الغرايبة يشن هجوما على التعليم العالي

الغرايبة يشن هجوما على التعليم العالي
الرابط المختصر

شن الناطق الاعلامي باسم حزب جبهة العمل الاسلامي رحيل الغرايبة هجوما شرسا على واقع التعليم العالي في الاردن مطالبا في بيان صحفي التوقف "عميق" امام المشكلات التي يعاني منها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي واجراء "جراحة" لهذا القطاع "الهام" ،لافتاً الى انه يشهد "تراجعاً مضطرداً".


واشار في تعقيب له على حيثيات هذا الملف الى "ضرورة" تصويب سياسة القبول في الجامعات، بحيث يكون القبول "على أساس التنافس بين المعدلات فقط ودون أي اعتبارات أو امتيازات أخرى"،منبهاً الى انّ "التمييز في سياسات القبول يسبب مشكلات نفسية واجتماعية كثيرة"،وتابع "ينبغي أن توضع الخطة العلاجية اللازمة للتخلص منه بأسرع وقت ممكن، بعد أن تتاح الامكانات والمرافق التعليمية المتساوية لجميع المناطق التعليمية في الأردن على مستوى التعليم العام".
كما لفت الى ان "التمييز" بين الجامعات الرسمية والأهلية، "خطأ اجتماعي وتربوي، لأنه يشعر المجتمع ابتداءً بالفوقية والدونية بين مؤسساته العامة والخاصة".وتابع"ومن هنا ينبغي أن تكون سياسة القبول واحدة في الجامعات الرسمية والأهلية، وتعتمد فقط على مجرد النجاح في هذه الشهادة من جهة، وعلى مدى استيعاب الجامعات من جهة أخرى. وهذا لا يمنع أن يوضع حد أدنى للقبول في بعض الاختصاصات كالطب والهندسة، على أن يكون هذا الحد الأدنى متساوياً بين الجامعات الرسمية والخاصة، لأن تحديد حد أدنى للقبول في الجامعات الأهلية، يعزز النظرة الدونية إلى تلك الجامعات، والمطلوب تطبيق معيار المساواة في جميع الجوانب بين الجامعات الرسمية والخاصة".
ونوه الغرايبة الى ان "تراجع" الحياة السياسية في الأردن أدى إلى "ملاحقة الحريات الطلابية والتضييق الأمني على النشاط الطلابي، وإصدار التعليمات الظالمة التي تنتقص من حق الطلاب في انتخاب ممثليهم بحرية ونزاهة".واشار في هذا الصدد الى جملة من الملامح المرتبطة بهذا الامر من بينها على الصعيد الطلابي تغيير تعليمات المجالس الطلابية التي "تتيح لرئاسة الجامعة التدخل المباشر فيها من خلال إعطائه حق تعيين نصف الأعضاء والرئيس كما هو حاصل في تعليمات بعض مجالس الطلبة، بالإضافة إلى فرض بدعة الصوت الواحد، التي أثرت تأثيراً بالغاً على الفرز القيادي للمجتمع الطلابي، مما أشاع الإحباط والبأس في الشارع الطلابي، وجعلهم يعيشون جوّاً استبدادياً مظلماً".
وثاني هذه الملامح "عزوف الطلبة بجمهورهم الغالب عن المشاركة في الانتخابات والنشاطات، مما جعلها حكراً على فئة قليلة غير قادرة على تلبية حاجات الطلبة والتعبير عن أرائهم وطموحاتهم، مما أسهم في تقزيم المؤسسات الطلابية بحيث أصبحت مهزلة، وليس مؤسسة قيادية محترمة لها اعتبارها وهيبتها عند الجماهير الطلابية".
