العقلية العرفية في المجلس تنتهك السلطة الرابعة

الرابط المختصر

ما
حدث من اعتداء على صحفيين في جلسة مجلس النواب صباح الاثنين هو إشارة جديدة على
الخلل في تركيبة المجلس الحالي الرابع عشر،

حيث من المفترض أنها
جلسة بالغة الأهمية لإلقاء نائب رئيس الوزراء وزير المالية زياد فريز خطاب
الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2007 في بدايتها.

ما حصل من شتم نواب للصحفيين وضرب أحد المصورين الصحفيين
أكد أن التركيبة الحالية للمجلس هي ابعد ما تكون عن السياسية وتطغى عليها الخلفيات
العشائرية والعسكرية والعرفية.

وهذه الخلفيات التي تكرس وجود قوى الشد العكسي في المجلس
أمام قوانين مهمة يجب تحديثها تقف بالمرصاد أمام الحريات الصحفية.

فغالبية النواب يعانون من قصور فهم الدور الإعلام
الحقيقي ويتعاملون مع وسائل الإعلام كوكالات للداعية والإعلان، فالنائب حاتم
الصرايرة أحد النواب الثلاثة -مفلح الرحيمي وغالب الزعبي- الذي وضعتهم نقابة
الصحفيين على قائمة المقاطعة السوداء، يؤكد أن "الصحفيين يتعمدون إظهار
المجلس بالصورة السلبية ويركزون عليها ولا يتحدثون على إنجازات النواب".

ويتناسى الصرايرة وغيره الكثير من النواب إن من حق
المواطن دستورياً الحصول على المعلومة داخل المجلس وخارجة سواء كانت حول شجار
نيابي أو حتى فقدان الجلسات لنصابها القانوني في كثير من الحالات حتى مع وجود
النواب في أروقة المجلس، أو حتى حول اجتماع عادي للمجلس.

وأن من واجب الصحفي مندوباً كان أو مصوراً أن يقوم
بواجبه المهني والدستوري بمتابعة كل صغيرة وكبيرة في المجلس حتى تراشق عبوات المياه
في فضاء القبة بين نائبين اختارا أن يكون "المجلس
حلبة مصارعة رومانية" كما قال أحد المواطنين تعليقاً على موقع عمان نت على ما
حصل.

ولكن لا نستغرب من مجلس أصر على إبقاء عقوبة الحبس
للصحفيين على خلفية المطبوعات والنشر أن يقوم أحد نوابه بضرب مصور صحفي يقوم
بواجبه المهني، وأن يقوم نائب آخر بكيل سيل من الشتائم للصحفيين والمطالبة بطردهم خارج القبة وتجاوب
الرئاسة لطلب النواب من مصادرة الكاميرات الفوتغرافية وأشرطة الكاميرات التلفزيونية.

وهذا ينقلنا إلى
جزئية بالغة الأهمية فالمجلس من المتوقع أن يناقش قانون المطبوعات والنشر وإن ما
حصل مؤشر على أن الاحتمالات مفتوحة لأن يجري النواب تعديلات على القانون تحد من
حرية الصحافة بل وتتغول عليها بدل القيام بواجبهم الدستوري بحمايتها، خاصة أننا
نذكر جميعاً لقاء رئيس المجلس المفتوح مع وسائل الإعلام بعد انتهاء الدورة
الاستثنائية السابقة الذي انتقد فيه ما اسماه بالهجوم الإعلامي على المجلس، ملوحاً
بالتضييق على الإعلام بالقول "لا أريد أن يصل الأمر بالنواب إلى
إصدار تشريعات يمكن أن تحد من العمل الصحافي، أنا ضد إصدار تشريعات من ذلك القبيل،
ولكن عندما يكون كلام ضد النواب بهذا الشكل فإن الأمر يصل إلى أبعد من مرحلة
العتب".

صحيح
أن المجلس ليس برئيسه ولكن من يقود المجلس هو من يحدد بوصلة أعضاءه ولا يوجد هناك تشريع
يردع بالكامل نائب أو أي شخص مهما كان من ارتكاب خطأ بحق آخر وهنا أقتبس من نقيب الصحفيين طارق
المومني في أحد تصريحاته الصحفية تعليقاً على موضوع الاعتداء " الموضوع بشكل
أساسي يعتمد على الأخلاقيات وليس التشريعات".

وبهذا
فإننا أمام جدلية العلاقة بين الإعلام
ومجلس النواب التي تحتاج إلى إعادة صياغة آنية وإعادة تأهيل للمجلس ولبعض وسائل
الإعلام لكيفية التعامل مع بعضهما البعض كسلطتي رقابة ووسيلتان للمواطن للوصل إلى
مكتسباته القانونية تشريعياً وإعلامياً.

وهذه الحادثة تعيد التأكيد على ارتفاع مؤشر
الاستهتار النيابي بالإعلام كسلطة وحتى بحق المواطن بالتمتع برقابتها على ممثليهم
في السلطة التشريعية، ونحن شهدنا تجاوزات نيابية عديدة على الصحفيين تحت القبة
سبقت هذه الحادثة كان آخرها صراخ النائب عبد الرؤوف الروابدة على أحد صحفيي
الوكالات في شرفات المجلس في جلسة مساء الأحد بالقول" على ايش بتتفرج شو شايف
قدامك فيلم....."

واستناداً على كل ما سبق فإنه لا بد من إعادة النظر بشكل جدي وعلى أعلى
المستويات بقانون الانتخاب الحالي"الصوت الواحد" ولا بد أن تبدأ الحكومة بالحوار الوطني حول قانون
الانتخاب الذي وعد فيه رئيس الوزراء معروف البخيت في رده على كتاب التكليف السامي
منذ ما يقارب العام.

أضف تعليقك