المثقفون: نجوم أو على الهامش

الرابط المختصر

الكاتب "نجم" في الصحف اليومية؛ فإما أن يكون أو لا يكون، وإن كان فستقرأ آراءه وتعليقاته ومساهمته في أي مادة منشورة، أو لا يكون فلا اسم له ولا يعرفه احد، فهل أصبحت الثقافة حكرا على بعض المثقفين، وهل هناك حربا تشن على أسماء بعينها لمنع انتشارها؟الكاتب يعيش صراعا لأجل الاستمرارية محاولا الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء، ومن أجل هذا يقوم الكثير منهم في الوقت الراهن بالنتاج المستمر طيلة العام، وذلك على حساب المضمون كما يشير بعض النقاد ويصلوا إلى حد تشبيههم "بالدجاجة البياضة"، ومع هذا يقوم البعض بإنتاج قليل يقابله تحرك على كافة الجبهات الإعلامية، من خلال الترويج لأرائه إلى أن يصبح طرفا مكملا في أي مادة إعلامية تنشر على صفحات الجرائد أو الإذاعات والتلفزيون.



نمطية وازدواجية الموضوعات المنشورة على الصفحات الثقافية في الجرائد اليومية، ليست موضوعنا لهذه الحلقة، ولكن موضوعنا معرفة من هو المثقف الذي له نصيب الأسد في المواد المنشورة ومن هو البعيد عن لعبة الشللية والصداقات والمحسوبيات كما وصفها بعض المثقفون لبرنامج "برائحة القهوة".



هل للمثقف آراء متميزة ومتجددة ومطاطة في الثقافة تدفعه للتواجد في كل مادة صحفية منشورة، وهل هناك كتابا فضلوا الابتعاد عن الصحافة كي "لا يستنزفوا طاقاتهم الإبداعية"، أو رفضا "لواقع مر، انعكس على الصحافة وخصوصا الثقافية منها، ليدفعهم كل هذا إلى الابتعاد والانكباب على ذاتهم"، أم أن الصحفي كسول وبدون قصدية اعتمد على رأي مثقف في مادة واستسهل الرجوع إليه، أم قرأ رأي مثقف في مقالة منشورة واتصل به لأخذ رأيه اختصارا للوقت، أم أن هناك روابط صداقة قوية تجعل ذلك الصحفي "يلمّع صديقه المثقف، كي يعطيه الفرصة للوصول إلى القارئ طالما أن إبداعه غير جاذب لهم أو بالأحرى غير مقنع للقارئ وهو الذي بطبيعته ملول وغير صابر على القراءة".



"هناك أسماء ثقافية موجودة ولا تكتب للصحافة، وهي موجودة أصلا وأعدادها كبيرة".



فبالنسبة للكاتب رسمي أبو علي فإن العلاقات الشخصية تلعب دورا كبيرا في تميز مثقف عن الآخر، وبالتالي تضمن تواجده النشط في الصفحات الثقافية، "فالعوامل الشخصية تلعب دورا كبيرا بدون شك".



مبدعون يكتبون للصحف باستمرار، معروفين للقارئ والمسؤولين عن صفحات الثقافية، ومبدعين يسألون "لماذا لا يكتبون وأين هم"، ولكن هناك من يكون "مستنكفا عن الكتابة للصحف، وبرضاه" كما يقول أبو علي، ويضيف "هناك شللية تعمل على حساب آخرين، وهي موجودة للأسف في الساحة الثقافية".



هل أنت مهمش في الصحافة أم لا ؟

أبو علي: لا أعتقد أنني مهمش في الصحافة، فأنا أنشر باستمرار في أكثر من صحيفة، ولست مهمشا كما آخرين.



ولما هناك تهميش؟

يجيب أبو علي: هناك قسم يعتقد أن الكتابة للصحف تستنزف طاقاتهم الإبداعية، بينما يرى قسم آخر أنه ليس بدافع العزوف بقدر ما أنهم لا يجدون مجالا، أو أن عملية النشر مرهقة وتخضع لمعايير، ويكونوا مصدومين من أسلوب التعامل فيقطعون التواصل، وهناك فئتان؛ الأولى مستنكفة والثانية لا يعجبها الآلية التي يتم فيها النشر.