وعد من افرازات غياب الحريات الطلابية كذلك "ظهور النزعات القبلية الضيقة، والتعصب الإقليمي المقيت، مما أدى إلى ظهور النزاعات الطلابية العنيفة التي ترتكز على أسباب تافهة تنبع من شنشنات قبلية ونظرة إقليمية ضيقة، أساءت إلى وجه الأردن أولاً، كما أساءت إلى الجامعات وإلى العمل الأكاديمي على وجه العموم. وأصبحت الساحات الطلابية الجامعية ميداناً لمعارك عنيفة تستخدم فيها الأيدي والعصيّ والحجارة والجنازير وأحياناً الأسلحة النارية".
واشار الى "تدهور المستوى الأدبي للنشاطات الطلابية، وخلوّ المسارح والأندية من النشاطات الثقافية المحترمة، فلا محاضرات ولا ندوات ولا مسرحيات ولا مسابقات إبداعية، وأصبحت الأجيال الطلابية مقفرة من الكفاءات المتميزة، ولم تعد الجامعات تسهم في النهضة الأدبية الأردنية، ولا النهضة العلمية يعزا لسياسة ملاحقة الحريات الطلابية والتضييق الأمني على النشاط الطلابي"
كما لفت الى "إصدار أنظمة عقابية قاسية تحرّم النشاط الطلابي، وتمنع توزيع بيان أو نشرة أو ملصق، ومن يفعل ذلك يكون معرضاً لعقوبة الفصل، مما أوجد انفصاماً مريعاً بين الواقع الطلابي وواقع مجتمعهم الخارجي؛ ممّا أدّى إلى اندثار شعار تفاعل الجامعة مع المجتمع، وأوجد قطيعة بين الأجيال الشبابية ومجتمعهم".
وايضاً كان من افرازات التضييق على الحريات الطلابية "حرمان الطلاب من أي نوع من التفاعل السياسي، أو القيام بأي نشاط يعبر عن رأيهم في الأحداث الجارية، واعتبر ذلك جريمة تستحق الفصل من الجامعة، لأنه تم تصنيف هذا النشاط أنه من أعمال التحريض على العنف؛ ممّا حول الجامعات إلى سجون أمنية، ينتشر فيها الخوف والذعر، وتغيب فيها الحريّة، ممّا يعدم الإحساس الرجولي لدى الجموع الطلابية في قضايا أمتهم وأوطانهم، وكأنهم في جزر معزولة ليس لها علاقة بأمة أو وطن".
كما كان من النتائج "فقدان الشخصية الطلابية لعوامل الصقل والمهارات القيادية، وفقدانه لأي نوع من أنواع التجارب العملية على صعيد الحياة العامة، ممّا أفقد المجتمع الأهلي أهم رافد قيادي قادم من طريق الجامعات".
اما فيما يختص بالمشاكل المتعلقة بالكادر التعليمي فقال الغرايبة ان أهم المشاكل المتعلقة بأعضاء هيئة التدريس تدور حول طريق التعيين وأسلوب الاختيار،والكفاية الماديّة،وعدم توافر مظلة نقابية تحرص وتحمي حقوقهم وتطالب بإنصافهم،وعدم توفير الوقت الكافي لعضو هيئة التدريس من أجل التحضير لعمله،و"الادارات التجارية" لبعض الجامعات الخاصة.
وبشأن طريقة التعيين اوضح الغرايبة أن "المفروض أنّ عملية التعيين يحكمها نظام شفاف معلن ومتفق عليه، بحيث يتيح منافسة شريفة وعادلة، تقوم على معايير مدروسة وواضحة، وتخلو من المزاجية والمحسوبية، وإذا كان هذا النظام متوافراً في معظم الجامعات والكليات، لكن التجربة العملية تشير إلى تخطي هذا النظام وعدم تطبيقه في كثير من الحالات، وفي الأغلب فإن عملية التعيين تخضع لمعايير قائمة على المعرفة الشخصية والمصالح المتبادلة".
