انهيار العمارات والأسوار يقرع جرس الإنذار
طرح موضوع انهيار عمارات وأسوار مؤخرا السؤال حول إن كانت عدواها انتقلت من مصر إلى الاردن. مع ما يقتضيه ذلك من حاجة إلى أهمية المراجعة ومعرفة مكامن الخلل. قبل نحو سنتين سقطت عقدة برج من أبراج الأردن، كما انهار قبل شهور سقف منزل قيد الترميم دون رخصة في منطقة ضاحية الأمير حسن، نتجت عنه عدة إصابات، وبعدها بفترة وجيزة جرفت السيول سور عمارة حديثة في الدوار السابع، وبعدها أصيب عمال وافدون في عمارة في الرابية كانوا يتمون فيها أعمال بناء دون ترخيص، وأخيرا توفي خمسة أشخاص تحت الردم وأصيب خمسة أطفال آخرين جراء انهيار عمارة من7 طوابق في منطقة بيادر وادى السير.
ويعزز من هذه التساؤلات استمرار مسلسل الانهيارات وسط اندلاع مخاوف من تفاقم الظاهرة، وسط إصرار بلديات على عدم اعتماد مخططات هندسية من نقابة المهندسبن لترخيص المباني، والاكتفاء بمجرد اسكتشات "كرووكات".
ويعزو خبراء أسباب الانهيارات إلى عدم الحصول على رخص البناء وعدم وجود إشراف هندسي، فضلا عن إقامة أبنية على طبيعة الموقع وعدم وجود متابعة، من قبل
أمانة عمان الكبرى والبلديات في مختلف المحافظات والألوية.
آراء مختلف الجهات ذات العلاقة أكدت أن هناك مشكلة، وعبرت عن مخاوفها من استفحال الظاهرة، كما حدث في مصر في عهد الانفتاح مطلع الثمانينات، ودعت إلى وضع أسس لمراجعة مواطن الخلل.
"السبيل" فتحت ملفا موسعا حول هذه الظاهرة
توجز مصادر أمانة عمان الكبرى موقفها بأنها تقوم بمنح رخص البناء على المخططات الهندسية المقدمة من قبل صاحب البناء أو المشروع، في حين يتم منح إذن الأشغال بعد التأكد من مطابقة البناء للمخطط الهندسي الذي يتم تقديمه وعدم وجود مخالفات.
وتضيف أن لجنة شكلت مؤخرا من الأمانة والدفاع المدني والمقاولين تقوم بجولات تفتيشية للتأكد من تطبيق قانون البناء الأردني، والتعليمات الصادرة بموجبه والتأكد من وجود مقاول مصنف ومسجل تحت إشراف هندسي وتوفر السلامة العامة في الموقع وجودة المواد المستخدمة في عملية البناء وتوافقها مع المواصفات الهندسية.
وتحرص اللجنة على أن تكون رخص البناء والمخططات مطابقة للبناء مختومة ومصدقة من نقابة المقاولين.
نقابة المقاولين
من جهته، يؤكد نقيب المقاولين ضرار الصرايرة أن الذي نفّذ العمارة المنهارة في منطقه بيادر وادي السير ليس مقاولا، ودعا المواطنين عند تنفيذ المشاريع أن يكون العمل مسندا إلى مقاولين مسجلين ومصنفين لدى نقابة المقاولين؛ لأن في ذلك حفاظا على حياة العمال وأرواحهم ومنعا لهدر أموالهم وممتلكاتهم.
وأضاف أن قانون البناء الوطني يلزم أصحاب العمل بإبرام عقد مقاولة مع مقاول مسجل ومصنف لتنفيذ أعمال المشروع لأسباب عديدة أهمها مسؤولية المقاول عن المبنى وسلامته لمدّة عشر سنوات بعد تسليم المبنى، إضافة إلى المسؤوليات الأخرى التي يفرضها عليه القانون حفاظا على أرواح المواطنين وضمان إقامة المباني بالمواصفات الفنية المطلوبة، وشدد على أهمية توفير وسائل السلامة العامة.
وبين الصرايرة أن هناك فرق تفتيش مكونة من نقابة المقولين وأمانة عمان والدفاع المدني ونقابة المهندسين تفتش بشكل متواصل، وتحول كل شخص يعمل في البناء وغير حاصل على ترخيص إلى القضاء، وتم تعديل الموضوع بعد حادثة انهيار عمارة بيادر وادي السير ليصبح الإشراف على كل بناء تتراوح مساحته بين 500 إلى 800 متر مكعب، الأمر الذي يتيح مجالا أوسع للرقابة على العمارات قيد الإنشاء.
جمعيه الإسكان
ويطالب رئيس جمعية الإسكان زهير العمري الحكومة بإخراج قانون الاستثمار الإسكاني إلى الوجود الذي طال انتظاره، نظرا لأن من ميزات القانون أنه يلزم من يعمل في مجال البناء أن يكون عضوا في الجمعية من أجل الحيلولة دون ارتكاب مخالفات.
وأكد العمري أن ذلك يعطى الجمعية دورا في الإشراف والتأكد من جودة المواصفات الفنية والإنشائية على المشاريع الإسكانية والتخفيف من أعباء رفع القضايا الى المحاكم من خلال حل المشاكل داخليا، فيما يتعلق بقضايا المواصفات الفنية.