التعامل غير اللائق ابعد كثير المثقفين عن الكتابة للصحف

وتناول أبو علي أسماءً بعينها غائبة تماما في الصحف، ولكن موجودة وحاضرة في النشاطات الثقافية، "يحضرني مثلا الروائي إلياس فركوح، والذي اخذ قرارا بعدم الكتابة للصحف، ورغم أنه مرحب به في أكثر الجرائد الأردنية، وإن كان يكتب لمجلة تايكي الثقافية. وهناك أيضا الكاتب المعروف جمال أبو حمدان متفرغ للكتابة للمسلسلات التلفزيونية، فعمله بهذه الكتابة لا يتيح له الوقت لكي يكتب للجرائد".



إضافة إلى تلك الأسباب يضيف أبو علي "هناك كتابا أبعدهم الأسلوب غير اللائق من قبل الصحف، بمعنى أنه يقدم مقالا أو قصة، ولا تنشر ويأتي بعد فترة ثم يكتشف أن مواده ضاعت وأهملت، وأذكر أن هناك القاص تيسير نظمي وهو متميز لكنه لم يجد مكانا في الصحف المحلية، لكن نشاطه على ما أعتقد على شبكة الانترنت، وهو لم يعامل بإنصاف".



ويتابع "الأسماء الموجودة الآن معترف بها وحاضرة ومعروفة ولديها من المؤلفات الكثير وغالبا ما تنشر، وهناك أسماء جديدة ظهرت تنشر باستمرار وهي بالعشرات والحركة ناشطة".



أما القاص تيسير نظمي أحد الذين أغلقت الصحافة أبوابها بوجههم، يعلق لـ"برائحة القهوة" أن هذه الظاهرة موجودة منذ سنوات، "لأن الصفحات الثقافية في صحفنا لم تعد تقليدا راسخا منذ سنوات، فنظرة أصحاب الصحف كما هي نظرة المحررين للعمل الثقافي على أنها وظيفة فقط، ومع وجود محسوبيات أضف عليها، فالقائمون على الصفحات الثقافية غير مربوطين باستراتجيات وبكفاءات محددة، وأريد أن أذكر مثالا فقبل تسع سنوات حينما جاء الكاتب والروائي الإسرائيلي عامس عوز في خضم اتفاقيات السلام، قابله التلفزيون الأردني على أساس أنه باحث اجتماعي وهو روائي من أخطر الروائيين الإسرائيليين، وهذا يدل على أن الصحافة الثقافية لم تكن جاهزة لأي متغيرات تطرأ على البلد، يجب أن نعرف ماذا يدور في العالم، فالمثقف أولى أن يبّصر القارئ بمن الذي يظهر على شاشة التلفزيون الأردني مثلاً".



أما فيما يتعلق بالأسماء، يقول نظمي "لدينا أسماء في الأردن، معروفة عربيا وبمنتهى الإحراج نفاجأ عندما يأتونا الضيوف العرب ويسألوا عن بعض الأسماء والتي يفترض أن تكون معروفة في الأردن، يفاجئوا أنها غير معروفة، وابرز مثال على ذلك غالب هلسة، فهو أديب أردني معروف عربيا وفي الأردن غير معروف، فالتقصير من الصحافة الثقافية منذ سنوات، وإن كانت بعض الفعاليات التي أقيمت له في السنوات الأخيرة، لكن التقصير موجود".



تركت الثقافة لأهلها ومدّعيها

ويتحدث تيسير نظمي عن حاله، ويقول "أنا معروف عربيا لكن ليس في الأردن، فهناك جريدة وحيدة قابلتني وكان اللقاء على استحياء وتمت قصقصته. حاولت من خلال عملي في جريدة الأنباط أن أشرف على الصفحة الثقافية لكن النظرة غير الجادة للثقافة طغت، فالسياسي والمهني يطغى على كل ما هو ثقافي، وفشلت هذه التجربة وأنا تراجعت وترأست قسم الترجمة فيها؛ على أن لا أخوض في العملية الثقافية وتركت الثقافة لأهل الثقافة ولأدعياءها".



الشللية موجودة في الثقافة يؤكد نظمي، وتلعب دورا كبيرا في تبادل المنافع، ذاكرا مثلا حول ذلك "في إحدى صحفنا اليومية هناك كاتب يشغل موقعا مهما في إحدى الصحف العربية اللندنية، وتتم مقابلته خلال الأسبوع مرتين أو ثلاثة عدا مقالاته المنشورة باستمرار، ما المبرر لذلك في ظل تناسي وتجاهل وتعتيم على أسماء أخرى، وهذه محسوبيات وشللية طاغية على الساحة".



