بعد أسبوعين من المناقشات: الأغلبية النيابية تقرر انتظار القضاء

الرابط المختصر

اتفقت الاغلبية العظمى من النواب على انتظار صدور حكم المحكمة ليحدد المجلس موقفه من النواب الاربعة الموقوفين حاليا،

وذلك في تصريح صحفي لرئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي اليوم الخميس بعد انتهاء الاجتماعات الرسمية مع الكتل النيابية ونواب مستقلين على مدار الأسبوعين الماضيين. وهو نفس الموقف الذي عبر عنه الملك عبدالله الثاني في حديثه مع القناة التلفزيونية الأمريكية CNN.
ولن نأتي بجديد إذا قلنا أن مجلس النواب لم يأت بجديد من هذه اللقاءات التشاورية للخروج من أزمته القائمة بشأن نواب التعزية.
وحتى "مبادرة" نواب الكتلة الإسلامية التي تحدثت عنها مختلف الصحف الصادرة لهذا اليوم ذهب أكثر من نائب إسلامي إلى نفيها، رغم أن ترك خيار تقديمها ما زال قائماً بقوة؟!
وأوضح البيان الصادر عن المجلس أن هناك توافق على قرار يقضي بمطالبة حزب جبهة العمل الإسلامي الذي ينتسب إليه النواب الأربعة بإصدار بيان واضح وشامل وصريح يتضمن"الاعتذار الصريح للشعب الأردني بأسره عن خطا القيام بالزيارة إلى بيت العزاء وعن التصريحات التي أعقبت ذلك، الولاء الصريح والواضح للأردن الوطن ولقيادته الهاشمية، الاستنكار الكامل للممارسات الإرهابية التي أقدم عليها الزرقاوي ولكافة أشكال الإرهاب وتأكيد التصدي لأي ممارسات من هذا القبيل يمكن التفكير بها أو التخطيط لها على الأرض الأردنية أو ضد أية أهداف أردنية أينما كانت، الاستنكار للفكر التكفيري الهدام بكل أشكاله و محاربته وعدم السماح بوجود أية عناصر تؤمن به في صفوف الحركة الإسلامية، التشبث بتقديم المصالح الوطنية الأردنية على كل ما هو سواها من المصالح ورفض تقديم أي طرف آخر على المصالح الأردنية حت أي ظرف كان ولأي مبرر كان.
وربما يكون كل ما تقدم هو المبرر الأقوى للتكتم والسرية التي أحيطت بتلك اللقاءات، فلم يختلف حديث الصالونات المستمر في أروقة المجلس منذ بدء الأزمة عن الحديث الذي دار خلف الأبواب المغلقة في تلك اللقاءات التي اتفق الجميع على وصفها بـ"المثمرة والصريحة" ولكنها لم تخرج حتى الآن بحل جذري، وبقي التوجه الأكثر منطقية وهو ما دامت القضية معروضة أمام القضاء فلتترك له استناداً على مبدأ استقلال القضاء.
نعم الأزمة على درجة بالغة من الخطورة فليس سهلاً أن يعتقل نائب ويكون مهدداً بالفصل من مجلس النواب وليس سهلاً أن يتحدى نائب مشاعر الشعب الأردني ويصف إرهابي تسبب بقتل مواطنين مدنيين أبرياء بالشهيد، ولكن التعامل مع الأزمة يجب أن يكون بوعي وجدية، فالدولة الأردنية تعتبر أن الوقت حان لكي توضح الحركة الإسلامية موقفها معها ولا مجال لأن تبقى العلاقة بينهما في المنطقة الرمادية، ولكن بذات الوقت ترى الحكومة أن القضية منظورة أمام القضاء وهو صاحب الكلمة الفصل فيها، وهو الموقف نفسه الذي انتهت إليه الأغلبية النيابية بعد مخاض طويل من اللقاءات الرسمية وغير الرسمية.
