الزرقاوي يخّيم على الأردنيين في العراق
(إن أهالي الأسرى الأردنيين في العراق يحترقون حسرة على أبنائهم، ويحلمون بيوم ما يفرج عنهم. هم ذهبوا إليها إما للدراسة أو للعمل ولا يوجد من سبب محدد لأسرهم).تلك، ليست بيانا أو تقريرا صحفيا لإصدار براءة ذمة لمن اعُتقل في العراق، هي ببساطة رسالة يوجهها أهالي الأردنيين المعتقلين في العراق إلى أصحاب القرار..
وليس من سبب تستطيع والدة علاء عبد الرؤوف خضر تحديده لتبرير اعتقاله والذي مضى عليه أكثر من خمس سنوات. علاء الذي سافر للعراق لأجل إكمال دراسته الدكتوراه جامعة المستنصرية اعُتقل بدون سبب وما تعرض له يضاف إلى سلسلة من أحداث عشوائية يعيشها العراق من حرب لم تترك أحداً بسلام.
(إلى أمي الحبيبة يا ست الغوالي والحبايب لا تحزني علي فرسالتك فيها من الحزن والبؤس ما يكفي لإنتاج قصة أخرى من البؤساء بطلها أمجد عدنان..) تقرأ ماجدة البيطار رسالة ابنها أمجد الذي سافر إلى العراق بعد انتهاء الثانوية العامة عام 2002 ملتحقا بجامعة المستنصرية لدراسة تخصص التكنوبيولوجي، وفي تاريخ 26/1/2004 اعُتقل بدون أي تهمة موجهة له، وقد تنقل في عدة سجون والتهمة "غير محددة".. هنا لم تتوقف ماجدة عن التجوال بين المؤسسات الحكومية والمنظمات الحقوقية لأجل العثور على من يشفي غليلها ويقول لها "سنتابع الملف".
بوكا ، أبو غريب، كروبور2 وسوسا وأم القصر.. سجونٌ عراقية يديرها جيش الاحتلال الأمريكي، ويتنقل فيها الأسرى الأردنيين حاملين أرقامهم فيها إلى جانب معتقلين عراقيين وعرب، غالبيتهم لا يعرفون السبب أو التهم الموجهة إليهم..
أين هم؟
علاء عبد الرؤوف توفيق خضر، يبلغ الآن من العمر 38 عاما، يحمل رقم 157910 في سجنه، بعثه ديوان الخدمة المدنية على حساب وزارة التربية والتعليم لأجل إكمال رسالة الدكتوراه في الاقتصاد حيث كان يعمل لديها في قسم التخطيط منذ عشر سنوات.. حاول والده عبد الرؤوف جاهدا التواصل مع الخارجية الأردنية والصليب الأحمر لأجل متابعة ملفه ووصل الأمر به للسفر إلى العراق لأجل رؤيته "ذهبت هناك وتم اعتقالي بدون سبب أنا ووالد أمجد أسبوعين وقلت لهم إني ابحث عن ولدي وبالأخير عدنا إلى الأردن خائبين وبعد تدخل وسطاء من بعض النواب الذين طبلوا من السفارة الأردنية ضرورة التحرك العاجل وإخراجنا".
أمجد عدنان الشلبي يبلغ من العمر 27 عاما ويحمل الرقم 157906 في سجن كروبور، أمجد أفُرج عنه قبل أقل من عام وأعيد اعتقاله مرة ثانية وبدون سبب كما اعتقاله الأول، أما علاء فقد أفُرج عنه وغير معروف وجهته الآن، وأسرته الآن تقتفي أثره عن طريق الشائعات هو هنا أو قد يكون هناك..والمؤكد لها أنه داخل العراق وفي إحدى سجونها "هناك من يقول أنه في سجن سوسا؛ لا ندري أين هو"..يقول شقيقه الأكبر عماد.
