الغناء الحديث والراب العربي في الأردن: تقليد أم تعبير عن الذات؟

الرابط المختصر

ظهرت في السنوات القليلة الماضية ظاهرة انتشار الفرق الموسيقية الشبابية، والتي تعتمد على الموسيقى والألحان الغربية مع الغناء باللغة العربية المحكية، وظهر الى جانبها أيضا الغناء بطريقة الراب العربي.هذه الطريقة الجديدة في الغناء جاءت لتعبر عن أسلوب الحياة الجديد الذي يتبعه كثير من الشباب الأردنيين، إلا أنها تواجه انتقاداً من شريحة واسعة من المجتمع الذي لم يتقبل بعد هذا التقليد الصارخ للغناء الغربي.

كثير من هؤلاء الشباب يغنون بكلمات وألحان من تأليفهم، ومعظمهم في مقتبل العمر الشبابي، وهم يتناولون في أغانيهم بعض الظواهر المنتشرة في الوسط الشبابي، كالأزمات النفسية والعاطفية والاقتصادية، او أزمات الحروب والإرهاب وغيرها.
 
بعض المؤسسات عملت على دعمهم وتبني تجاربهم من أجل نقلها للشارع الأردني، إلا أن جل هذه الفرق وهؤلاء المغنين لا يكادوا يكونون معروفين وتفتقد للدعم الكبير، سواء المادي أو المعنوي لكونهم "جدد" في هذا المضمار.
 
مغني "الراب العربي" عمر عثمان والذي بدأ بالغناء منفردا منذ عام ثم مع فرق مختلفة، يرى ان هذا النوع من الغناء أخذ ينتشر في المجتمع الأردني وعلى الرغم من قوله أن قد واجه انتقادا من الناس بسبب عدم تقبلهم له لكونه جاء من الغرب ومن الطريقة الامريكية في الغناء؛ إلا لأنه يشرح وجهة نظره في هذا بقوله "يجب أن لا ننسى أن هذه موسيقى والموسيقى لا تلتزم بحدود الدول، وحينما أخذنا هذا النمط من الأغاني لم نأخذه كما هو وأدخلناه على العرب، لكننا قمنا بنقله على الطريقة العربية والمواضيع التي نتناولها هي المواضيع المتداولة بيننا كشباب عرب".
 
وأكد عمر أنه لاحظ خلال عام أن هذا النوع من الغناء بدأ يحرز تقدما كبيراً وصار يقدم الكثير من العروض الحية المباشرة والتي تلاقي رواجا بين الشباب.
 
لكن صبح البقاعي وهو مغني وعازف في فرقة "كلام" والتي تغني باللغة العربية لكن بموسيقى غربية تماماً يقول "نحن نغني أغاني يسمعها الجميع لكنتا فكرنا أن نعمل شيئاً جديداً ونحن نغني على طريقة الريجيو وقليل من الروك وهي جديدة بين الشباب ولم يجمع بينهما احد غيرنا".
 
وعن التقليد للغرب بطريقة الغناء يقول "طبعا نغني باللغة العربية حتى أن اسمنا عربي (كلام )، فالكلام عربي لكن اللحن غربي بالكامل، اللحن العربي جميل واللحن الغربي جميل أيضا ونحن حاولنا قدر المستطاع أن نبقي اللمسة العربية موجودة في غنائنا".
 
وهو يرى بأن نجاح الحفلات التي يقيمونها دليل على أن هناك تقبلا من الشباب لغنائهم "قمنا بعمل حفلة بالتعاون مع أورانج ريد وقد كانت ناجحة جدا وهذا جعل كل أعضاء الفرقة تتشجع لكي نقف على أرجلنا".
 
الموسيقى ليس لها حدود في الأصل، فلا نستطيع أن نميز بين موسيقى غربية وموسيقى عربية إلا في مسألة الربع نغم والإيقاع، هذا ما كان رأي عميد الأكاديمية الأردنية للموسيقى السابق الدكتور رامي حداد، لكنه قال "إذا أردنا أن نأخذ الموسيقى كموسيقى فهي لغة عالمية يتحدثها الجميع، وبالتالي لا أستطيع ان أمنع أو أن أقول أن هذه الموسيقى خطأ أو أن إدخال النمط الغربي للموسيقى خطأ، لأن هذه الإدخال موجود منذ بدايات الموسيقى".
 
لكن ما يجب التنبه له كما يقول الدكتور حداد إن كان هناك ألحانا كلاسيكية في هذه الإيقاعات الغربية المدخلة الى الموسيقى، أو هل هناك ألحان حقيقية وجمل موسيقية كاملة مبنية بطريقة هارمونية صحيحة أم انها عبارة عن كلام محكي إلقائي وهنا نعتبر هذا تشويش للأذن، وتشويش لكلمة موسيقى بحد ذاتها".
 
وبرأيه فإن من يتقبل هذا النوع من الغناء هم من نفس الفئة العمرية ولهم نفس الاتجاهات تقريبا ولذلك يقبلونها ظانين أنها مناسبة لهم.
 
ويعتبر حداد أن هذه الظاهرة ستزداد إذا ما لم يتم تثقيف الشباب على عدم تقبلها "الدور على الأهل والإعلام والمدارس والجامعات، إذا لم يكن هناك تثقيف صحيح للجهات المسئولة عن الشباب، فسوف تزداد هذه الظاهرة، يجب أن يعرفوا ما هي الموسيقى الحقيقية والمناسبة لهم".
 
ويعتبر بعض الشباب المتابعين لهذه الظاهرة أنها جديدة ومناسبة لعصرهم الحالي، بينما يعارضها كثيرون آخرون لأنها لا تناسب تقاليد وعادات مجتمعهم المحافظ والكلاسيكي الى حد ما، لكن المجتمع في نهاية الأمر يقرر ما يريد.

أضف تعليقك