القطع الجائر يعود ويهدد مناطق حرجية في المفرق
تسللت أياديهم حاملة مناشير الخشب كاتمة الصوت، لتنحر (٦٥) شجرة ليتضاعف العدد الإجمالي إلى (٨٠) شجرة حرجية بشكل جائر غرب محافظة المفرق، تحديداً قرية "دير ورق"، وتركها مكانها بهدف التخريب أو بيعها حطبا للمارة مجتثين بذلك رئة البيئة لجمع النقود من دون إدراك منهم بفضاعة الفعل الذي يقومون به.
بالرغم من محاصرة الجهات المعنية لهذه الفئة التي تعيش على هامش سوق العمل إلا أن المعتدين على الأشجار باتوا على علم بمواعيد وجود الطوافين في الغابات أو "الأحراش" وإصدار مخالفات بحقهم.
رئيس قسم الحراج والمراعي في مديرية زراعة المفرق المهندس محمد أبو دلبوح أكّد "أن الأضرار الناجمة عن إستمرار قطع الأشجار كبيرة، خاصة أنها تعد ثروة وطنية ورئة الأرض، وأن اجتثاث الأشجار والقطع الجائر لها يعتبر جريمة في حق المجتمع والبيئة ولا بد من التصدي لها من خلال تفعيل القوانين الرادعة من قبل الجهات المختصة وتغليظ العقوبات ضد الأشخاص الذين يتم ضبطهم خلال عملية قطع الأشجار أو بيع جذورها المقطوعة بشكل جائر. وأضاف أبو دلبوح أن أغلب الأشجار في محافظة المفرق هي من أنواع (الصنوبر واللزاب) والإعتداء الحاصل تخريبي وليس الهدف منه التحطيب، فتم ضبط الحادثة الأخيرة قرابة الساعة الثالثة والرابعة فجراً والبحث جاري عن من قام بهذا الفعل وذلك بالتعاون مع الشرطة البيئة لمعرفه المعتدي وإصدار العقوبة التي يستحقها. مشيرا إلى أن هذا الاعتداء يعتبر أكبر تعدٍّ على الأشجار منذ خمسة عشر عاماً إلى الآن. موضحا أن الاعتداءات الحرجية تشمل الاعتداء على شجرة حرجية في حرم الشارع أو على جزيرة وسطية وحتى ضمن إطار المؤسسات الحكومية هو مخالف للقانون ومعتدي بالدرجة الأولى ويتم ضبطه مباشرة وكتابة ضبط حرجي بحقه حسب قانون الزراعة.و إن الغابات الحرجية والاحراش تتركز في المناطق الغربية للمحافظة مثل (قضاء المنشية، وقضاء رحاب، دير ورق، الدجنية، بلعما، عين) هذه المناطق الغربية، ونوعها يتراوح ما بين شجرة اللزاب والسرو والصنوبر غير المثمر والخروب، ومساحتها كاراضي حرجية حوالي (٧٢) ألف دونم.
من جانبها فقد شكلت مديرية زراعة محافظة المفرق لجنة تحقيق بعد الاعتداء على العشرات من الأشجار في منطقة دير ورق بقضاء المنشية، وبذات السياق تم إطلاق، مبادرة يوم الوعي البيئي التي تتضمن زراعة 500 شجرة حرجية بمنطقة دير ورق في قضاء المنشية، تضمنت إعادة زراعة الأشجار في الموقع بأضعاف أعداد الأشجار الحرجية التي تم قطعها.
وبحسب مديرية زراعة المفرق فتضم المحافظة 72 ألف دونم مزروعة بالأشجار الحرجية في رحاب وبلعما، إضافة لوجود محميات رعوية في البادية الشمالية الشرقية والغربية و لواء الرويشد.
