المستقبل الأردني وكلمة السر
في سجال الهوية ثمة من يتحدث بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة من شأنها قطع الطريق على مؤامرة الوطن البديل بصرف النظر عن خطورة مثل هذه الاجراءات على الاستقرار الداخلي وتأثيرها على الامن المجتمعي،خصوصا وان لدى العدو المتربص نوايا وعزم لنقل ازمته الى الاردن من خلال اختلاق فتنة عمياء بين ابناء الوطن والمصير الواحد ،وهناك من يتحدث بضرورة نزع المحرضات الداخلية المؤهلة لتشكيل بيئة مناسبة لاثارة الفتنة على خلفية هوية الاردن كاعادة النظر في التباينات بين الاردنين في الحقوق المدنية والسياسية ،لمنع تحول شعور بعض الفئات بالظلم الى صاعق تفجيروقنبلة موقوتة تستغلها القوى الساعية للانقضاض على حق العودة ويأتي في هذا السياق الحديث عن التوطين وتمرير مؤامرة الوطن أو النظام البديل، بصرف النظر عما يشكله ذلك من خطورة على مبدأ حق العودة وما يمثله عملياً من ترجمة لطموحات ايجاد دولة فلسطينية خارج فلسطين التاريخية ،وهنالك من يدفع باتجاه تجاهل هذه القضية بمبرر عدم امكانية الموازنة بين الاتجاهين السابقين،اذ ان الاستمرار في احدهما يأتي بالضرورة على حساب الاخر ولذلك فهذا الاتجاه يحبذ الاستمرار في التعبير بلغة الشعارات الجميلة فاقدة المضمون والمحتوى على الرغم مما يمثله التغافل من خطورة انتظار تحرك خارجي قاهر يتم تمريره في غيبة برنامج داخلي خصوصاً في ظل الاجواء المشحونة في هذه المرحلة التي تتسم بتنامي مؤشرات متظافرة على وجود مؤامرة تحدق بالاردن وفلسطين وتستهدف الجميع.
في الاثناء تستخدم نخب سياسية تقليدية ومن اتجاهات مختلفة قميص عثمان هذا لاهداف نفعية ذاتية ضيقة فلا يخفى على من يقرؤون خلف السطور وجود ماكنات تدفع عوام الناس باتجاهات محددة وتمارس لعبة التحريض على خلفية بث الفتنة لاكتساب حضور سياسي واجتماعي،وبما يعبر بالضرورة عن صراع ضمن دائرة النخب التقليدية على طرق احتواء متغيرات اقليمية،في حين تعجز مؤسسات الدولة المصنوعة بالفك والتركيب والتي تتسم باللغة الفردية وتفتقد بالنتيجة لارادة سياسية تمثيلية جامعة تقدر المسؤولية وتتحسب لنتائج أي موقف تتخذه،تعجز عن اتخاذ مواقف حاسمة وتستمر في لعبة التسويف والمماطلة بما يزيد من ثمن اتخاذ أي موقف باستمرار الترحيل وبما يفاقم من حالة الحساسية الشعبية والغليان المؤهل للتصادم مع أي تغيير من أي نوع وفي أي اتجاه كان.
صحيح ان المسألة معقدة بحد ذاتها فكيف اذا كانت بين يدي اطراف طامحة وتفتقد الى المسؤولية الوطنية وفي ظل ظرف اقليمي ضاغط وعدو طامع وقوى متكبرة تسعى لتصفية القضية الفلسطينية على حساب فلسطين والاردن،وكل هذا يجري وسط تنامي المخاوف المشروعة والمصنوعة على المستوى الشعبي والرسمي وفي كل المستويات
لست بصدد تقديم وصفة سحرية في هذا الظرف الذي اقدر خطورته البالغة،غير ان عقداً اجتماعياً جديداً قادر على الوصول الى مثل هذه الوصفة،واقصد بالعقد الاجتماعي توافق كل اطراف المعادلة الداخلية على صيغة يتم من خلالها التراضي والقبول بنظام شوري ديمقراطي ممثلا لقوى المجتمع وتياراته السياسية والاجتماعية وينجز جميع الحقوق المدنية والسياسية للأردنيين دون وصاية سلطة استبدادية استمرأت الفساد والافساد واحتكرت النفوذ والسلطة والقرار،اذ انه لا فرصة للأبوية والوصاية او التعسف في تحقيق نتائج ايجابية في مثل هذا الشأن.
