المرصد العمالي: تراجع شروط العمل اللائق رافقها تراجع في قانون العمل

المرصد العمالي: تراجع شروط العمل اللائق رافقها تراجع في قانون العمل
الرابط المختصر

طالب المرصد العمالي الأردني، الحكومة ومختلف أجهزة الدولة الأردنية، أن تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي تواجه عمال الأردن وسوق العمل، عند رسمها وتنفيذها للسياسات المختلفة وخاصة السياسات الاقتصادية، لتصب بمجملها في زيادة فرص العمل الجديدة واللائقة، وإعادة النظر بسياسات الأجور المتبعة وإعطائها بعداً قيمياً اجتماعياً، وعدم التعامل معها باعتبارها كلفة فقط، وإعادة النظر بنصوص قانون العمل بحيث يصبح متوائما مع الحقوق والمبادئ الأساسية في العمل المتعارف عليها دولياً.

 

 

وقال المرصد العمالي الأردني، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية في ورقة تقدير موقف أصدرها اليوم، بمناسبة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من أيار من كل عام، في الوقت الذي يحتفل فيه عمال العالم والعمال في الأردن بيوم العمال العالمي، كمناسبة تجسد نضالات وجهود العاملين بأجر لتحسين شروط عملهم وفق معايير العمل اللائق وشروط العمل العادلة والمرضية المتعارف عليها دوليا، قامت الحكومة الأرنية بتشجيع مجلسي النواب والأعيان بإجراء تعديلات على قانون العمل تشكل انتهاكات صارخة على حقوق العاملين في الأردن في تشكيل نقابات واجراء مفاوضات جماعية، وبذلك تم احكام السيطرة على الحركة النقابية الأردنية، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة الى تراجع مختلف مؤشرات العمل ويزيد من مساحة الانتهاكات العمالية في الأردن.

 

 

وبينت الورقة أن ضعف شروط العمل في الأردن نتيجة حتمية لجملة سياسات اقتصادية واجتماعية وضعتها ونفذتها الحكومات المتعاقبة، حيث لم يساعد هذا النموذج على خلق فرص عمل كافية لطالبيها من خريجي النظام التعليمي، وأدى الى تعميق مشكلات القوى العاملة الأردنية وتعزيز اختلالات سوق العمل. وأشارت الورقة أن هذا يعود بشكل أساسي للسياسات الاقتصادية التي قامت بتنفيذها الحكومات المتعاقبة بما فيها الحالية، بسبب غياب المساءلة والمحاسبة والرقابة الحقيقية، ووجود برلمانات ضعيفة غير قادرة على مراقبة أداء الحكومات. إلى جانب القيود الكبيرة المفروضة على تنظيم المجتمع لنفسه، وخاصة العمال، ليجد الأردن نفسه يعاني من المشكلات الاقتصادية ذاتها، التي كان يعاني منها عند انفجار الأزمة الاقتصادية الكبرى التي واجهها قبل ثلاثة عقود، وأطاحت بالقيمة الشرائية للدينار الأردني بشكل ملموس. وقد اعتاد المسؤولون تحميل الظروف الخارجية مسؤولية مجمل المشكلات الاقتصادية التي نعاني منها.

 

 

وأكدت الورقة أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية الحالية تشير بوضوح إلى استمرار صعوبة الأوضاع الاقتصادية، إذ بلغ معدل النمو الاقتصادي في عام 2018 بلغ 1.9%، ومعدل العجز في الموازنة العامة قبل المنح والمساعدات ما زال مرتفعاً في نهاية 2018، وارتفع الدين العام إلى مستويات قياسية قاربت 28.6 مليار دينار، ليصل الى ما يقارب 96% من الناتج المحلي الاجمالي، وهو مؤشر كبير وخطير جداً.