مستهجنا "من يومين أقاموا موسم المسرح، وهو بديلا عن مهرجان المسرح والذي كان على المستوى العربي أهمية، وكان من العار أن يحول إلى مهرجان إقليمي، فهم يستكثرون على العرب الإقامة في الأردن وكان للأسف المهرجان خال من الحضور، فالحضور ثلاثة والموضوع يناقش الإرهاب والمسرح ! ".



هل أنت مقصود بالتهميش؟

يجيب تيسير نظمي "هناك أناس يجهلوا جهدي السابق في السبعينيات، من حيث كوني كاتبا ومشرفا على الصفحات في جرائد الوطن والقبس الكويتيتين وأكثر من جريدة ومجلة كويتية، وأنا أعذرهم، ولكن هناك أناس يقصدوا ذلك؛ لاختلاف المستويات والمنابع، لكن هناك من يشرب من رأس نبع ثقافي وينظر للثقافة على أنها جادة وليست برستيجا، فالثقافة عمل جاد ومضني، وتتطلب تضحيات أيضا. وأضيف اسما في قائمة المهمشين هو وليد أبو بكر".



لسنا في المدينة الفاضلة، والمتلقي لن يخدع طويلاً

الإعلامية والكاتبة الأردنية لانا مامكغ تعترف أن هناك ما يسمى شللية في الوسط الثقافي، لكنها بعيدة عن كل هذا ولا تعتبر نفسها مهمشة بذات الوقت وتقول "قد يكون التهميش وارد أحيانا، عندما يجد المثقف نفسه خارج شلة معينة أو خارج محسوبيات معينة، لكن بالنسبة لي فإحساس التهميش لم يراودني أبدا مع أني غير محسوبة على أي شلة، كما أني لست نشيطة في العلاقات الشخصية ولا العلاقات العامة حتى، وأنا ضد تعبير

التهميش أصلا لكن هناك أناس لديهم عقدة الاضطهاد ويحبون الشعور بالتهميش ليس فقط في مجال الثقافة بل في أي مجال".



هذه الأسماء لن تبقى ولن تستمر لأنها لا تقدم الأصلح للثقافة، هذا ما تشير إليه الدكتورة لانا قائلة "لابد أن نعول على ذكاء المتلقي، فهو قد يخدع لبعض الوقت لكن ليس طوال الوقت، فالأصل في الأشياء أن البقاء للأصلح، وهذه الفقاعات التي تبدو على السطح أحيانا تلمع وتتألق وتحلق لكنها تنطفئ سريعا، بدليل أن لدينا مبدعين غير معروفين في الأردن لكنهم معروفين في الوطن العربي كله".



"نحن لسنا في المدينة الفاضلة" تعلق مامكغ وتقول "هذه الظاهرة موجودة في الأردن وغيرها وفي كل الوطن العربي، فدائما هناك شبكات تسعى لأن تبرز أسماء على حساب أسماء أخرى".



وكمية النشر لا تدل بالضرورة على مقدار إبداع الأديب، تتابع لانا "الأدب كأي مهنة أخرى تحتاج إلى الصبر حتى يثبت الإنسان وجوده، فمشكلتنا أحيانا أن من يصدر كتابا يعتبر نفسه أديبا أو يصدر ديوان شعر يتيم يصبح شاعرا وهذا ليس بكاف، فعدد الكتب المنشورة لا يعني أن هذا الإنسان أديبا، وفي أحيان أخرى يقول أنا أصدرت 10 كتب ولم أجد فرصتي، هذا ليس ما يهمنا، ما يهم هو النوع وليس الكم".



تغييب واضح وشللية سلبية

وفي الوقت الذي أخذت الإعلامية لانا مامكغ الأمر ببساطة متفائلة أن الأسماء هذه لن تستمر، يؤكد الكاتب موسى برهومة أن محدودي التجارب الذين لديهم علاقاتهم الخاصة هم الأكثر ظهورا في المشهد الثقافي فيقول "هذه الظاهرة يكاد يلمسها أي متابع للحراك الثقافي، فهناك بعض الأسماء نجدها بالواجهة، وهناك مؤسسات ثقافية بعضها رسمي تروج لبعض الأسماء على حساب أسماء أخرى".



