الكرامة المهدورة في نهر اليرموك

الرابط المختصر

انهت اسرائيل المهمة بنجاح مساء امس الاول, كل ما لديها من مياه مجار فاضت فيها المسطحات ومياه عادمة من برك تربية الاسماك تم تفريغها في نهر اليرموك والاراضي الاردنية ووصلت كميات منها الى قناة الملك عبدالله ومن هنا الى محطة زي.

تصريف المياه العادمة احتاج لثمانية ايام متواصلة.

نعم, ثمانية ايام واسرائيل التي وقعنا معها معاهدة للسلام وحسن الجوار لم تقصر معنا فكل ما لدينا من حقوق في المياه العادمة التزمت بتصريفها في نهر اليرموك وقناة »الغور الشرقية«.

ثمانية ايام وقف المسؤولون عاجزين وصامتين امام الكارثة. وحين قررنا الاحتجاج وجدنا ان من غير المناسب خدش الصداقة المتينة مع المسؤولين الاسرائيليين, فاخترنا الاسلوب الشفوي للتعبير عن عتبنا. وحين كشف موظف حكومي امر الاتصال الهاتفي تعرض للتوبيخ وسارع مسؤول آخر الى نفي الاحتجاج من اصله.

ثمانية ايام اجتمع مجلس الوزراء خلالها مرتين ولم يكلف خاطره اتخاذ موقف في مواجهة الاعتداء الاسرائيلي على مياهنا واراضينا.

صمت الجميع, حتى التصريح لوسائل الاعلام عن آخر التطورات في القضية كان شبه معدوم, توقعنا مساء الثلاثاء ان يخرج الناطق باسم الحكومة بعد اجتماع مجلس الوزراء ليبلغ الصحافيين بالخطوات التي ستتخذها الحكومة لمقاضاة اسرائيل على فعلتها لان معاهدة وادي عربة تسمح لنا بذلك او على اقل تقدير التنديد بالجريمة الاسرائيلية والتهديد بقطع العلاقات اذا لم تدفع تعويضا وتلتزم بمعالجة الاثار البيئية المترتبة على تلويث مياهنا وهوائنا ومزروعاتنا, لكننا اكتشفنا ان اصحاب المعالي كانوا مشغولين بمواضيع اكثر اهمية مثل شمول الصحافيين بمبادرة الحواسيب وترخيص الفضائيات والمواطنة الكورية من اصل اردني التي جرحت في تفجير اليمن!!

ثمانية ايام ولم يفكر رئيس الوزراء او وزير في الحكومة بزيارة موقع الكارثة, او الخروج للرأي العام لشرح ما جرى. وزارة المياه قررت ان تنتظر لحين انتهاء المهمة الاسرائيلية لتعقد مؤتمرا صحافيا.

ليست المرة الاولى التي تقوم فيها اسرائيل بتصريف المياه العادمة في نهر اليرموك فقد دأبت طوال السنوات الماضية على فعل ذلك.

الصمت الرسمي والعجز عن الرد اغراها على التمادي اكثر. لم نفكر ولو مرة واحدة بمحاسبتها على خرق نصوص المعاهدة, بل على العكس من ذلك فقد كنا في كل مرة نبحث لها عن الاعذار. بالامس اعتبر احد المسؤولين القضية منتهية بمجرد ان قامت اسرائيل بضخ كميات اضافية لتعويضنا عن المياه المهدورة في غسل القناة وتنظيفها من القذارات الاسرائيلية.

انتهت المشكلة عندما انتهت المهمة الاسرائيلية بنجاح واستلمنا التعويض عن المياه المهدورة فماذا عن الكرامة المهدورة يا ترى?!