الضمان: التقاعد المبكر أصبح ظاهرة في الاردن
أكّد مدير المركز الإعلامي والناطق باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي موسى الصبيحي على أهمية الضمان الاجتماعي لكل مواطن ولكل إنسان عامل كمظلة حماية اجتماعية للعاملين من المخاطر التي يتعرضون لها، مبيناً أن الضمان وُجِد لحماية العامل وصاحب العمل وتوطيد العلاقة بينهما بما يؤدي إلى رفع الإنتاجية وتعزيز الأمن الاجتماعي والاقتصادي لأبناء المجتمع، ودعا خلال لقائه خطباء المساجد والأئمة والوعاظ في مديرية أوقاف عمان الأولى بحضور مساعد مدير الأوقاف إبراهيم بكر الخطباء والوعّاظ إلى حثّ كافة أصحاب العمل على الالتزام بمسؤولياتهم الوطنية والقانونية وإعطاء حقوق الطبقة العاملة التي دعا إليها الإسلام، ونصت عليها التشريعات ولا سيّما حقهم في الضمان الاجتماعي، والأجور العادلة، وبيئة العمل اللائقة، ومنها توفير متطلبات السلامة والصحة المهنية في بيئات العمل.
وأوضح بأن الضمان الاجتماعي كتشريع وحق إنساني أساسي، يُشجّع على العمل، ليس فقط لإشباع حاجة الفرد الاقتصادية، وإنما أيضاً لتحقيق استقلاله الذاتي وصون كرامته الإنسانية، ويكتمل هذا الحق بحصول العامل على حقه بالضمان الاجتماعي لتمكينه من مواجهة الحالات التي يفقد فيها عمله عند مواجهة أي شكل من أشكال المخاطر الاجتماعية كالعجز والشيخوخة والمرض والوفاة، مشيراً بأن من أهم التحديات التي تواجهنا تدنّي نسبة المشتغلين الأردنيين، حيث يقع الأردن مع الأسف في مرتبة متأخرة جداً بين دول العالم من حيث مستوى المشاركة في القوى العاملة (المشاركة المنقّحة للقوى العاملة، أي نسبة قوة العمل"مشتغلين ومتعطلين" إلى إجمالي السكان في سن العمل، حيث تبلغ نسبة الأردنيين النشطين اقتصادياً 37% فقط ممّن هم في سن العمل) ويزداد الوضع سوءاً بالنسبة للنساء حيث لا تزيد نسبة النساء الأردنيات النشطات اقتصادياً على (14.5%)، مما يفرض تعزيز الحماية الاجتماعية للطبقة العاملة في بيئات العمل المختلفة ولا سيّما في منشآت القطاع الخاص بما في ذلك تعزيز مظلة الضمان الاجتماعي لكي تكون محفّزة لاجتذاب الأردنيين للعمل في هذه المنشآت.
وأكّد الصبيحي بأن الضمان حق لكل إنسان عامل على أرض المملكة، وهو قبل كل شيء حق لكل مواطن ولأسرته، لا بل إن المؤسسة تُشجّع كل مواطن أردني للإنضواء تحت مظلة الضمان حتى لو لم يكن عاملاً وذلك من خلال الاشتراك الاختياري للأردنيين، مؤكّداً سعي المؤسسة لشمول كافة المواطنين بمظلة الضمان، التي توسّعت كثيراً وينضوي تحتها حالياً مليون و (296) ألف شخص، يُشكّل الأردنيون منهم (87.5%) مضيفاً أن هدف الضمان حماية كل الأجيال عبر منظومة تأمينات يوفرها ضمان اجتماعي فعّال ومستدام وشامل، وللحد من الفقر في المجتمع، لا سيّما وأن تأمين راتب التقاعد للخارجين من سوق العمل يسهم في الحفاظ على وتيرة الإنفاق للمواطن ويحول دون انزلاق الأفراد والأسر إلى ما دون خط الفقر.
