المواقع الالكترونية: خرافة غياب الرقابة
تكافح المواقع الالكترونية "المحلية" ضد سن تشريعات ناظمة لعملها. وهي تتغنى بمساحة الحرية الكبيرة التي تقول إنها تتمتع بها، لكن هل هذه المساحة متوفرة حقا ام ان المواقع بدأت تخضع لضغوط من عدة جهات تعارض ما تدعيه المواقع.
المتابع للمواقع الالكترونية يلحظ ببساطة قيام محرروها بشطب مواد بعد لحظات أو ساعات من نشرها على الانترنت.
فيما تقوم مواقع اخرى بشطب تعليقات كان المحرر أجاز تحميلها.
خلال الأيام الأخيرة وفي غمرة الانشغال بشخصية مدير المخابرات العامة السابق السيد محمد الذهبي نشرت أكثر من مادة عن الرجل ليتم سحبها بعد قليل من نشرها.
يقول محرر احد المواقع الالكترونية، رفض الكشف عن اسمه، ان الأجهزة الأمنية طلبت منه ان يزيل مادة منشورة على الموقع عن الذهبي، وقد أزالها لاعتبارات تتعلق بمصلحة الموقع.
وفي تصريحات سابقة أدلى بها محرر موقع "عمون" لصحيفة "العرب اليوم" ، 13/12/2008، السيد باسل العكور قال:"ان المواقع الالكترونية الأردنية ليست فوق القانون وقد تعرض الناشرون فيها لمحاكمات...".
والحال ان ما كان يحصل مع الصحف اليومية او الاسبوعية من "تلقي اتصالات منتصف الليل" تطلب من هؤلاء نشر او عدم نشر او التعامل بطريقة ما مع خبر ما يحصل الان مع المواقع الالكترونية حتى لو لم يصرح بعض محرري هذه المواقع لإبقاء القاريء تحت وهم ارتفاع سقف الحريات على الانترنت.
والواقع ان تدخل أجهزة الدولة في عمل المواقع لم يعد سرا، ففي ايار العام الماضي طلب مدعي عام عمّان من عدة مواقع عدم نشر أي خبر أو مادة تتعلق بمحاكمة النائب السباق احمد عويدي العبادي وقد التزمت أكثر المواقع بطلب المدعي العام مع انها لا تخضع لقانون المطبوعات والنشر افترضا.
وفي هذا السياق فان محاولات "ضبط" المواقع الالكترونية من قبل الحكومات المتعاقبة وبعض النواب لم تتوقف، سواء كانت هذه المحاولات تأتي في باب التخويف ام في باب الجدية.
وفي اخر هذه التحركات كان ما نشر، خلال الشهر الماضي، عن مذكرة نيابية تعد من عدد من اعضاء مجلس النواب تطالب بتعديل قانون المطبوعات والنشر ليشمل المواقع.
وكان اكبر تهديد تعرضت له المواقع جرى في ايلول عام 2007 عندما قرر ديوان التشريع في رئاسة الوزراء قرر بناء على توصية من الدائرة اعتبار المواقع الالكترونية الصحافية، والصحافة الالكترونية بشكل عام تكمل عمل الصحافة المكتوبة، وبالتالي تخضع للتدقيق من دائرة المطبوعات والنشر، والى قانون المطبوعات والنشر.
وامام هذه التهديدات المستمرة، فأن أصحاب الموقع بدؤوا بالشعور بالتخوف مما قد تسفر عنه هذه التحركات.
وخلال العام الماضي جرى اكثر من اجتماع ، أهمها الاجتماع الذي عقد في نقابة الصحفيين"، في حزيران الماضي بين نقيب الصحفيين عبد الوهاب زغيلات وعدد من أصحاب وناشري المواقع الإخبارية، تحسبا "لصدور قانون محتمل سيحد من الحريات الإعلامية". وفقا لتقرير نشر على موقع "عمان نت".
واتفق أصحاب وناشري المواقع الالكترونية من الذين حضروا الاجتماع في مقر نقابة الصحفيين، على تشكيل لجنة للمواقع الالكترونية ووضع ميثاق شرف لها، ومن المفترض أن يلتقي نقيب الصحفيين أصحاب المواقع الالكترونية مره أخرى للاتفاق على آلية تشكيل اللجنة والميثاق.
ويبدو ان هذا الاتفاق بقي مجرد حبر على ورق بالنسبة لبعض المواقع التي لم تضع ميثاق شرف لها حتى الان.
على ان مشكلة خضوع المواقع الالكترونية من خلال ممارسة عمليات "الحذف والإضافة" في المضمون المنشور يضرر قبل كل شيء بمصداقية هذه المواقع.
فيما هو ايضا يشكل دليلا على ان اغلب هذه المواقع لا تمتلك "سياسات تحريرية" واضحة يستند إليها المحرر مسبقا وقبل عملية النشر، فتظهر عمليات الشطب والإضافة هذه كعملية "مزاجية" او محاولات "جس نبض" او "مغامرات" تحت وهم "المرور".
قد لا يكون المطلوب من المواقع الالكترونية وضع "ميثاق شرف"، فاي ميثاق سوف يقلص مساحة الحرية المتاحة لهذه الوسائل، هذا ان بقي لها مساحة تميّزها عن باقي الوسائل الاخرى. فيما المطلوب هو صياغة سياسات تحريرية واضحة تجنب محرري هذه المواقع السقوط في فخ استسهال عمليات الشطب والاضافة.
والمطلوب ايضا تمسك اصحاب هذه المواقع ليس بمساحة الحرية المتاحة وانما العمل على توسيعها لا الخضوع لتهديدات وارعاب بعض الحكومات ومن يساندها من النواب المحافظين.











































