"الصحة" لا تعترف بالتوحد والمراكز ليست للفقراء

الرابط المختصر

لم تدرج وزارة الصحة مرض "التوحد" على قائمة الأمراض غير المعدية، معتبرة ذلك المرض وعلى لسان بعض مسؤوليها "بالمرض الخفيف" فيما يقع على الجمعيات والأهالي مسؤولية رعاية أولادهم المصابين به.

رئيس قسم الأطفال في مستشفى البشير، سمير الفاعوري، يقول: "نحن نستقبل الحالات المرضية التي تستدعي دخول المستشفى، ونستقبل الأطفال الذين يعانون من التهاب رئوي، كلى، هبوط قلب، تسمم والتهاب دم، وحالة التوحد لا تنطبق على ما ذكرناه سابقا، فهو لا يعاني من نزيف دم أو من أوجاع".

وتستقبل المستشفيات الحكومية أطفال التوحد في إطار مراجعة العيادات الخاصة لمرة واحدة، "هو يحتاج إلى متابعة سريرية وتشخيص لتحديد حالته".
 
على الأهل دور كبيرة في مراقبة أطفالهم التوحديين - وفق الطبيب الفاعوري- فالتوحد لا يظهر من المراجعة الأولى ويحتاج إلى متابعة وجلسات مع أطباء نفسيين وأعصاب وأطفال.
 
استفاد الطفل صهيب من الجمعيات الخيرية "نسبيا" وانعكس إيجابا بالتصرف والاختلاط، لكن، "لم يستمر طويلا لأن الجمعيات غير مؤهلة لكون الوسط المجاور لطفلي صهيب أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ما ينعكس سلبا عليه، عندها فكرنا نرعاه في البيت والجمعيات المتخصصة بالتوحد مكلفة جدا"، وفق والده أسامة.
 
أما والدة عمر، فجالت بين العديد من المراكز لأجل تسجيل ابنها، تقول: "المراكز المتخصصة بالتوحد غالية جدا ولا نملك مالا مضاعفا لوضعه فيها ما اضطرني إلى وضعه في البيت والاعتناء به رغم يقيني بأهمية تعلمه مهارات في تلك المراكز".
 
فيما حاولت والدة سيف الاطلاع على المراكز التي ترعى أطفال التوحد لكنها اصطدمت بمستوى الأسعار "الأول يأخذ في السنة 6 آلاف دينار والثاني 5 آلاف دينار" أثناء ذلك، تأثر سيف سلبا من المراكز التي تؤهل جميع ذوي الاحتياجات الخاصة مع بعضهم البعض، ويتلقى سيف حاليا العناية الحثيثة من أمه داخل جدران المنزل.
 
وتنشط 4 مراكز متخصصة بالتوحد غير أنها باهظة الثمن، ليضحى طفل التوحد ضحية الأوضاع الاقتصادية وأهل لا يقون على إدخاله في المراكز وحكومة لا تعترف بالتوحد بعد.  
 
الدكتورة سهام الخفش، ترى أن كلفة مراكز التوحد المرتفعة تزيد من معاناة الأهالي، فيما لا تقدم المراكز الأخرى الخدمة الجيدة أو الرعاية بطرق علمية "يتم دمج طفل التوحد مع طفل معاق عقليا ما سيتأثر أكثر، فيما الأصل يجب وضعه في مكان فيه نموذج سوي ليتعلم".
 
لا بد من وجود دور للجمعيات التطوعية لتنشر الوعي بين الناس، هذا ما يراه الدكتور الفاعوري، ويضرب مثلاً واقعياً "مرض التلاسيميا قامت المؤسسات بالتوعية منه وبعد ذلك قامت الوزارة بتأمين الخدمة ثم أصبحت هناك قاعدة بيانات لهذا المرض هو ليس من أولوياتنا".
 
