القناة الرياضية في التلفزيون الأردني ستختفي قريبا

الرابط المختصر

قبل نحو أربع سنوات، انفصلت الدائرة الرياضية في التلفزيون الأردني في بثها عن القناتين الرئيسيتين اللتين كانتا تعملان وحيدتين في ذلك الوقت، وصار للرياضة في التلفزيون الأردني قناة خاصة.وأخيرا، أعلن عن تأجير القناة الثانية من التلفزيون الأردني، أي القناة الرياضية، على رغم أن المحطة الرياضية هي المحطة الوحيدة المتابعة على الصعيد المحلي، والوحيدة أيضا التي تحقق أرباحا. ويأتي هذا في وقت يعاني فيه التلفزيون الأردني من ندرة المشاهدين، وقلة الموارد المالية. فلماذا يكون القرار بهذه الصورة؟

عن بداية القناة الرياضية، يقول مدير البرامج الرياضية في التلفزيون الأردني محمد المعيدي:

الطفرة الرياضية في التلفزيون الأردني بدأت عام 1989 بعد أن كنا خلال 22 عاما قبلها مقتصرين على برنامج واحد، فارتأينا أن نعدد البرامج وننوعها، وأن نعرف الجمهور برياضات أخرى غير كرة القدم وكرة السلة، فكانت الطفرة ببث مباشر لرياضات أخرى، كما صرنا نقدم برامج رياضية أكثر إلى جانب برنامج "المجلة الرياضية" الذي كان وحيدا قبل ذلك.

كنا نبث عبر القناة الثانية (القناة الأجنبية سابقا) والقناة الأولى، وكنا نصطدم بالبرامج غير الرياضية التي لا يمكن حذفها لبث مباراة مثلا، وكان هناك مطلب من الشارع الرياضي لزيادة ساعات البث للرياضة. في نفس الوقت اكتشف التلفزيون الأردني أن المربح هو المادة الرياضية.

وظللنا نفكر في التوسع، إلى أن جاءت الفكرة بتخصيص قناة للرياضة والشباب، وولدت المحطة عام 2001، وبدأنا ببث تجريبي بأربع ساعات يوميا، ثم تطورت بتواكب كل الأحداث على الأصعدة المحلية والعربية والدولية، ونبثها في أي وقت كانت، صباحا أو مساء.

وقد استطعنا أن ننجح في هذه القناة، وأن نقدم البرامج المنوعة المختلفة، والأحداث الرياضية للمشاهدين.

- هناك من يقول إم القناة الرياضية بدأت بقوة، ثم بدأت تنزل في مستواها؟

- الأمر ليس أن نزل المستوى، هناك ظروف. لكننا ما نزال محطة قوية في برامجها المتنوعة ومتابعتها للأحداث المحلية. ربما أن المشاهدين أحسوا أن هذا التراجع مرده عدم بثنا لأحداث رياضية دولية كنا نبثها سابقا، بسبب الظروف المالية، وبسبب إنشاء محطات رياضية متخصصة في الوطن العربي أقوى منّا ماديا.

كنا نبث الدوري الإسباني (لكرة القدم) ما أكسب القناة قوة، لكن دخلت قناة رياضية قوية وغنية أخذت هذا الدوري. كنا ندفع لحقوقه 215 ألف دولار، وهذه القناة تدفع الآن 10 ملايين دولار مقابل بث هذا الدوري، ونحن لا نملك مثل هذا المبلغ. والأمر ينطبق على الدوري الإيطالي (لكرة القدم). أصبحت سمة السوق تجارية، والتلفزيون الأردني تلفزيون أسري، وجد لخدمة المواطن الأردني أولا، وخدمة الشباب، ولذلك نحن لا نستطيع منافسة مثل هذه المحطات التي تشتري بطولات رياضية بملايين الدولارات.

- لكن يمكن أن تكون البطولات المحلية مصدر قوتكم...

- نحن استثمرنا هذا جيدا. 70% من بث القناة على الهواء مباشرة، ونبث الدوري المحلي لكل الألعاب...

- هل هذا الاهتمام بالمحلية زاد من جمهوركم؟

- اكتشفنا، وبدون مبالغة، أن الاهتمام ازداد بهذه القناة، وذلك عبر ما يأتينا من اتصالات، ولا غرابة في ذلك. الأمر بسيط. إذا كنت تريد مشاهدة الدوري الإسباني، فإنك تستطيع ذلك على أي محطة فضائية، أما الدوري الأردني فإن مكانه الوحيد هو التلفزيون الأردني، على رغم وجود محطة فضائية (إيه آر تي) تبثه حاليا. كما أن كثيرا مما نبث يتم بطلب من الجمهور. جمهورنا ازداد كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية...

