انقسام وصمت المواقع الالكترونية حيال ضمها لقانون المطبوعات

انقسام وصمت المواقع الالكترونية حيال ضمها لقانون المطبوعات
الرابط المختصر

أكثر من مائة موقع الكتروني إخباري عامل في الأردن منقسم بين معارض لمقترح مشروع الحكومة بتعديل قانون المطبوعات والنشر لضم المواقع الإخبارية، وبين مؤيد للمقترح الحكومي المدعوم من مجلس نقابة الصحافيين.

المعارضون يحذرون من تقييد حرية الإعلام ومحاولة الحكومة السيطرة عليها واحتوائها بالإعلانات، والمؤيدون يرون فيها خطوة جادة من الحكومة لتنظيم عمل المواقع بعد عجزها عن تنظيم نفسها بنفسها.

نقيب الصحفيين طارق المومني يؤكد مجددا على مقترح الحكومة “بتعديل قانون المطبوعات والنشر فيما يتعلق بالجانب التنظيمي في عمل المواقع الالكترونية بلا أية عقوبات أو غرامات مالية”. كما يشدد على موقف النقابة “الواضح ضد أي تعديل يقيد حرية الصحافة”، والمتمثل بمعارضة تعديل قانون العقوبات وقانون هيئة مكافحة الفساد.

مقترح الحكومة يرى فيه الكاتب والمحلل أسامة الشريف، “محاولة التفاف على المواقع الالكترونية والتأثير عليها بعد أن عجزت الحكومات المتلاحقة عن وضع خطة للسيطرة على هذه المواقع. مرة أخرى عدنا إلى المربع الأول حيث الحكومة تحاول الحد من حرية الصحافة والتعبير، وهي المشكلة المتعلقة بمصداقية أي حكومة فيما يخص احترام حرية الصحافة كما تعلن في حين أن ما تمارسه هو عكس ذلك”.

وإن نجحت الحكومة في تمرير مشروع تعديل قانون المطبوعات فستبقى، وفقا للشريف، “مرحلة انتقالية تظهر ما إذا كانت عملية إخضاع المواقع الالكترونية للسيطرة ممكنة أصلا، وهل إخضاع 40 أو 50 موقعا يعني السيطرة على هذا الفضاء؟”.

ويصف محاولة الحكومة السيطرة على فضاء الانترنت التفاعلي “كمحاولة وضع الشمس في صندوق وهي عملية مستحيلة. فالحكومات تتأخر دائما عن الواقع بسنوات فما أن تسيطر على موقع أو اثنين سيكون هناك مجالات جديدة للتواصل والتفاعل وإيصال الخبر والتعبير عن الرأي”. ويتساءل: “إلى متى ستتابع الحكومات لعب هذا الدور الدونكيشوتي في ملاحقة طواحين الهواء؟”.

نقيب الصحفيين يستند في موقفه على أن “غالبية المواقع تريد إجراء ما لتنظيم عملها والنقابة تؤيد ما يرونه مناسبا لهم. وإذا أبدت المواقع موافقتها على تعديل القانون فسيلقى هذا التوجه دعم لجنة التوجيه الوطني”، يقول المومني لعين على الإعلام.

لكنه يقر بوجود خلاف بين المواقع لكنه يؤكد على وجود “اتفاق بين المواقع على ضرورة تنظيم عملها من إخلال تسجيلها ضمن إطار تنظيمي. ولا يوجد صيغة تنظيمية واحدة ترضي الجميع”.

ويشير المومني إلى إعلان ٤٥ موقعا بأن “نقابة الصحفيين تمثلهم وما توافق عليه النقابة يوافقون عليه، وحتى من اعترض وطالب باتحاد يمثلهم وافق على ضرورة تنظيم عمل المواقع”.

