العيد بين سطور كتّـاب الرأي

العيد بين سطور كتّـاب الرأي
الرابط المختصر

استعرض عدد من كتاب الرأي في الصحف اليومية في أعداد الصحف ليوم الثلاثاء، أول أيام عيد الأضحى، انطباعاتهم عن حلول العيد هذا العام وظروف استقباله ومعانيه البعيدة، قبل احتجاب تلك الصحف حتى بداية الأسبوع المقبل.

رئيسة تحرير صحيفة الغد جمانة غنيمات، أجملت أهم ما سيدور في جلسات المواطنين على اختلاف شرائحهم خلال أيام العيد، مشيرة إلى أن القضية التي ستسيطر على تلك الجلسات ستكون مرتبطة بشعور الأردنيين حيال حكومة د. عبدالله النسور، التي يعتقد الأردنيون أنها الأقسى عليهم مقارنة بالحكومات السابقة جميعا، "وسينشغل العامة بنقد الحكومة ورئيسها على وجه الخصوص"، "وسيعدد الناس السلع التي ارتفعت أسعارها".

وثاني الملفات التي ستشغل جلسات العيد، فسيكون بحسب غنيمات، "هيبة الدولة، وتطبيق القانون، وتزايد عدد الجرائم وتطور أدواتها وأشكالها"، "وسط نقد شديد لتفشي الجريمة واستمرار ظاهرة سرقة السيارات وابتزاز أصحابها لاستعادتها، مع فشل رسمي في وضع حد لهذه المشكلة التي صارت تؤرق المجتمع"

وأشارت غنيمات المتخصصة بالشأن الاقتصادي إلى استمرار الطلب على الأضاحي رغم ارتفاع أثمانها، متسائلة "كيف يمكن لبلد يضم أكثر من 150 ألف عائلة فقيرة، وبما يساوي 750 ألف فقير، أن يبقى أهل الخير فيه ينفقون نحو 50 مليون دينار على الأضاحي التي لا تنجح في نهاية النهار في تخليص عائلة من فقرها المزمن؟! فيما يمكن لهذه الأرقام إحداث فرق حقيقي في حياة كثير من الأسر، لو أُنفقت في أوجه أخرى".

عيد ومعتقلون:

ترى الكاتبة غنيمات أن الوضع لدى الحراكيين وعائلاتهم سيكون  مختلفا، حيث سيشكل ملف توقيف عدد منهم القضية الأسخن، وقد أصابهم الإحباط نتيجة عدم الإفراج عن أولئك الشباب عشية العيد، رغم مطالبة الكثيرين بذلك، من سياسيين وإعلاميين ومراقبين، مع غضبهم من الحكومة التي لم تُحرك ساكنا لتكفّل النشطاء الموقوفين قبيل العيد.

كما يتوقف الكاتب محمد أبو رمان لدى "خيبة الأمل" بعدم وجود إرهاصات وبوادر للإفراج عن معتقلي الحراك مع حلول العيد، بالرغم من الدعوات المتتالية لذلك من قبل سياسيين ونواب وإعلاميين ومثقفين؛ وبالرغم كذلك من البيان المهم الذي أصدره المركز الوطني لحقوق الإنسان، وحمل لهجة نقدية حادة ضد الإجراءات التعسفية التي رافقت الاعتقال، وضد تحويل هؤلاء النشطاء إلى محكمة أمن الدولة، مطالباً بالإفراج الفوري عنهم.

ويشير أبو رمان إلى المفارقة المتمثلة في دلالة الاعتقالات التي تأتي بعد أن أوعز الملك إلى رئيس الحكومة، د. عبدالله النسور، بتعديل قانون محكمة أمن الدولة ليتلاءم مع التعديلات الدستورية التي جرت بخصوصه، وفي جوهرها عدم تحويل النشطاء والسياسيين إلى القضاء العسكري بسبب قضايا تمس الحق في التعبير والحريات العامة والمواقف السياسية.

