المشهد الانتخابي قبيل الساعات الأخيرة
يتوجه غدا الثلاثاء نحو 2,5 مليون ناخب وناخبة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 110 عضوا يشكلون مجلس النواب الخامس عشر والخامس منذ الانفراج الديمقراطي عام 89.
وتجري الانتخابات يوم غد وسط غياب حزبي وإقبال عشائري ملموس و"قانون انتخاب إشكالي" انتقدته أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وشخصيات سياسية مستقلة، فضلا عن أن جلالة الملك وجه الحكومة في أكثر من مناسبة إلى ضرورة تقديم تصور لقانون انتخاب جديد.
وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والحركة الإسلامية التي أعلنت عن تخوفها مما أسمته "التزوير" من خلال عدة شواهد منها عمليات النقل وتكرار التصويت، وصفت الحكومة من خلال الناطق الرسمي اتهامات الحركة بـ"الفارغة"، ولا تقوم على أساس.
وكانت الحركة الاسلامية (الحزب السياسي الوحيد الذي يخوض الانتخابات النيابية بقوام 22 مرشحا) قد سحبت كافة مرشحيها من الانتخابات البلدية التي جرت في الحادي والثلاثين من تموز الماضي احتجاجا عما وصفته "تزوير حكومي" ضدها.
وتقلص عدد المرشحين للانتخابات النيابية من 1005 ألف إلى 885 ناخب وناخبة منهم 199 مرشحة يتنافسون في 45 دائرة انتخابية، خصص لها 3995 صندوق اقتراع.
وقسمت عمان إلى سبعة دوائر انتخابية ومنحت 23 مقعدا، واربد إلى تسعة دوائر و16 مقعد، والبلقاء إلى أربعة دوائر وعشرة مقاعد والكرك إلى ستة دوائر وعشرة مقاعد ومعان إلى ثلاثة دوائر وأربعة مقاعد والمفرق إلى دائرة واحدة وثلاثة مقاعد والطفيلة إلى دائرتين وأربعة مقاعد والعقبة إلى دائرة واحدة ومقعدين والزرقاء إلى أربعة دوائر وعشرة مقاعد وجرش إلى دائرة واحدة وثلاثة مقاعد وعجلون الى دائرتين وثلاث مقاعد ومادبا إلى دائرتين وأربعة مقاعد ودوائر بدو الوسط والجنوب والشمال المغلقة إلى ثلاث دوائر وتسعة مقاعد.
يرى مراقبون أن مجلس النواب القادم الذي تنتظره العديد من الملفات الساخنة "غير الشعبية" أبرزها رفع أسعار الخبز والمحروفات فضلا عن إصلاحات اقتصادية ستؤثر في بنية الاقتصاد الاردني، سيكون نسخة مكرورة عن المجلس السابق الذي حظي بانتقادات واسعة من الشارع ومن دوائر صنع القرار.
طغى "المال الانتخابي" على اغلب الحملات الانتخابية وبات الحديث عن بيع الصوت يتردد في كافة الصالونات السياسية والحزبية والحكومية، فضلا عن فشل الحكومة الحكومة في وضع حد أو ضوابط لعمليات شراء الذمم رغم أن قانون الانتخاب افرد نصا واضحا حول هذا الموضوع.
يرى مراقبون أن البرلمان المقبل سيكون مزيجا من العشائريين والمتقاعدين العسكريين والتجار والمقاولين وبعض الحزبيين والقليل جدا من الإصلاحيين.
ويعتقدون أن الخامس عشر الجديد في ظل ثورة "المال" التي طغت على مرشحيه، سيعكس مصالح ضيقة لفئات من أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين الذين سيجهدون من اجل تمرير القوانين المتعلقة بمصالحهم.
ومنح قانون الانتخابات الحالي الذي جرت بمقتضاه الانتخابات النيابية السابقة المراة ستة مقاعد إضافية يتم احتسابها وفق إلية عدد الأصوات والناخبين في كل دائرة، كما أبقى القانون على وجود كوتات للشركس والشيشان خصص لها ثلاث مقاعد وزعت على عمان الخامسة والسادسة والزرقاء الأولى، وأخرى للمسيحيين خصص لها تسعة مقاعد في كل من الزرقاء الأولى عمان الثالثة وعجلون الأولى ومادبا الأولى والكرك الأولى والكرك الثانية والبلقاء الأولى مقعدين واربد.
