الوطن العربي في مواجهة شح المياه
أثار تقرير دولي نشر مؤخراً مزيداً من القلق حول الواقع المائي في الدول العربية التي من المتوقع أن تواجه شحاً بحلول العام 2040.
ورغم أن العديد من الدول العربية تعلن باستمرار عن مشاريع مائية في محاولة لحل أزمة العجز المائي مع ازدياد أعداد السكان سواء على مستوى النمو الطبيعي أو بتأثير موجات اللجوء الناجمة عما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه الحلول ستكون جذرية.
ويقول محللون إن التغير المناخي له أثر واضح على الصراع في منطقة الشرق الأوسط؛ فبسببه تضرر القطاع الزراعي وانتقل السكان من مناطقهم الريفية للعيش في المدن بحثاً عن وظيفة ودخل ثابت.
ومع زيادة أعداد اللاجئين فإن دولاً عربية مثل الأردن ولبنان أصبحت بحاجة لمزيد من كميات المياه، هذا بالإضافة إلى المعاناة الأصلية التي يشهدها السكان المحليون لهذه الدول من نقص في المياه.
لكن الاكتظاظ في المدن بحسب المحللين أدى إلى زيادة مطالبهم وعدم رضاهم عن أداء حكوماتهم، مما دفعهم للتظاهر في ما عرف بثورات الربيع العربي، التي تطورت لاحقاً في عدد من الدول إلى اقتتال داخلي وحروب طويلة المدى دفعت لموجات من اللجوء القسري.
ورغم المشاريع المائية التي تبذل دول الشرق الأوسط والعالم وسعها لإقامتها في محاولة لمواجهة التغير المناخي والجفاف المتوقع لكثير من الموارد المائية إلا أن ذلك لن يمنع بحسب التقرير من تعرض العديد من هذه الدول لتواجه مرحلة الخطر.
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الأردن غير قادر على تزويد المنازل بالمياه بشكل يومي، حيث يتم ضخ المياه على مدار يوم أو يومين لكل منطقة حسب دورها في أيام الأسبوع، وذلك في محاولة لتلافي أزمة شح الموارد المائية ولتوزيعها بالتساوي على المواطنين.
إلا أنه ورغم ذلك فإن العديد من المناطق في الأردن ما زال سكانها يشتكون من قلة ورود الماء إليهم، بينما خرج آخرون في احتجاجات العام الماضي للمطالبة بتحسين وضعهم المائي.
بينما صنف التقرير 33 دولة ضمن الدول التي ستواجه خطراً كبيراً على مواردها المائية ومنها إضافة إلى الدول العربية المذكورة أعلاه "إسبانيا وإيران واليونان وإسرائيل وتركيا وأفغانستان وباكستان وأذربيجان."
وأما فيما يتعلق بالعالم العربي فإن 16 دولة ستواجه خطراً كبيراً على مواردها المائية في عام 2040 بحسب التقرير، وهي على الترتيب "البحرين، والكويت، وقطر، والإمارات، وفلسطين، والسعودية، وعمان، ولبنان، والأردن، وليبيا، واليمن، والمغرب، والعراق، وسوريا، والجزائر، وتونس."
وإذا أخذ المختصون التقرير الصادر مؤخراً بعين الاعتبار فإن أمام العالم سنوات معدودات لمحاولة حل أزمة المياه خصوصاً والتغير المناخي عموماً، ومحاولة البحث عن سبل توحدهم لأجل أن تتمكن الأجيال القادمة من الحياة على كوكب الأرض، بدلاً من صناعة الموت لكسب مادي مؤقت.