لكن مدير ومحرر موقع “العراب نيوز”، عماد شاهين، يبدي استغرابه من الاستناد على موافقة 45 موقعا. “يجب أن تقتنع جميع المواقع بهذا الإجراء الذي سينطبق على الجميع، ما مصير المواقع غير المقتنعة بهذا الإجراء؟ لا بد من وجود حلول جذرية يتوافق عليها الجميع أدبيا قبل القانون”، يقول شاهين لعين على الإعلام، ويتهم الحكومة بعدم الجدية في تنظيم عمل المواقع وبغياب للشفافية.

“بعد طرح الحكومة والنقابة لتنظيم المواقع أصبحت المواقع منقسمة ومتناقضة في المواقف والأفكار أكثر مما كانت في السابق”، يقول شاهين.

محرر موقع “أخبار البلد” وعضو نقابة الصحفيين، أسامة الراميني، كان ممن حضر اللقاء المغلق لرئيس الوزراء معروف البخيت، وزير الداخلية، نقيب الصحفيين و13 موقعا عبروا عن موافقتهم على مقترح الحكومة. ويدافع عن موفقه انطلاقا من أن “الحكومة أكثر جدية في تنظيم المواقع لأنها صاحبة القرار في تنظيم هذه المهنة، خصوصا أن المواقع الالكترونية عمل إعلامي جديد”.

لكن الراميني يعود ويشكك في نوايا الحكومة عند عرضها إغراء الإعلانات. “لا أعتقد أن الحكومة صادقة، جادة أو لديها الإرادة السياسية لتنفيذ الشروط المتعلقة بالإعلانات. ويرى أن إغراءات الحكومة تهدف لإبقاء السيطرة على الإعلام”.

وعود الحكومة بالدفع مقابل إعلانات في المواقع المسجلة رسميا وبالتالي الخاضعة لقانون المطبوعات والنشر إذا ما عدل، يصفها شاهين بمحاولة الحكومة “تحويل المواقع الإعلامية إلى مولات وعرض أسعار موسمي، فالحكومة تضع وتلغي مدونة سلوك إعلامية، تقدم إغراءات مالية حتى تصنف من معها ومن ضدها، وهذا يدلل على عجز الحكومة وعدم جديتها في تنظيم الإعلام”. بل ويتهم “بعض رؤساء الوزراء بالوقوف وراء بعض المواقع الالكترونية، ما أن يتركوا مناصبهم”.

ويصف الشريف عرض الإعلانات والدعوات الرسمية بـ”عملية استقطاب”. “فقد يكون لكل صاحب موقع مصلحة ما وللحكومة أدوات تستطيع من خلالها التأثير على المواقع، مثل علاقاتها الشخصية مع بعض أصحاب المواقع أو من خلال نقابة الصحفيين أو بناء وسائل ضغط”.

اتفاق على ضرورة التنظيم

يقترح الراميني أن تكون “نقابة الصحفيين صاحبة المبادرة في تنظيم هذه المهنة وأن لا نترك للحكومة تنظيم هذه المهنة”. ويعبر عن عدم ثقته بالحكومة لكونها “لا تريد ولا تسعى لوجود إعلام وطن، حر وله موقف، لكن من يقرأ المشهد الإعلامي الأردني يجد أن هناك تسيب غير عادي بحاجة إلى تنظيم”.

والتنظيم، وفقا للراميني، “يجب أن يأتي أولا من الجسم الصحافي، ثانيا نقابة الصحفيين، ثم أعضاء لجنة الحوار الوطني، رابعا من اللجنة القانونية في مجلس النواب، حتى نحقق مكتسبات لهذه المواقع”.

المشكلة، كما يراها الراميني، ليست في التسجيل. “فأي موقع يستطيع أن يسجل في وزارة الصناعة والتجارية مقابل دنانير قليلة. لكن المهم هو تعريف ما هو الموقع الالكتروني وما الشروط الواجب توفرها ليتحول الموقع إلى إخباري صحفي، هل صاحب الموقع صحفي ولديه خبرة مهنية؟”.

