الصحف الأردنية: تغطية الجانب الخدماتي بهدوء نسبي

الرابط المختصر

لصفحات الأخبار
المحلية في الصحف اليومية مكانة خاصة، فهي في النهاية الصفحات التي ترسم في مجملها
صورة شاملة لما يحدث في البلد الذي تصدر فيه الصحيفة يوما بيوم وعلى الصعد
المختلفة؛من حوادث السير
إلى التظاهرات الشعبية ومن الأنشطة المطلبية إلى القضايا الخدمية ومن الأنشطة النقابية
إلى الأوضاع الصحية.


إنها باختصار،
سجل يومي للأحداث والأنشطة والقضايا المستجدة في شؤون الحياة المختلفة في بلد ما. ولا
يتناقض مع ذلك أن الأخبار المحلية تتضمن أيضا الأنشطة الثقافية والاقتصادية التي
استقلت خلال العقدين الماضيين في صفحات مستقلة للاقتصاد والثقافة التي لا تكاد
تخلو منها صحيفة محلية في الأردن، وأن بعض الصحف المحلية أفردت صفحات مستقلة
لأخبار المحافظات المختلفة في المملكة، في حين تنشر الصحف الثلاث الأخرى هذه
الأخبار في صفحات الأخبار المحلية.


كما أن الأخبار
المحلية عادة ما تتقاطع من حيث تغطية الخبر المحلي اليومي مع صفحات التحقيقات التي
تلقي ضوءا ساطعا على قضية محلية معينة مستلة من الأخبار المختلفة التي تنشرها الصفحات
المحلية يوميا لإضاءة جوانبها المختلفة.


إن أهمية هذه
الصفحات هو الذي يجعل إدارة التحرير في أي صحيفة يومية تخصص مندوبين من بين
صحفييها لتغطية الأخبار المختلفة كل في قطاع معين وخاصة الوزارات والإدارات
الخدمية مثل الماء والكهرباء والتربية والتعليم والنفط والطاقة وغيرها. ولكن نظرة
إلى الصحف المحلية اليومية والأسبوعية تعزز قناعة موجودة لدى قطاعات واسعة من
القراء والمواطنين الأردنيين الذين يرون أن مواطنينا وقراءنا مسيسون إلى درجة
كبيرة بحيث تطغى الأخبار المحلية ذات البعد السياسي عربيا ودوليا على الأخبار
المحلية ذات الطبيعة الخدمية والتي تهم المواطنين وتحكم شؤونهم اليومية وربما تساهم
في تحديد مستقبلهم.


في العاشر من
شهر تشرين الثاني الجاري حلت الذكرى الأولى للتفجيرات التي شهدتها مدينة عمان في
العام الماضي، وقد غطت الصحف المحلية الأربع الرأي والدستور والعرب اليوم والغد
عملية إحياء الذكرى باستفاضة باعتبار الحدث الجلل على المستوى المحلي هو في الوقت
نفسه حدث ذو أبعاد سياسية محلية وعربية ودولية يرتبط بأحد أبرز الملفات السياسة
العالمية وهو الإرهاب. وغطت الصحف اليومية الأربع الأنشطة المختلفة التي أقيمت في
هذه المناسبة من دون أن تتميز أي منها بشيء عن الأخرى، فأبرزت الصحف مشاركة الملك عبد
الله الثاني والملكة رانيا في احتفالات إحياء الذكرى الأليمة بما في ذلك مأدبة
الغداء التي أقامها الملك والملكة لذوي الضحايا، وغطت الاحتفالية التي أقامتها
أمانة عمان في المناسبة وتابعت أخبار إطلاق الفعاليات الخاصة بها مثل إطلاق "شبكة
المساعدة الإنسانية" التي أعلنتها الملكة رانيا و"افتتاح حديقة شهداء
عمان" في منطقة دير غبار من جانب أمين عمان المندس عمر المعاني، كما تابعت
الأنشطة التي قامت بها الفعاليات المختلفة في مختلف محافظات المملكة.


وغطت ثلاث من
الصحف المحلية وهي الرأي والدستور والغد النشاط الذي أقامته وزار الثقافة الذي
أحيت فيه الوزارة ذكرى رحيل المخرج السينمائي السوري مصطفى العقاد الذي ذهب ضحية
التفجيرات في أثناء وجوده مصادفة في فندق حياة عمان في وقت وقوع عملية التفجير في
العام الماضي.


قدمت الرأي
والدستور تغطية محايدة للندوة التي أدارها الفنان محمد القباني وشارك فيها كل من
الفنانة السورية منى واصف التي لعبت دور هند بنت عتبة في النسخة العربية من فلم
العقاد الأشهر الرسالة، والناقد الأردني محمود الزواوي الذي عرف العقاد عن كثب في أثناء وجوده في
الولايات المتحدة والناقد السينمائي عدنان مدانات.


