المال دافعا لتعريض أجسادهم للدراسات الدوائية
تطوع كل من محمد واحمد قبل سنتين إلى إحدى مراكز ومؤسسات إجراء الدراسات الدوائية على البشر،كان دافعهم هو سوء أحوالهم الاقتصادية وللحصول على دواء مماثل للدواء الاجنبي بأسعار منخفضة.المتطوع محمد، طالب في قسم التمريض تخرج قبل فترة من جامعة العلوم والتكنولوجيا، وكان الدافع وراء تطوعه للدراسات:" سوء الحالة الاقتصادية وعدم مقدرتي على سداد الرسوم الجامعية بالإضافة إلى وضعنا المادي في المنزل لا يسمح بتدريس أكثر من فرد في المنزل في الجامعات، لذلك اضطررت أن الجأ إلى التجربة في الدارسات والبحوث لمساعدة أسرتي على الأقل في تخفيف الرسوم الجامعة والمصروف الشخصي".
تعرف محمد على المراكز أثناء الدراسة عندما كان يبحث عن عمل، وتابع حديثه:"صادفت العديد من المراكز التي تعلن عن وظائف شاغرة للممرضين، وعند الاطلاع على هذه المراكز وزيارتي لها تأكدت أنني استطيع أن أوفر وسيلة للعمل مع عدم تعارضها مع دراستي الجامعية وتوفير المبلغ الممكن لمساعدة أسرتي".
وكذلك كان الحال مع احمد الذي شعر بالخوف عند أخذ أول جرعة، فهو الآخر يعاني من سوء الحالة الاقتصادية،وقال"أريد أن أؤمن قسطي الجامعي، بالإضافة إلى مساعدة الوطن لتوفير أدوية رخيصة الثمن عن طريق المقارنة بين الدواء الأردني والأجنبي!".
وبالاتفاق ما بين المتطوعين ومراكز الدراسات الدوائية يتم التوقيع على عقد بموجبه يتم توعيتهم عند كل دراسة على الأضرار الجانبية لكل دواء، بالإضافة إلى التامين الصحي على الحياة طيلة فترة الدراسة.
ويتقاضى المتطوعين مكافئة مالية إلى جانب التامين الصحي على الحياة، هذا ما بينه المتطوع محمد:" تتراوح المكافآت المالية ما بين 100-150 بحسب كل دراسة، وهي على الأقل تساعدني في تغطية مصروفي وعندما احتاج إلى المال أراجع المركز للخضوع إلى دراسة جديدة لكن ضمن الفترة المقررة قانونيا بين كل دراسة وهي شهرين".
وخضع احمد إلى عدد من الدراسات والتي بلغت حتى الآن 5 دراسات ولم يلحق به أي تأثير سلبي " لا يوجد هناك أي تأثيرات سلبية من الأدوية بل بالعكس فهي تفيدنا بالمردود المادي العائد منها التي تسد أقساطنا الجامعية، والتأثيرات الجانبية تظهر بعد 12 جرعة والى الآن لم يثبت أي حالة تأثرت سلبا في المراكز" كما يقول.
ويشار إلى أن احد المتطوعين في مراكز الدراسات الدوائية هو من أقرباء احد كبار المسؤولين في دوائر المؤسسة العامة للغذاء والدواء.
الأهل آخر من يعلم....
أهالي المتطوعين عارضوا فكرة خوض أبنائهم هذه الدراسات لكن محمد تمكن من وضع أهله تحت الأمر الواقع، خلافا إلى احمد الذي أخفى الأمر عن أهله، ويقول احمد:" الآن أهلي لا يعرفون أنني اخضع إلى الدراسات الدوائية، لأنهم سيعارضون الفكرة بسبب خوفهم وحرصهم علي، ولأنه لا يوجد لديهم أي معلومات كافية حول الدراسات".
ويضيف محمد" بداية الأمر أخفيت على أهلي مشاركتي في الدراسات لكن بعدها أطلعتهم على الحقيقة وعارضو الفكرة لكن مع الإصرار وضعتهم تحت الأمر الواقع لأنه الحل الوحيد أمامي لكي أوفر القسط الجامعي والتوفيق بين الدراسة والعمل" على حد تعبيره.
ومن جهتها بينت د. مها توتنجي في قسم الكيمياء في الجامعة الأردنية والمسؤولة عن إحدى مراكز الدراسات الدوائية لراديو البلد، أن معظم الخاضعين إلى الدراسات هم من طلاب الجامعات ويتراوح أعمارهم ما بين 18-40 سنة :" ليس جميع المتطوعين هم من طلبة الجامعات، لكن الذي يحدث أن طالب يعلم آخر".
واعتبرت د. التوتنجي أن مشاركة طلاب الجامعات جاءت بسبب الجانب المادي بالإضافة إلى التسلية والترفيه مع بعضهم، وقالت:" في بعض الأحيان طلاب الجامعات يفضلون الجلوس مع بعضهم البعض لكي يقضون أوقات ممتعة ومسلية ويخضعوا لنفس الدراسة التي لا تشكل عليهم أي خطورة، ولكن هذا لا ينطبق على جميع الدراسات بحيث يستطيع أي متطوع أن يشارك في هذه الدراسات!".
وفي استفتاء أجراه راديو البلد مع المواطنين حول آرائهم بالتطوع لدى المراكز لإجراء الدراسات الدوائية الغالبية منهم رفضت الفكرة حتى لو ازدادت أوضاعهم المادية بالسوء.
الشاب ريان رفض فكرة إجراء الدراسات لأنه لا يعتبر نفسه حقل تجارب ، وقال:" من المستحيل أن اجري مثل هذه الدراسات حتى لو كنت بحاجة مادية خوفا من التأثيرات الجانبية، لكن من الممكن أن اجري هذه الدراسات في حالة واحدة فقط إذا كنت أعاني من مرض معين ولم يتوفر أي علاج سوى هذا الدواء فإنني سآخذه".
وبالنسبة معاذ الذي فضل السرقة على أن يخضع إلى هذه الدراسات،" لا اقبل أن اخضع إلى هذه التجارب الغير مضمونة، حتى لو كان وضعي المادي ليس جيدا لكنني أفضل السرقة على أن اخضع لهذه التجارب".
أما الهام، والتي لا تضمن هذه الدراسات على حساب صحتها:" لا اضمن نتيجة الدواء الذي سأتناوله ومدى تأثيره على صحتي مقابل الـ 150 دينار وحتى لو كانت بحاجة مادية فإنني لن اقبل".
المواطن فيصل، رفض في الوقت الحالي أن يجرى عليه الدراسات لكن مقارنة مع وضعه السابق فانه سيقبل:" في الوضع الحالي ارفض الخوض في الدراسات، لكن لو قبل 5 سنوات فإنني سأقبل أن أجريها لان وضعي المادي والنفسي كان سيئا بالإضافة إلى البطالة التي عانيت منها".
ونصح المتطوع احمد الشباب الأردني بإجراء مثل هذه الدراسات لان هذه الأدوية لا تترك أي أثارا جانبية ولا تهدد صحة الإنسان وتعود عليهم بالفائدة المادية بالإضافة إلى العائد على المواطنين والوطن.
وتعود نشأة الصناعات الدوائية في الأردن إلى بداية الستينات من القرن الماضي، حيث شهد تأسيس ما يزيد عن 20 صناعة دوائية تنتج 750 منتجا صيدلانيا جنيس وتغطي مساحة واسعة من الطيف الصيدلاني، كما شهد تطور هذه الصناعة لتحتل المركز التصديري الثاني في المملكة.
إستمع الآن