انتقادات واسعة لفوضى تشريعات التعليم العالي
أثارت التغييرات المتلاحقة التي شهدتها مجموعة التشريعات المتعلقة بالتعليم العالي في السنوات الأخيرة تساؤلات عديدة عما إذا كانت هذه التغييرات تمثل تبدلا جذريا في سياسة مجلس التعليم العالي بحيث أصبحت عرفا غير قابل للمراجعة, أم هي خطوة إصلاحية يقصد بها النهوض بالتعليم الجامعي بعد سنوات طوال من التخبط.
خلال السنتين الماضيتين كان موقع رئيس الجامعة يمثل ضحية لفوضى هذه التغييرات حيث تم تعديل قوانين التعليم العالي والجامعات بطريقة عشوائية جعلت من منصب رئيس الجامعة منصبا شكليا مهددا بين يوم وآخر بالتغيير وذلك تبعا لعلاقة رئيس الجامعة بوزير التعليم العالي أو حتى رئيس مجلس أمناء جامعته, وفي سنوات سابقة أطاح وزراء للتعليم العالي برؤساء جامعات حكومية مرموقين لمجرد أنهم عارضوهم في بعض الآراء.
يقول أمين عام وزارة التعليم العالي السابق الدكتور تركي عبيدات منصب رئيس الجامعة منصب حيوي ومهم غير أنه غير محصن بمواجهة قوانين التعليم العالي التي تخضع بين فترة وأخرى الى تغييرات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وذلك حسب توجهات الوزراء المتعاقبين واعتقادات شخصية.
ويشرح د. عبيدات ذلك بالقول منذ ثلاث سنوات يتم تعيين رئيس الجامعة بتنسيب من مجلس التعليم العالي ولكن توصيات قدمها البنك الدولي بالتعاون مع وزارة التعليم العالي بضرورة استقلالية الجامعات فقد تم تعديل قوانين التعليم العالي والجامعات بحيث يصبح تعيين رئيس الجامعة بتنسيب من مجلس الأمناء وليس مجلس التعليم العالي ولكن هذه المرة بشروط منها ان يتم اختيار رئيس الجامعة من قبل لجنة محايدة يشكلها مجلس أمناء الجامعة حسب تقويم اللجنة وتقوم اللجنة بترشيح ثلاثة أسماء الى مجلس الأمناء ويقوم المجلس بتنسيب أحدهم لحين صدور الإرادة الملكية بالموافقة.
غير أنه تبين دستوريا أن الإرادة الملكية المتعلقة بتعيين رئيس الجامعة يجب أن يصادق عليها رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي وبناء على ذلك تم إصدار قوانين جديدة للجامعات والتعليم العالي أصبح بموجبها تعيين رئيس الجامعة من صلاحيات مجلس التعليم العالي وليس الأمناء ولكن من دون تشكيل لجنة لإختيار رئيس الجامعة حسبما يرى د. عبيدات.
بهذه الحالة عدنا الى المربع الأول - يقول د. عبيدات - ولكن القوانين الجديدة أعطت لمجالس أمناء الجامعات صلاحيات مهمة مثل تعيين عمداء ونواب رئيس الجامعة وكذلك مراقبة أداء الجامعة أكاديميا واداريا وماليا حيث تم ربط وحدة الرقابة الداخلية في الجامعة بمجلس الأمناء ويتم تعيين رئيس الوحدة من قبل مجلس الأمناء.
حتى هذا اليوم ما يزال رؤساء الجامعات يعيشون هاجس الإقالة في أي لحظة بسبب مزاجية بعض وزراء التعليم العالي, ففي تجارب سابقة احال أحد الوزراء سبعة رؤساء على التقاعد دفعة واحدة, بينما لجأ آخر الى إجراء مناقلات وصفت ب¯ المذلة في ذلك الحين بين عدد من رؤساء الجامعات بضغط من نواب الأمر الذي ترك علامات استفهام حول موقع رئيس الجامعة ومستوى الصلاحيات الممنوحة له في ظل هيمنة واضحة لوزراء التعليم العالي.
ويؤكد د. عبيدات هذه التغييرات المتعاقبة على التشريعات المتعلقة بمنظومة التعليم العالي لم تحصن موقع رئيس الجامعة لان اختيار رئيس الجامعة ما زال نمطيا ولا يتم عن طريق لجان متخصصة حيث تغيب الشفافية في التعيين حيث ينص القانون ان رئيس الجامعة يجب ان يكون حاصلا على رتبة الأستاذية كما انه لم يحدد الخبرات الأكاديمية والإدارية التي يجب توفرها في رئيس الجامعة.
ويبين أيضا أن تنسيب مجلس التعليم العالي بتعيين رئيس الجامعة لا يعني أن هذا التنسيب مناسبا أو كفؤا وهناك شواهد كثيرة تدل على أن هذه التعيينات كانت خاطئة.
رغم الانتقادات الواسعة التي يبديها الجسم الأكاديمي إزاء ما يجري في وزارة التعليم العالي من تخبط في سن التشريعات والقوانين الا أن هذه الانتقادات كان يتم تجاهلها في الغالب ولا ينظر اليها باهتمام باعتبارها تشكل جزءا في إدارة أوسع قطاع في البلاد, بدليل أن رؤساء الجامعات الحكومية غير ممثلين في مجلس التعليم العالي الذي يقدم لهم قرارات وتعليمات جاهزة لا يعلمون بها الا من خلال وسائل الإعلام.
وينتقد رئيس جامعة البلقاء التطبيقية السابق د.عمر الريماوي سياسة وزارة التعليم العالي في اقرار التشريعات المعمول بها حاليا, هذا التشريعات لا تساعد رئيس الجامعة على قضاء مدة رئاسته كاملة وهذا من شأنه ان يضر بمستوى التعليم العالي مؤكدا أن اقالة رئيس الجامعة من دون وجود مبرر فيه تعسف غير مقبول وهذا للأسف موجود.
ودعا د. الريماوي الى إشراك رؤساء الجامعات في مجالس التعليم العالي باعتبارهم أساس التعليم العالي وهذا من شأنه أن يحمي رؤساء الجامعات من أي قرار قد يؤدي الى اقالتهم الى جانب ان في وجود رئيس الجامعة داخل مجلس التعليم قوة له وحصانة حتى يكون على دراية بما يجري فمعظم القرارات التي يتخذها مجلس التعليم العالي لا نعلم بها الا من خلال وسائل الاعلام, مؤكدا أنه لا يجوز لوزير التعليم العالي اقالة رئيس الجامعة لاسباب شخصية أومزاجية.











