ويؤكد برهومة على وجود الشللية بمفهومها السلبي قائلا "أستطيع أن أقول أن هناك شللية بالمعنى السلبي تسود على المشهد الثقافي بحيث نجد أشخاص يتكرر حضورهم ووجودهم في الندوات والمحاضرات وعلى صفحات المجلات والملاحق الثقافية، رغم أنهم محدودي الإبداع والتجربة والموهبة، وبالمقابل هناك مثقفون مبدعون لهم تجربة استطاعت أن تتجاوز المستوى المحلي إلى المستوى العربي لكنهم مغيبون، إما لأنهم لا يرتبطون بعلاقات جيدة مع أصحاب القرار أو لأنهم زاهدون في الإعلام ولا يحبون الأضواء، والناس لا تتوجه إليهم ولو توجهوا لهم وأرعوا الانتباه إليهم فهم بالتأكيد سيقبلوا على هذه النشاطات بهمة كبيرة".



توقفوا عن تسويق الرداءة

ويتابع الكاتب والصحفي موسى برهومة "تردي الحال الثقافية ليست سمة محلية بل عالمية، والمثقف يجب أن لا يتوقف عند هذا الشأن ويأخذه بشكل شخصي بل عليه أن يبذل جهده في سبيل أن يخلص لرسالته فهو اختار أن يكون مثقفاً أو فنانا وعليه أن يقوم على أداء رسالته بعيدا عن المؤثرات الخارجية ومن ضمنها الأضواء".



ويقول "أعرف أن هناك شعراء مستواهم متفوق جدا ويضاهي أقرانهم العرب ولم تكتب عن مجموعاتهم الشعرية سوى مقالة أو مقالتين، وبالمقابل نجد شعراء ضئيلي الموهبة ولا أحد يقرأ لهم ومع ذلك نجد أصدقائهم وخلانهم يكتبون عنهم ويؤطرونهم بالصورة".



الإعلام يلعب دورا خطيرا في هذا المجال وهو دور تسويق الرداءة، يشرح برهومة ويتابع "أكثر من مرة كتبت أن على الإعلام مسؤولية أن يميز بين الغث والثمين، ودعوت وزارة الثقافة أن تتوقف عن تسويق الرداءة، وأن تقوم بإحراق كل الكتب الرديئة التي أصدرتها، هذا هو دور المثقفين ومسؤوليتهم بالدرجة الأساسية ولا يجب أن يقف عند حد إنتاج نصه فقط فبهذا يتحول إلى آله ليس إلا".



"لو أردنا تحليل الظاهرة بعمق نجد أن ما يكتب هو عبارة عن متابعات صحفية سريعة، فلا يوجد لدينا نقد صحفي ثقافي بالمعنى الحرفي بل متابعات لكتب تأتي للصحيفة يقوم صحفي عجول بكتابة تعليق سريع في غضون نصف ساعة ويقدمه على أساس أنه قام بقراءة الكتاب وهو لم يقم بذلك لكنه يبحث عن أسهل الخيارات".



الكاتب برهومة يختار الانزواء بعيدا عن كل الوسط الثقافي المحلي سئِماً منه، ومفضلا اللجوء إلى الإعلام العربي خارج الأردن فيقول "أنا غائب عن الساحة الثقافية بخياري لأني سئمت هذا المشهد الذي لا يضيف لي شيئاً، فاخترت أن أكرس جهودي للبحث في أعماقي والبحث في ذاتي، بالإضافة إلى أنني أكاتب صحفاً عربية. فالكاتب الأردني معروف في بيروت أكثر مما هو معروف في بلده وهذا عزاء لنا".



لا... ليس هناك شللية

لكن، بالرغم من كل هذا التأكيد على وجود الشللية وانحسار الأسماء وتمحورها في أسماء معينة لتلميعها وإضاءتها أكثر، فإن الروائي إلياس فركوح يرى هذه الصداقات وهذه الشللية ايجابية لضرورات وجود سمات تميز صحيفة عن أخرى "لا أعتقد أن هناك عملية تهميش مقصودة من قبل محرري الصفحات الثقافية اليومية أو الملاحق الثقافية، لكن يجب علينا أن نعرف أن الملاحق الثقافية تعتمد غالبا على مجموعة من الأسماء تكون هي ركيزتها لإعطاء هذا الملحق الثقافي أو الصفحة الثقافية هويتها الخاصة والمميزة والتي نجدها تختلف عن هوية الصحف الأخرى، لكن هذا لا يعني أن تقتصر على أسماء بعينها وأن تهمش أسماء أخرى".