الهوية والدور متلازمة لا يمكن فصلها فاذا كان الحديث عن دولة وظيفية حامية للكيان الصهيوني ومستضيفة لازمته الديموغرافية متساوقة مع المشروع الصهيوني ومع نصوص اتفاقية وادي عربة في التوطين وحصر الممنوع بالهجرة القسرية ( ما يعني السماح بالهجرة الناعمة ) تقوم على عنوان تأمين الخدمات اللوجستية ففي هذه الحال لن تحصل الفئات المطحونة في المجتمع سوى على فتات الموائد ولن يكون هنالك ثمة معنى لاي لون من الوان الهوية سوى العبث بمشاعر الناس وولاءاتهم الاولية،اما اذا كان المقصود دولة مواجهة للمشروع الصهيوني التوسعي يجتمع فيها الباحثون عن تحرير الارض والمقدسات فالهوية في هذه الحال هوية اسلامية عربية أردنية وحدوية،تنخرط بكل مكوناتها في مشروع مناجزة العدو الصهيوني،وتسعى بكل اطيافها الاجتماعية لاستعادة الارض الاردنية الفلسطينية المحتلة،واستعادة الحقوق التي سلبها الاحتلال جميعها.
علينا ان نحسم كمجتمع خياراتنا بين ان نكون اسياداً في صناعة المستقبل واستقلال القرار وعندها يكون تناقضنا مع العدو او عبيداً نتذابح بكافة مكوناتنا خدمة لاهداف العدو وممالئيه،وعليه فلكي نعيش بكرامة يمكننا التنافس على التضحية والاقدام وليس على ادوار لحساب الاخر مقابل عناوين مفرغة من المضمون.
قد يتبادر لاذهان البعض ان طروحات كهذه قد لا تتجاوز حدود النرجسية هذا ان استبعدوا الحقيقة السياسية التي لا يماري فيها عاقل بان وحدة وترابط ابناء أي دولة انما يتحقق بادامة حشد الطاقات كافة في مواجهة عدو خارجي ،وفي كثير من الاحوال يتم صناعة العدو الخارجي للحفاظ على تماسك مكونات الدول فكيف بحالتنا ونحن نواجه عدوا حقيقيا مجرما قتل منا الشهداء وجرح الابرياء وقهرالرجال في السجون والمعتقلات ولنا معه ثارات لن تطفأها ألاعيب التسوية ومحاولات تقسيم الخلق وبث بذور الفوضى والفتنة.
الفرصة الان متاحة ومواتية لتصويب هيكلي يعيد للشعب الاردني بمجموعه الاعتزاز بهويته الجامعة ويشكل انموذجا للوحدة والاصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي ويعيد للمواطن تأثيره ووزنه ،وربما يغير من شكل الاردن وسياساته الخارجية لجهة تعزيز الانتماء العربي والاسلامي ومواجهة العدو التوسعي.
اخيراً فكلمة السر في الحل اننا موحدون متحابون متكافلون طالما واجهنا العدو ودفعنا بكل ما نملك في سبيل هذه المعركة المصيرية المفروضة علينا في الماضي والحاضر والمستقبل شئنا ذلك ام أبينا، ولن يكون ذلك على حساب التنافس المنضبط باخلاق المجتمع وقيم الفروسية في ادارة التنوع والاختلاف ويتجاوز المكاسب الشخصية والحسابات الضيقة ومعادلة الاقطاع السياسي والدولة الحارسة والضابطة العدلية والقرار الامني,اما اذا شرعنا في البحث عن المكتسبات والادوار والمواقع والتعويضات فهذا هو الخنجر الذي سنغرسه في جسدنا ويطال من دماء أبنائنا جميعاً ليصب فقط في صالح مصاصي الدماء الصهاينة ومن خلفهم.
ابناء المجتمع المخلصين وحدهم يمتلكون زمام المبادرة ولقد حان وقتها,فهل سيطول الانتظار.











