راجع عماد "الخارجية" مرتين وأكثر وكانت النتيجة.."المسؤولون يجلسون على مقاعدهم ويقولوا إنهم يتابعوا ملف الأردنيين في العراق، لكن على أرض الواقع لا يتابعونه ملفهم، وأخي لا يزال في العراق، ولا يقدرون المطالبة به للأسف هو قد يكون مفرج عنه ولا ندري أين هو ؟ أين الحكومة والجميع عنه".
علاء الآن مفرج عنه ولا أثر له..هذا ما يثير حفيظة عائلته والتي حاولت جاهدة البحث عنه "لا نرفض أن يحاكم إذا كان هناك من تهمة موجهة له ولكن أن يحاكم في الأردن، فهو متعلم ولا علاقة له بشيء" يقول عماد. أما والدته فتبكي بحرقة على ولدها الذي لا من أثر له "أناشد الجميع أن يرأفوا بحالنا ويساعدونا أتمنى أن يأتي علاء..طوال الليل وان لا أنام وأعاني من الأمراض".
عبد الرؤوف والده، يقول "هل يشعر بنا المسؤولين! وإذا كانوا لا يستطيعوا إخراجه فليقولوا لنا كي لا نلومهم عندها".هو الآن فقد الأمل "منذ ستة شهور توقفت عن متابعة الجهات والمسؤولين، أبني ليس مجرما أو اقترف ذنبا كي يحاكم عليه".
رسالة..
"أوجه رسالة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني أن يساعدنا، أنا متعبة بالأمراض ولا أستطيع النوم.. أتمنى ان يصل لنا علاء..منذ سنة ونصف لا نعلم أخباره، وحرقتي عليه كبيرة ". تقول والدة علاء أما والدة أمجد فوصل الحد بها إلى زيارة بيوت المسؤولين وترك رسائل لهم لأجل ضمان وصولها.."أتمنى ان تصل قضيتنا لجلالة الملك عبدالله الثاني".
وعماد يصرخ.."أخي يحمل الجنسية الأردنية ولا يوجد أي سيرة له غير التعليم وإذا كان هناك من محاكمة له فلتأتيه الحكومة إلى بلده ومحاكمته؛ من المفروض أن تتحرك الحكومة لأجل متابعة ملف أبنائها في العراق".
"الحكومة قامت بإرساله وعلى نفقتها الخاصة لأجل إكمال رسالة الدكتوراه والآن تتخلى عنه بعدما تم اعتقاله بدون سبب في العراق، مر على اعتقاله خمس سنوات ومنذ ذلك التاريخ وهو دائم التنقل بين السجن والآخر والحكومة تؤكد لنا انها تتابع ملف الأردنيين في العراق وعلى أرض الواقع السنوات تمضي وعمرهم في السجون يكبر".
هذه وثيقة تثبت ان علاء طالبا في جامعة المستنصرية وهذه وثيقة تثبت انه سافر على نفقة الحكومة وهذه وثيقة..لا يكف والد علاء عن تعداد وإحصاء الوثائق التي تؤكد ابنه لا علاقة له بأي تهمة تستدعي اعتقاله.
والدة أمجد لم توفر قناة إلا وطرقتها "نشرنا في الصحف الرسمية والتلفزيون والإذاعات والفضائيات العربية، ولا من أحد يبالي، أريد أبني أن يكمل دراسته وقد قضى في البكالوريوس ثمانية أعوام هذا الظلم بعينه".
أين ملف المعتقلين؟
ملف الأردنيين المعتقلين في العراق "متجاهل" كما يقول أكثر من ناشط حقوقي وأعدادهم غير محددة فهم قد تجاوزا المائة وآخرون يؤكدون أنهم بضعة عشرات...كثيرٌة هي المنظمات واللجان الحقوقية التي تتابع ملف المعتقلين الأردنيين في العراق، لكن على أرض الواقع لا يوجد تحريك في الملف.. وها هي المنظمة العربية لحقوق الإنسان تتابع ملف المعتقلين الأردنيين "من خلال اتصالاتنا المستمرة مع المسؤولين ومحاولة تمكين الأهالي من الاتصال بمن هو معتقل وتوكيل محامي له" وفق رئيس المنظمة هاني الدحلة.. "جهود الخارجية بسيطة جداً، لا تتعدى من تكليف السفير بالسؤال عن أحوالهم فقط".
