرة" وتصويره في الأردن، معتبراً أن هذا الفيلم "وصمة عار في تاريخ الدراما العربية"، وعبر نقيب الصحفيين راكان السعايدة عن أسفه لترشيح هذا الفيلم لتمثيل الأردن في جائزة الأوسكار مطالباً بسحب هذا الترشيح.
وبين السعايدة أن المطلوب من الدراما العربية والقائمين عليها الأخذ بعين الاعتبار تقديم أعمال فنية تدعم الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت وطأة الاحتلال وتعزيز صموده، مؤكداً أن هذا الفيلم يقدم نموذجاً مخزياً للدراما العربية، ومحاولة بائسة لقتل معنويات المقاومة الفلسطينية، مشدداً على ضرورة الارتقاء بالدراما بما يخدم قضايا الوطن والأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ويذكر أن الفيلم عرض لأول مرة في سبتمبر/أيلول 2021 في مهرجان فينيسيا الذي تبعه عرضان في العالم العربي في مهرجاني الجونة وقرطاج وشاهده آلاف من الجمهور العربي والفلسطيني والعالمي، "كان الإجماع دائماً على أن الفيلم يصوّر قضية الأسرى بشكل إيجابي وإنساني وينتقد الاحتلال بوضوح” وفقاً لما كتبه المخرج في بيانه اليوم.