وتابع "يبدو أن هذه المشكلة مأخوذة من المجتمع الخارجي الذي ما زال سائداً في الأردن حتى هذه اللحظة، وقد زادت هذه المشكلة استفحالاً بعد ظهور الجامعات الخاصة التي تديرها شركات تجارية، وعدد من رجال المال والأعمال، التي تخلو من الرقابة الحكومية أو أي نوع من الرقابة الخارجية، إذ أنّ عملية التعيين تخضع لرغبة رب العمل، الذي استطاع أن يحوز على أغلب الأسهم التجارية التي تتيح له اليد المطلقة في إدارة أمور الجامعة".
ولفت الى انه "نتج عن العملية المزاجية في إجراءات التعيين ظهور أكبر مشكلة متعلقة بالتعليم العالي، إذ أدى ذلك إلى أن يتبوأ عدد كبير من غير الأكفياء لهذه المهمة الرفيعة في حين يتم استبعاد بعض أصحاب الكفاءة مما يحرم الطلاب ثمرة الخبرات المتميزة".
كما اشار الى ان الجانب الآخر المتعلق بعملية التعيين "يعود إلى تدخل الأجهزة الأمنية في التعيين، وتدخل الأجهزة الأمنية قائم على نظرة سياسية بحتة، تخلو من النظرة الفنية المتعلقة بالكفاءة وحسن الأداء، وينتج عن ذلك حرمان عدد كبير من أصحاب الشهادات العالية والتخصصات النادرة، والكفاءات المتميزة من التعيين في الجامعات، بسبب ميولهم السياسية، وهذه المشكلة واضحة وجلية في جامعاتنا الأردنية".
وبخصوص المشكلة الثانية التي تتعلق بالكفاية الماديّة،قال ان سلّم رواتب أعضاء هيئة التدريس "ما زال متدنياً، ولا يحقق الحاجات الأساسية لعيش كريم لأعضاء هيئة التدريس. خاصة في ظل التضخم الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة، وتباطؤ النموّ الاقتصادي، ولذلك ما زال عضو هيئة التدريس الجامعي غير قادر على توفير المسكن الملائم، وامتلاك وسيلة النقل المناسبة، فضلاً عن القدرة على تدريس أبنائه وأفراد عائلته".
وتابع "هذه المشكلة يترتب عليه جملة من الآثار السلبية أهمها هجرة الكفاءات المحلية إلى خارج الأردن بحثاً عن الرزق والعيش الكريم، مما يؤدي إلى فراغ كبير على صعيد التخصصات المطلوبة والخبرات المتميزة.
وشدد على اهمية الانتباه الى مشكلة عدم توافر مظلة نقابية تحرص وتحمي حقوقهم وتطالب بإنصافهم، وتتحدث باسمهم، وتعنى بشؤونهم الاجتماعية، وتعمل على رفع مستواهم العلمي، وتحقيق التواصل بينهم، وترعى من يفقد عمله لأي سبب من الأسباب بالإضافة إلى مهماتها الأخرى.
ونوه الى مشكلة عدم توفير الوقت الكافي لعضو هيئة التدريس من أجل تحضير الدروس، ورفع مستواه العملي وكفاءته التدريسية واكتساب المهارات الحديثة، واستعمال أدوات البحث، وإنجاز التقارير المطلوبة وكتابة الأبحاث العلمية والإسهام في خدمة المجتمع الأهلي، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية، وتأليف الكتب المنهجية والتخصص.
اما مشكلة الجامعات الخاصة التي تديرها شركات تجارية،فقال أن العاملين "يتعرضون لعمليات فصل تعسفي من أرباب العمل، وبحماية القانون، دون أن يستطيع أحد إنصافهم، وغالباً ما يتم فصل أعداد كبيرة بالجملة من أجل الإتيان ببدائل لهم من الأعضاء الجدد الذين تقلّ رواتبهم عن رواتب القدامى بحكم الخبرة، فيكون الفصل قائماً على معيار ربحي مادي فقط".
