المعركة الاعلامية على اشدها في الاردن والاعلامين جزء منها

المعركة الاعلامية على اشدها في الاردن والاعلامين جزء منها
الرابط المختصر

حاول الملك في المقابلة التي اجرتها وكالة "بترا" معه قبل اربعة ايام ووصفتها الصحفية رنا الصباغ بـ"خطاب الحسم"، ان يضع النقاط على الحروف وان يوقف سيل المعركة الاعلامية بين الصحفيين المؤيدين للتيار "الليبرالي" في البلد المتهم "ببيع املاك الدولة" وبافقار الشعب لصالح فئة ضد اخرى وبرفع الاسعار الصحفيين المؤيدن لمن يوصوفوا بـ"المحافظين" من رجال العهد القديم المتهمين بعرقلة الاستثمار لدوافع شخصية اساسا...

على أي حال، اذا كانت "المعركة الاعلامية" هذه بحسب وصف عدد كبير من الصحفيين، تناولت عناوين عدة منها: بيع املاك الدولة و الولاية العامة للحكومة وعلاقات الاردن الخارجية خاصة مع اسرائيل الان ان قضية الغلاء وارتفاع الاسعار كانت القضية الابرز التي تركز عليها النقاش والتي "استخدمها" الصحفيون المناؤين للخط "الليبرالي" مما جعلهم يهيمنون على :" الوعي الاجتماعي و القدرة على التحشيد"، بحسب وصف الصحفي ناهض حتر.


ويبدو ان الملك عبدالله الثاني لمس بوضوح مدى تأثير ارتفاع الاسعار على المزاج الشعبي فجعل منها القضية الابرز والمدخل لكسب "قلب" الشعب في مقابلته وحرمان المناهضين لسياسة حكومته من العزف على الوتر الحساس للناس، قائلا:" من الإنصاف أن نقول أن الأسعار المرتفعة هي التي تشغل بال كل واحد منا".


مضيفا: "تظل الأسعار قضية تستحوذ على تفكيري، وتقلقني كثيراً لما تمثله من تحد هائل لغالبية الأردنيين، وتثقل كاهلهم."
لقد بدى انحياز اغلبية الصحفيين الى احد التيارين خلال الفترة الاخيرة، خاصة بعد تشكيل الحكومة، واضحا جدا.
لا بل ان بعض المواقع الالكترونية خرجت عن كل مهنية العمل الصحفي تماما لتنقل انباء غير مؤكدة واشاعات استخدمت كأسلحة في صراع مركزي القوى،


يرى الصحفي ايمن الصفدي :"أن وراء كل صحافي مستأجر شخص أو مؤسسة تستأجره. وكثير من الصحافيين الذين يروجون الإشاعات ويكرسون الرفضوية يعملون لصالح مسؤولين يشترون أقلامهم ويوظفونهم في معارك مصالحية تتضرر من تداعياتها البلد."


ويقول نبيل الشريف رئيس تحرير صحيفة الدستور:"أي اعلام هذا الذي يجيز النشر والتداول دونما تمحيص في الحقائق والمعلومات؟ وأي اعلام هذا الذي يضع أعراض الناس وكراماتهم على السفود لمجرد أنهم يشغلون مواقع عامة؟".
ويضيف الشريف :"الطامة الكبرى أن البعض يعتقد أن هذه هي حرية الصحافة ، والحرية من ذلك براء.. بل ان هذه التطاولات التي ترتكب تسمى في العرف الاعلامي جرائم ضد حرية الصحافة ، لانها توغر صدر المجتمع ضد هذه المكتسبات وتجعل الانقضاض عليها سهلا..


مطالبا بتحرك :" الصحفيون ضد هذه التجاوزات وأن يفعّلوا مواثيق الشرف التي علاها الغبار وأن يسنوا ضوابط مهنية ملزمة أخرى لوسائل الاعلام المختلفة. فلا يشرف أحد منا أن تتحول وسائل الاعلام من أدوات للبناء والاعمار الى معاول للهدم والدمار".


رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور يتفق مع ما ورد في مقابلة الملك حول الاعلام ويقول لـ"راديو البلد":" ان كل ما ورد في مقابلة الملك عن موضوع شخصنة الاعلام واغتيال الشخصيات والاستناد الى الاشاعات .. الخ، صحيح وهو حديث  قديم متجدد."


