المواقع الإعلامية الالكترونية: ما لها وما عليها

الرابط المختصر

شهد الأردن خلال الأعوام الأخيرة زيادة في عدد المواقع الاعلامية الالكترونية على شبكة الانترنت، تضاف الى ما هو موجود اصلا من مواقع للصحف اليومية والاسبوعية

وقد بدأت هذه المواقع تحتل حيزا متناميا في المشهد الاعلامي، الا ان هذه المواقع لا تزال تعاني من عيوب كبيرة تجعلها بعيدة عن مفهوم الصحافة الالكترونية حتى في أضيق تعريفاته.
زيادة مضطردة في عدد مستخدمي النت
أظهرت معطيات موقع العالم للانترنت، الصادرة مطلع العام الحالي ان الاردن يحتل المرتبة السادسة بين دول الشرق الأوسط في استخدامه للانترنت. ازداد عدد مستخدمي الانترنت في الاردن في العام 2006 بحوالي خمسة أضعاف ما كان عليه العام 2000.
تشير الإحصاءات المتضمنة بيانات ومعلومات حول استخدام شبكة الإنترنت في دول الشرق الأوسط مقارنة بعدد سكان تلك الدول، إلى ان نسبة استخدام شبكة الإنترنت في الأردن وصلت إلى ما يقارب 12% من مجموع السكان وان عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن مع نهاية العام 2006 وصل ما يقارب 630 ألف مستخدم تمثل حوالي 3.3% من مجموع مستخدمي الإنترنت في دول الشرق الأوسط.
مواقع إعلامية جديدة
يبدو ان هذه الزيادة المضطردة في عدد مستخدمي الشبكة من الاردنيين في الداخل، زيادة عليهم المغتربين في دول عربية واجنبية شجعت بعض الاعلاميين والمستثمرين في الإعلام الى تدشين مواقع على الشبكة الدولية، وكان ان ظهر في الاردن عدة مواقع من اهمها: موقع راديو عمان نت، اول اذاعة عربية على الشبكة، وموقع وكالة عمون، وكالة أنباء رم، موقع بترا جو، موقع الدحنونة، موقع آرام، موقع الملف نت، زيادة على مواقع الصحف اليومية: الرأي، الدستور، العرب اليوم، الغد والانباط، وكذلك بعض الصحف الاسبوعية كـ: السبيل، الحدث، المحور، شيحان، الاتجاه وغيرها.
تصنيفات عالمية
وبحسب تصنيفات موقع "اليكسا دوت كوم" وهو الموقع الاكثر شهرة عالميا في تصنيف ترتيب المواقع على الشبكة، فان موقع راديو عمان نت يحتل الرقم واحد بين المواقع الاعلامية، اذ بلغ تصنيفه 29.672 حتى الاسبوع الحالي، يليه موقع وكالة عمون بتصنيف بلغ 31.710، ثم موقع الملف نت وبلغ تصنيفه 38.278، بترا نت 80.631، ثم موقع آرام بتصنيف بلغ 126.968. اما باقي المواقع مثل وكالة رم والدحنونة فهي لا زالت جديدة وتحت التجربة تقريبا.
اما بالنسبة لتوزيع المستخدمين للمواقع وتمركزهم فقد كانت نسبة المستخدمين لموقع عمان نت من الاردن حوالي 44.5%، يليها المستخدمين من فلسطين بنسبة 10.4%، ثم من السعودية بنسبة 8.5%، من الامارات العربية بنسبة 5.7% ثم مصر بنسبة 4.8%.
وكانت نسب المستخدمين لموقع وكالة عمون كتالي: من الاردن بنسبة 69.7%، الولايات المتحدة 6%، البحرين 3.8%، ماليزيا 3.4%، قطر 3.3%.
وكانت نسب الاستخدام لموقع الملف نت كتالي: من الاردن 35.3%، 12.9% من السعودية، 12.4% من اليمن، 6.6% من الامارات العربية، و6.3% من العراق.
وكانت النسب لموقع بترا نت كتالي: 71.2% من الاردن، من السعودية 7.5%، مصر 5.4%، فلسطين 5.0%، الامارات العربية 3.3%.
وكانت النسب لموقع آرام كتالي: 26.8% من البحرين، 20.7% الاردن، 9.8% السعودية، 9.8% الكويت، 4.9% من مصر.
على أي حال، قد يكون من الظلم ترسيم هذه الارقام كما هي بدون النظر الى العوامل التي اسمهت في صنعها فراديو عمان نت هو الموقع الاقدم بين هذه المواقع فقد تم تدشينه على الشبكة منذ نحو ست سنوات كما يمتلك ميزة نسبية لا تمتلكها المواقع الاخرى من حيث البث الاذاعي المتواصل على الموقع، وتوفر مواد وبرامج الاذاعة وكذلك مواد ارشيفية مثل المرصد البرلماني وغيره.