وفيما يتعلق بالمشكلات والتحديات التي تواجه البحث العلمي في الجامعات الأردنية قال الغرايبة ان تقييم البحث العلمي "يتطلب" إجراء إحصائيات و"مراجعة شاملة" للمشكلات المتعلقة بالبحث العلمي على مستوى الجامعات الأردنية،غير انه اشار الى عدد من المشكلات  التي تكتنف هذا الشأن من بينها حداثة البحث العلمي وقال "نجد أن الأسس البحثية تتغير من باحث لآخر ومن جامعة لأخرى بالرغم من أن الخبرة التنظيمية في مجالات البحث من العلوم التي تعتمد المحاولة والخطأ، مما أدى إلى تغير الكثير من البحوث.ونقص المراجع العلمية المتخصصة لارتفاع أثمان الكتب والمجلات وتجديدها المستمر، وإنّ توفرت المراجع الأجنبية فإنّ درجة إتقانها ضعيفة وهو ما يؤثر سلباً على مستوياتهم العلمية وفاعلية بحوثهم،و تخلف المحيط الإجتماعي"،إذ أنّ "هناك نسبة كبيرة في المجتمع غير واعية لأهمية البحث العلمي وينظر إليه أنه مضيعة للوقت والجهد والمال، حيث تعطي الأهمية لأصحاب الثروة والنفوذ بينما تتدنى مكانة الباحث لأنه لا يملك أياً منهما، فمعظم السياسات في الجامعات التي تنتهج في توطين التكنولوجيات الإنتاجية لا تعمل على تشجيع أنشطة البحث العلمي والتكنولوجي، بل إنّ مكانة الباحث تؤثر سلبياً وتغير مفهوم البحث جذرياً ليصبح لا يتعدى مفهوم الوظيفة العامة".
وكذلك من اسباب تواضع البحث العلمي اشار الغرايبة الى "ضعف" الإمكانات المتاحة/وقال "نجد أنّ البحث العلمي بحاجة إلى هياكل وأجهزة متطورة وهذا يعود إلى ضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمي وسوء تسييرها مما يدفع كثيراً من الباحثين إلى الهجرة بحثاً عن جهاتٍ أخرى توفر إمكانات البحث ووسائله وظروفه.وقلة تفاعل مراكز البحث مع محيطها"، حيث "نجد أنّ المحيط الإقتصادي العام غير مناسب للتطور العلمي نتيجة لضعف القدرات الاقتصادية وقلة تفاعلها مع البحث العلمي.وتخطيط البحث العلمي لم يخرج من كونه مرحلة سياسية كخطة أهداف وبالتالي مرحلة منهجية أكثر تقدماً وتطوراً "كخطة برامج هادفة" على شكل أهداف مبرمجة ضمن المخطط الوطني تترجم إلى مشاريع محددة زمنياً لحل مشكلات القطاعات التنموية المختلفة، ويلاحظ أن واقع البحوث الحالية الجامعية لم تخرج عن أسوار الجامعة".