ويضيف منصور:" كانت لنا معاناة سابقا الصحف الاسبوعية التي كان بعضها يلجأ الى الابتزاز واغتيال الشخصيات ونشر الاشاعات، ويبدو ان هذه العدوى انتقلت الان الى بعض المواقع الاكترونية التي استغل اصحابها بعدهم عن المسؤولية القانونية للممارسة الانحيازات والتحريض ونشر الاشاعات.. الخ."


ويرى منصور ان الامر لم يعد مقتصرا على هيئات تحرير هذه المواقع وانحيازاتها بل تعداها الى التعليقات التي تركت على الغارب لجلد الاخرين واشاعة الاشاعات".


ويرى منصور ان الواقع الاعلامي بهذه الصورة يدعو الى مطالبة المؤسسات الاعلامية بوضع "مدونات سلوك" للعاملين فيها تضع حدا لمسألة "شراء الذمم" التي يمارسها بعض السياسين والحكومات.


لكن منصور يستدرك قائلا:" ليس كل اللوم يقع على الصحفيين، بل ان الحكومات التي تحارب حق المواطن في الحصول على المعولمات وتعادي مبدأ الشفافية تسهم بشكل كبير في نشر الاشاعات والاكاذيب."


كما يرى رئيس مركز حماية وحرية الصحفيين ان هناك اتجاهين يتصارعان الان حول "ضبط" الواقع الاعلامي. الاول يدعو الى عادة النظر في القوانين والتشريعات ومواثيق الشرف بهدف التضييق على الحريات الاعلامية متذرعين بما يجري. والاتجاه الاخر الذي يرى ان توسيع مدى الحريات وتوفير التدريب المناسب للصحفيين من اجل الارتقاء بمهنيتهم ووضع "مدونات سلوك" من قبل المؤسسات الاعلامية نفسها بدون الزام من أي جهات حكومية هي الطريق لتخليص الاعلام الاردني من عثراته.


يخشى عدد كبير من الصحفيين من استغلال الحكومة وبعض النواب المحافظين لهذا الواقع الاعلامي لسن تشريعات وقوانين تضع قيودا على حرية التعبير، حيث تشير معلومات تسربت من اجتماع عقده بعض النواب على "دعوة غذاء" في منزل النائب عبدالرؤوف الروابدة الى "المطالبة" بتدخل الملك وحتى الاجهزة الاعلامية لضبط "الانفلات الاعلامي" بحسب وصفهم وبحسب ما قاله لنا مصدر اعلامي موثوق رفض الافصاح عن اسمه.


ويبدو ان "تشخيص" الملك عبدالله الثاني لواقع الاعلام فتح شهية البعض للمطالبة بتفعيل القوانين ومواثيق الشرف التي تضع قيودا على الصحافة ربما باكثر مما تضعها القوانين. لكن يبدو ان الملك ادرك هذا الامر فورا ما جعله يؤكد على حرية التعبير والتعدد عبر التعليق على موقع جريدة الدستور الالكترونية ومدونة   Black Iris    وهذه تعتبر سابقة في العرف الملكي مثلها مثل المقابلة.


على ان " خطاب الحسم" الملكي لم يحسم "المعركة" التي استمرت مستعرة خاصة على المواقع الالكترونية وبعض الصحف الاسبوعية ويومية "العرب اليوم" الى حد كبير.


السؤال: اي الاتجاهين، الذين وصفهما منصور، سوف ينتصر. الاتجاه الداعي الى مزيد من الرحيات ورفع المهنية وسن مدونات سلوك تحد من شراء الذمم والفساد في الوسط الصحفي الذي يخلق هذا الاصطفاف ام الاتجاه "المحافظ" المتربص بحرية الصحافة؟


من الصعب الجزم بهذا وان كانت هناك تجارب سابقة استغل فيها مجلس النواب المحافظ وبعض الحكوميين الامر وسنوا تشريعات مقيدة، واحيانا ضد الرغبة الملكية كما كاد يحصل او حصل فعلا عندما ناقش مجلس النواب قانون المطبوعات والنشر مصرين على الابقاء على عقوبة حبس الصحفييين التي استبدلت بعقوبات مغلظة بعد تدخل الملك اكثر من مرة. هل سيجني الاعلام على نفسه كجناية براقش، الايام القادمة جديرة بالاجابة على السؤال.