وحذّر من ظاهرة التهرب عن الشمول بالضمان بصورها المختلفة التي تؤثّر سلباً على الأمن الاجتماعي والاقتصادي كونها تحرم العاملين من الاستفادة من منافع الضمان، وتؤدي إلى ضياع حقوق الأفراد والأُسَر عند مواجهة المخاطر الاجتماعية، وانخفاض مستوى معيشة الأسرة عند انقطاع دخل معيلها، وإلى الإخلال بمبدأ العدالة في الحقوق، وانخفاض القوة الشرائية لأفراد المجتمع، وتعريض حياة الكثيرين للفقر نتيجة خروج أشخاص من سوق العمل دون الحصول على رواتب تقاعدية أو تعرّضهم للعجز دون الحصول على رواتب الاعتلال، أو تعرضهم للوفاة دون تمكين ذويهم من الحصول على رواتب تصون كرامتهم وتوفر لهم معيشة لائقة، مشيراً أن عدد الورثة المستحقين الذين يتقاضوْن أنصبة من مؤمن عليهم أو متقاعدين متوفين وصل حالياً إلى (109) آلاف مستحق، فيما وصل العدد التراكمي لمتقاعدي الضمان إلى (230) ألف متقاعد.
وأشار الصبيحي إلى أن التقاعد المبكر أصبح ظاهرة الآن، ولها آثار سلبية على سوق العمل والاقتصاد الوطني نتيجة انسحاب فئات كبيرة ذات خبرات ومؤهلات عالية من سوق العمل، كاشفاً أن عدد متقاعدي المبكر زاد على (111) ألف متقاعد مبكراً يُمثّلون (48%) من إجمالي متقاعدي الضمان، وهي نسبة عالية جداً تؤدي إلى استنزاف في فاتورة التقاعد حيث يستحوذ متقاعدو المبكر على (59%) من الفاتورة الشهرية للرواتب التقاعدية بمبلغ يصل إلى (54.5) مليون دينار من أصل (92) مليون دينار وفقاً لفاتورة الرواتب التقاعدية لشهر آذار الماضي، مؤكداً أن التقاعد المبكر في كل الأنظمة التأمينية في العالم تم تصميمه لخدمة العاملين في المهن الخطرة، معرباً عن أمله في أن يقتصر التقاعد المبكّر مستقبلاً على العاملين في المهن الخطرة فقط، وهي المهن التي حدّدتها الأنظمة التأمينية في جدول خاص صادر بموجب القانون.
وأوضح بأن قانون الضمان الحالي سعى إلى تحقيق الكفاية الاجتماعية للمنتفعين وتعزيز العدالة والتكافلية فيما بين الجيل الواحد أولاً، ثم فيما بين الأجيال المتعاقبة من خلال عدد من الإصلاحات أهمها ربط رواتب التقاعد بالتضخم سنوياً، وشمول أصحاب العمل والعاملين لحسابهم الخاص بعد أن كانوا محرومين من الاشتراك الإلزامي بالتأمينات، والسماح لصاحب راتب التقاعد المبكر بالجمع بين جزء من راتبه المبكر (يتراوح ما بين 45% إلى 85%) مع أجره من العمل في حال عودته إلى سوق العمل، والعمل بالأحكام الخاصة بالتقاعد المبكر للعاملين في المهن الخطرة، والتوسّع في الأمراض المهنية، والانحياز إلى ذوي الرواتب والأجور التي تقل عن (1500) دينار في معادلة احتساب الراتب التقاعدي، ووضْع سقف للأجر الخاضع للضمان هو (3) آلاف دينار، مع ربطه بالتضخم سنوياً؛ وذلك للحد من أية رواتب تقاعدية عالية، ولتحقيق العدالة بين المشتركين للاستفادة من منافع الضمان بتوازن، وبما يحقق اعتبارات الكفاية الاجتماعية.