ولفت الى ان البحث العلمي في الجامعات أو مراكز البحث "لا تربطه علاقة تنظيمية بقطاعات التنمية" لعدة أسباب أبرزها:التنظيم القانوني لقطاعات التنمية "لا يحثها على الاستعانة بمراكز البحث لحل مشاكلها.وعدم الثقة بقدرة البحث العلمي الوطني من قبل المسؤولين في هذه المراكز واستعانتهم بالمراكز الأجنبية.ضعف التمويل المادي للبحث العلمي، إذ أنّ الجامعة لا تمنح مكافآت مادية مشجعة للبحث الذي يقوم به عضو هئية التدريس وحينما يدعم البحث من الجامعة ففي أغلب الأحيان يحصل الباحث على أقل من تكاليف البحث ولا تتحمل الجامعة أجور النشر في المجلات العربية أو الأجنبية، وهذا يعود إلى عدم قدرة ميزانية الجامعة على ذلك، مما يترتب تكاليف على الباحث تعيقه عن التقدم في كتابة عدد من البحوث التنموية التي تحتاج إلى التطبيق الفعلي في البيئة الأردنية.وقصور المجتمع في فهمه لوظيفة الجامعة، وهو أن المجتمع لا زال يعتقد أن وظيفة الجامعة هي استهلاك المعرفة بالدرجة الأولى أي تلقين المعرفة المنتجة من قبل الآخرين ولا يمكنها إنتاج هذه المعرفة.و ضعف القدرة على استخدام بنوك المعرفة بحيث لا بد من توفر كل ما توصل إليه العلم الحديث في مجال المعرفة بموضوع البحث لتكون في متناول أيدي الباحثين عن طريق الإعلام الحالي على غرار (الإنترنت) والتي تتوفر فيها جميع الشروط الدقة والكثافة والسرعة وسهولة الوصول إليها من قبل الباحث، لكن هذه الأجهزة قليلة جداً وإن وجدت فإن استخدامها لا زال ضعيفاً لأبعد الحدود، إضافة إلى ضعف الباحثين العرب في اللغة الأجنبية.وعدم وضوح إستراتيجية للبحث العلمي على المسارين الأكاديمي والواقعي لحل المشاكل اليومية في مختلف القطاعات.ونقص أو غياب الحوافز المادية والإدارية لتشجيع وتحفيز النخبة العلمية على العطاء.وتحمل وسائل الإعلام مسؤولية كبيرة في فشل المنظومات التعليمية والتربوية في الأردن لأنها تساهم في تكوين الثقافة العلمية اللازمة للشرائح الاجتماعية المختلفة من أجل مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية، فغالباً ما تركز على معالجة قضايا سياسية واقتصادية أما الوثائق العلمية تبث في أوقات بعيدة عن مساحات الذروة".
 
واقترح لتطوير البحث العلمي وضع إستراتيجية للبحث العلمي على المستوى الوطني على الأقل مع مراعاة الإمكانات المادية والبشرية والتطبيقية والزمنية،والتنسيق بين الجامعات ومراكز البحث لتطوير الدراسات العليا والبحث العلمي وذلك على كافة المستويات الوطنية والقومية والعالمية،والتوجه نحو الموضوعية في البحث وذلك بالاكتفاء باستقراء الوثائق ومراجعتها وإعادة تنظيم البحث العلمي بالدخول إلى مجال النقاش المنهجي بالموضوعية والفاعلية.،وتشجيع مشاريع البحث المستقلة خاصة وأن الجامعات لن تكون قادرة بأية حال على مواصلة تمويل كل مشاريع البحث.والاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي،وإثبات الذات الفردية وإقناع المجتمع بأهمية البحث العلمي في توفير وسائل الراحة والحياة الكريمة للمجتمع.وتوفير الدوريات المتخصصة وربط مراكز البحوث والجامعات ببنوك المعلومات الوطنية والقومية والعالمية،وزيادة تمويل البحث العلمي وتشجيع وتحفيز القائمين عليه.
وشدد على ان نجاح البحث العلمي وأنشطته المتنوعة "يستدعي إدارة سياسية قادرة على إيصاله إلى المكانة الاجتماعية والثقافية لتجعل من الإنتاج الفكري أحد أنماط الإنتاج المتطورة واحد القطاعات الصناعية ولا بد من مواكبة الأبعاد التطورية للبحث العلمي من أجل التجمع والمبادرة إلى إنشاء أقطاب علمية على مستوى الجامعات وإعادة تنظيم أولويات البحث بما يخدم المصالح الديناميكية بعيداً عن التنظيمات الإدارية البيروقراطية التي تدعو إلى الروتين وقتل الإبداع والابتكار من أجل معايشة الواقع العربي".

