الفتاة المعاقة رهينة التمييز المضاعف

الرابط المختصر

إذا كان المعاق يعاني من تمييز مجتمعي، فها هي الفتاة المعاقة تتحمل وزر التمييز مرتين الأولى لكونها معاقة والثانية لكونها امرأة في مجتمع لا يعترف بأهليتها في العمل.

ولا يبدو أن الجهود التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني بحق تلك الفئة من المجتمع مؤثرة وذات جدوى، فيما تقف العشرات من الفتيات المعاقات في طابور البطالة، ينتظرن جهة تقبل بأوضاعهم لكي يعملن وعلى اعتبار أن التوظيف لا ينظر إلى حالة الطالب بقدر ما ينظر إلى قدرته على الإنتاج.

ولا تزال وجدان 25 عاما، تنتظر رد أمانة عمان الكبرى على طلب توظيف تقدمت به منذ ما ينوف عن العام، وتدرك أن تمييزا خفيا تتعرض له، على حد وصفها وذلك بعد مشاهدتها عددا من الشبان المعاقين تم توظيفهم في الأمانة بعد تقديم طلبها، وكأنها تدلل على أن طلبها وضع في الأدراج وأغلق.
 
"أنا امرأة مثلي مثل الرجل، لا اختلف عنه بشيء" تقول وجدان التي تعاني من شلل حركي، "يقولون لي في الكثير من المؤسسات التي تقدمت لها أن الشاب له أولوية في التوظيف لأنه ببساطة يصرف على عائلته بينما أنا فلا يقبلوا بي رغم أن لدي مسؤوليات على اعتبار أن هناك من يصرف عليّ".   
 
البنك الدولي كشف في العام 2008 أن نسبة الإعاقة في الأردن بلغت نحو 3ر5% بمعدل 250 ألفا من مجموع السكان، من كافة فئات الإعاقة الحركية والذهنية والسمعية والبصرية والشلل الدماغي. لكن دائرة الإحصاءات العامة في آخر تقرير لها حددت نسبة المعاقين بـ1,23% على اعتبار أنهم لا يتخطون 180 ألفاً فقط فيما يرى المجلس الأعلى لا يرى بالرقم "مقنعا".
 
نحاول أن نحُدث وعياً لدى الناس وخصوصا القائمين على المؤسسات والشركات يقول ناشط حقوقي..لكن هذا التأثير محدودا أمام عدد من الجمعيات الناشطة في قضايا المعاقين والنساء. فيما تتبع 400 جمعية خيرية للاتحاد العام للجمعيات الخيرية، بينما هناك 1024 جمعية محلية و49 أجنبية مسجلة رسمياً في الأردن. 
 
"سيرتي الذاتية تعبر عن مؤهلاتي مع العلم أني درست دبلوم كمبيوتر وتلقيت العشرات من الدورات التدريبية"، تقول الكفيفة سعاد 23 عاما.  
 
تضيف "دائما ينظرون إلى مؤهلاتنا لا تتجاوز مؤهلات الشباب، قدت لعدة شركات ولم يطلبوني".
 
خليل عمران رئيس جمعية الكفيفات لا ينكر من وجود حالة من الإحباط العام لدى المنتسبات لجمعيته الخاصة بالمكفوفات، يقول  لأنها لا تؤدي رسالتها كما يجب بينما تكون على قدر من الكفاءة في شؤونها الإدارية والأسرية، 
 
المرأة هي المرأة سواء كانت معاقة أو غير معاقة أما الاختلاف يكمن بالكفاءة على ما يقوله دائما عمران "لا تقل الواحدة منهن عطاءً وإبداعا وعملا لكن للأسف التمييز يلازمهن بسبب الوصمة الاجتماعية تجاه المعاق".
 
في الجمعية يعمل عمران ومن معه على كسر الصورة النمطية تجاه المرأة المعاقة والتأكيد على أنها مؤهلة وتعمل باجتهاد ويدعو الجميع زيارة الجمعية للتعرف على ما تقوم به المرأة هناك كدليل على مكانتها وردا على المشككين بقدراتها.
 
لكن مصطفى الرواشدة رئيس نادي الشعلة للمكفوفين يعتبر أن التمييز موصوم بالمرأة والرجل المعاقين على سواء "لا الرجل أفضل حظوظا من المرأة، الجميع ينظر إليهما على أنهما عاجزين وغير قادرين على القيام بالمهام المطلوبة منهما على أكمل وجه وكأنهم يربطون القدرة الذهنية بالجسدية وهذه المصيبة الكبرى".
 
لغاية الآن لم يتحرر المعاق من الوصمة الاجتماعية السلبية، كما يقول الرواشدة، ورغم ما تقوم به الجمعيات الناشطة من نشاطات ودورات تأهيلية "غير أننا لم نصل إلى وقت نشعر فيه أننا جزء من المجتمع".
 
توصي المادة الثانية لقانون حقوق الأشخاص المعوقين لسنة 2007 ضرورة الدمج واتخاذ التدابير والبرامج والخطط والسياسات التي تهدف الى تحقيق المشاركة الكاملة للشخص المعوق في شتى مناحي الحياة دون أي شكل من أشكال التمييز وعلى قدم المساواة مع الآخرين.
 
ويتحدث البند (ج) من المادة الثالثة من ذات القانون على "تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين الأشخاص على أساس الإعاقة" وكذلك البند (د) على المساواة بين الرجل والمرأة المعوقين في الحقوق والواجبات.
 
لكن النصوص القانونية لا تجد مكانا لها على أرض الواقع، إذ يقول الرواشدة أن المجلس ومنذ تأسيسه في العام 2007 لم يتخذ الإجراءات الحازمة لإلزام المؤسسات على تشغيل المعاقين بذلك تفقد النصوص مكانتها.
 
عضو مجلس إدارة الجمعية الأردنية لذوي الاحتياجات الخاصة، محمد حياصات يقول إن "التمييز موجود" منذ الأزل لكن ثمة حوادث متكررة نشهدها يوميا ترتكب بحق المرأة ولا نستطيع مساعدتها.
 
 في المجتمع الأردني تعاني المرأة من التمييز بشكل خاص "هم يعتقدون أن المرأة أساس المشكلات بل ويعتقدون أنها تنقل الأمراض والإعاقات"..يقول حياصات.
 
"نعترف أن هناك تمييز ونظرة سلبية واضحة بحق المرأة، هم يريدونها أن تكون كاملة وغير ذلك مرفوضة في مجتمعها لكن هذا يختلف تماما عند الرجل حتى لو كان معاقا"، يتحدث حياصات وفي باله "قيم مجتمع" لا ترحم المرأة ولا تعطيها الفرصة حتى لإثبات كفاءتها فكيف هو الحال عند المعاقة..هنا التمييز يتضاعف".   
 
حياصات يبحث فيما يخلفه"التمييز" بحق الفتاة المعاقة "قد تصبح انعزالية وتحتاج إلى وقت طويل لكي تتواصل مع الآخرين"..لكن الرهان يرمى على  "وسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني، فالمطلوب أكثر من ما تقوم به بكثير".
 
الفتيات المعاقات ساعيات بأن يكن مقبولات في مجتمعهن ويدركن في ذات الوقت أن المجتمع لا يزال في كثير من الأحيان لا يقبل عمل المرأة غير المعاقة على اعتبار أنها قاصر فكيف هو الحال في الفتاة المعاقة.