
الزواهرة: الأرقام الحقيقية للبطالة «مرعبة»

قال محمد صبيح الزواهرة، المختص في الشأن السياسي والشبابي والتنمية المجتمعية، إن تجربة مجالس المحافظات واللامركزية خلال السنوات العشر الماضية حققت تقدّمًا محدودًا بسبب ضعف الموارد المالية وتداخل الصلاحيات وغياب أدوات قياس الأداء، مشيرًا إلى أنّ الجسم الجديد الذي أُنشئ بين المحافظ والمديريات الخدمية والبلديات المنتخبة لم يستطع إحداث فرق جوهري على أرض الواقع.
وأكد الزواهرة أنّ فشل التجربة يعود جزئيًا إلى استمرار النواب في أداء الدور الخدمي بدلًا من الدور التشريعي والرقابي، ما أفشل فكرة وجود مجالس محلية مستقلة لتلبية احتياجات المواطنين. وأشار إلى أنّ نسب المشاركة المتدنية في الانتخابات تعكس حالة يأس وانعدام ثقة لدى المواطنين في فاعلية هذه المجالس، لافتًا إلى أنّ نحو ثلث الناخبين يتوجهون فقط لانتخاب الرئيس، وأن إلغاء انتخاب الرئيس سيؤثر سلبًا على نسبة المشاركة.
وتطرق الزواهرة إلى التعديلات المقترحة التي تمنح أعضاء المجالس البلدية حق انتخاب الرئيس من بينهم بدلًا من انتخابه مباشرة من المواطنين، معتبرًا أنّ هذا الاقتراح يتعارض مع روح الديمقراطية التمثيلية، لأن الديمقراطية تعني أن يختار الناس ممثليهم بشكل مباشر.
كما شدد الزواهرة على أنّ البلديات لم تقم حتى اليوم بدورها الحقيقي في التنمية، بل اقتصرت على تقديم خدمات أساسية تعاني أصلًا من قصور كبير مثل النظافة والبنية التحتية، لافتًا إلى أنّ سوء الإدارة—not فقط الفساد المالي—يمثل أحد أكبر تحديات العمل البلدي.
وفيما يتعلق بأزمة البطالة بين الشباب، قال الزواهرة إن الأرقام الحقيقية «مرعبة»، مشيرًا إلى أنّ نسب البطالة قد تتجاوز 40%، وهو ما يمثل قنبلة موقوتة اجتماعيًا واقتصاديًا. وأكد أنّ العمل ليس فقط مصدر دخل بل أيضًا وسيلة لحماية الشباب من الانحراف والتطرف والعنف.
واعتبر الزواهرة أنّ حلّ هذه المشكلات يتطلّب إرادة سياسية جادّة، وإصلاحًا سياسيًا حقيقيًا يقوده مجلس نواب منتخب على أساس برامجي وحزبي وليس عشائريًا أو ماليًا، وأن تكون هناك خطط تنموية مستدامة بدلًا من الاعتماد على المنح والمساعدات الخارجية.
وأوضح الزواهرة أنّ أحد أبرز أسباب ضعف أثر مجالس المحافظات هو عدم تفعيل مبدأ اللامركزية الحقيقي، حيث بقيت القرارات الكبرى والموازنات محصورة بيد المركز، ما جعل دور المجالس شكليًا في كثير من الأحيان. وأشار إلى أنّ نقل صلاحيات حقيقية للمجالس يتطلب أيضًا بناء قدرات الأعضاء المنتخبين وتأهيلهم ليكونوا قادرين على التخطيط ورسم السياسات المحلية، وليس فقط تقديم مطالب خدمية.
وفي سياق متصل، لفت الزواهرة إلى أنّ البلديات في الأردن ما تزال تعاني من ضعف في الموارد المالية والإدارية، وأن غالبية الإيرادات تُصرف على الرواتب والتزامات التشغيل، فيما لا يتبقى شيء تقريبًا للمشروعات التنموية التي يحتاجها المواطنون.
كما دعا إلى تعزيز المشاركة السياسية للشباب والنساء في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات، معتبرًا أن غياب هذه الفئات يضعف تمثيل المجتمع ويؤدي إلى إنتاج مجالس تقليدية لا تعبّر عن روح العصر وتطلعات الجيل الجديد.
وبخصوص الحلول، اقترح الزواهرة اعتماد خطط متكاملة تجمع بين الإصلاح الإداري وتحديث التشريعات وتمكين البلديات ماليًا وإداريًا، إلى جانب إطلاق مبادرات لتأهيل الشباب للمشاركة الفعّالة في الشأن العام، بما يعزز الثقة بين الدولة والمجتمع.
ودعا الزواهرة إلى تحويل البلديات والمجالس المحلية إلى منصات للعمل التنموي والمشاركة المجتمعية، لا أن تبقى مجرد هياكل إدارية تُنفّذ مشروعات محدودة، معتبرًا أنّ هذا التحول لن يتحقق إلا عبر إعادة صياغة دور المجالس لتصبح صانعة قرار لا ناقلة مطالب.