وفيما يتعلق بالرسوم الجامعية اشار الغرايبة الى الدراسة التي قام بها التجمع الطلابي بالجامعات الأردنية الرسمية من خلال حملة "ذبحتونا" حول الرسوم الجامعية وعلاقتها بالدعم الحكومي للجامعات وصناديق دعم الطالب الجامعي والتي كشفت أنّ نسبة الإنفاق الحكومي في الأردن على التعليم العالي من الدخل القومي تعتبر من أقل النسب إذا ما قورنت بمثيلاتها من دول العالم الثالث، حيث أنها لا تتجاوز 1.13% من الدخل القومي.
ودعت الدراسة إلى وقف التوجه لرفع الرسوم الجامعية والسعي لشمول نسبة أكبر من الطلبة في صناديق دعم الطالب الجامعي، وإلغاء البرامج الموازية والمسائية التي لا تحقق العدالة للطالب تحت أي ظرف.
وبشأن موارد الجامعات بينت الدراسة المذكورة أن موارد الجامعات الرسمية تتأتى من عدة مصادر أهمها الرسوم الجامعية، ثم يأتي بعد ذلك الدعم الحكومي (الرسوم المضافة والرسوم الجمركية)، ثم تأتي إيرادات تحت بند الأموال المنقولة وغير المنقولة والتسهيلات الائتمانية وإيرادات أخرى. وأظهرت أنه وبالرغم من أن هذه الجامعات هي جامعات رسمية إلى أن الدعم الحكومي لها لا يزيد عن 23% من مجمل إيرادات الجامعة من الرسوم الجامعية، مظهرة الدراسة بعض الأمثلة من الجامعات الحكومية ففي الجامعة الأردنية ارتفعت الإيرادات من الرسوم الجامعية من (52.788.000) دينار عام 2002م، لتصل إلى (94.290.000) عام 2005م أو بنسبة زيادة 89.64%، بينما ارتفع مجموع الإيرادات للجامعات الرسمية من (127.135.001) دينار عام 2002م ليصل إلى (586.551.661) دينار عام 2005 وبنسبة 65.2%.
وحول سياسات القبول في الجامعات أظهرت الدراسة أن نسبة الطلبة الملتحقين بالبرامج دون قائمة القبول الموحد في ازدياد مستمر ليزيد رسم الطالب الواحد في أي برنامج عن رسوم الجامعات الخاصة، كما أظهرت الدراسة ارتفاع نسبة طلبة البرنامج الخاص في الجامعة الأردنية من 30.6% عام 2002إلى 36.3% عام 2006م، وهذا يشير إلى توجه حكومي واضح لتحويل الجامعات الرسمية أو على الأقل الأردنية والعلوم والتكنولوجيا إلى جامعات خاصة أو شبه خاصة.
وقسمت الدراسة فئات الطلبة المقبولين في الجامعات الأردنية الرسمية الى البرنامج العادي وهم الطلبة المقبولين على أساس التنافس من خلال لجنة تنسيق القبول الموحد وهي تضم طلبة التنافس وباستثناء طلبة المكرمة الملكية الذي يحصلون على منحة دراسية كاملة والطلبة العرب، فإنّ باقي الطلبة يخضعون لرسوم الدراسة التي تحددها وزارة التعليم العالي.والقسم الثاني الدارسون بالبرنامج الخاص ويضم طلبة البرنامج الموازي والمسائي و الدولي والاستكمالي وهؤلاء يدفعون رسوماً دراسية عالية مقارنة بطلبة البرنامج العادي ولا يخضعون للجنة تنسيق القبول الموحد.

