انتبهوا لما يحدث في العقار..

الرابط المختصر

صحيح ان اسعار العقار في الاردن ارتفعت اكثر من الضعف في العامين الاخيرين, وبدأنا نشاهد مشاريع تطوير عقارية من نوع جديد على المجتمع, الامر الذي ادى الى انعدام فرص المواطنين من الطبقة الوسطى في الحصول على شقة او قطعة ارض بسعر مناسب, الا اننا اليوم امام مشهد مختلف في سوق العقار وتغيرات جوهرية تستدعي من المعنيين اعادة تقييم لما تم انجازه ومستقبله على ضوء تداعيات الازمة العالمية التي سببها أساسا الرهن العقاري.

 

في الاردن هناك اكثر من 380 شركة عقارية, الغالبية العظمى منها تعمل في بناء المجمعات السكنية التجارية العادية والتي تتخصص في بيع الشقق, الا ان مجموعة من كبار المستثمرين في السنوات القليلة الماضية أسسوا كبريات شركات التطوير العقاري, وبدأوا يتحدثون عن مشاريعهم بأنها ستحدث نقلة نوعية في شكل المملكة العمراني, نتيجة اعتمادها على اساليب معمارية حديثة وعصرية, وقد نجحت تلك الشركات في بناء شبكة تسويق عالية المستوى بعد ان نشرت اعلاناتها ببيع منتجاتها, جزء منه كان على المخططات, اي قبل المباشرة بالتنفيذ وبعضه بوشر فعليا التنفيذ لكن على مراحل متعددة وحصل على تمويل من البنوك واستكمل الباقي من الدفعات التي حصلها من المشترين.

لنعترف الآن انه ومع امتداد الازمة المالية بدأنا نلمس وضعا غير طبيعي في سوق العقار. والحديث الدائر في السوق يشير بوضوح ان كبار المطورين العقاريين يعانون من تحديات كبيرة لاستكمال مشاريعهم بعد ان زادت البنوك المحلية تشديدها على عمليات الاقراض ومنح التسهيلات بعد الازمة, والاشاعات تتركز على اكبر الشركات وليس على اصحاب العمارات الذين يبيعون الشقق بأن هناك حالات افلاس او حجز او الاعلان عن عدم استكمال المشروع وغيرها من الاشاعات التي تتناقلها الاوساط.

في النهاية.. هناك مشكلة حقيقية تواجه شركات التطوير العقاري مع البنوك في الحصول على التمويل اللازم لاستكمال مشاريعها, وللانصاف علينا ان ندرك اليوم اكثر من اي وقت مضى ان السياسة النقدية التي اتبعها البنك المركزي في السنوات الماضية ورقابته وتعليماته على الجهاز المصرفي جنبت الاقتصاد الوطني تداعيات الازمة العالمية التي لم ينجوا منها احد, ونحن في الاردن ليس بوسعنا مواجهة أية ازمات مالية لا قدر الله, لذلك من الواجب دعم البنوك في سياساتها وعدم الضغط عليها في منح اقراض لمشاريع غير مقنعة لادارة تلك البنوك.

ومع تفاقم ازمة العقار التي ما زالت آثارها على المواطنين ايجابية الى حد ما بسبب التصحيح النسبي الذي بدأنا نلمسه في اسعار العقار, الا ان التخوف من ان هناك مشاريع حيوية وذات جدوى قد تواجه هي الاخرى معضلة التمويل.

مطلوب من الشركات العقارية اليوم ان تقوم اولا بإعادة النظر في الجدوى الاقتصادية لمشاريعها على ضوء المعطيات الراهنة للازمة العالمية التي تدلل بوضوح ان هناك مشكلة حقيقية في عمليات التسويق العقاري لمنتجات الشركات, ناهيك عن الكلف العالية والاسعار المرتفعة التي تتطلع اليها تلك الشركات.

ليس من المعقول ان تواصل الشركات عمليات تسويقها لمنتجاتها بنفس الاسعار التي اعلنت عنها وجميع المنتجات في العالم في انخفاض حاد ناهيك عن التباطؤ الاقتصادي الحاصل بالاقتصاد الدولي والذي تشير ملامحه الاولية انه قد يمتد لعامين, اذا ارادت الشركات اموالا من البنوك فعليها ان تقنعها بجدوى المشروع نفسه, وهذا يتم بعملية اعادة هيكلة للمشاريع بأسعار جديدة وبخطط تسويقية غير تقليدية.

البنوك في النهاية معنية بإقراض الاموال المودعة لديها حتى تحقق ارباحا, وهي ان بقيت تتشدد في منح التسهيلات فإنها ستواجه هي الاخرى مشاكل مع مساهميها الذين يتطلعون الى ارباح نهاية المدة.

من الضروري في المرحلة الراهنة ان يكون هناك تفكير جماعي لمعالجة الاختلالات والتشوهات في السوق العقارية, المطلوب خطة انقاذ ليس على النمط الامريكي الذي سمح للحكومة هناك بالتدخل, لكن الجلوس الى طاولة اجتماع تضم اطراف معادلة العقار والجهاز المصرفي الامر الذي سيساعد في بلورة حلول لتلك الاشكاليات.