اوباما.. ملاحظات اولية حول مرحلة جديدة

الرابط المختصر

ترك خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما في القاهرة انطباعات متباينة لدى اوساط الرأي العام العربي. في الاردن يمكن القول ان التيار يشعر بالارتياح تجاه نوايا اوباما وافكاره مقارنة مع مواقف وسياسات ادارة المحافظين الجدد السابقة. وتدعم نتائج استطلاعات الرأي السابقة هذا الانطباع. وفي هذا المجال شكل خطاب اوباما انقلابا كاملا على سياسة بوش وحقبته السوداء فمن ليس معنا لم يعد ضدنا من وجهة نظر اوباما وهناك قناعة واضحة باحترام حق الاختلاف والتنوع في الافكار والعادات والقيم مع التمسك بالديمقراطية.

الخطاب وضع نهاية لما كان يعرف بالحرب على الارهاب كعنوان لعلاقة امريكا مع العالم الاسلامي في عهد بوش وحل مكانها مقاربة جديدة للعلاقة تقوم على التعاون والتبادل المشترك وتراجع صريح عن الأطماع الكولونيالية للامبراطورية الامريكية فقد اعلن اوباما ان لا نية لدى امريكا بالبقاء في العراق وافغانستان او اقامة قواعد عسكرية.

اكثر المعارضين لخطاب اوباما لم يتخذوا مواقف سلبية من توجهاته واكتفوا بوصف ما قاله بانه خطاب »انشائي« وطالبوه بان يقرن الأقوال أفعالا وهذا مطلب مشروع.

تجربة الاشهر الاولى من حكم اوباما تظهر ان الرجل يفي بوعوده الانتخابية فقد اعلن برنامجا للانسحاب من العراق واغلق سجون الولايات المتحدة السرية في الخارج واوقف التعذيب وامر باغلاق غوانتانامو وهو يستعد الآن لمراجعة القوانين التي تضيق على المسلمين في امريكا وشرع في حوار جدي مع ايران وانفتح على سورية, واعلن استعداد ادارته التعامل مع حكومة في لبنان يشارك فيها حزب الله.

وفي الاطار العام يسعى اوباما الى اعادة بناء دور وقوة امريكا استنادا الى مبادئ الثورة الامريكية وليس على اساس عقلية القوة والغطرسة التي انتهجها الجمهوريون. »اوباما حالة فريدة في التاريخ الامريكي لا يمكن مقارنته بالرؤساء السابقين حتى الديمقراطيين منهم«.

الموضوع الأساسي الذي يحدد موقف الرأي العام العربي من اوباما هو القضية الفلسطينية وفي خطابه بالقاهرة فصّل الرئيس الامريكي رؤيته للصراع واعاد تأكيد التزامه بحل الدولتين.

لكن مهما بدت القضية الفلسطينية قضية مركزية ومصيرية بالنسبة لنا في العالم العربي فان اعتمادها كاساس وحيد لتقييم مرحلة اوباما ينطوي من وجهة نظري على انانية قومية عاجزة عن الفعل وتقلل من شأن التغييرات العالمية التي يمكن لاوباما ان يحققها في قضايا اخرى لا تقل اهمية عن القضية الفلسطينية. كما ان سياسة اوباما وادارته تجاه القضية الفلسطينية تتحدد وفق ما نتخذ نحن من مواقف واضحة وشجاعة.

ان الانظمة العربية التي تعتبر الدور الامريكي هو الدور الحاكم في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي تتمسك بهذا الشعار لتبرير عجزها عن مواجهة اسرائيل وتلقي بمسؤولية انهاء الاحتلال واستعادة الحقوق العربية على كاهل الادارة الامريكية. ولهذا السبب نجدها اليوم واقفة لا تفعل شيئا بانتظار خطة اوباما للسلام في الشرق الاوسط.

ومن استمع خلال اليومين الماضيين لتصريحات وتعليقات رجال سلطة عباس على خطاب اوباما لا بد وان لاحظ هذه الروح الاتكالية في لهجتهم. فقد تجاهلوا ما عليهم من مسؤوليات تجاه شعبهم ووضعوا القضية كلها في رقبة اوباما. وخيل لي ان صائب عريقات وهو يعلق على الخطاب سيطلب من اوباما في نهاية حديثه ان يحضر له حبة موز »مقشرة« من مزارع اريحا باعتبار ذلك جزءا من خطة السلام ومشروع الدولة الذي ينتظرون اوباما ان يقدمه للسلطة على طبق من ذهب.0

أضف تعليقك