وأشارإلى أن من الضروري منع تكرار المأساة في مناطق أخرى؟
نقابه المهندسين
وأكد نقيب المهندسين عبد الله عبيدات أن تحقيقات النقابة في انهيار عمارة وادي السير التي تحت الإنشاء أنها لم تكن تحت إشراف هندسي، وبترخيص منتهي مدته.
وقال إن اللجنة الفنية التي شكلتها النقابة قامت على الفور بمعاينة الموقع ومساءلة المكتب الهندسي الذي أصدر المخططات الهندسية الخاصة بالعمارة، فأكد من جهته أن المخططات الهندسية صدرت في عام 1997 وكان مالك العمارة قد أعلن عدم رغبته بالبناء أنذاك، ما أنهى العقد بينه وبين المكتب الهندسي، ثم بدأ العمل في المشروع عام 2007 من دون الرجوع إلى المكتب الهندسي.
وأشار عبيدات إلى أن اللجنة الفنية تأكدت أيضا من أن المقاول الذي هو أيضا مالك المبنى ليس مهندسا، وغير مسجل في سجلاتها ولا تربطه أي رابطة مع نقابة المهندسين.
ولفت إلى أن المخططات الهندسية يجب أن تجدد في حال لم تنفذ على الأرض فورا، مشددا على أن النقابة تقف موقفا صارما تجاه البناء من دون مخططات هندسية أو مخططات قديمة.
وقال إن النقابة خاطبت الجهات المسؤولة مئات المرات، وحذرت أكثر من مرة من إقامة أبنية وبيوت سكنية ومشاريع إنشائية من دون مخططات هندسية مصادق عليها من قبلها حسب الأصول.
ودعا عبيدات إلى التشديد في منح الرخص وتطبيق القوانين المتعلقة بالبناء ومنها قانون البناء الوطني وقانون نقابة المهندسين، وتشديد المراقبة على تنفيذ المقاولات من قبل الجهات المانحة للترخيص مثل الأمانة والبلديات.
وقال إن بعض البلديات سمحت بإقامة عشرات الأبنية من دون مخططات هندسية مصادق عليها، وإنما وفق (كروكيات) (مخططات أولية غير معتمدة)، الأمر الذي احتجت عليه النقابة حتى أنها أنذرت بعض البلديات عدليا لقيامها بالموافقة على البناء من دون مخططات هندسية.
وتنص تعليمات قانون البناء الوطني على وقف أي ترخيص بواسطة (الكروكيات) من قبل البلديات للمشاريع المختلفة لتعارض ذلك على ما يبذل من جهود لرفع سوية العمل الهندسي والالتزام بأحكام قانون البناء الوطني وتحميل البلديات المسؤولية القانونية عن ذلك.
ويمنع القانون "المباشرة بتنفيذ أعمال الإعمار إلا بموجب مخططات هندسية مستوفية للقواعد والمتطلبات الفنية الواردة في كودات البناء المعتمدة صادرة عن جهة مخولة بالتصميم أو مكتب هندسي مسجل لدى نقابة المهندسين الأردنيين ومصادق عليها من قبلها".
رأي فني
وفي نفس الصدد، قال صاحب مكتب هندسي، المهندس المدني نزيه القرم إن من المفترض تواجد مهندس للإشراف على ورش البناء لاكثر من ثماني ساعات يوميا، ومن ضمن عمله الإشراف على عمليات الصب، والكميات ومدى تطابقها مع المخططات وإجراء التجارب الأولية ضمن الورشة على المواد المستخدمة ومدى مطابقتها للشروط والمواصفات للاطمئنان على سلامة البناء، وأن يتم إخطار النقابة والجهات عن أي مخالفات فور اكتشافها، وذلك تطبيقا لقانون نقابة المهندسين وقانون الإنشاءات.
وانتقد القرم عدم الالتزام بالحد الأدنى للاتعاب الهندسية للتصميم والإشراف مما يؤدى إلى عدم توفر أجهزة فنية هندسية مؤهلة تخدم الإشراف على المشاريع.
وقال القرم إن 80% من مشاريع القطاع الخاص تنفذ من قبل مقاولين غير مرخصين لدى نقابة المقاولين، مع ما يضمنه ذلك من مخالفة وخطورة، وبالتالي المطلوب متابعة الموضوع، وفي نفس الوقت تفعيل شهادة المطابقة وتنفيذها على مراحل.
وقال إن على الجهات المانحة للرخص أن تقوم بمتابعة الإشراف على استلام الأعمال الإنشائية، والتأكد من مدى مطابقتها لأحكام النظام، كذلك من المفترض أن تقارن أمانة عمان مدى مطابقة البناء للمخططات الصادرة عن نقابة المهندسين قبل منح إذن الأشغال، وأن تقوم بزيارات فجائية والإشراف على عمليات الصب. وطالب بعقد دورة تدريبية للمناطق الأكثر خطورة من الناحية الطبوغرافية.
إلى ذلك قال مدير شركه الثروة للإسكان صقر أحمد خليفة إن الواجب يحتم بعد حدوث انهيار عمارة وادي السير وقبلها بعض الحوادث الأخرى أن يتم التشدد في مهنة المهندس المقيم الذي من مهمته الإشراف على استلام حديد التسليح والإشراف على الصب ومطابقة الأعمال على المخططات.
وكشف أن في مناطق مختلفة من العاصمة ثمة هناك أبنية وضعها مخالف للمخططات، وهناك تجاوزات متعددة مرتكبة في تنفيذها، منها تجاوزات على الشوارع.











































