الصحافة والنقابات والحكومة: عرض ممل

الرابط المختصر

القضية أو "الأزمة" الجديدة والمتجددة، بين الحكومة والنقابات المهنية، أثارها وزير الداخلية سمير الحباشنة، في الثاني عشر من الشهر الماضي، عندما استدعى فجأة رؤساء النقابات المهنية إلى مقر الوزارة وابلغهم مجموعة من "الفرمانات". مفاجئة الوزير الجديدة، أثارت في الواقع، حيرة معلقين محليين وعرب حول دوافعها وتوقيتها.

بعد تتبع التغطية الاعلامية للازمة الاخيرة، وان كانت الحكومة ترفض هذا التعبير، يمكن الركون الى بضعة ملاحظات:

كانت صحيفة "الغد" هي الاكثر تغطية للحدث اخبارا وتعليقات وتميزت بمتابعة حثيثة خاصة من مراسلها محمد سويدان، الذي قدم تقارير وافيه استقصى فيها رأي اعضاء النقابات المعنيين الى جانب الرأي الحكومي.

اما صحيفة "العرب اليوم"، وان كانت بقيت موضوعية وهي تغطي الازمة، الا ان محرريها ومراسليها لم يخفوا انحيازهم الى النقابات وتميزت الصحيفة بانها افردت العنوان الرئيسي وقسم كبير من ملحقها "اليوم السابع" للموضوع.

وحظيت الازمة بتغطية مناسبة وموضوعية بشكل عام من صحيفة "الدستور" وانفردت الصحيفة بين غيرها في انها افردت في مرة "المانشيت" الرئيسي في الصفحة الاولى للازمة، كما كتبت افتتاحية دعت الى حوار بين الجهتين لم تخلو من نقد لاجراءات الحكومة.

صحيفة "الرأي" بقيت بشكل عام اكثر ميلا للحكومة فهي الاقل تغطية وصاحبة الخط التحريري الاقل تشددا تجاه الحكومة. ومن ابرز من كتب فيها جابر التل الذي كتب مقالا توقع فيه ان لا تنشره الصحيفة الا انها خالفت توقعه.

من اللافت ان بعض الصحافيين عبروا عن ضيقهم من القضية.

رنا الصباغ في مقال لها بصحيفة "الغد" بعنوان "الحكومة والنقابات"، تعبر عن مللها من "المسرحية، التي تكررت مشاهدها دون أن تقدم أية إضافة نوعية على لعبة الديمقراطية". فيما يعتبر "ابو يزن" في مقال بعنوان "أزمة أم زوبعة في فنجان" في "الدستور" الأزمة المستمرة بين الحكومة والنقابات "نوبة جديدة من نوبات التأزم الدوري بين الحكومات والنقابات ... العناوين ذاتها، التهديدات هي هي، المبررات مكررة لدرجة تبعث على الملل والتثاؤب".

والحال ان لا الحكومة ولا النقابات وحدهما ما يبعث على "الملل"، فالصحافة ليست اقل إثارة للملل. فطريقة التغطية هي هي، والتعليقات المكررة ذاتها ومبررات المعلقين ذاتها وانقسامهم بين الحكومة والنقابات وقضاة إصلاح ذات البين ذاتهم. مشهد ثلاثي الأبعاد مكرر ومرفوع ربما للأس عشرة أو اكثر.

ليس المقصود ان تأتي الصحافة بما هو فوق طبيعي حتى تتجنب هذا التكرار، ولكن لا يحق لها ان تعبر عن مللها من العرض المسرحي الحكومي النقابي وهذا اولا. أما في أمر ما كان من تغطيتها للازمة الأخيرة ففيها ما يؤكد مجددا على طبعها الغالب في رد الفعل وليس استباقه او في إثارة الموضوعات القابلة للانفجار كل لحظة، فقبل الازمة او حين لا تكون هناك أزمة أصلا لا تجد الصحافة تنبري لتناول الموضوع إنما تهب عند وقوع الحدث فتتداعى الافكار التي كان يمكن ان تشكل مواضيع تقارير وتحقيقات عديدة.

وهذا التكرار ولد انطباعا أو صورة نمطية لدى القارئ عن الصحف والمعلقين في طريقة تعاطيهم مع أي شأن محلي لدرجة ان "المكتوب بات يقرأ من عنوانه".

الصحف الاسبوعية تناولت القضية ايضا على طريقتها وشكلت الازمة معركة بالنسبة لصحيفة "السبيل" التي تابعت الموضوع من وجهة نظر المعارضة والنقابات تحديدا وافردت 3 صفحات له في عددها 577.

صحيفة "المجد" أفردت عنوانا رئيسيا للازمة الجديدة المتجددة وتابعت على نصف صفحتها الثالثة مع عدد كبير من زعماء المعارضة ورؤساء النقابات والاتحادات الأردنية في تحقيق بعنوان "الحكومة والنقابات إلى أين..وفاق أم طلاق؟". وكتب فهد الريماوي رئيس تحرير الصحيفة "المشاكس" مقالا مطولا عن الأزمة بلغة هادئة ولكن ناقدة للحكومة. كما تابعت الصحيفة الأزمة بمجموعة من الأخبار توزعت على الصفحات الأولى والثانية والأخيرة.

واحتلت الازمة المانشيت الرئيس لصحيفة "الشاهد": "هكذا ضربونا في الشميساني، وصحيفة "شيحان": "لتقليم اظافر النقابات: قانون تحت الطبع".ولكن رئيس تحرير "شيحان" المسؤول خالد فخيدة كاد يرجم النقابات بـ"عدم الولاء" في مقاله بنفس العدد وهو يكتب عن احتفالات مخيم الامير حسن بعيد ميلاد الملك ويأخذ على النقابات عدم الاحتفال بالمناسبة.

شاكر الجوهري في "الحدث" ينتقد في مقاله الحملة الحكومية الجديدة ويذكر الوزير بأن هناك ايضا مخالفات اخرى للدستور والقانون بحاجة الى تصحيح وليس فقط وضع النقابات.

اما "الهلال" و"البلاد" فقد اختارتا تجاهل الحدث.

اخيرا فان الصحافة وبسبب كتابات بعض المعلقين الذين حرضوا الحكومة على تعديل قانون النقابات وإلغاء الإلزامية، حازت على غضب النقابات وعبر عن الأمر نقيب الفنانين محمد العبادي "الحدث" الذي قال ان الحكومة جندت صحفييها لمهاجمة النقابات مما أثار حفيظة نقيب الصحفيين طارق المومني. كما اتهم النائب عبد الكريم الدغمي في "شيحان" من وصفهم ببعض الحاقدين الذين يبثون السموم بين الحكومة والنقابات.


أضف تعليقك