ويقول الراميني لعين على الإعلام: “لا أستطيع ممارسة أي مهنة أو فتح محل من دون رخصة محددة، أما في الإعلام فكل من ينشئ موقعا يعتبر نفسه صحفيا وهذا أمر خطير جدا. هناك مواقع يديرها صحفيون ومنتسبون لنقابة الصحفيين ولديهم خبرة وتجربة مهنية، لكن موخرا أصبح هناك تسيب وعدم وجود آلية للتنظيم ما أدخل المواقع في ساحة حرب حقيقية وأصبح الإعلام مهنة ما لا مهنة ولا عمل له، وبذلك نشهد كل يوم ولادة عدد كبير من المواقع”.

لكن شاهين يرى المشكلة في أن “الحكومة والنقابة مع تتعامل لغاية الآن مع المواقع الالكترونية كما الصحف الأسبوعية، وكلاهما يختلفان تماما وإن كان المضمون الإعلامي واحد. مثلا كيف يمكن السيطرة على موقع يتم إنشاؤه من خارج الأردن وتصبح جزء من الإعلام الأردني”.

تنظيم عمل المواقع، كما يقترح شاهين، يكمن في “أن تنضوي المواقع تحت مؤسسة داخلية بمعنى أن يكون العاملين فيها مسجلين في الضمان الاجتماعي. تنظيم الموقع الالكتروني بأن يكون ذو كيان اعتباري بمبنى وموظفين أكثر ضمانة للمهنة من تنظيمه بشكل عرفي عن طريق قانون”.

ويضيف: “حتى لو تم تعديل القانون فلن يضم الجميع وسيبقى هناك مواقع تنشأ من خارج الأردن ولا تخضع لقوانينه. لذلك يجب أن يبدأ التنظيم من ترخيص المواقع وسيادتها وهيكليتها وليس بالقوانين”.

الأسئلة الأخلاقية عن حدود الصحافة ومن ينظم المهنة، وفقا للشريف، “هي قضايا عالمية تتعلق بكل مجتمع وكيفية نظرته إلى أخلاقيات الصحافة وحق التعبير. في الأردن كان الأولى التركيز على قوانين تحمي المجتمع من التشهير والقدح أكثر من الدخول فيي محاولة تنظيم المواقع الالكترونية والإعلام، فالهدف حماية المجتمع من تغول الصحافة مع الحفاظ على حق الصحافة في التعبير وكشف الفاسدين”، يقول الشريف لعين على الإعلام.

صمت إعلامي

أنباء مشروع الحكومة لتعديل قانون المطبوعات والنشر انتقلت من حيز التسريبات إلى تصريحات واضحة لوزير الدولة لشؤون الإعلام عبدالله أبورمان ونقيب الصحفيين، إضافة إلى ما نقل عن رئيس الوزراء في لقاءات مغلقة مع قلة من المواقع الالكترونية. لكن المواقع الالكترونية وبقية وسائل الإعلام، باستثناء واحدة أو اثنتين، مستمرة في صمتها وتجاهلها للخبر، خلافا لردة فعلها تجاه بالون اختبار مشابه أطلقته حكومة الرفاعي السابقة وتراجعت عنه بعد أن قوبل برفض الإعلام له.

وكانت القطرات الأولى من المعلومات قد رشحت بعد استقالة الوزير طاهر العدوان قبل ثلاثة أسابيع، عن مقترحات الحكومة لتقديم مشروع تعديل قانون المطبوعات والنشر ليضم المواقع الالكترونية الإخبارية المسجلة، بعد أن قدمت الحكومة لمجلس النواب مشروعها لتعديل قانون هيئة مكافحة الفساد بما فيه من مادة تعاقب بالحبس أو الغرامة من يتهم أحدا بالفساد من دون إثبات أو دليل.

للاستماع للحلقة والاطلاع على مختلف الموضوعات الإعلامية على موقع:

عين على الإعلام