"الزموا منازلكم" و"أغلقوا كل شيء"، تعليمات تعم العالم بأسره؛ لمنع التواصل والتجمعات التي تشجع انتقال فيروس كورونا المستجد، في وجه وباء عالمي ينتشر بسرعة، وخلّف حصيلة مروعة في إيطاليا.
من ووهان الصينية إلى بوليفيا، مرورا بفرنسا ونيويورك والأردن، يبقى ما يزيد عن 900 مليون شخص في الحجر المنزلي؛ سواء استجابة لتوصية، أو امتثالا لأمر من السلطات.
وسجل الأردن السبت، 15 حالة جديدة مصابة بفيروس كورونا المستجد، ليرتفع العدد إلى 99، حيث قال وزير الصحة سعد جابر، إن عدد المصابين بلغ (99) وهو "رقم ليس كبيرا" لكنه "مؤشر خطير" على أن قلة لم تلتزم بتعليمات الصحة العامة.
والأجهزة الأمنية في الأردن أعلنت السبت في بيان لمديرية الأمن العام توقيف 392 شخصا لـ "مخالفتهم أمر حظر التجول"، الذي فرضته الحكومة على جميع المحافظات ابتداءً من السبت.
فيما يبلغ عدد الموجودين في الحجر الصحي الإلزامي في فنادق خصصتها الحكومة 5050، منهم 3104 في عمّان، 1923 في البحر الميت، و 23 في العقبة.
وتشهد إيطاليا، البلد الأكثر تأثرا بالفيروس، سيناريو كارثيا يثير مخاوف جميع الدول الأخرى، حيث يبدو أن العدوى خرجت عن السيطرة في بعض المناطق فيما استنفدت المستشفيات إمكاناتها.
وأحصت السلطات الإيطالية السبت، نحو 53600 إصابة، و4825 وفاة بالإجمال.
وطلب الأطباء لزوم أشدّ التدابير، وقال رئيس قسم إنعاش القلب في المستشفى الرئيسي في بريشيا بشمال إيطاليا "دعوتي إلى المؤسسات هي التالية: أغلقوا كل شيء".
ولقيت هذه النداءات استجابة، فأعلن رئيس الوزراء جوسيبي كونتي وقف "أي نشاط إنتاجي على الأراضي لا يكون ذي ضرورة قصوى"، على أن يتم الإبقاء فقط على الخدمات العامة والقطاعات الاقتصادية الأساسية مثل الصحة والغذاء، والنقل والتوزيع والخدمات البريدية والمالية.
وقال كونتي، إن هذه التدابير "صارمة، أعرف ذلك، لكن لا بديل لدينا. علينا أن نقاوم" الوباء.
وفي المقابل، يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشكك في تدابير الحجر المنزلي، تحفيز النشاط الاقتصادي، وهو يحض الجمهوريين والديمقراطيين على الاتفاق على خطة إنعاش بقيمة 1000 مليار دولار.
وصرح في البيت الأبيض "نحضر تدابير لم يشهدها أحد من قبل"، وذلك قبل 8 أشهر من الانتخابات الرئاسية.
"الأسوأ آتٍ"
غير أن عددا متزايدا من الولايات الأميركية يعمد إلى اتخاذ تدابير ملزمة ستكبح أول اقتصاد في العالم، فأغلقت كاليفورنيا ونيويورك، الولايتان الكبريان من حيث العدد في البلاد، كل المحلات غير الأساسية، وأمرتا سكانهما بلزوم منازلهم. كما فرضت إيلينوي ونيوجرزي وكونيتيكت وبنسيلفانيا ونيفادا قيودا صارمة على سكانها.
وتعتزم ألمانيا مساعدة شركاتها وموظفيها الذين يعانون من التباطؤ الاقتصادي، من خلال خطة بقيمة 822 مليار يورو، وستلجأ من أجل ذلك إلى الاقتراض لأول مرة منذ 2013، وفق مشروع قانون حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه.
وأطلقت إسبانيا حملة لتجهيز نظامها الصحي، وأنذر رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بأن "الأسوأ آتٍ"، متحدثا عن "سباق مع الوقت".
والتعليمات المعممة واضحة، وهي تفرض على الجميع لزوم مسافة بين بعضهم البعض.
وعنونت قناة "إتش آر تي" التلفزيونية في كرواتيا بالخط العريض "ابقوا في منازلكم".
وتسبب الوباء بأول وفاة في كولومبيا، حيث بلغ عدد الإصابات 210 حالات، على ما أعلن وزير الصحة فرناندو رويز السبت.
ورغم هذا الوضع، ما زالت إيران تمتنع عن فرض حجر منزلي، بالرغم من مدى تفشي المرض فيها مع وصول عدد الوفيات إلى أكثر من 1500. ودعا الرئيس حسن روحاني السبت، إلى إغلاق "المراكز التجارية التي يتجمع فيها عدد كبير من الناس".
غير أن "الابتعاد الاجتماعي" يبدو مستحيلا في بعض بقاع الأرض. ففي قطاع غزة حيث كثافة سكانية عالية جدا، أعلنت وزارة الصحة تسجيل أول إصابتين بفيروس كورونا المستجد، مشيرة إلى أنه تم رصدهما على الحدود مع مصر، ووضع المصابان على الفور في الحجر الصحي.
وإن كان سكان القطاع يدركون المخاطر، فإن مدير منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية جيرالد روكنشاوب، حذر بأن الوضع قد يتخطى بسرعة قدرات النظام الصحي مع "انقطاع الكهرباء والأدوية الأساسية، و نقص العاملين".
العودة أدراجه
وفي الخليج، أعلنت الإمارات "إغلاقا مؤقتا للشواطئ والحدائق والمسابح ودور السينما وصالات التدريب الرياضية".
وكلفت الحكومة اللبنانية السبت، القوى الأمنية كافة التشدّد في تنفيذ خطط صارمة لمنع الناس من الخروج من منازلهم.
وتبدي الأرياف تمنعا عن استقبال أهل المدن الأثرياء الذين قد يحملون العدوى معهم. ففي إنجلترا، طلب المكتب السياحي في منطقة كورنوول ذات عدد السكان المتدني خارج موسم الاصطياف من الزوار "تأجيل سفرهم".
وكُلفت قوات الأمن فرض الالتزام بأوامر الحجر المنزلي ومنع التجمعات.
ففي سيدني الأسترالية، أُغلق شاطئ بوندي الشهير الأحد، بعدما اكتظ السبت بالناس، وقال وزير داخلية نيو ساوث ويلز ديفيد إليوت "هذا ليس أمرا نقوم به لأننا الشرطة التي تحبط الأجواء".
لكن في بغداد، تحدى عشرات الآلاف حظر التجول وتجمعوا السبت في المدينة ومدن عدة من البلاد، وتوجهوا إلى مقام الإمام موسى بن جعفر الكاظم، على ضفاف نهر دجلة في العاصمة العراقية، ولو أن الإقبال كان متدنيا نسبيا، واقتصر على العراقيين.
ومع إغلاق الحدود بين دول العالم، بات من الصعب على المسافرين العودة إلى بلادهم. وروى أحد ركاب رحلة من أمستردام إلى نيودلهي أنه فيما كان يتطلع للعودة إلى الهند، أعلن قبطان الطائرة فيما كانوا فوق روسيا أنه ملزم بالاستدارة بالطائرة والعودة أدراجه إذ لم يتلق إذنا بالهبوط في وجهته بعدما سُمح له بالإقلاع.