المنافسة القادمة فـي صناعة الإسمنت

الرابط المختصر

على الطريق خلال سنة مصنع جديد للإسمنت في الشمال، ومصنع ثانٍ في القطرانة جنوب عمان، ونصف مصنع ثالث سيقام في الأردن لتحويل الكيلنكر المصنوع في الجانب السعودي من الحدود إلى إسمنت جاهز. وبذلك يصبح لدينا أربعة مصانع تبيع الإسمنت، مما سوف يفتح الباب لمنافسة شرسة.

كانت شركة مصانع الإسمنت الأردنية دائماً قادرة على تلبية متطلبات السوق الأردنية حتى في ظروف ذروة نشاط الإنشاءات. وكانت قادرة على تصدير كميات متفاوتة من الإسمنت إلى فلسطين وسوريا والسودان وغيرها في الظروف العادية. أي أن السوق الأردنية كانت مكتفية ذاتياً ومشبعة من هذه المادة الإستراتيجية حتى قبل قدوم المصانع الثلاث الجديدة، وليس من المتوقع أن يتوسع سوق الإسمنت كما توسع سوق الاتصالات ليسمح بتعايش ونمو عدة شركات تؤدي نفس الخدمة، بل إن نشاط الإنشاءات مرشح للتباطؤ.
ليس من المحتمل أن يكون هدف الصناعات الإسمنتية الجديدة المزمع إقامتها هو التصدير، فالإسمنت ليس مادة تصديرية أساساً، بسبب كلفة الشحن العالية لارتفاع الوزن بالنسبة إلى الثمن، وما يتم تصديره هو فائض الإنتاج، ويباع بأي سعر يغطي الكلفة المباشرة.
لو كان الهدف من هذه المصانع العربية هو التصدير لكانت قد أقيمت في بلد نفطي، حيث الطاقة الرخيصـة، وليس في الأردن حيث أسعار المحروقات والكهرباء عالية جداً وتشكل 70% من تكاليف الإنتاج المباشرة.
ربما كان الحافز الأول للصناعات الجديدة ما لاحظته من ربحية عالية لشركة الإسمنت القائمة، الأمر الذي أمكن أن يتحقق في ظل انفراد الشركة في السوق، لكن على الصناعات الجديدة أن تتوقع منافسة قوية، ليس في نوع المنتج وجودته فقط، بل في سعره أيضاً. ومن الطبيعي أن تلجأ شركة الإسمنت الحالية لتخفيض أسعارها بشكل حاد لحماية حصتها من السوق المحلية، وهي الأقدر على ذلك لانخفاض تكاليفها، فليس عليها ديون، والجزء الأكبر من موجوداتها الثابتة مستهلك حسابياً، ولديها احتياطات مالية تسمح لها بالاستمرار في توزيع الأرباح على المساهمين حتى لو هبطت بأسعار مبيعاتها إلى مستوى الكلفة، لتضطر المنافسين إلى البيع بأقل من الكلفة المباشرة وبالتالي تحقيق خسائر.
السياسة الصناعية في الأردن تأخذ بترك الباب مشرعاً على مصراعيه للمنافسة، حيث يصمد الأقوى والأفضل، شريطة التعامل مع الجميع على قدم المساواة. ونحن نتوقع منافسة قوية في سوق الإسمنت سوف يستفيد منها المقاول والمستهلك، ولكن هناك ضحايا سوف تسقط، ورؤوس أموال سوف تهدر.

*نقلا عن الرأي الاردنية