السماء لم تعد فوقنا !!

كان العرب الأقدمون يختصرون الوقت، فلا يتجادلون في المسائل الواضحة،وحين يصل بهم الجدل إلى هذا الحد ، يقولون:"هذا من باب السماء فوقنا" أي انه بديهي.

أما الآن فقد اهتزت الأرض من تحتنا ، ويبدو أن السماء هي الأخرى لم تعد فوقنا، جراء ما ذقنا من ويلات وهزائم و انكسارات عبر عدة قرون متصلة.

فبات الإنسان العربي مسكوناً بالشك و الريبة و الخوف والقلق و انعدام الثقة. حتى أصبح من الممكن أن يثور الجدل بيننا في أمور تقع في "باب السماء فوقنا" سابقاً.
فحين يرفع احد المرشحين للبرلمان شعاراً بارزاً مفاده "كل الأردنيين أردنيون" فإننا لا نقول فوراً هذا شئ بديهي لأننا غير متأكدين تماماً في ما إذا كان فعلاً جميع الأردنيين أردنيون، مع أن المفروض ولا علاقة طبعاً للمفروض بالواقع، أن الأردنيين كلهم أردنيون وان الأردنيين جميعهم سواء أمام القانون.
لان الواقع الذي هو أقوى من كل مفروض يواجهنا يومياً بالبراهين و الأدلة بان الأردنيين ليسوا سواء حتى لو كانوا أبناء مدينة واحدة وتساووا في اللون و العرق و الدين والجنس و اللهجة، فهناك على الأقل فرق بين ابن وزير سابق حتى لو دارت حول الأب شبهات كثيرة ، وبين ابن معلم مدرسة سابق حتى لو قضى الأب نحبه وهو  في غرفة الصف.
 
هذا مثال بسيط من "باب الواقع فوقنا" هذا الواقع الذي من خلاله نحت المرشح البرلماني شعاره الذي يبدو بديهياً "كل الأردنيين أردنيون" فهناك أمور كثيرة كانت تعتبر من "باب السماء فوقنا"ولم تعد كذلك على الإطلاق، وهناك فرق بين ما هو مكتوب على الجدران وبين ما هو في الداخل، فقد تدخل مكاناً ما في الأردن فترى إشارة ممنوع التدخين على الجدار وحين تجلس تجد منافض السجائر على الطاولات و الناس يدخنون، فتسأل إذا ما كنت مغفلاً عن جدوى وضع الإشارة على الجدار،فيأتيك الجواب ساخراً ما تراه على الجدار للجدار فقط.
 
 
اللواء المتقاعد محمد المدّان
[email protected]

أضف تعليقك