السائق الحلقة الأضعف في معادلة النقل..هل يُبرر سلوكه؟

الرابط المختصر

في الوقت الذي تؤكد فيه الحكومة على ضرورة تكاتف الجهود لرسم صورة ايجابية عن الأردن لدى السياح العرب والأجانب، تظهر مشكلة لا يمكن المرور عنها بصمت، كما يرى أكثر المواطنين.

سلوكيات
بعض السائقين غير المسؤولة، والمتمثلة باستغلالهم الضيوف عبر جولات لا داعي لها في
الشوارع والغاية استغلالهم ماديا، تلك هاجس البعض، وبمقابل ذلك أيضا تظهر مشكلة
عدم وقوف السائق للمواطنين، "فهم يبحثون عن الأجانب أو الخليجيين أو البنات"
كما عبر أحد المواطنين المستاء من وقوفه لأكثر من ساعة منتظرا أي التكسي يقف له
ويقول: "يريد إمرأة أو أجانب فقط، ومضى على وقوفي 40 دقيقة، ومر من أمامي
أكثر من 6 تكاسي خالين من المواطنين لم يقفوا لي".


الأمر
يزداد سوءا لدى بعض المواطنين والذين طالبوا الجهات المسؤولة عن قطاع النقل،
بضرورة التحرك الفوري لمعاقبة السائق غير المسؤول عن تصرفاته، وعلى اعتبار أن هذه
السلوكيات هي مؤشر غير إيجابي أبداً لقطاع السياحة في الأردن.


إذا
كان تصرف سائق التكسي غير سوي فكيف سيتعامل مع الأجنبي، وعلى اعتباره واحد من
اللذين يعّدون واجهة البلد السياحية، فالنتيجة على أقل تقدير لا سياحة كما تروج
لها الحكومة!


اجتماع
يمكن تسميته بالطارئ عُقد قبل فترة بين كل من وزارة السياحة والأمن العام وهيئة
تنظيم قطاع النقل العام مع أصحاب مكاتب التكسي في المملكة، لأجل البحث عن آليات
تعامل السائقين مع أفواج السياح العرب والأجانب، مطالبين بضرورة تحرك كل الجهات
المعنية للحد من هذه الممارسات الخاطئة، ولأجل وضع الحلول، والعمل على تحسين صورة
الأردن في الخارج، فهل أثمرت تلك التحركات والاجتماعات؟


للمواطنين
آراء صارخة

صاحب
محل موبايلات راضي أطلق جام غضبه على كل السائقين، قائلاً: "يقف لك، إذا أراد
التوقف، يقول لي مستبقا لا أذهب إلى المنارة والتاج والأشرفية والأخضر، وأهلا بكم
في الحسين وغرب عمان، أقول له أنا أريد الذهاب إلى النزال وهنا إما يحدث خلاف قد
ينتج عنه تراشق بالعبارات السيئة أو بالضرب".


ويضيف
أن بعض تصرفات السائقين سلبية وازدادت مؤخرا، "وأيضا ينتقون الخليجيين
والأجانب، وأبناء البلد فليذهبوا مشيا على الأقدام، وهو ما حصل معي من وسط البلد
حتى النزال".


أما
خميس يستذكر حال السائق بالشتاء، ويقول: "كنت أضحك على حال السائق بالشتاء
حال يحرك المواطن يده فيقف له أكثر من عشرين تكسي، أم الآن فقد تكبروا على
المواطن، ولا يقفون له إنما للأجانب، "ما ذنبي أن أقف 35 دقيقة وأنا مريض
منتظرا رحمة أي تكسي، ويمر مؤشرا بيده دلالة على أنه مكتف لا يريد الوقوف".


ويعلق
إسماعيل أن المواصلات في الأردن أصبحت سيئة جدا مؤخرا، "تأخذ الطريق ساعتين
من الزمن بالنسبة لي بدلا من نصف ساعة كالمعتاد؛ ساعة انتظر فيها أي تكسي، وساعة
أخرى في الأزمات، أنا مستاء جداً ولا استطيع الشكوى".