- هل هناك إحصاءات أو أرقام لعدد المشاهدين؟

- كل 6 أشهر نعمل إحصائية، نسأل من في الأندية والجامعات. أيضا، قبل أن يصبح هناك قناة رياضية، أجرى التلفزيون استطلاعا، ووجدوا أن برنامج المجلة الرياضية ثاني أكثر برنامج متابعة في التلفزيون بعد نشرة الأخبار. المجلة الرياضية كانت تدخل إلى التلفزيون الأردني مليون دولار سنويا في شكل إعلانات. من هنا كان اهتمام المسؤولين بالقناة الرياضية.

- وهل ما يزال هذا الاهتمام بالقناة قائما؟

- نعم. ولكن كل المحطات في العالم تعاني من النقص المالي، وبخاصة القنوات الحكومية.

- لكن القناة الرياضية هي القناة الرابحة الوحيدة في التلفزيون...

- الحمد لله، لكن لا أحد يعلم ماذا سيصير، وما هو توجه الحكومة أو إدارة التلفزيون بخصوص قضية القناة الرياضية، واستئجارها...

- الأمر حسم، واستؤجرت...

- نعم. ربما لسبب مالي، فالتلفزيون يريد دخلا، بمعدل 2 – 3 مليون دينار سنويا...

- لماذا اختاروا القناة الرياضية، هل هي الحلقة الأضعف؟

- لا، ربما وجدوها الأسهل، فأجرت لأحد المستثمرين...

- رغم أن القناة رابحة؟

- نعم هي رابحة، ولكنها تتطلب مصاريفا. البطولات الأوروبية لها حقوق، وغير خفي عليكم أن الاتحاد الأردني باع حقوق بث مسابقاته لمحطة فضائية، وبالتالي فإننا سنشتري البطولات كأي محطة أخرى. صحيح أن المحطة تربح، لكن لها تكاليف. مثلا آخر بطولة سلة آسيوية بثها التلفزيون من قطر، مطلوب منا دفع مبلغ 75 ألف دولار حقوق بث.

- كادر القناة صغير ولا يكلف كثيرا...

- التكاليف ليست رواتب الموظفين، وإنما حقوق البث. والأمر لا يقتصر علينا نحن فقط. مثلا، نحن ضمن اتحاد إذاعات الدول العربية الذي رغم عظمته وسنوات خبرته لم يستطع أن يجاري المحطات الفضائية والشركات الخاصة للدفع لحقوق البث. لذلك لم يبث كأس العالم 2002 و 2006 و2010، بسبب ضخامة المبالغ المطلوبة كحقوق. فما بالك بالأمر مع التلفزيون الأردني...

- كم يبلغ عدد كادر القناة؟

- بدأنا بـ 6 أو 7 معلقين. نحن الموظفين 5 إضافة إلى 6 مخرجين وثلاثة إداريين. ونحن خرّجنا عددا من المذيعين الذين يعملون في عدد من الفضائيات.

- البعض يحمل التلفزيون الأردني مسؤولية هجرة الكفاءات منه إلى الفضائيات العربية، ما أثر على مستوى أداء التلفزيون. لماذا يفقد التلفزيون كوادره الجيدة؟

- إذا توفر العرض الجيد لأي أحد فإنه سيترك التلفزيون ويقبل العرض الآخر. أنا سأفعل ذلك إن توفر لي عرض جيد. هذه قضية عرض وطلب. فإذا كنت أحصل على 400 أو 500 دينار في الأردن وحصلت على عرض أفضل في الخارج يصل إلى ألفين أو ثلاثة مع توفير السكن وغيره، ويكون عملي محدود، فلماذا لا أقبل؟

- لو كانت قناة الرياضة مستقلة وغير تابعة للتلفزيون الأردني، وهي قناة مشاهدة بشكل جيد، فالرياضة تحتل حيز كبير من اهتمام الشباب وهم الفئة الأكبر في الأردن، هل تستطيع هذه القناة أن تنجح وتمول نفسها بنفسها؟

- من تجربتي فإن الإعلانات والرعاية التي تأتي للقناة لا تكفي لسد تكاليفها، لكن هي تساهم. التلفزيون الأردني لم يتوفر لديه أبدا فائض من الإعلانات في كل قنواته. القنوات الرياضية الخاصة جميعها وراؤها دول وشركات. هناك قنوات ليس لديها أية دعاية، وتدفع عشرة ملايين دولار للدوري الإسباني. هناك دعم حكومي أو شركات كبيرة جدا تستطيع تمويل الكلفة العالية جدا لأية قناة رياضية. خلال السنوات العشرة الأخيرة بات صعبا تغطية هذه التكاليف سوى عن طريق اشتراكات أو توزيع جهود.

