"الذهبي 2009" ..القادم أصعب
توقعات كبيرة بأن يطول بقاء رئيس الوزراء م.نادر الذهبي في الدوار الرابع، بعد أن حصد الذهب ابتداء من ثقة ذهبية في البرلمان وموازنة مرت بسهولة و ثقة شعبية لم تنخفض بعد 200 يوم من تشكيل الحكومة كما هو معتاد.
هذا يضع الرئيس 65 عاما امام ملفات كبيرة على الصعيد الاقتصادي والسياسي في عام 2009 من ابرزها الازمة المالية العالمية وخفض معدلات التضخم والبطالة والتوسع بمشاريع الاسكان وتطوير قطاع الزراعة وغيرها من القضايا.
علاقة طردية بين شعبية الذهبي واسعار المحرقات
ويرى محللون ان عوامل عديدة ساهمت في رفع اسهم الرئيس الذهبي واكسبته هذا " الرصيد الشعبي" ومن هذه العوامل –حسب رئيس وحدة الاستطلاع في مركز الدراسات الاستراتيجية د.محمد المصري-ان التوافق بين القوى السياسية في الاردن في فترة تشكيل الحكومة لعب دورا في اعطاء ثقة للحكومة".
بينما يرى امين عام الحزب الشيوعي الاردني د.منير حمارنة ان "النتائج التي جعلت نسبة التأييد للحكومة مرتفعة خلافا للحكومات التي قبلها هو فقط تعديل أسعار المحروقات، اذ حافظت الحكومة على وعودها بأنها ستراجع اسعار المحروقات محليا هبوطا او ارتفاعا مع تغيير الأسعار عالميا، رغم انه في أكثر من مره كانت نسبة تخفيض النفط محليا لا تتناسب مع تخفيظ النفط عالميا، إلا ان التخفيض من حيث المبدأ كان يتناسب مع ظروف المواطنين الصعبة من غلاء وارتفاع تكاليف المعيشة وهذا كان سببا في وجود تأييد واسع لحكومة الذهبي".
ويتفق د. المصري مع حمارنة بان " اسعار المحروقات وشعبية الحكومة ترتبط بعلاقة طردية" كل ما انخفضت اسعار المحروقات ارتفعت شعبية الحكومة، ويقول د. المحلل المصري لراديو البلد ان" النتائج المستقاه من الاستطلاع تبين ان 71% من الشارع الاردني في حزيران الماضي كان كانوا يعتقدون ان المشكلة التي يجب على الحكومة معالجتها هي مشكلة ارتفاع الاسعار، اما في استطلاع العام على تشكيل الحكومة انخفضت هذه النسبة الى 41% أي بفارق 30% والذي جرى بوضوح ان الحكومة عندما قامت بتحرير اسعار المحروقات نتيجة لارتفاع النفط عالميا ونتيجة للعجز الدائم في الموازنة الحكومة وعدت بانها ستقوم بمراجعة اسعار المحروقات للتتناسب مع اسعار النفط عالميا، وهذا ما حصل خلال الصيف، فقد انخفضت اسعار النفط عالميا، وقامت الحكومة بمراجعة دورية للاسعار محليا وهذا ترك اثر اساسي في تقييم الحكومة ".
كما يرى ان التوافق بين القوى السياسية في الاردن في فترة تشكيل الحكومة لعب دورا في اعطاء ثقة للحكومة، ناهيك ان حكومة الذهبي على مدى العام لم تشهد ازمات حقيقية كبيرة مثل ازمتي المياه والشاورما، والشيء الوحيد الذي قامت الحكومة بمعالجته هو ازمة ارتفاع الاسعار وتعاملت مع الموضوع بدرجة عالية من الذكاء-والحديث للمصري- اذ عندما رفعت الحكومة الاسعار رفعتها ضمن مبادلة بينها وبين المواطن من حيث رفع الرواتب وحزمة الامان الاجتماعي وتوسيع مظلة التامين الصحي وكان هنالك شعور لدى المواطنين عندما ارتفعت الاسعار ان هنالك اجراءات حكومية اخرى اضافية سوف تقوم بها".