وفي ضوء هذا يكون تصنيف موقع عمان نت غير مناسب، اذ كان من الممكن ان يحوز مرتبة افضل من هذه بكثير، غير ان هناك عدة عوامل تجعل من الموقع متأخرا في التقدم على تصنيف "اليكسا"، منها ما هو تقني مثل ارتباط البث الاذاعي بالصفحة الاولى، وبطء تحميل البث والصفحات. ومنها ما هو تحريري يتعلق بالمضمون مثل قلة عدد الاخبار والتقارير وبطء تجديد الموقع وتجاهل بعض الأخبار والظواهر، على ان الموقع شهد في الايام الاخيرة زيادة في عدد المستخدمين بعد ان كان شهد تذبذبا في الفترة الاخيرة، مستندا الى زيادة عدد التعليقات على الموقع واهتمام المواطنين، على ما يبدو، بالتطورات الاخيرة مثل الانتخابات ورفع الاسعار والخلاف بين الحكومة والحركة الاسلامية وغيرها.
اما موقع عمون الذي تم تدشينه منذ نحو عامين فقد تقدم مستندا الى ما تعرض إليه الموقع من عملية قرصنة قبل عدة اشهر ما زاد من الدعاية للموقع ولفت النظر اليه، كما اسهمت الردود والتعليقات على اخبار ومواد الموقع بزيادة عدد المستخدمين وخاصة ان الانترنت بامتلاكه هذه الميزة يجعل من المتلقي مشاركا وهو امر يجلب المستخدم. وبحسب معلومات العاملين في المواقع فان بعض الردود تجلب مستخدمين اكثر مما تجلبهم المادة الاصلية. وقد افاد الموقع من التعليقات خصوصا مستندا الى ذائقة اردنية خاصة، سواء من حيث مضمون التعليقات او من حيث لغة التخاطب بالعامية في الاغلب ما اعطى الموقع ما يمكن وصفه بنكهة اردنية خالصة.
وفي حين ان بترا نت وموقع آرام انطلقا سويا قبل خمسة اشهر تقريبا، وكانت صحيفة آرام تتقدم بسرعة في البدايات الا ان موقع بترا نت بدا مؤخرا في تحقيق قفزات في عدد المستخدمين متفوقا بسرعة على ارام ورم ومقتربا من المواقع الاخرى على رغم من انه موقع حكومي تابع لوكالة الانباء الرسمية، كما انه لا يمتلك خاصة الرد والتعليق على المواد المنشورة بخلاف المواقع الاخرى، والامر يفسر بكونه موقع رسمي لا يحبذ التعامل والمشاركة التفاعلية بما قد تجلبه من مشكلات ووجع رأس، في حين يلاحظ ضعف عدد الردود على موقع آرام قياسا بالمواقع الاخرى.
الصحف اليومية
تحتل صحيفة الرأي اليومية الموقع الاول بلا منازع بين كل المواقع المحلية وقد بلغ تصنيفها 2.501 على الشبكة والموقع الثاني عشر من حيث عدد زواره في الاردن بعد المواقع العالمية مثل غوغل ياهو وموقع كورره ويوتيوب ومكتوب. وقد بلغت نسبة مستخدمي موقع الرأي على الشبكة كتالي: من الاردن 49.1%، ومن الامارات العربية 7.6%، و 3.5% من الولايات المتحدة، و 3.2% من السعودية، و 3% من فلسطين.
يلي "الرأي" موقع صحيفة "الغد" وبلغ تصنيفه 5818، وكانت نسب الاستخدام كتالي: 65.4% من الاردن، 4.9% من فلسطين، 4.6% من السعودية، 4.5 من الامارات العربية، و3.75 من مصر.
وكان التصنيف بالنسبة لموقع صحيفة "الدستور" 7.846، رغم انه الموقع الاقدم لصحيفة محلية على الشبكة، غير ان تصميم الموقع، وبطء التجديد وعدم تحميل كافة مواد الصحيفة خاصة بالنسخة النصية وعدم توفر ميزة التعليقات وضعف علمية البحث أدت الى إبقاء الموقع في ترتيب متأخر عن الرأي والغد.
وكانت نسب مستخدمي موقع الدستور على النحو التالي: من الاردن 57.8%، من مصر 10.1%، 7.8% من الامارات العربية، 4% من السعودية، 301% من قطر.
واحتل موقع صحيفة "العرب اليوم" تصنيفا بلغ 19.604، غير ان موقع الصحيفة مرتبط مع موقع "بتلكو جوردان" يتشارك معه التصنيف، ومع ذلك فان نسبة 24% من مستخدمي الموقع يتصفحون العرب اليوم، ما يعني ان تصنيف موقع الصحيفة لو كان منفردا سيحتل ترتيبا اقل بنفس النسبة.