- هل هذا يعني انه قد لا يكون هناك دوري أردني على القناة الرياضية؟

- لا يمكن أن نقطع بمشاهدينا. سيكون هناك اتفاق بيننا وبين الاتحاد والشركة (صاحبة حقوق البث). على كل نحن نبث الآن بطولة الأندية الأوروبية وتصفيات كأس العالم، وهذا كم هائل من المباريات التي نبثها عادة كل أربعاء. نبث أيضا الألعاب الأولمبية وكل نشاطات الألعاب للاتحاد الآسيوي. ليس كل همنا بطولات إسبانيا وإيطاليا. ثم إن لنا برامجنا.

- ماذا عن صناعة الخبر في القناة، هل هناك أخبار؟

- نحن مثل أي محطة أخرى، كما هو الأمر عندكم مثلا. نحن نهتم بالخبر المحلي. لدينا مندوبين يخرجون ويصورون تقارير محلية، إضافة إلى الأخبار التي تصلنا عبر الوكالات. لدينا نشرتين إخباريتين، الأولى الساعة الرابعة عصرا والثانية عند الساعة التاسعة مساء.

- لكن نشرة الساعة التاسعة إعادة لنشرة الساعة الرابعة...

- نعم. لكن إذا كان هناك خبر جديد فإنه يضاف.

- هناك من يرى ضعفا في كادر القناة، والأمر يعود برأيهم إلى ما يصير في التلفزيون في شكل عام، من محسوبية وواسطة في التعيينات، على رغم وجود كفاءات في الأردن لا يتم استثمارها وتوظيفها...

- لا محسوبيات في القناة الرياضية. التعيينات في التلفزيون كما في باقي دوائر الدولة، صعب جدا. الشواغر محدودة. وهناك تفكير حاليا بتقليص عدد الموظفين في المؤسسة (الإذاعة والتلفزيون) في شكل عام، حتى يتحسن وضع الموظف. مثلا المحلل الذي يأتي إلى الاستوديو ندفع له 25 دينارا. الرقم قليل، لكنه في تاريخ التلفزيون رقم كبير. لا يمكن القياس بمحطات أخرى تدفع مئة أو مئتي دولار للمحلل. أما المحسوبيات، فغير موجودة، لأنه أصلا يوجد تعيينات.

- هنالك ضعف في الكادر الفني، عندما نتحدث عن الصوت والتصوير وكل هذه المسائل، لماذا الإصرار على الاكتفاء بهذا العدد من الكادر؟

- لا يوجد إصرار، هذا هو كادرنا. نحن ننقل بثنا لكل دول العالم...

- أنتم تنقلونها، ولكن كيف يتم النقل؟

- لا يوجد شكاوى. لم يرد إلي أي شكوى من أي تلفزيون عربي. ممكن لأنكم متخصصين في هذا الجانب فإنكم تعرفون ان هناك أخطاء، لكن الجمهور ما يهمه هو أن الصورة واضحة والهدف يعاد، وهكذا. في النهاية لم نصل إلى حد الكمال.

- لكن الجمهور قادر على تمييز العشوائي وعدم التحضير الجيد والارتجال في النقل، ولا يحتاج لأن يكون متخصصا ليعرف هذا...

- هل لديكم إحصاءات تتحدث عن هذا الأمر؟...

- لا، ولكن هناك وسائل إعلام تتحدث عن أخطاء، فمن أيام كانت صحيفة الرأي تتحدث عن خطأ ارتكبه التلفزيون في مباراة لكرة القدم، كما أن الناس في الشارع يتحدثون...

- هذا يحدث. المخرج لم يصوّر الهدف في المباراة، وهذا الخطأ حصل في عام 1989 وهذا يعتبر سهوا، أما التحضير فلا. نحن نخرج بخمس كاميرات وسيارتين و25 موظف، ولا يمكن ألا يكون هناك تحضير مسبق. أما الأخطاء التي تتكلمون عنها فهي ليست ناتجة عن تراجع المستوى الفني، وإنما خطأ ويحدث في كل دول العالم.

