العنف الاقتصادي يفاقم مشكلات الصحة الإنجابية للنساء
عمّان- عهود محسن
حياة (اسم مستعار) 27 عام متزوجة وأم لأربعة أطفال تقول:" أجهضت نفسي 4 مرات لأنه ما بدي أجيب كمان ولاد، فقر وجوع و خلفة كثير!" ولادي مش قادرة أطعميهم؛ جوزي ما بيشتغل من وقت كورونا قاعد بالبيت.
كنت أعمل مرافقة طلاب بباص مدرسة من الساعة 6 صباحًا وحتى 3 عصرًا بأجرة 200 دينار شهري كان ياخد زوجي منهم 100 والباقي بنعيش فيهم، آخر مرة أجهضت فيها "النزيف هد حيلي".
رحت للمركز الصحي (حكومي) كتبلي أدوية وفيتامينات وطلب مني فحوصات ما قدرت أعملهم ما معي فلوس رغم إنه المبلغ مش كبير وبصراحة "خبزات ولادي أهم" لأنه زوجي رافض يعالجني أو يساعدني بمصروف البيت وبيقلي "دبري حالك".
تكرر تعبي وبطلت أقدر أداوم مع الطلاب وأصحاب المدرسة استغنوا عن خدماتي ورجعت على البيت للمشاكل مع زوجي والضرب، صار عندي أنيميا ونسبة دمي ثمانية مخزون الحديد صفر صداع مستمر دوخة إرهاق ومش قادرة أتعالج أي (فلس) بيكون بإيدي زوجي بياخده لدخانة.
دكتور المركز الصحي حذرني من عدم الالتزام بالعلاج وعمل فحوصات وعملية تنظفيات Dilatation and Curettage لأنه عندي ألم مستمر بظهري وبطني وأسفل الحوض وزادت هاي الحالة معي بعد ما ضربني زوجي لما تركت العمل.
العنف الاقتصادي (Economic abuse) حرمان النساء من التصرف في الموارد اقتصادياً أو المساهمة في إتخاذ القرارات المالية التي تهمها وتؤثر في مستقبلها والتي تجعلها معتمدة كلياً على غيرها. وتشمل الحرمان من التصرف في ممتلكاتها أوالانفاق على حاجاتها الأساسية أو حرمانها من الميراث أو التملك وتعريضها لإستغلال إقتصادي. |
بيانات وأرقام ..
تشير بيانات مسح صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة لعام 2019 أن فرص العمل المستحدثة للنساء تشكل حوالي ثلث فرص العمل المستحدثة، حيث بلغت نسبة الفرص المستحدثة للنساء مقارنة مع الرجال 35.3% من مجموع الفرص مقابل 64.7% فرصة للذكور، وأن نسبة المشتركات في مظلة الضمان الاجتماعي بلغت عام 2019 حوالي 28.2% .
ووفقاً لإحصائيات البنك الدولي لعام 2019، يعد معدل مشاركة المرأة في سوق العمل الأردني خامس أقل معدل عالمياً، كما أن الأردن كان في المرتبة 140 من أصل 142 دولة على المؤشر العالمي للمشاركة الاقتصادية للمرأة.
ارتباط عضوي ؟
خبيرة حقوق الإنسان الدكتورة نهلا المومني أكدت وجود رابط وعلاقة عضوية بين التمكين الاقتصادي للمرأة وحصولها على الرعاية الصحية الملائمة فكلما كان هناك تطبيق صحيح وتطوير للتشريعات ورقابة فاعلة كلما تمكنت المرأة من الحصول على الحد الأعلى من الخدمات الصحية اللازمة خاصة في فترات الحمل والولادة والإنجاب من خلال مشاركتها في الحياة الاقتصادية كجزء من حقوقها المترتبة على هذه المشاركة.
ولفتت إلى أن التمكين الاقتصادي والصحي للمرأة أحد الإلتزامات المفروضة على الدولة بموجب اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، وحتى تكون المرأة جزءًا من الحياة الاقتصادية فإن هناك حقوق يتوجب أن تتمتع بها ومنها التأمين الصحي والرعاية الصحية في الحالات جميعا بما في ذلك الإنجاب، ويجب اتخاذ كافة التدابير التشريعية والإدارية والقضائية التي تكفل ذلك.
أمومة مرهقة!
أمل (اسم مستعار) 30 عام أم لـ ثمانية أطفال، تقول قبل ما اتزوج كنت أعمل بالمزارع في الأغوار مع أهلي وبعد الزواج استمريت بالعمل (بدون أجر) لكن مع مسئوليات أكثر صار عندي أطفال وبيت وزوج، تكرار الحمل والولادة بفترات قريبة أضعف جسمي وكنت دائمًا تعبانة ومرهقة.