في حين شكلت لجنة الحريات النقابية فريقا لمتابع الملف ويقول منسق الملف ميسرة ملص، أنهم ينظمون اعتصامات ومهرجانات تضامنية لتحريك الملف كذلك نشر عشرات الإعلانات في الصحف اليومية..ومن باب حصر عدد الأسرى الذي وصل إلى 23 أسيرا إلا أن لجنة الحريات النيابية في الدورة الماضية من مجلس النواب أكدت أن أعدادهم تتجاوز بضعة مئات لكن لجنة أهالي المعتقلين الأردنيين في العراق تشير إلى أن ما تملكه من وثائق عن المعتقلين تؤكد أنهمن 30 معتقلا بين تاجر وطالب.
أما الصليب الأحمر فدوره لا يتعدى نقل الرسائل من المعتقلين إلى أهاليهم وكذلك العكس وهنا تستمد ماجدة أخبار أمجد عن طريق الرسائل التي يخبرها عن حياته داخل المعتقل ليس أكثر وتنتظر اليوم الذي سيخرج منه..
النائب لطفي الديرباني يقبع ابنه أسيرا في العراق منذ أربع سنوات، هو الناطق الإعلامي باسم أهالي الأسرى، يلفت إلى أن الخارجية "لم تهتم بملف الأسرى منذ أربع سنوات ولم يلق أي اهتمام أو تحرك لا من الخارجية أو من السفارة الأردنية في بغداد"..أما الآن "لمست جهدا منذ عدة شهور تمخض عن خروج عدد من الأردنيين".
الديرباني يعتقد أن ثمة عدد من المعتقلين موجودين داخل السجون وتقوم إدارة السجون الأمريكية بإخفائهم.
وحول اعتقال ابنه منذ أربع سنوات يقول النائب "تخرج ابني من الجامعة الأردنية ويعمل طبيبا وانتقل إلى إحدى المستشفيات العراقية للممارسة المهنة النبيلة وتم اعتقاله منذ أربع سنوات وتلفيق التهم له ومحاكمته..ولقد تعبنا من استمرار اعتقاله".
"النواب ينشطون لأجل الضغط على الخارجية لأجل المطالبة بالمعتقلين سيما وأن غالبيتهم لا يحاكموا ولا يوجد عليهم أي تهم".
الحكومة الأردنية تؤكد أنها "تبذل جهودا حثيثة عبر السفارة في بغداد لمتابعة أوضاعهم وتأمين الإفراج عنهم، داعية العائلات الأردنية التي اعتقل أحد أبنائها أن تفيد الخارجية بالمعلومات وتبلغها لأجل متابعة قضيتهم عبر وزارة الخارجية والسفارة الأردنية في بغداد".
ناصر جودة وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال، قال لراديو البلد "لا نريد الخوض في التفاصيل، والحكومة من خلال أجهزتها المختلفة تتعامل مع ملف المعتقلين في العراق وعدة بلدان بمتابعة يومية حثيثة وبطرق معروفة".
كما لفت إلى أن متابعة الملف "من المفترض أن تتم من خلال التداول غير المعلن وعبر أطر دبلوماسية بعيدا عن الإعلام".
صورة المعتقلين الأردنيين في السجون العراقية "زرقاوية" توازي ما اقترفه أبو مصعب الزرقاوي في العراق، فهم بنظرهم "زرقاويون" وفق أكثر من معتقل أردني خرج من المعتقل، ويؤكد الأسير المحرر أحمد الجعبري أن "القوات الأمريكية تنظر لجميع الأردنيين على أنهم قادمين من بلد الزرقاوي وعلى أساس ذلك تعتقلهم" هذا ما حصل معه والذي خرج قبل عام.
إستمع الآن