الطوافون بين معاناة وتواطؤ
يروي علاء الخزاعلة أحد الطوافين في محافظة المفرق والمسؤول عن المنطقة التي وقع بها الاعتداء الأخير على الأشجار الحرجية، معاناتهم كطوافين يعملون على حراسة المناطق الحرجية ويقول بحرقه "أنا طواف صار لي زمان بهذه المهنة، ٢٤ ساعة عمل حتى وقت راحة ما فيه"، هدفي هو حماية هذه الأشجار الحرجية من أي إعتداء أو مساس في الغابة، حتى الأغنام مخول كطواف أن امنعها من الدخول داخل حدود المنطقة وذلك منعاً لرعي الجائر أو تعرض الأشجار إلى عدوى فيروس الحمى القلاعية وغيرها من الأمراض المعدية التي ممكن تسبب ضرر على الثروة الزراعية. ويشير الخزاعلة إلى أن عدد الأشجار التي تم الاعتداء عليها هو (٦٥) شجرة فعليا حيث تم إرفاق الاعتداءات السابقة ليتضمن العدد الكلي (٨٠) شجرة حرجية. وكان الهدف من الاعتداء التخريب حيث تم قطعها وتركها في مكانها أي الأمر عبثي وتخريبي وهناك ربما أسباب أخرى يعود لخلافات شخصية مع أحد الموظفين وليس الهدف هو التحطيب أو البيع. وواصل حديثه أن الاعتداء حصل بعد منتصف الليل بساعات متأخرة عند تواجدي في الحراسة بمنطقة بعيدة عن منطقة الاعتداء وعند رجوعي للحرش الذي احرسه وجدت الأشجار ملقاه على الأرض ومترامية. ويطالب الخزاعلة بضرورة زيادة عدد الطوافين لتغطية كافة المناطق الحرجية بسهولة على الطوافين.
وبحسب قانون الزراعة رقم 13 لسنة 2015 فإنه” يعاقب كل من يقوم بقطع الأشجار والشجيرات الحرجية والنباتات البرية دون ترخيص بالحبس لمدة ستة أشهر وبغرامة مقدارها ثلاثة أضعاف القيمة المادية على كل شجرة يتم قطعها من الحراج الحكومي وبغرامة مقدارها ثلاثة أضعاف قيمتها المادية على كل شجرة من الحراج الخاص وفي كلتا الحالتين تصادر المواد والأدوات القاطعة التي يتم ضبطها.
ومن الجهات المعنية بالمحافظة وحماية المناطق الحرجية اضافة إلى وزارة الزراعة والجهات الأمنية المعنية، أكدت وزارة البيئة في تصريحات صحفية أن الوزارة تواصل حملات الضبط للمخالفين الذين يمارسون قطع الأشجار، ورمي المخلفات في المناطق البرية، واستطاع المختصون البيئيون وجوالة المحميات الطبيعية في مختلف مناطق المملكة من ضبط بعض المخالفين ضمن آلية وضعت في تحرير مخالفة بطريقة مباشرة، حيث يتم تسجيل المخالفة بمجرد ضبطها على رقم السيارة وإعطاء نسخة منها بعد توقيعه عليها وأنه أنه في حال ثبوت تكرار المخالفة تتم مضاعفة الغرامة، فإذا أقدم شخص بقطع الأشجار يتم تغريمه مبلغ(٥٠٠) دينار وفي حال تكرر نفس المخالفة مرة أخرى تتم مضاعفة الغرامة ال (١٠٠٠) دينار تتضاعف الغرامة مع تكرار المخالفة أو السجن لمدة لا تقل عن ٦شهور.
وأشارت الوزارة إلى أن الهدف من حملة الضبط ليس المخالفة بحد ذاتها ولكن للتأكد من التزام مرتادي المناطق البرية بتنفيذ القانون الذي ينص على تغريم كل من يتسبب باختلال النظام الطبيعي بيئات المناطق البرية والقروية والتسبب في تدهورها والتأثير السلبي في المناطق الريفية وسكانها. وأكد أن الوزارة ومديرياتها تقوم بشكل دوري بتنفيذ برامج التشجير المستمر لمواصلة المسيرة التي تضمن ديمومة التوعية البيئية لمرتادي المناطق المليئة بالأشجار المثمرة والحرجية.