النكبة في سطور
في عام 1948 هاجمت أقلية أجنبية الأكثرية الوطنية وطردتها من ديارها ومحت آثارها العمرانية، وذلك بتخطيط مسبق ودعم سياسي وعسكري ومالي من الغرب والصهيونية العالمية.. هذه هي نكبة فلسطين.
وأدى قرار التقسيم الصادر عن المؤسسة الأممية وقرار الجمعية العامة رقم 181 لعام 1947 وإنشاء (إسرائيل) في شهر أيار/ مايو 1948 إلى دخول المرحلة في تكوينية جيوـ سياسية جديدة أهم سماته تشرد شعب وإحلال شعب آخر مكانه كحالة بديلة عن الاستعمار المباشر.
ومنذ عام 1948 ، حاولت إسرائيل تكريس المزاعم بأن فلسطين هي ارض بلا شعب للتغطية علي حقيقة أن الجالية اليهودية والتي لم تتجاوز نسبة 11 في المائة من سكان فلسطين عام 1917 ، تتضخم بفضل هجرة غير شرعية تستهدف الحفاظ علي الطابع الصهيوني والأيديولوجي باتجاه " دولة الميعاد خطط لها تحالف غير شريف بين الصهيونية وبريطانيا إلي نسبة 30 في المائة عام 1947 ، ثلاثة أرباعهم ولدوا خارج البلاد ، ولا يحملون الجنسية الفلسطينية.
وفعليا الكيان الصهيوني قام بطرد نحو 850 ألف فلسطيني من وطنهم وهم سكان 526 مدينة وقرية وقبيلة وأحلت مكانهم المستوطنين اليهود الذين غادروا أوطانهم الأصلية طوعا وطمعا بتأثير الحركة الصهيونية .
ويقدر عدد اللاجئين أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون نسمة ، أي أنهم ليسوا فقط الـ 3.7 مليون فلسطيني المسجلين لدي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين – الأونروا – والموزعين على أكثر من ستين مخيما للاجئين ، خاصة في أربع دول عربية ( الأردن – لبنان – سوريا – مصر ) لأن العدد يشمل أيضا ألوف الفلسطينيين في الأراضي التي قامت عليها الدولة اليهودية في عام 1948 ، أي اللاجئين الداخليين الذين يرون أمام أعينهم مواطنهم وممتلكاتهم ولا يستطيعون العودة إليها واستعمالها وتصفهم (إسرائيل) بأنهم " غائبون – حاضرون " .
وعندما فجع العالم العربي بنكبة فلسطين عام 1948 استقبل العرب في ما تبقى من فلسطين وفي البلاد العربية المجاورة أفواج اللاجئين بالترحاب والمشاركة المعنوية والمادية.
وسكن اللاجئون أولاً لدى أقاربهم ومعارفهم وفي المباني الخالية وفي المعسكرات والمساجد. وبعد إنشاء وكالة الغوث عام 1950 أقيمت لهم خيام ثم مساكن مبنية في أراض خصصتها الحكومات العربية.
وبينما كان عدد اللاجئين عام 1948 حوالي مليون لاجئ أصبح عددهم اليوم أكثر من 5.5 مليون موزعين في أنحاء العالم
تعيش أكبر مجموعة من اللاجئين في الأردن (1742000) وتشكل نسبة 34% من مجموع اللاجئين أو 41% من المسجلين لدى وكالة الغوث.
وقد أصبح غالبهم مواطنين أردنيين عندما ضم الملك عبد الله الأول آنذاك الضفة الغربية إلى الأردن بناءا على على قرارات المؤتمر الشعبي الذي عقد في عام1950، و احتجت بعض الدول العربية على هذا الضم خشية ضياع الحقوق الوطنية الفلسطينية وإلغاء الكيان الفلسطيني. ولذلك صدرت إشارة في قرار الضم إلى أنه جاء بناء على رغبة الفلسطينيين، وأنه لا ينقص من الحقوق الفلسطينية في أي شيء.
وفي عام 1955 أصدرت الجامعة العربية قراراً يمنع الدول العربية من السماح بالجمع بين جنسيتين عربيتين، وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجئ الفلسطيني حفاظاً على هويته.
وفي لبنان يوجد (408000) لاجئ فلسطيني لا يحملون الجنسية اللبنانية وفي سوريا يتمتع (445000) لاجئ فلسطيني بكافة الحقوق المدنية التي يتمتع بها المواطن السوري عدا الحقوق السياسية كالترشيح والانتخاب.
وفي الضفة وغزة عاش اللاجئون ومعهم فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة تحت الاحتلال الصهيوني منذ عام 1967، وعندما أنشئت السلطة الفلسطينية عام 1994 حصل انتعاش سياسي واقتصادي ضئيل، لكنه ما لبث أن انتكس نتيجة للقمع السياسي لكل من يعارض اتفاقية أوسلو، ونتيجة للفساد الذي يمارسه بعض أصحاب النفوذ في السلطة الجديدة.
أما الفلسطينيون الذين يعيشون في البلاد العربية الأخرى وخصوصاً الخليج فهم يعملون هناك بسبب كفاءتهم العالية وإخلاصهم في العمل وليس بموجب تسهيلات سياسية، وزاد عدد الفلسطينيين في أوروبا وأميركا كثيراً بعد غزو الكويت، ومصدر الزيادة ليست دول الخليج فحسب ولكن من لبنان أيضا.
وتوجد الآن جاليات كبيرة في معظم الدول الأوروبية تتراوح بين خمسة آلاف في فرنسا إلى 15 ألفا في إسكندنافيا إلى 30 ألفا في ألمانيا. وتوجد جالية عربية في إنجلترا لا تقل عن 250 ألف نسمة، نسبة كبيرة منها فلسطينيون.
وفي أميركا الشمالية توجد جالية فلسطينية تتجاوز 150 ألفاً. وفي أميركا الجنوبية أكثر من ذلك، خصوصاً تشيلي التي تعيش فيها أكبر جالية فلسطينية في العالم عدا دول الطوق، ولكن ليست كلها من اللاجئين بل معظمهم مهاجرون قدامى.
وخلال النصف الأول من عام 2000 شهدت معظم عواصم العالم تظاهرات مؤيدة لحق العودة، وزيادة في نشاط اللوبي لدى الأحزاب والبرلمانات في تلك البلاد، وقد تضاعف هذا كثيراً بعد انتفاضة الأقصى 2000، وظهرت أول آثاره في الجهد الموحد للعرب والمسلمين في الانتخابات الأميركية (7 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000).
ورغم كون الأنروا الثابت الوحيد في حياة اللاجئين منذ إنشائها فإن خدماتها بدأت في التدهور من عدة نواح منها: العجز في ميزانيتها بسبب تلكؤ المانحين في الدفع حسب المعدلات السنوية، وزيادة عدد السكان التي تستوجب زيادة المنح لا خفضها.
وفي الذكرى الستين لنكبة الفلسطينيين تبقى المشاهد ثابتة معاناة وتشرد، وكواشين لازال أصحابها ينتظرون يوم العودة لتكون شاهدا على حق وبيت. ولسان حالهم يقول سنرجع يوما إلى حينا.