وفيما يتعلق بصندوق دعم الطالب تطرقت الدراسة المشار اليها إلى محور صندوق دعم الطلبة وكشفت أن عدد الطلبة في الجامعات الأردنية ( 123,48) منهم ( 95,798 ) منتظمون ضمن البرنامج العادي ، وبعد خصم 25% من هذا الرقم وهو ما تمثله نسبة المكرمة الملكية والطلبة العرب فإن عدد طلبة البرنامج العادي الذين يقومون بالدراسة على نفقتهـم الخاصـة هـو ( 76,638 ) طالبا وطالبة . وقد قامت الحكومة في عام 2005 بإصدار"نظام صندوق دعم الطالب في الجامعات الرسمية "الذي يستهدف دعم هذه الفئة من الطلبة ، إلا أن هذا النظام ورغم مرور سنتين على إنشائه لم يستطع أن يغطي سوى نسبة ضئيلة من الطلبة وذلك على الرغم من الارتفاع الكبير في الرسوم الجامعية في فترة خمس سنوات السابقة . وقد قدمت الوزارة وبحسب الارقام الخاصة بالدراسة ( 724 ) قرضا فقط لا غير في الجامعة الأردنية من أصل ( 16190 ) طالبا وطالبة أي ما يقارب 7,16% ، بينما بلغ إجمالي المنح والقروض ( 5883 ) قرضاً ومنحة من أصل ( 75508 ) طالب وطالبة أي بنسبة 7,79% . فهل يعني هذا أن 8,4% فقط من طلبة الجامعات هم من غير القادرين بينما لدينا 91,6% من الطلبة هم من أصحاب القدرات المالية لتغطية التكاليف الباهظة للتعليم ؟،،

وبخصوص زيادة الرسوم تحدثت الدراسة عن محور رفع الرسوم الجامعية حيث أظهرت القرار الحكومي عام 2002 بالرفع التدريجي للرسوم الجامعية وعلى مدى خمس سنوات ، إلا أنها رفعت الرسوم لعامي 2002 - 2003 ، ثم توقفت عن ذلك ، ويبدو أن السبب في توقفها هو العبء الكبير الذي وضعه الارتفاع الطفروي على كاهل المواطن ، وتكفي الإشارة إلى أن تكلفة دراسة طالب الطب في الجامعة الأردنية 2150 ديناراً سنوياً ، بينما كانت في سنة 2001 (1000) دينار أي زيادة بنسبة 115% .
واظهرت الدراسة تفاوت نسب ارتفاع الرسوم الجامعية في الأعوام الخمس الأخيرة ما بين 93% في تخصص المحاسبة ـ اليرموك ، إلى 370% في تخصص الحاسوب ـ الجامعة الأردنية وهي نسب تعتبر خيالية إذا ما قيست بقصر الفترة الزمنية. وتحدثت الدراسة عن ارتفاع رسوم التسجيل في الجامعة الأردنية مثلا التي ارتفعت من (25) دينارا لتصبح (48) دينارا في كل فصل دراسي وبزيادة بنسبة تزيد عن 95% ؟؟ واعتبرت الدراسة ان التعليم الجامعي هو واجب على الدولة ، فالمواطن الذي يدفع ضرائب ورسوم للجامعات من حقه أن يحصل أبناؤه على حقهم في التعليم العالي في الجامعات الرسمية ، ولا يحق للحكومة أن تلغي الدعم عن الجامعات لأنها بالأساس لا تدعم الجامعات بل الدعم يأتي مباشرة من المواطن للجامعات عن طريق الرسوم الإضافية ، والرسوم الجمركية . وطالبت الحكومة ليس التراجع عن دراستها وإلغاء الموازي والتوقف عن رفع الرسوم الجامعية فقط ، بل عليها أن تقوم بخفض الرسوم الجامعية وذلك حتى لا يصبح التعليم العالي مقتصراَ على طبقة معينة وهو الأمر الذي بدأ يتجسد في جامعاتنا الرسمية.
وأشارت الدراسة إلى أن تكاليف الدراسة للتخصصات في الجامعات الرسمية ، تؤكد أن أبناء الطبقة الوسطى من موظفين ومعلمين ومهنيين لن يستطيعوا تأمين هذه التكاليف لأبنائهم ، وبالتالي فإن التعليم العالي الذي كان يوصف بالنخبوي "بدأ يتحول الآن إلى تعليم أكثر نخبوية ليقصي الكثير من شرائح المجتمع مما سيؤدي في المستقبل إلى تشويه تركيبة المجتمع وخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة".