الصحافة الأردنية والآداب الإلكترونية
يسود الجدل حاليا في المملكة الاردنية الهاشمية حول الضوابط التي من الممكن ان يتم وضعها للصحافة الالكترونية على غرار الصحافة الورقية ووسائل الاعلام الاخرى، وقد يبدو للوهلة الاولى ان مراقبة وضبط الصحافة الالكترونية امر صعب بسبب حرية زمان ومكان النشر وعدم اتباع الاسلوب التقليدي بالمرور على مراحل النشر المعتادة في الورقيات.
الا اني ومن خلال خبرتي وعملي في المجال العنكبوتي رايت ان المراقبة والمتابعة هي اسهل ما يمكن كما سقف الحرية من الممكن ان يتم تحديده حتى لا يتم تجاوز الخطوط الحمراء، وكل ما يقال ان بعض المواد ظهرت مثلا بسبب خلل او عطل تقني هو كلام فارغ لا معنى له، فاعداد الموضوع ايا كان ياخذ وقته للكتابة اكان ذلك من خلال الكاتب نفسه او المحرر او عامل الدسك الذي يدخل الخبر الى الموقع.
وعليه فان الهفوات موجودة ومن الممكن تجاوزها وتصحيحها، وكل ما يتجاوز الهفوة يعتبر مقصودا، وهنا ندخل الى باب اخر الا وهو سقف الحرية او ما يجب كتابته وما يجب الامتناع والصيام عن الاتيان على ذكره.
داب كثيرون من الكتاب وحتى من متابعي الصحف والمواقع الالكترونية الى استغلال النشر السريع والانتشار الاوسع لبعض العنكبوتيات والى استغلال التقنية الحديثة لتصفية الحسابات الشخصية او الحزبية وحتى الطائفية، فمن هذه الكتابات ما نراه باسم صاحبه الحقيقي ومنها باسماء مستعارة ومنها ما يزج به في خانة التعليقات .
واذا ما تم الكلام عن وضع ضوابط فلم لا؟؟ فالصحافة الالكترونية جزء لا يتجزا من الوسائل الاعلامية وما دامت الضوابط موجودة فلم لا يتم تطبيقها؟ وحتى لا نضع سوء النيات فسنقول هنا ان البعض ممن يعارضون وضع الضوابط لديهم مفاهيم خاطئة للصحافة الالكترونية اذ يعتبرونها ساحة للسباب والشتائم والنيل من بعض الرموز.
ان الانتقاد ضرورة، شرط ان يكون بناءً وهادفا ومستندا على معطيات اكيدة وواضحة على ان يتم اخراجه بشفافية بعيدا عن الكلام الجارح والاتهامات الشخصية والدخول في الحسابات الضيقة .
وبالعودة الى ضوابط الصحافة الالكترونية؛ فالرقابة الذاتية كافية دون تدخل من اي جهة رقابيةـ فتتم مراقبة المواد المعدة للنشر وحذف اي كلام شخصي جارح لا يستند لوقائع تثبت صحته، بالاضافة الى وجود الية لمراقبة التعليقات الواردة وهو الامر الذي يروج له البعض بان النشر يتم تلقائياً.
وفي نفس الوقت تتعالى بعض الاصوات المنادية بعدم قانونية مراقبة وضبط المواقع الالكترونية باعتبار ان غالبيتها مرخص من خارج المملكة وبالتالي فلا سلطة للقانون الاردني عليه، وهنا نسال : الا تتم مراقبة المطبوعات غير الاردنية قبيل توزيعها في السوق الاردني؟ وهل تقوم هذه المطبوعات اساسا بنشر اي مواد مخالفة لما هو متعارف عليه من خطوط حمر؟
علما ان كثيرين يخلطون بين الصحافة الالكترونية والمواقع الخاصة والمنتديات؛ فيعتبرون ان كل ما يظهر من خلال الشبكة العنكبوتية هو واحد ولا فرق بين انواع الاعلام الالكتروني.
وبالتالي يستطيع من لا قدرة لهم على كبح جماح كلامهم التوجه الى المنتديات التي اساسا لم توفر احدا لا من المسؤولين ولا من الصحافيين، حيث يتعرض كثيرين للقذف والسب العلني، كما المحاولات العديدة للسيطرة على المنتديات باءت بالفشل لنفس الاسباب التي تم ذكرها بالنسبة للصحافة الالكترونية.
واخيرا لا بد ان نسال قبل الكلام عن ضبط الصحف الالكترونية، والسؤال هو: من وراءها؟ من هو الممول ومن يعطيها الدعم المالي والمعنوي الكافي للاستمرار، فعلى الصعيد العربي لايزال المعلن العربي بعيدا عن الاعلان الالكتروني، ومن المعروف ان الاعلان هو العمود الفقري لاي وسيلة اعلانية، وبالتالي نعود الى بدء الحديث وهو ان التراشق الاعلامي الالكتروني هو سياسي بحت.. واختصارا للوقت والجهد ينبغي الكشف عن الممولين الحقيقيين للمواقع الالكترونية الذين يقفون وراء كل الكلام المسيء.
*صحفي لبناني مقيم في البحرين