إذاً لا داعي أن يسيطر الصراع السياسي بين الحكومة وحركة الأخوان المسلمين على المجلس، صحيح أنه طرف أساسي فيها ولكنه سبق وأن أوضح موقفه في بيان رسمي أدان فيه زيارة النواب الأربعة لبيت العزاء، كما أنه يمكن أن يتخذ الموقف الذي تراه الأغلبية النيابية فيه ولكن بعد أن يصدر حكم القضاء ويعرض الأمر على المجلس في دورته الاستثنائية القادمة التي تذهب كل التوقعات الزمنية على أنها ستكون في الأول من آب القادم.
أحد النواب الذي يعد طرفا أساسيا في الأزمة قال في حديث جانبي" إنني لم أعمل شيئاً منذ بدء الأزمة" وهو يقصد عمله النيابي من اجتماعات لجان ومتابعات، وربما هذا هو بيت القصيد، فالسؤال الذي يجب أن يطرح: هو لماذا استهلكت هذه الأزمة هذا الوقت والجهد من النواب الذي هو بالأساس ملك للشعب الذي أوصله إلى البرلمان؟
النائب ناريمان الروسان قالت أن هذا الأمر لا يجوز فليس من المعقول أن ينشغل المجلس بهذه القضية بهذا الشكل –على أهميتها- فالقصة بهذه الطريقة جرى تكبيرها وكان يجب التعامل معها بشكل مختلف"
أما النائب عبد الجليل المعايطة" فيرى أنها قضية أساسية وحساسة وعلى قدر كبير من الأهمية وأمر طبيعي جداً أن ينشغل المجلس بها بهذا القدر"
رئيس كتلة التجمع الديمقراطي الدكتور ممدوح العبادي يرى أن المجلس لم يتوقف عن عمله في هذه الأزمة وإذا كان هناك نواب ليس لديهم عمل وانشغلوا بهذه الأزمة فإن نواب آخرين يمارسون عملهم المعتاد مع اهتمامهم بهذه الأزمة، لأن المجلس جسما سياسيا مهما في الدولة الأردنية وبالتالي يتوجب الحديث بوضوح عن هذه الأزمة والمساهمة في حلها.
واعتبر العبادي" أن الحراك النيابي في هذه القضية أمر طبيعي داعيا إلى استمرار هذه اللقاءات كون المجلس في الوقت الراهن غير منعقد"
ولكن إجابة العبادي لم توضح لماذا أهمل الإعلام اجتماع لجنة مكافحة الفساد الفرع الأردني في مجلس النواب الأسبوع الماضي رغم أن هذه اللجنة التي يرأسها العبادي تضم في عضويتها نواب وأعيان أردنيين ونواب وشخصيات من أكثر من دولة عربية تعنى بمتابعة آليات مكافحة الفساد ومتابعة الشكاوى التي تتلقاها من الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني في هذا المجال.
وفي مثال آخر فإن اجتماع عقد يوم أمس الأول في مجلس النواب بين رئيس لجنة الشؤون العربية والدولية النائب محمد أبو هديب ونائب أمين عام حلف الناتو، كان سيجد اهتمام أكبر وتغطية إعلامية أكبر لو لم ينشغل النواب بهذه القضية التي أصبحت تحمل أبعادا سياسية أكثر من قانونية.
شخصية نيابية على قدر من الأهمية قللت من أهمية اللقاءات أو أي نتائج يمكن أن تصل إليها في ضوء حالة ألالتباس التي يعيشها المجلس إزاء هذه الأزمة، قائلة: "أن عقد اللقاءات كانت فكرة عابرة ولم يكن مخططا لها إطلاقا وأن أغلب اللقاءات كانت جس نبض غير مباشر لخيار فصل النواب الإسلاميين الأربعة من عضوية المجلس.
الأمر الذي يعيد التأكيد أن النواب يجب أن يتعاملوا مع هذه الأزمة من بعدها السياسي وأن يحافظوا على التوازن ما بين واجبهم النيابي بخدمة ناخبيهم وما بين مواقفهم السياسية، لذا فإن ما قاله النائب نضال العبادي من باب الدعابة تعليقاً على لقاء المجالي بكتلته –الإسلاميين- أنه تم مناقشة أزمة الطرق والحوادث على أوتستراد الزرقاء، ربما يكون نكته في غير محلها، ولكنه بالتأكيد هو أمر يهم المواطنين أكثر من فصل نائب أو عدم فصله.