واستكملت الحكومة استعداداتها من حيث تجهيز مواقع الاقتراع والصناديق، مدخلة لأول مرة الربط الالكتروني في عملية الانتخاب، وأجرت وزارة الداخلية تمرينا تجريبيا على الربط الإلكتروني، شمل جميع مراكز الاقتراع والصناديق، وهي التجربة السادسة التي تجريها الوزارة منذ قررت اعتماد الربط الإلكتروني.
واتخذت الأجهزة الأمنية كل ما يلزم من إجراءات لضمان سلامة الانتخابات والمواطنين مرشحين وناخبين من خلال نشر أكثر من 40 ألف عنصر امن، كما تم تأهيل 40000 موظف للإشراف على عملية الانتخاب والفرز.
وأعاد الناطق الرسمي باسم الحكومة ناصر جودة تأكيد التزام الحكومة إجراء الانتخابات بكل نزاهة وشفافية ويسر، وأنها تقف على مسافة واحدة من مختلف المرشحين، بصرف النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم السياسية.
وأعلن المركز الوطني لحقوق الإنسان رفضه قرارا حكوميا بلغه أول من أمس بعدم السماح للفريق الوطني للمراقبة حضور عملية جمع الأصوات النهائية ومتابعة عملية الاقتراع من أبواب غرف الاقتراع. مؤكدا نيته التوجه إلى مراقبة الانتخابات بسائر الوسائل التي كفلها له قانونه.
واستهجن المركز في بيانه الموقف الحكومي من عدم سماحه لفريق المتابعة، الذي تم إعداده وتدريبه من المركز ويتألف من 150 مراقبا، حضور عملية جمع الأصوات النهائية، إلى جانب اقتصار متابعة المراقبين لعملية الاقتراع بالنظر من أبواب غرف الاقتراع من دون السماح لأعضاء الفريق بالدخول والجلوس في غرف الاقتراع، بذريعة أن هذه الغرف لن تتسع إلا لمندوبي المرشحين فقط، خلافا لما تم الاتفاق عليه مع الحكومة سابقاً.
وقال المنسق العام للانتخابات النيابية لعام 2007 المحافظ سامح المجالي، إن المركز الوطني لحقوق الإنسان استلم مساء أمس البطاقات التي تخول مندوبيه متابعة العملية الانتخابية، استنادا للاتفاق الذي جرى بين رئيس لجنة الانتخابات العليا وزير الداخلية عيد الفايز، وبين مفوض عام المركز شاهر باك، قائلا إن المركز تسلم 150 بطاقة لأعضاء الفريق الوطني الذي سيتجول في مراكز الاقتراع والفرز، ما اعتبره قبولا للاتفاق الذي تم بين الوزير الفايز والمفوض باك.
وكان الاتفاق مع المركز الوطني يخول مندوبي الفريق الوطني التواجد في مراكز الاقتراع والفرز من دون أن يوجه أعضاء الفريق أي سؤال للمندوبين والناخبين في المكان المخصص لهم للإطلاع على عملية الاقتراع.
وعكست الحملات الانتخابية وبيانات المرشحين صورة المجلس المقبل الذي يعتقد بأنه سيغرق في "الخدماتية والمحسوبية" دون النظر إلى الدور التشريعي الذي يجب أن يقوم به أو الدور الرقابي المناط بمجلس النواب، وسيكون مزيجا من العشائريين والتجار والرأس ماليين والمقاولين وبعض الحزبيين.
غابت عن اغلب مرشحي المجلس إلا ما ندر القضايا الأساسية مثل الفقر والبطالة وطرق معالجتها، وغرقوا في الحديث عن العموميات حينا والقضايا الخدماتية أحيانا أخرى.
وابتعدت الأحزاب "معارضة ووسطا" عن حلبة المنافسة باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي الذي قدم قائمة قوامها 22 مرشحا في 18 دائرة انتخابية والتيار الديمقراطي الذي قدم 9 مرشحين فقط من المؤازين وليس المتحزبين.
يرى البعض أن مخرجات الانتخابات البلدية التي جرت في الثلاثين من تموز الماضي عكست نفسها على الانتخابات الحالية من حيث الشفافية والنزاهة والتخوف وتكرار المشهد البلدي.
وتشكك أحزاب في نجاعة الربط الالكتروني في الانتخابات متخوفة من إمكانية اختراقها، إضافة إلى وجود أسئلة استفهامية على عملية النقل التي تمت لمئات الألوف من الأسماء.











