ويقول
خالد: "الكثير من السائقين ينتقون الركاب على أشكالهم"، في حين يتحدث
محمد بعصبية "أسوأ من هكذا نقل لا يوجد بتاريخ الأردن، لم نكن نتوقع أنه في
يوم من الأيام سيختار السائق الراكب، هذه سيدة جميلة يقف لها بسرعة، أما إذا كان
رجلا فمن الشباك يصرخ عليه قائلا إلى أين ذاهب، إذا لم يعجبه الطلب يقول له لست
بطريقي، ناهيك عن عدم وقوفه لأي سيدة مع أطفالها أو معاق أو من يحمل أغراضا، إنما
النساء لوحدهن والجميلات تحديدا".


السائقون يستهجنون الهجوم عليهم

السائق
فهد يقول إنه يقف بمجرد أي إشارة من الراكب، ويقول: "لا يهم المكان الذاهب
عليه، فهذه لقمة عيشي ويجب أن أرضى بها، أما الحديث عن هذا السائق يقف للبنات، فهي
موجودة لا أنكرها إنما للشباب الباحث عن اللهو فقط".


ويضيف
السائق محمود أنه يقف لكل الركاب، موضحا: "أحيانا وأنا في عودتي لداري لأجل
الراحة يؤشر لي الركاب أعتذر له من بعيد لأني أكون متعبا ومن حقي الراحة، فليس
هينا أن تقود السيارة على مدى 7 ساعات تحت أشعة الشمس، فالراحة مطلوبة ومن حقي
كسائق أنا اذهب إلى بيتي ساعة قيلولة".


أزمات
السير هي التي خلقت الفجوة بين الركاب والسائقين، كما يعلق السائق عبد المجيد،
ويقول: "شوارع عمان تشهد ضغطا لم تمر به من قبل، ومع كثرت الأجانب وأيضا ضغط
الصيف من المواطنين، خلق فجوة كبيرة بيننا وبينهم، لذلك ستجد الكثير منهم مستاء من
السائقين وهم لا ذنب له أبداً ورغم ذلك أقول هناك فئة ضالة لا تبحث إلا عن الحرام".


من
جهته يقول السائق فريز أنها أرزاق لا يمكن للسائق أن يتجاوز عن الطلب المتوفر، "وهناك
استثناءات، فيمكن القول أن الكثيرين باتوا يربطون التكسي معهم بحيث يصبح بمجرد أن
يطلبوه على هاتفه يأتيهم، وبالتالي يأخذ منهم كل فترة مبلغ معين، ويلتزم السائق
معهم ولا يستطيع بطريقه لهم أن يقف لأي راكب، لذلك علينا أن لا نظلم السائق
الغلبان".


الهيئة
تتلقى عشرات الشكاوى يوميا

بدورها
قامت هيئة تنظيم قطاع النقل العام، بتفعيل قسم الشكاوى بهذه الفترة، وتشهد يوميا
استقبال عشرات الشكاوى عبر هاتف 080022006 المجاني، وتتلقى الشكاوى أيضا عبر
فروعها في إقليم الوسط والشمال والجنوب، وتعدد الناطقة الإعلامية في الهيئة إخلاص
يوسف أبرز الشكاوى التي تردهم باستمرار، "عدم فتح السائق عداد التكسي عند
ركوب المواطن، وجود السمسرة بين بعض السائقين وبعض الفنادق، وكذلك انتقاء الركاب
والمزاجية في اختيارهم".


وتضيف
"لنعترف أن هناك ظاهرة تتمثل بوقوف العديد من السائقين للخليجيين أو الأجانب
فقط، أو السيدات، كذلك هناك سرعات زائدة والوقوف الخاطئ لهم، عدا وضع أغاني لا
تنسجم مع الذوق العام، ناهيك عن التدخين الكثير، وعدم السماح للركاب بفتح زجاج
الباب، أو عدم الاعتناء بنظافة فرش التكسي كلها مجتمعة نتلقها يوميا".