وفي حين ركزت
تغطية الرأي والدستور جهدها على النقل الأمين لمجريات ما حدث في الندوة، انفردت
صحيفة الغد بتغطية انتقاديه للندوة التي افتقدت "أي مادة فلمية من إخراج
العقاد" كما قال المحرر الأدبي زياد العناني، وكذلك "الطابع الارتجالي
للكلمات" التي ألقيت في الندوة، ونقلت الصحيفة تساؤلات بعض الذين لاحظوا "غياب
وزير الثقافة الدكتور عادل الطويسي عن ندوة على هذه الدرجة من الأهمية." كما
أشارت إلى غياب الأمين العام للوزارة الأستاذ جريس سماوي. وفي حين أفادت صحيفة
الرأي بحضوره الندوة الاحتفالية ولم تشر صحيفة الدستور إلى حضور الأمين العام
للوزارة أو إلى عدم حضوره ما يعكس ضعفا عاما في عملية التغطية الخبرية للشأن
المحلي تحديدا.


وعلى الرغم من
الطابع الانتقادي الإيجابي لتغطية صحيفة الغد للندوة التي أقيمت في المركز الثقافي
الملكي في عمان فإنها نسيت أن تذكر في تغطيتها الإضافية ذكر اسم المكان الذي عقدت
فيه الندوة، ما أضعف التغطية حيث أن ذكر المكان الذي جرى فيه الحدث يمثل ركنا
أساسيا من أركان التغطية الصحفية.


وفي حين غطت صحف
الرأي والدستور والعرب اليوم البيان الذي أصدره الاتحاد العام للنقابات المهنية
بمناسبة الذكرى الأولى للحادث وقالت فيه "إن أمن واستقرار الأردن فوق كل
اعتبار"، في حين تجاهلته صحيفة الغد.


وباستثناء تغطية
فعاليات إحياء ذكرى التفجيرات، وهي تغطية لم تتميز فيها صحيفة عن أخرى تميزا
واضحا، فإن الصحف اليومية الأربع اختلفت في تغطية الشؤون المحلية الأخرى اختلافا
لافتا للنظر، وكان غريبا أن ترى اختلافا بينا في عناوين الأخبار المحلية التي
نشرتها الصحف المحلية في يوم واحد، ففي يوم الأحد الثاني عشر من تشرين الثاني
الجاري اتفقت الصحف اليومية الأربع على بعض الأخبار التي لا قيمة كبيرة لها مثل
خبر عن "وفاة شخص في تبادل لإطلاق النار مع دورية شرطة،" وخبر عن
"التئام المؤتمر الوطني الأول لمبادرة شباب من أجل الأردن في جامعة
فيلادلفيا" وآخر عن "موعد الترشح لجائزة الباحث المتميز،" وربما
كانت هناك أخبار أخرى أقل أهمية نشرت في الصحف اليومية المحلية الأربع يجمع بينها
أنها تنتمي كلها إلى تلك الطائفة من الأخبار التي يحصل عليها المندوبون الصحفيون
من أقسام العلاقات العامة في الوزارات أو المديريات أو المراكز الأمنية أو
المؤسسات الحكومية، وفي هذه الحالة يكون على الصحف التركيز على مواضيع محلية تهم
المواطن لأنها تمس حياته اليومية وتحويلها إلى قضايا عامة يلم المواطن بجوانبها
المختلفة من خلال طرحها في الصحيفة المحلة بوصفها "قضية"، أو أن تكون
موضوع تحقيق صحفي موسع. ومن يقرأ الصحف المحلية الأردنية يلاحظ أن أقسام التحقيقات
بوصفها جزءا أساسيا من الخدمات التي تقدمها الصحافة تكاد تكون غائبة عن هذه الصحف.


غير أن الإنصاف
يقتضي القول إن بعض الصحف تتبنى قضايا معينة بنشرها في صورة تحقيق في الصفحات
المحلية، أو بوصفها قضية تلقي الضوء على جوانبها المختلفة كما فعلت صحيفة الغد
التي حولت معاصر الزيتون في محافظات إربد وعجلون وجرش و"مدى سلامتها
البيئية" إلى موضوع تحقيق جيد ساهم فيه اثنان من مراسلي الصحيفة في إربد، وهي
المحافظة الأكثر إنتاجا للزيتون الذي حل موسمه أخيرا.


وأردفت الصحيفة
الموضوع الرئيسي بموضوع آخر تضمن إحصاءات عن عدد أشجار الزيتون في المنطقة وحجم
الإنتاج المتوقع منها ومساحة الأرض المزروعة زيتونا في محافظة أربد وغير ذلك من
معلومات أساسية أغنت الموضوع وأضاءت جوانبه المختلفة.


وفي عدد اليوم نفسه نشرت صحيفة الرأي تحقيقا عن
مصنع الزجاج الذي كان افتتح في معان في العام 1980 وأغلق في العام 1995 على خلفية
فساد مالي وقصور إداري وبعض الأخطاء التي أدت إلى إغلاقه بعد أن كان مرفقا
اقتصاديا مهما في تلك المحافظة الجنوبية النائية حيث كان يعمل فيه في وقت ما نحو
450 عاملا وإداريا.


وفي اليوم نفسه
نشرت الدستور عددا من الأخبار التي كان من الممكن تحويلها إلى قضايا أو مواضيع
لتحقيقات صحفية موسعة ولكنها أبقتها في حدود الخبر اليومي الصغير الذي يحدث في
محافظة نائية لا يكترث بها أحد.

أضف تعليقك