ويتفق الدكتور الطراونة مع الفاعوري، ويقول"وجود جمعيات أو مراكز خاصة بالتوحد كافية، وإذا كان هناك من برامج فستكون ضمن الدوائر الخاصة بالأطفال داخل المستشفيات الحكومية".
 
فيما ترى الخفش أن الجمعيات "لا تستطيع العمل لوحدها ولابد ان تقوم مع الحكومة للنهوض معا، كما أن وزارة الصحة لها دور كبير في تشخيص المرض ولم تقم حتى الآن بتشخيصه".
 
تطالب والدة سيف بإيجاد مراكز متخصصة تضم أطفال التوحد "على أن لا تكون مرتفعة الثمن". وسبق أن طلب أحد الأطباء منها بإخضاع ابنها لفحص الحساسية، لكنها تفاجأت من رسم الفحص الذي وصل إلى 300 دينار ما اضطرها إلى العودة إلى البيت وعدم فحصه.
 
تسعى الجمعية لتأسيس قاعدة بيانات حول حجم التوحد في الأردن ومعرفة التوزيع الجغرافي وفئاتهم العمرية، لكنها لا تستطيع في الوقت الحالي لسبب وتعزو الدكتورة الخفش ذلك  إلى عدم وجود دعم من وزارة الصحة التي لم تتحرك بعد لمتابعة الحالات ودراستها. 
   
لكن أولويات قبول الحالات بالنسبة للمستشفيات الحكومية متفاوتة والتوحد ليس الأولوية، ويتساءل الفاعوري "عندما يكون لدينا طفلين؛ الأول لديه هبوط في القلب وآخر توحد..من نستقبل؟ مصنفا التوحد كواحد من أمراض الدماغ الخفيفة. 
 
هنا، تتمنى والدة عمر أن تبادر وزارة التربية والتعليم "وتساعدنا نحن أسر ذوي المتوحدين على مساعدتنا..الأطفال ضحايا التوحد، والأهالي لا يعرفون، والأطباء لا يدركون".. تقول والدة عمر معتبرة ان ابنها ضحية الجهل وعدم المعرفة الأولية لحالته لدى إصابته بمرض التوحد.
 
وتشكل الأمراض غير السارية ما نسبته 40% من أمراض العصر في العالم، وفق الدكتور الطراونة.
 
مرشدة الأطفال ندى حماد، مشرفة على عدد من أطفال التوحد، تقسم أعراض التوحد وفق الحالات التي تتعامل معها، إلى ثلاثة مراحل: (حالة بسيطة، حالة متوسطة حالة شديدة)، تقول: "المرحلتين الأولى والثانية يمكن التعامل معها، حيث يخضع الطفل للرعاية ليتحسن ويستطيع التعامل اجتماعيا مع محيطه من الأطفال، ويكون كما الآخرين، فالاهتمام يؤثر إيجابا عليه".
 
ويعاني أطفال التوحد من تحسس من بعض المواد الغذائية لاسيما المنتجات الحيوانية منها، "هذا التحسس إذا ازداد في جسم الطفل يصبح سموما ما يدفع الطفل إلى التصرف بشكل جنوني كون المواد الزائدة من هذه المنتجات تصبح كمادة أفيون المخدرة في جسمه"..وفق الدكتورة سهام الخفش.
 
بعد أن بلغ عمر السادسة، بدأت والدة عمر بتطبيق نظام حمية له، "من خلال الفحص تبين ان في بول الطفل  مادة أفيون وهذا ناتج من مشتقات الحليب، ويعاني من إمساك أو إسهال".
 
تتمنى رئيسة جمعية مساندة ودعم الأفراد التوحديين وأسرهم الخيرية،  أن تبدأ مبادرات من قبل وزارة التربية والتعليم "نريد من المدارس ان تتهيأ لاستقبال الطلاب المتوحدين". كما على وزارة التنمية الاجتماعية "تأمين صفوف من خلال المراكز المنتشرة لها وتهيئتها أو تدعمنا لفتح مركز وطني متخصص".