اليوم العالمي لحرية الصحافة... ضمان وصول المعلومات واحترام حقوق الصحفيين

الرابط المختصر

في الذكرى السنوية الثلاثين لليوم العالمي لحرية الصحافة، يمثل الاحتفال في الثالث من مايو 2023، فرصة مهمة لاستعراض المنجزات والاستفادة من الإخفاقات، بعد مرور ثلاثة عقود من جهود تمكين الصحافة الحرة والدفاع عن حرية التعبير في جميع أنحاء العالم، والعمل على وضع حد للتمييز والعنصرية الممنهجة والإفلات من العقاب، بعد إقرار المناسبة لأول مرة عام 1993.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، قد حددت الثالث من مايو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان "ويندهوك" التاريخي الذي تم في اجتماع للصحفيين الأفارقة في الثالث من مايو 1991، وكان هدف هذا الإعلان العالمي، تذكير الحكومات بضرورة احترامها لحرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين، وتقييم حالة حرية الصحافة عالميا، وإحياء جهود الصحفيين الذين فقدوا أرواحهم أو اعتقلوا بسبب أداء واجباتهم.

وكشف آخر تقرير عن "لجنة حماية الصحفيين(CPJ)" الذي صدر في منتصف ديسمبر 2022، أن عدد الصحفيين السجناء في العالم في العام الماضي بلغ أعلى رقم على امتداد السنوات الثلاثين الماضية، ووصل إلى 363 صحفيا، بحلول الأول من ديسمبر عام 2022، بزيادة بنسبة 20 بالمئة عن العام 2021.

ووفقا للجنة حماية الصحفيين فإن أساليب اعتقال الصحفيين تتجاوز الخطوط الحمراء فتشمل المداهمات ومصادرة أجهزة الاتصال وإخفاء تقارير التغطيات الصحفية، وإيقاف حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما سجلت الحصيلة السنوية للانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين عبر العالم، التي تنشرها منظمة "مراسلون بلا حدود"، رقما قياسيا أكبر، حيث بلغ عدد المحتجزين في أوساط الأطقم الإعلامية 533، خلال عام 2022، بينما قتل 57 صحفيا في مختلف أنحاء العالم على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، ناهيك عن 65 مختطفا و49 من الصحفيين في عداد المفقودين.

ووضع التقرير الذي أصدرته المنظمة تحت عنوان "عصر الاستقطاب الجديد" الدول الاسكندنافية على رأس سلم الدول التي تحترم حرية الإعلام ، فجاء ترتيب الدول الخمس الأولى كالتالي: النرويج، والدنمارك، والسويد، وإستونيا، وفنلندا، فيما حلت المملكة المتحدة والولايات المتحدة في المرتبتين الـ24 والـ42 تواليا، بينما احتلت دولة قطر المرتبة الأولى خليجيا، والرابعة عربيا، والـ119 عالميا.

وتحتل حرية الصحافة وسلامة الصحفيين والحق بالوصول إلى المعلومات وضمان حرية التعبير، مركز الصدارة في البنود المنصوص عليه في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهي شرط أساسي ومحرك للتمتع بجميع حقوق الإنسان الأخرى، وتشكل حجر الزاوية في المجتمعات المتحضرة، بما يمكن أن توفره من معلومات تساهم بإنقاذ الحياة في أوقات الأزمات وضمان المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان، كما ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة عام 1948 أن: "لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير، ويتضمن هذا الحق حرية الفرد في تكوين آراء بدون تدخل أحد، والبحث عن واستقبال ونقل المعلومات والأفكار من خلال كافة وسائل الاتصال بصرف النظر عن حدود الدول".

وقد أظهرت جائحة كورونا " كوفيد-19 " في الأعوام الثلاثة الماضية، عواقب مناخ التعتيم الذي فرضته كثير من الدول على شعوبها بسبب الفيروس، وأن التغطيات الصحفية التي تنتقد السياسات الحكومية أو الشخصيات العامة غالبا ما تقابل بالملاحقة القضائية.

ورغم انتشار وسائل الإعلام المستقلة في أغلب دول العالم، وظهور التقنيات الرقمية التي تسمح بالتدفق الحر للمعلومات عبر الإنترنت، وتشريع قوانين في عدة بلدان، بشأن حقوق الصحفيين وتجريم استهدافهم، فمازالت حربة الإعلام وسلامة الصحفيين وحرية التعبير، تتعرض للهجوم بشكل متزايد، وتواجه أشكالا من التضييق بحيث تمنع كثيرا من الأطقم الصحفية من أداء مهامهم بشكل مهني.

 

وأظهر التصنيف العالمي لحرية الصحافة، ما سماه "الآثار الكارثية لفوضى المعلومات"، في عام 2022، حيث أصبح الفضاء الرقمي غير خاضع للمعايير ولا التنظيم ولا التنافس البناء، ما جعله ساحة خصبة لانتشار المعلومات الكاذبة والدعاية، وركز التقرير على نموذج الحرب في أوكرانيا، لبيان حجم الاستقطاب العالمي وتصدع الأسس التي بنيت عليها الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان.

وتمثل حياة الصحفيين ضريبة المهنة التي قرروا الانتظام فيها والدفاع عن مكتسباتها، ورغم انخفاض عدد الصحفيين الذين قتلوا أثناء ممارسة العمل الإعلامي خلال عامي 2020 بـ50 صحفيا و2021 بـ48 صحفيا، إلا أن عام 2022 شهد ارتفاعا بنسبة 19 بالمئة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام باتوا يواجهون "تسييسا متزايدا لعملهم" وتهديدات تزداد يوما بعد يوم، تخص حريتهم في أداء وظائفهم بيسر، وذلك في اليوم العالمي لحرية الصحافة.

في حين قالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، بالمناسبة ذاتها، إن أكثر من خمسة أشخاص من أصل ستة في العالم يعيشون في بلد سجل تراجعا على صعيد حرية الصحافة خلال السنوات الخمس الماضية.

وقد شكل مقتل مراسلة قناة الجزيرة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، خلال تغطيتها لاقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين الفلسطيني، قبل عام في شهر مايو الماضي، واحدا من أبرز الشواهد لهذا العام على المخاطر التي تهدد الصحفيين خلال تأديتهم لعملهم، لكن هذا الانتهاك لم يكن الوحيد الذي يسجل على الأراضي الفلسطينية هذا العام حيث رصدت مؤسسة "سكايز" أكثر من 250 انتهاكا أغلبها اعتداءات مباشرة لجيش الاحتلال على الصحفيين.

 

أضف تعليقك