العاصفة ضد الرنتاوي اسقطت ورقة التوت

لست بصدد إعادة الحديث عن تطورات الحملة التي استهدفت مدير مركز االقدس للدراسات السياسية والكاتب الصحفي والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، فذلك معلومٌ لدى الجميع، كما أنني لست بوارد تفنيد الإدعاءات التي كيلت في وجه الرنتاوي بسبب ما كتبه في مقالته التي أثارت الجدل ولحفيظة عند كثيرين، فهو لم يخطأ ولا وجود لشبهة الخطأ أو الخطيئة في مقاله.

إن ما أود الإشارة أليه ونحن في خضم جهدٍ إصلاحي وتحديثٍ سياسي على المستوى الوطني، أن الحروب الضروس على الرنتاوي كشفت عن اختلالاتٍ جسيمة تستدعي التمهل والبحث فهذه الاختلالات تحتاج لمعالجة تسبق الحديث عن قوانين الانتخاب والأحزاب وما يتصل بها من نسبٍ وأرقام، فالقوانين الديمقراطية تتطلب مجتمعاتٍ ديمقراطية تقبل الأخر أو بمعنى أدق تقرأ للأخر قبل أن تشهر بوجهه سيف مواقفها.

إن فئةً ليست بالقليلة من أمة إقرأ ثبت بالملموس أنها لا تقرأ فقد انساقت خلف حملاتٍ منظمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهاجم المقال وكاتبه والمؤسسة الصحفية التي نشرت المقال بصورةٍ لا تعكس خلافاً سياسياً بقدر ما تعكس محاولة للشيطنة لا مبرر ولا مسوغ لها فلم يكن هناك أي نقاش أو تعبير يعكس قيام صاحبه بقراءة المقال،

الجانب الأخر الأكثر أهمية تغليب الهويات الفرعية وبناء الموقف والتأسيس للحملة ضد الرنتاوي على أسس تضرب في عضد النسيج الوطني ومفهوم المواطنة الذي بدى غير ناضجٍ لدى الكثيرين، هذه النزعة الهوياتية من شأنها أن تجعل الاستقرار السياسي في حال شكٍ دائم وضعف يؤثر على كل ما يمكن أن يخرج من تشريعات وقوانين خاصة بالعملية السياسية والديمقراطية، حيث ستبقى النظم الانتخابية والحزبية رهينة هذه الهواجس، وبالتالي المراوحة في ذات المكان. 

الجانب الثالث متعلق بالمؤثرين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ( نجوم اللايف) فقد ظهر بشكلٍ واضح إنسياقهم خلف كل ما يجذب ويثير الرأي العام دون التحقق من مصداقيته، أو طرحه بقالبٍ سياسي في إطار الرأي والرأي الأخر. 

إذاً نحن أمام سلسلةٍ تبدأ بعدم القراءة ثم عدم احترام الرأي الأخر وبالتالي عدم احترام حرية التعبير، ثم كيل الإتهامات وخلخلة النسيج الاجتماعي وانتهاءاً بالتجييش.

إن كل ما سبق تجب معالجته بأدوات الدولة المتمثلة بسيادة القانون، وتوضيح الحقائق للرأي العام، وعدم الاكتفاء بمحاولات احتوائية تؤدي إلى تسمين الظواهر وتأجيل إنفجارها وفقدان السيطرة عليها يوماً ما فالتحديث السياسي يتطلب أرضاً صلبة قوامها المواطنة وسيادة القانون واحترام الأخر. 

 

 

أضف تعليقك