ويؤكد "لا أعتقد أن هناك - في الأردن على وجه الخصوص - ما يطلق عليه شللية بالمعنى الضيق والسخيف أو المبتذل والسوقي، ليس هناك شللية بل هناك مجموعات متآلفة ومتجانسة، انسجمت رؤيتها مع رؤية المحرر الثقافي فأوفدت لها هذه الصفحات دون أن يمنع هذا الوضع استكتاب عناصر أو أقلام أخرى ليست بالضرورة ثابتة ودائمة".



"ملاحظة أن هناك أسماء تتكرر، تدل على أن هذه أسماء احترفت الكتابة في الصحافة الثقافية، وليس بالضرورة أن من لا يكتب في الصحافة ليس بكاتب، بالتالي هذا ليس مؤشرا على ضحالة أو تراجع الواقع الثقافي".



والكتاب مستويات كما يرى الروائي فركوح "لا نريد أن نذهب بعيدا في التعميم، فمن تتكرر أسمائهم في الصحافة مستويات، منهم من يمتلك مقدرة كتابية عالية ومنهم من يمتلك مستوً معقول لصحافة يومية ثقافية ومنهم من لا يملكه على الإطلاق".



ويصر "ليس هناك شللية، رغم أن الناس تستسهل عملية التعميم أن هناك شلل تحتكر الصفحات الثقافية، أعتقد أن هذا يأتي من باب أن لكل صحيفة كتابها الثابتين إضافة إلى كتابها الطارئين الذين لا يكتبون بشكل دائم لكنهم ليسوا ممنوعين من الكتابة فيها".



الأعمدة والزوايا فقط.. فيها شللية

الملحق الثقافي يجب أن يعبأ بمادة معقولة أسبوعيا لناس متمكنين ولديهم ما يقولونه، لكن فيما يخص بعض الأعمدة أو الزوايا يقول فركوح "قد يكون فيها شكل ما من أشكال الشللية بمعنى أنها محصورة بجملة من الأسماء تتكرر بحيث أنها تغطي على أسماء أخرى، فالأولى أن نعطي هذه الفرصة لأشخاص متعددين لسماع رأي ووجهة نظر أخرى، لابد من أن نميز بين كتاب الأعمدة وبين المواد التي تنشر في الصفحات والملاحق الثقافية فالصفحات الثقافية هي إخبارية أكثر منها استكتاب لأدباء".



شخصيا، يرى إلياس فركوح في نفسه "كان لدي مقالتين أسبوعيا في الأردن والسعودية، فالمقالة تستنزف الفكرة واللغة وتستقطع الوقت الكثير في انجازها وخاصة أنني بطئ جدا في الكتابة، فتوقفت من أجل العمل على مشروع روايتي الثالثة وهذا يحتاج إلى تفرغ، وأريد أن أكون خالص لها وجدانيا وجوانيا، وعلى أهمية ذلك كان اعتكافي عن الكتابة الصحفية اختياريا رغم طلي الصحافة لي ولمقالاتي، بدون أن أتجنى على أحد".



الكبير لم يولد كبيرا

ويقول الصحفي والمترجم مدني قصري من صحيفة الدستور أن الشللية موجودة في عصرنا الحالي وعلى العكس وضع الأردن أحسن من غيره من الدول، ويضيف "في بعض الصحف لا يرحبون إلا بالأسماء المعروفة، وحينما يعرض عليهم أسماء مغمورة يقولون هذه أسماء غير معروفة، فالقارئ يريد الأسماء، فالكبير لم يولد كبيرا، كلهم بدأوا من الصفر".



الشللية هي ما تميز الساحة الثقافية في الأردن والعالم وبرأي الكثيرين فأنها ليست المعضلة الوحيدة التي تعرقل مسيرة المثقفين والمبدعين الأردنيين، فوزارة الثقافة والتي من المفترض أن تتابع إستراتجيتها الجديدة والتي صيغت في فترة تعدد وزراء الثقافة، لا تشغل بالا بمعالجة قضايا ثقافية أصبحت من سمات الحالة الثقافية في الأردن وترديها وهو ما انعكس سلبا على الصفحات الثقافية التي تحولت إلى زينة لكل جريدة فحسب، وعلى المثقف المشغول بلقمة العيش ولأجل "الاستمرارية".

أضف تعليقك