ويوضح الكاتب احتمالية أن تكون هذه الاعتقالات شكلا من معاقبة هؤلاء الحراكيين على المرحلة الماضية، وتحديداً مسؤوليتهم عن رفع سقف خطاب الحراك، وإمّا هو إجراء وقائي لضمان الحدّ من دورهم وتأثيرهم مستقبلاً، في ظل استمرار الهواجس الحكومية من التداعيات الشعبية للقرارات الاقتصادية والأزمة المالية.

ويؤكد أبو رمان أن قرار الاعتقال هو قرار سياسي بامتياز، مشيرا إلى معارضة عدد من الوزراء الفاعلين في الفريق الحكومي لهذه الإجراءات.

فـ"العيد مناسبة لتنظيف السجون من معتقلي الرأي ومن سجناء الخصومة السياسية ،والكف عن كل أساليب الاهانة والتعذيب والتعنيف ، ومناسبة لعملية اصلاح جماعي ، ومصالحة وطنية ،يكف بعضنا عن شيطنة بعض وبكف بعضنا عن التنكيل ببعض" وفقا للكاتب د.رحيل غرايبة.

العيد ورقصات الموت فوق الخرائب:

إقليميا، يستعرض الكاتب عريب الرنتاوي أرقام القتلى والمشردين في المنطقة "سورية ومصر والعراق والسودان"، ما بين عيد الفطر الماضي وعيد الأضحى، ليصل إلى أن "الحداد العام يجب أن يعلن على مدار الساعة، وسبعة أيام في الأسبوع، إلى أن يتوقف هذا النزيف القاتل الذي أنهك جسد الأمة وبعثره مزقاً وأشلاء متناثرة".

ويضيف الرنتاوي "نستقبل عيداً ونوّدع آخر، على أمل أن نكون في قادمات الأعياد أفضل حالاً من سابقاتها ... فإذا بكل عيد يحمل معه قوافل جديدة من الضحايا والمزيد من عمليات القتل والتهجير والتخريب، بالجملة لا بالمفرق، وإذا بحالنا يتردى إلى أسفل درك".

ويخلص الكاتب إلى التساؤل بعجب "كيف لنا أن نُسعد أطفالنا الذين ينتظرون العيد بفارغ الصبر والشوق، ونحن الذين فقدنا القدرة على الفرح والابتهاج، ونسينا طقوس العيد ... أعجب كيف لفاقد الشيء أن يعطيه ... لكننا مع ذلك مستمرون أو بالأحرى، مبرمجون على مزاولة عاداتنا وطقوسنا، حتى وإن فقدت طعمها ونكهتها ورائحتها ... مستمرون في أداء رقصات الموت فوق خرائب بيوتنا وأشلاء من نحب".

ورغم تعدد الملفات  التي قد تشغل المواطن الأردني خلال عطلة العيد، التي استعرضتها الكاتبة غنيمات، إلا أن هذه الملفات ستصبح لا شيء أمام القتل والتدمير ودم الأطفال والنساء الأبرياء في دول الجوار الشقيقة، "وسيحمد الأردنيون الله على نعمة الأمن والأمان".

أما الكاتب د.رحيل غرايبة، فينظر إلى العيد بأبعاد مختلفة، حيث لا يمثل شكلاً طقوسياً فقط، لتأدية بعض الشعائر الجافة، وهو ليس مناسبة للتفاخر بالهندام الجميل والمظاهر الخادعة، بل محطة سنوية هامة في تاريخ الأمة الإسلامية، على صعيد الأفراد والعائلات والشعوب والدول، من أجل استحضار منظومة قيم الوحدة والتعاون والتكافل والتسامح والتغافر، من أجل إعادة ترميم العلاقات البينية.

و"يأتي العيد في الوقت المناسب ليذكرنا بضرورة الإيمان بقيمة الحرية، التي تعد قسيماً لإنسانية الإنسان وآدميته، إذ لا جدوى من الحياة بلا حرّية، ولا قيمة للإنسان بلا فكر، ولا وزن للآدمي بلا إرادة"، بحسب غرايبة.

ويؤكد أن المطلوب في العيد بطريقة أولى وأشد أن يتجه الإنسان إلى الخروج بقلب جديد ،ونفسية جديدة ، ووجدان جديد ، وعقل متجدد منفتح نحو بناء علاقات جديدة قائمة على الود والمحبة وسلامة الصدر.

أضف تعليقك