الرداد يوضح التحديات التي يفرضها موقع الأردن الجغرافي في ظل الحرب الإسرائيلية – الإيرانية
سلط الخبير الأمني والعسكري الدكتور عمر الرداد الضوء على تعقيدات الموقف الأردني في ظل التصعيد العسكري المتنامي بين إسرائيل وإيران، موضحًا كيف أن الموقع الجغرافي الحساس للمملكة يفرض عليها تحديات غير مسبوقة، تتطلب دقة في التعامل ومرونة في القرار السياسي والأمني.
وقال الرداد إن الأردن يجد نفسه بين طرفي النزاع، في موقع لا يُحسد عليه، حيث تمرّ فوق أجوائه نسبة كبيرة من المسيرات والصواريخ الإيرانية التي تستهدف إسرائيل، وهو ما أكده الملك عبد الله الثاني في أكثر من مناسبة، مشددًا على أن الأردن لن يكون ساحة لصراع الآخرين ولن يسمح باستخدام أجوائه من قبل أي طرف في النزاع.
وأشار الرداد إلى أن الدور الأردني الإقليمي والدولي يتمثل في موقف حيادي إيجابي، يعكس التزام المملكة بالحوار والدبلوماسية، وهو ما يظهر جليًا في التحركات التي يقودها الملك عبد الله الثاني، سواء من خلال الاتصال مع قادة إقليميين مثل الرئيسين التركي والقبرصي، أو عبر التنسيق مع العواصم الأوروبية والولايات المتحدة، بهدف تشكيل رأي عام دولي ضاغط لوقف التصعيد.
ورأى الرداد أن القلق الأردني لا ينبع فقط من الأبعاد العسكرية للنزاع، بل من التداعيات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي قد تطال الإقليم ككل، مؤكدًا أن "المنطقة بحاجة إلى السلام، لا إلى مغامرات عسكرية"، بحسب وصفه.
وعن موقف الأردن من طرفي النزاع، شدد الرداد على أن المملكة تحترم إيران كدولة إسلامية ذات سيادة، رغم ما وصفه بـ"استهدافات سابقة" تعرض لها الأردن من قبلها. في المقابل، فإن الأردن يرتبط بـمعاهدة سلام مع إسرائيل، والتزامات دولية لا يمكن تجاهلها، في إطار فهم دقيق لمفهوم الدولة، حيث تُتخذ قرارات السلم والحرب من قبل القيادة ومؤسسات الدولة، لا من قبل أحزاب أو جماعات أو أفراد.
وفي ردّه على التشكيك بدور الأردن في إسقاط المسيرات الإيرانية دون التصدي للطائرات الإسرائيلية، أوضح الرداد أن الوقائع العسكرية تؤكد أن إسرائيل غالبًا ما تنفذ هجماتها عبر أجواء العراق وسوريا، وليس عبر الأردن، مضيفًا أن بعض الطائرات المتقدمة مثل F-35 لا تحتاج لعبور أجواء الأردن أصلًا لتنفيذ ضرباتها.
وأضاف أن الطائرات الإيرانية المسيّرة تمثل تهديدًا مباشرًا للأردن، لا سيما بعد سقوط شظايا منها على مناطق مأهولة شمال المملكة، ما يفرض على الحكومة اتخاذ كافة الإجراءات لحماية أجوائها وسلامة المواطنين.
وتطرّق الرداد إلى حملات التشكيك والتضليل الإعلامي التي تتعرض لها المملكة، واصفًا إياها بأنها "نتاج جيوش إلكترونية وذباب إعلامي"، تعمل منذ بداية الحرب في غزة على بث الشائعات والمعلومات المغلوطة، مستشهدًا بحادثة تقرير موقع “ميدل إيست آي” الذي اضطر لاحقًا للاعتذار عن معلومات غير دقيقة تتعلق بالمساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكد أن الأردن لا ينشغل بالرد على هذه الحملات الإعلامية، بل يواصل عمله الفعلي على الأرض، من خلال إرسال المساعدات، وتشغيل المخابز والمستشفيات الميدانية في قطاع غزة، وهو ما أكده أبناء القطاع بأنفسهم، على حد تعبيره.
وفيما يخص آفاق الحوار الإقليمي والدولي، اعتبر الرداد أن العودة إلى طاولة الحوار لا تزال ممكنة، خاصة في ظل وجود فجوة بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي تجاه إيران. فبينما ترفض واشنطن فكرة إسقاط النظام الإيراني، تواصل حكومة نتنياهو المتطرفة الدفع نحو التصعيد. وبيّن أن جهودًا روسية وقطرية وأوروبية تبذل حاليًا بشكل مكثف لإحداث تهدئة، وسط إدراك متزايد أن استمرار التصعيد لن يخدم أي طرف، خاصة أن الضربات التي تعرضت لها إيران مؤخرًا كانت مؤلمة وقوية.
واختتم الدكتور عمر الرداد حديثه بالتأكيد على أن الأردن سيبقى دولة مستقرة، ذات مؤسسات راسخة، ومواقف متوازنة، تضع سلامة مواطنيها ومصالحها الوطنية فوق كل اعتبار، دون أن تكون أداة في نزاعات الآخرين، أو رهينة لحملات التشكيك والشائعات المغرضة.











































