المرأة الفلسطينية تشارك بقوة في معركة القدس وتأسر العالم بابتسامة تزدري الاحتلال
لن نتوقف عن الكتابة في تفاصيل ما تشهده الأراضي الفلسطينية ومدينة القدس المحتلة، ففي كل لحظة تمرّ تشهد الأراضي المقدسة آلاف الأحداث، التي تحضّ على امساك القلم والبحث في لغتنا عن مفردات تليق بحجم هذه الأحداث وعظمة ما يقوم به الفلسطينيون والمقدسيون دفاعا عن الأقصى الشريف، وحماية لتراب وطنهم.
ورغم كثافة الأحداث على الأراضي الفلسطينية، تبرز بعض التفاصيل لتفرض علينا جميعا الانتباه لها، بشكل أكثر تركيزا، وأكثر قناعة بأن هذا الشعب لا يشبه أي شعب على هذه المعمورة، لتزداد قناعاتنا بأن فلسطين يحرسها شباب وشابات لا يعرفون معنى للحياة إلاّ من خلال حريتهم وحرية وطنهم، ومواجهة المحتل بأجسادهم وأرواحهم، فهذا كل ما يملكون.
ومن أكثر ما أثار الانتباه والإعجاب، حضور المرأة الفلسطينية مناضلة، محاربة، أسيرة، جريحة، مصابة، مرابطة، وأمّ، حاضرة بكل تفاصيل الأحداث بقوّة وثبات وتميّز، لتجعل من جمالها مختلفا، جمال بنكهة الحضور القوي والنضال، فنقلت لنا عدسات الكاميرات نماذج لشابات ونساء من فلسطين والقدس، لم يغبن عن الحدث الفلسطيني وحضرن بقوة وبذات روح المقاومة والنضال عند رجال وأسود فلسطين.
حضرت منى الكرد بقوة لا يمكن وصفها بكل مفردات اللغة، فهي تحتاج لغة خاصة تحكي عن طبيعة شخصيتها وآلية طرحها لقضية حي الشيخ جرّاح، وما تزال تقاتل فهي اخت الأسير، الذي لم تنس قضيته للحظة، في كل مرة تنشر بها رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر وسائل الاعلام تؤكد على عدالة قضية أهالي الحي وهي منهم، وهي من تمكنت من أخذ تصريح من أحد المستوطنين بقوله «أنا سارق»، وطالما أكدت في حديثها لـ»الدستور» وغيرها من وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي أن حربهم حرب وجود، وهم باقون في حي الشيخ جرّاح فهذا حق لهم.
كما حضرت مريم عسّاف التي اعتقلت خلال قمع سلطات الاحتلال لتظاهرة في مدينة حيفا الداعمة للقدس المحتلة والمسجد الأقصى والشيخ جراح، وحاربت قوات الاحتلال بابتسامة أخفت خلفها ألمها من بشاعة طريقة اعتقالها، وتعمّد جيش الاحتلال إيذاءها، وضربها، فتوسدت الأرض تحمي وجهها بالكوفية الفلسطينية، فلا حامي لهم اليوم سوى فلسطين.
ولا يمكن لأحد منا أن يمر مرور عابر سبيل عن صورة السيدة التي بلغت من العمر عتيا وقد أصيبت في وجهها الذي امتلأ بالدماء خلال قمع الاحتلال الإسرائيلي والاعتداء على النساء في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وقد أعانها عدد من الشباب على تضميد جراحها، التي ملأت وجهها، لكنها مضت للمقاومة ومواجهة الاحتلال الاسرائيلي بجسدها، فهو سلاح الفلسطيني اليوم، غير آبهة بأي أسلحة من حولها، أو أصوات رصاص أو ضرب بالعصي، مضت تصرّ على حماية الأقصى الشريف، متجهة للصلاة في أولى قبلة للمسلمين، ولا ترى سوى بريق قبّة الأقصى التي يليق بها كل نضال وكفاح وأرواح، فهم لايرون في حمايته سوى المقاومة.
والمرابطة هنادي الحلواني التي لم تغادر المسجد الأقصى وبقيت مناضلة ومرابطة، اضافة لدعواتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المختلفة لصد قطعان المستوطنين، ومنعهم من اقتحام المسجد الأقصى، ونجحت بذلك في طلتها التي لم تغب عن الحدث الفلسطيني ونضالها الذي حضر في اطار الانتصارات «المقدسية» بشكل كبير.
وتحضر مريم العفيفي بقوّة ابتسامتها التي غدت حدثا هاما على مستوى عالمي، فهي عازفة الموسيقى التي لو سئلت عن أهم مقطوعة عزفتها لأجابت ما حدث لها عندما اعتقلتها سلطات الاحتلال، فبدت بطلتنا الشابة الصغيرة التي ما تزال في بدايات ربيع عمرها، حكاية نضال خارقة، تنظر للمستقبل برؤية المنتصر، والحرية لوطنها، فلا يمكن لصورة مريم أن تنسى أو تمحيها طي صفة الأيام، ففي ابتسامتها قوّة نادرة.
وفي صورة لا نبالغ إذا ما قلنا تقشعر لها الأبدان، صورة المرابطات اللاتي يمكثن في الأقصى حتى مطلع الفجر، لأداء الصلاة وقيام الليل، وحماية الأقصى من أي اعتداءات اسرائيلية، غير آبهات بصوت الرصاص واستفزازات قطعان المستوطنين ومداهمات جيوش الاحتلال، يقفن لأداء الصلاة قويّات بقوة ايمانهن برب العدل، مقدمات أرواحهن فداء لحماية الأقصى.
كثيرة هي مشاهد حضور المرأة في الحدث الفلسطيني والتي رأيناها كما العالم من خلال ما نقلته عدسات الكاميرات، صور حملت آلاف القصص النضالية، وأشكال المقاومة، والفرح بانتصارات حققنها بذات الروح الوطنية والنضالية والدينية، يحمين منازلهن والمقدسات، والأقصى الشريف، بكرامة وعزيمة لن تعرف البشرية لها مثيل.