 

 

وأرجعت الورقة أسباب استمرار صعوبة الأوضاع الاقتصادية إلى تطبيق جملة من السياسات الاقتصادية التي اتسمت بالانتقائية نذكر منها: تحرير الأسعار الذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات، وتنفيذ سياسات ضريبية غير عادلة، إذ تزايدت الضرائب غير المباشرة وأهمها الضريبة العامة على المبيعات بنسب عالية على غالبية السلع بلغت 16%، وفرض الضرائب الخاصة بمعدلات عالية على العديد من السلع الأساسية مثل المشتقات النفطية والاتصالات، إضافة الى ضعف التمايز في معدلات الضريبة العامة على المبيعات على السلع والخدمات تبعا لدرجة أهميتها لغالبية المواطنين، في حين لا تزيد حصيلة ضريبة الدخل عن 4% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب ضعف أساليب التحصيل والتهرب الضريبي، إلى جانب أنها تقوم على أسس غير تصاعدية. وفي المجمل وصلت نسبة الإيرادات الضريبية من الضرائب غير المباشرة الى ما يقارب 75% من مجمل الإيرادات الضريبية، وهذا اختلال كبير في السياسات المالية أدى الى تعمق التفاوت الاجتماعي واتساع رقعة الفقر والفقراء.

 

 

 

كما أوضحت الورقة أن سوق العمل الأردني يعاني من انخفاض ملموس وكبير في مستويات الأجور للغالبية الكبيرة من العاملين بأجر في القطاعين العام والخاص، إذا ما أخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات، ما أدى إلى اتساع رقعة العمالة الفقيرة.

 

فالغالبية الكبيرة من العاملين بأجر لا يحصلون على أجور توفر لهم الحياة الكريمة لقاء عملهم الأساسي، وهنالك فجوة كبيرة بين معدلات الأجور التي يحصل عليها الغالبية الساحقة، وبين قدرة هذه الأجور على توفير حياة كريمة لهم. وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، هنالك تدنٍ واضح في معدلات الأجور لغالبية العاملين بأجر.

 

 

وحسب أرقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي فإن متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2017 بلغ (511) ديناراً، حيث بلغت لدى الذكور (531) دينارا شهريا، ولدى الاناث (461) دينارا شهريا، ولا تبتعد أرقام دائرة الإحصاءات العامة عن هذه المؤشرات. وعند مقارنة هذه الأرقام بمستويات الفقر في الأردن نلحظ المستوى المتدني لمعدلات الأجور هذه، وتشير الأرقام الرسمية لمستويات الفقر المطلق في الأردن الى اقترابه من 450 ديناراً شهرياً للأسرة المعيارية المكونة من ما يقارب (4.8) افراد، وعند التعمق في شرائح الأجور التي يحصل عليها العاملون بأجر، نلحظ الوضع الكارثي، اذ أن ما يقارب ثلثي العاملين في الأردن (68.4) بالمائة حسب ارقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي يحصلون على رواتب شهرية تبلغ 500 دينارا فما دون. وللأسف الشديد لا يوجد -حتى نوايا- لدى الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور البالغ (220) دينارا شهريا، وهو يقل بشكل كبير عن خط الفقر المطلق للأسرة المعيارية. وهنالك قطاعات واسعة من العاملين بأجر يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى للأجور، ويشكل انخفاض الأجور السبب الأساسي لغالبية الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها خلال الأعوام الماضية.

 

 

وأشارت الورقة إلى ان الحمايات الاجتماعية للعاملين في الأردن ما تزال ضعيفة، حيث أن تغطية المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ونظامي التقاعد المدني والعسكري لا يغطون أكثر من 60 بالمائة من القوى العاملة في الأردن البالغ عددها ما يقارب 2.6 مليون عامل حسب تقديرات رسمية. وهذا يعني أن قطاعات عمالية كبيرة غير مشمولة بأي نظام تأميني، حيث أن العاملين في الأردن وفق أسس غير نظامية وفي الاقتصاد غير المنظم تتسع باستمرار. الى جانب ذلك ما زال مشتركي الضمان الاجتماعي غير مشمولين بالتأمين الصحي، هذا الى جانب عمليات التهرب التأميني الواسعة.