- فيما يخص موضوع تأجير القناة، إلى متى سنظل نشاهد القناة الرياضية، وإلى متى ستصمد؟

- نحن صامدون!. ولا وقت محدد لغاية الآن للتنفيذ الفعلي. مثل ما قلتم جرى استئجار القناة لقوتها

(في البث)...

- محمد عليان، ناشر صحيفة الغد هو من استأجرها؟

- لا أعرف، أعتقد أن اسمها سيكون قناة الغد، لكن لا أعرف مستأجرها، وسنظل في هذا النفَس حتى يقولوا لنا قفوا، وعندها سنعود إلى القناة الأولى...

- هناك كلام عن أن بث التلفزيون الجديد عبر تردد القناة الثانية سيكون مع بداية العام القادم، وهناك بطولات رياضية مستمرة حتى ما بعد العام القادم، ماذا سيكون مصيرها؟

- سنعود لاستخدام القناة الأولى مثل السابق. سيكون هناك ساعات مخصصة للدائرة الرياضية... لا نعرف كيف سيكون الترتيب بالضبط.

- هل كان هناك موقف لموظفي القناة الرياضية بعد أن علمتم بنبأ تأجير القناة الثانية، بخاصة أنكم "ناضلتم" لأن تكون لكم محطة خاصة؟

- أولا وأخيرا نحن موظفين. ثم إننا في خدمة التلفزيون، وهذه نظرته للأمور. صحيح أني زعلان ومقهور، ولكن ماذا أفعل؟

- ماذا تعتقد ستكون ردة فعل جمهور القناة؟

- الجمهور بدأ يشعر بالقلق من الآن، وحتى القائمين على الرياضة من رؤساء اتحادات ورؤساء أندية، ويتساءلون بعد كل هذا الكم من البث الرياضي، ماذا سيحدث بعد اختفاء القناة الرياضية. الكل يسأل. ماذا سيصير، والله لا أعرف.

- هل لديك معلومات بكم سيتم تأجير القناة؟

- لم أبحث في هذه القضية، ولكن أعتقد أن المبلغ بين 2 – 3 مليون دينار سنويا. بالتحديد لا أعرف.

- والوقت، هل ستستأجر لسنتين؟

- لا. أعتقد على طول. عقد سنوي، ولكنه يتجدد. ولكن لا أحد يعرف ماذا سيصير وماذا تخبئ الأيام. إن شاء الله لن نقطع المشاهدين.

- المطروح أن العائد من تأجير القناة الثانية سيستفاد منه للقناة الرئيسية...

- المفروض للتلفزيون أو الحكومة، أيا يكن، المهم في خدمة القطاع الحكومي.

- الموقف من تأجير القناة، هل يختلف باختلاف إدارة التلفزيون؟ لأن لكل إدارة أسلوب ونهج خاص في العمل...

- بحسب العقود التي تبرم. كيف تم إبرام العقد مع الشركة المستثمرة. لا أحد يعرف ماذا تخبئ لنا الأيام...

- يعني لا يوجد تفاوت آراء حول تأجير القناة باختلاف الإدارة؟

- لا لأن هذا القرار حكومي، أو قرار من التلفزيون بالتعاون مع الحكومة. وتمت هذه "الصفقة" إن صح التعبير. إن تكلمت كإعلامي ورياضي ومعلق، فأنا حزين، لكن ماذا أفعل؟

- هل هناك خلاف على القرار داخل الحكومة أو داخل التلفزيون أو مجلس إدارته؟

- لا. لا يوجد أي خلاف أبدا. القرار جاء بترو ودراسة، وإجماع...

- هل تم التشاور مع القائمين على القناة الرياضية بهذا الخصوص؟

- في مثل هذه الأمور المالية أو التي تعود بالمنفعة على التلفزيون، نحن نبقى موظفين منفذين. إذا كان هناك شيء أكبر منك، فإنهم لا يعودون إليك. وهم يعرفون أن القناة الرياضية قناة مشاهدَة من الدرجة الأولى، وتخدم القطاع الرياضي والشبابي، و70% من الأردنيين شباب. ففي تصوري أن وجود القناة ضروري. لكن ما هي الظروف التي دعت إلى تأجير القناة، لا أعرف.

- هذا يعني أنكم في الدائرة الرياضية، مثل ما جاءكم قرار بإنشاء محطة رياضية، جاءكم قرار بإغلاقها...

- يعني... كان هناك تشاور، وشيء من الضغط.

أضف تعليقك