في إحدى الولادات تعسرت الولادة والجنين توفى وصرت أعاني من آلام مستمرة بأسفل بطني وظهري ونزيف بفترات متقاربة وزوجي رفض إني أتوقف عن الانجاب أو استخدم موانع حمل رغم تحذيرات طبيبة المركز الصحي من إمكانية وفاتي في حال استمريت بالإنجاب في ظروفي الحالية.
بعد فترة حملت وكنت بشتغل بالمزارع حسيت بتعب قوي لكن "زوجي رفض إنه أترك الشغل لأنة ما بيقدر يصرف ع البيت لحاله"، وبيوم وأنا بالشهر السابع وقعت ع الأرض وفقدت الوعي وكان عندي نزيف حاد وتم نقلي للمركز الصحي إلي حولني لأقرب مستشفى حكومي.
بعد الكشف خبرنا الدكتور بانفجار الرحم (Uterine ruptures) وفقدان الجنين. بعد أسبوعين عدت للعمل لأنه وضعنا المادي ما بيسمح ولازم أساعد زوجي خصوصًا بعد ما فقدت القدرة على الإنجاب.
المادة (59) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (15) لسنة 2019: أ. نفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها ولو كانت موسرة. ب. نفقة الزوجة تشمل الطعام والكسوة والسكنى والتطبيب بـالقدر المعـروف وخدمة الزوجة التي يكون لأمثالها خدم. |
العمل غير مدفوع الأجر ؟
جمعية معهد تضامن النساء "تضامن" أكدت أن الأعمال غير مدفوعة الأجر تشكل عائقاً جدياً أمام قيام النساء بالأعمال مدفوعة الأجر وتشكل عنفاً اقتصادياً ضدهن.
"تضامن" أفادت في بيان سابق لها أن العبء الأكبر من الأعمال غير المدفوعة الأجر يقع على النساء وبشكل مجحف بما فيها الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية، وهما في كثير من الأحيان يعوضان النقص في الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية، وتدعمان الاقتصاد وإن كانا في الواقع يشكلا نقلاً للموارد من النساء الى آخرين في الاقتصاد.
تأثير الاقتصاد؟
دراسة أعدها المجلس الأعلى لسكان حول الحصول والوصول إلى معلومات وخدمات تنظيم الأسرة في الأردن عام2021 عقب جائحة كورونا، أظهرت أنه وبالنسبة لتأثير الجائحة على تفضيلات الإنجاب أن (25.4%) من السيدات تأثرن بالجائحة (كورونا) فيما يتعلق بالرغبة بتأجيل الحمل، حيث أثرت الجائحة على الرغبة بالمباعدة بين الأحمال (28.6%)، وانخفض عدد الأطفال المرغوب به (23.6%) وقد عزت السيدات هذا التغيير في تفضيلات الإنجاب إلى الوضع الاقتصادي بسبب الجائحة (44.2%).
حماية الأمومة!
خبير الحمايات الاجتماعية حمادة أبو نجمة أكد أن حماية الأمومة عامل أساسي في تحقيق المساواة القائمة على النوع الاجتماعي في العمل من خلال حماية عمل وأجور الأمهات العاملات، مع الحد في نفس الوقت من الفقر، وتعزيز العمل اللائق.
وأشار إلى أن الدراسات حول واقع عمل المرأة تفيد أننا بحاجة لوضع نظام شامل لحماية الأمومة، وأن يشمل هذا النظام الحمايات اللازمة للحفاظ على الاحتياجات الغذائية والصحية للأمهات وأطفالهن، على اعتبار أن حماية الأمومة أمر أساسي في تحقيق المساواة في العمل على أساس النوع الاجتماعي، المشتمل على حماية الوظائف والأجور للأمهات العاملات، وتعزيز العمل اللائق، والحد من الفقر، وتحقيق التوازن بين العمل والإلتزامات العائلية.
الأمم المتحدة تقول..
هيئة الأمم المتحدة للمرأة تؤكد أن 20.5% فقط من النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن القوى العاملة، وأن 33% من النساء في المنطقة يشاركن في العمالة الهشة مقارنةً بنسبة 23% للرجال. وتُمثَّل المرأة تمثيلًا زائدًا في المهن ذات الأجور المتدنية.
وترجع الأمم المتحدة ذلك لـ الأطر التنظيمية القانونية التمييزية، ومحدودية الوصول إلى التدريب الملائم، وأعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر وغير المعترف بها (ارتفاع تكلفة رعاية الأطفال، والأعمال المنزلية)، وسوء ظروف العمل بما في ذلك الأجور المنخفضة، وغالبًا ما يقترن ذلك بعدم وجود تغطية للضمان الاجتماعي، والقواعد التمييزية الاجتماعية والثقافية.