وكانت نسب مستخدمي الموقع كتالي: 76.65 من الاردن، 4.2% من السعودية، 2.75 من الامارات العربية، و1.6% من مصر.
الصحف الأسبوعية
من اللافت للنظر ان مواقع الصحف الاسبوعية الاردنية متأخر جدا، بحيث لا يمكن التعويل عليها. ففيما بلغ تصنيف صحيفة "السبيل" 406.002، كان بالنسبة لصحيفة الحدث 505.537. بمعنى انها لم تصل بعد لتصبح بين المواقع المائة ألف الاولى على شبكة الانترنت. رغم قدم تدشينها على الشبكة ورغم ان صحيفة السبيل مثلا يتم تجديدها يوميا وتعبر عن تيار سياسي كبير.
أي معنى تحمله الارقام
من النافلة القول ان المستخدم الاردني مهتم جدا بأخبار الاردن فكلما زاد مضمون الموقع التحريري من الاخبار المحلية ارتفعت نسبة المستخدمين من البلد وخارجه حيث يوجد مغتربين اردنيين، وهذا ربما ما جعل من صحيفة الرأي الاولى وبعدها الغد وما جعل نسب الاستخدام مرتفعة لكل المواقع من الاردن بغض النظر احيانا عن ارتفاع سقف حرية الموقع او انخفاضه.
اسهم تجديد الموقع باستمرار في زيادة عدد المستخدمين وهذا ممكن ملاحظته مع صحيفتي الرأي والغد اكثر من غيرها حيت تحرص الصحيفتان على تجديد الاخبار بشكل دائم وانزال مواد كل الصحيفة الورقية على الموقع بخلاف الدستور مثلا وبطء المواقع الاخرى او عدم قدرتها على تحميل كم كبير من الاخبار المتعلقة بالشأن المحلي كموقع عمان نت او عمون الانتقائيتين في تقاريرهما.
تسهم ميزة الردود والتعليقات على جلب عدد كبير من الزوار بما توفره من شعور بالمشاركة لدى المتلقي، وهو ربما ما جعل وكالة عمون وراديو عمان نت وصحيفة الغد والعرب اليوم تحقق بعض التقدم مقابل المواقع التي لا يوجد فيها هذه الخاصية.
وفي هذا السياق، لا بد من تسجيل ملاحظة ان اغلب المواقع تفرض رقابة شديدة على التعليقات، مثل موقع عمون الذي كثيرا ما يشتكي المعلقين من تجاهل لردودهم او التدخل فيها. وفيما نلاحظ بطء الصحف اليومية والمواقع الاخرى في تحميل الردود يسجل لعمان نت سرعة التحميل وتخفيف الرقابة وتقبل النقد السلبي.
وفي هذا السياق ايضا، يجدر بالذكر السابقة الخطيرة التي سجلها مدعي عام عمان الخميس الماضي عندما امر موقع عمون بعدم تحميل تعلقيات وردود المستخدمين على خبر اعتقال النائب السابق احمد عويدي العبادي، وهي سابقة خطيرة تؤشر على مزيد من التدخل في عمل المواقع الاعلامية على الشبكة من ناحية، كما تظهر قصورا في نظر بعض الجهات الحكومية حين تحاول التضييق على المواقع المحلية، فاذا كانت وكالة عمون قد صدعت لامر المدعي العام فهل سوف تصدع مواقع اخرى خارج البلد لهذا الامر، وهل ستقوم الحكومة بمراقبة الشبكة لضبط أي رد خارج عن ما تريد؟؟.
على كل، لا زال المشوار المواقع الالكترونية في الاردن طويلا، ولا زلنا في بداية الطريق امام الصحافة الالكترونية، فجميع المواقع التي تم استعراضها لا زالت بعيدة عن مفاهيم هذا النوع الجديد والرائد من العمل الاعلامي خاصة في استخدام الوسائط المتعددة والتفاعلية وتجديد المضمون التحريري المستمر، ناهيك عن توفير مضمون اصلي يلتزم معايير مهنية صحفية، وسرعة الانجاز، والروابط الداخلية والخارجية، والاستفادة من ميزات الانترنت في معالجة الاخطاء ومتابعة الاخبار والتقارير المفتوحة، وتوفير مادة ارشيفية مساندة ومعلوماتية.
يبقى ان كل المؤشرات تدلل على ان الانترنت بات منافسا حقيقيا للصحافة الورقية فأرقام مستخدمي المواقع كبيرة جدا وتبلغ بالملايين لصحف مثل الرأي والدستور والغد، أرقام أي منها أكثر من توزيع النسخ الورقية "الهزيلة"، والاكثر ان متابعي او مستخدمي أي موقع مهما كان بات يتخطى ارقام قراء الصحف ومشاهدي التلفزيون المحلي، فهل نشهد مزيد من تطوير الاعلام الالكتروني؟؟.

أضف تعليقك