نقابة
تدعو إلى عدم تضخيم الظاهرة

بدوره،
يدعو نقيب السائقين العموميين إبراهيم القيسي إلى عدم تعظيم الظاهرة، ويقول:
"لا نريد تضخيم الظاهرة وأيضا لا ننكر بعض التصرفات الفردية من قبل بعض
السائقين، وأنا أختلف مع الهيئة التي تعمل على تضخيم الأمور، فلدينا معادلة نقل
مختلة بحاجة إلى تصحيحها، وهي تتكون من خمسة أطراف وهي هيئة النقل وإدارة السير
والمواطن والمستثمر والسائق، فالهيئة هي التي تمنح الخطوط والاستثمارات ووضع
التعليمات، أما إدارة السير تضبط عملية النقل وتراقبها، والمواطن نعمل على إرضاءه
عبر إيجاد وسائل نقل مريحة له وتحديد أجور مناسبة له، أما المستثمر فنحن نشجعه على
الاستثمار ونمنحه الامتيازات ونحل جميع مشاكله".



أما
فيما يتعلق بالسائق، فيعتبره القيسي "الطرف الأضعف في تلك المعادلة، فلتعطينا
الهيئة وكل من هو مسؤول عن قطاع النقل دليلا على خطوة تحسين وضع السائقين، لنعترف
أن هناك الكثير من المشغلين في النقل لا يطبقون قانون العمل، لماذا لا نتحدث عنها
بصراحة فهناك ساعات عمل طويلة، ولا يوجد ضمان اجتماعي لا يوجد استقرار وظيفي،
لنعطه حقوقه أولا ومن ثم يتوازن مع معادلة النقل وبالتالي نحاكمه على تصرفاته".


ويضيف "لماذا لا يتم الحديث علنا عن
استغلال أصحاب المكاتب للسائقين فيما يتعلق بضمان السيارة اليومي المرتفع والمجبر
على تحصيله يوميا مهما كانت الظروف".


وترد
إخلاص يوسف على اتهام النقيب الهيئة بتعظيم الظاهرة، وتقول: "نحن لا نعظم
الظواهر إنما نعمل على حلها، ولأهمية تلك الظاهرة في ظل الظروف التي نمر بها من
أجل تحسين نوعية النقل وتشجيع السياحة، ونعلم ما يترتب على السائق من أعباء وجهد
مضاعف، لكن كل هذا لا يبرر من سوء سلوك البعض من السائقين".


وعاد
ولام النقيب الهيئة، "نحن طلبنا في السابق من الهيئة بضرورة وضع مواصفات
للسائقين المختصين بنقل الركاب، يجب تحديد مواصفات أما هكذا فالأمر متروك على
عواهنه، فالسائق عمره 22 سنة يعمل و50 سنة يعمل، لا رقيب ولا ضابط للمهنة، وهذا
خطأ كبير وقد طلبنا في السابق بضرورة مهننة المهنة".


وتعقب
إخلاص يوسف "قمنا في الهيئة بإصدار تعليمات خاصة بإدخال جميع السائقين
العموميين بالضمان الاجتماعي، وبالتنسيق مع المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي،
ونعمل على حزمة إجراءات ناهيك عن حملة البروشور لتوعية السائقين".


ويقول
النقيب القيسي منتقدا، "ما جدوى الحملات والبروشورات في ظل عدم إعطاء السائق
حقه بالأصل".


وتتابع
إخلاص يوسف "أحد المحاور الرئيسية في إستراتجية الوطنية لقطاع النقل العام في
المملكة للأعوام 2005-2007 تتمثل بتأهيل السائقين العاملين في قطاع النقل العام من
خلال دورات ومحاضرات متخصصة ومكثفة، كذلك التعاون مع جميع الجهات المعنية خصوصا
نقابة السائقين".


واقع غير مقبول بالنسبة للسائق طالما أنه الحلقة
الأضعف في معادلة العمل، ونتائج غير مرضية بالنسبة للمواطنين طالبين الخدمة
المريحة، وجهود حثيثة لتشجيع الاستثمار في قطاع النقل العام، وغياب لضوابط العمل
والتعليمات، وفي ظل هذه الأحوال، تنفذ الجهات المسؤولة الحملات وتسن القوانين وكل
ذلك خدمةً للمواطن والسائق معاً، فإذن على من اللوم؟

أضف تعليقك