وعلى النقيض من ذلك يقول د.حمارنة ان الاجراءات الاقتصادية للحكومة الحالية لم تطمئن الشارع الاردني، فقد حدثت بعض القضايا زادت من اضطراب الشارع، ففي ظل هذه الحكومة تفجرت قضية البورصات وثبت خلال هذه العملية ان هناك الاف الأسر الاردنية تم استغلالها دون تدخل من قبل هذه الحكومة او الحكومة التي قبلها".
النقطة الاهم ان الحكومة – يتابع حمارنة- "لم تتدخل بشكل مباشر في تخفيض اسعار السلع الاساسية التي بقيت مرتفعة على الرغم من انخفاض اسعار المحروقات التي ساهمت بشكل كبير برفع العديد من السلع، كما طرأ ارتفاع كبير في معدل التضخم اكبر من كل السنوات السابقة، و وصل التضخم 15% وهذا يعني ان الزيادات التي قامت بها الحكومة على الرواتب هي هامشيه مقارنة مع الوضع المتردي".
ويتساءل د.حمارنة "الا أي مدى جرى تبدل بالسياسة الاقتصادية المحلية بما يتناسب مع حجم وطبيعة التغييرات الدولية وانعكاساتها على الوضع الداخين فمن يقرأ الموازنة الأردنية لعام 2009 يشعر ان كل هذا لم ياخذ بعين الاعتبار، فالاسواق في العالم خلال هذه الفترة مرت بحالة اضطرابات كبيرة مع ارتفاع في اسعار المواد الغذائية بحيث ازداد عدد الفقراء والجياع في العالم، والان اصبح مسؤولية كل الحكومات ان تعالج هذا الموضوع بموضوعية وشكل لا يسمح ان تصبح في قضية الاضطراب هي الاساس ".
قضية البورصات الاجنبية التي اثيرت مؤخرا لم تعصف بالحكومة الحالية ولم تشكل خطرا حقيقيا على اي من افراد طاقمها، كما لم يرافقها حملة اعلامية ناقده الاداء الحكومة، ويفسر البعض ذلك كون الاعلام ساهم في الترويج لهذه البورصات وخصوصا الاعلام الرسمي، لكن هذا الامر لم يخلو من وجود اصوات طالبت بحجب الثقة عن حكومة الذهبي بسبب اداءها في التعامل مع هذه الازمة، يقول النائب ياسين بني ياسين – وهو من احد الاشخاص الذي طالب بحج الثقة عن الحكومة " اقترحت عن المجلس حجب الثقة عن هذه الحكومة بسبب موضوع البورصات الاجنبية وضياع اموال المواطنين، اذ كان لهذه القضية اثر بالغ وسلبي على المواطنين وخصوصا الفقراء لان الحكومة تغاضت عن هذا الموضوع فترة طويلة في الوقت الذي نهبت فيه اموال المواطنين".
تجميد ملف التنمية السياسية
معالجة ملف الإصلاح السياسي في ظل هذه الحكومة لم يكن بنفس الثقل الذي كان به الاقتصادي لدرجة قال فيها بعض قادة الاحزاب ان " حالة من الهجران والقطيعه بين هذه الحكومة والاحزاب الاردنية التي لم تلتق الرئيس في اجتماع رسمي منذ توليه مهامه".
وذهب البعض الى اكثر من العتب على الحكومة في لقاءاتها مع الاحزب ليتهمها بالقصور في كل ملفات الاصلاح السياسي كما حصل مع قوانين الجمعيات والاجتماعات العامة ونظام تمويل الأحزاب والإعلام، وتجاهل كلي لملف الانتخاب والاجندة الوطنية".
يقول امين عام الحزب الشيوعي الاردني منير حمارنة ان الحكومة لم تقدم أي شيء جديد في هذا الملف اذ ابقت القديم على قدمه، بالاضافة الى انها مررت قانون الجمعيات الى البرلمان الذي فيه تراجع خطوات كبيرة الى الوراء، كما لم يحدث أي تغيير حقيقي بقانون الاجتماعات العامة، اما في قانون الاحزاب هناك اشكالية كبيرة الحكومة الحالية لم تقم أي علاقة مع الاحزاب خلافا للحكومات السابقةن كما لا يوجد أي حراك فيما يسمى موضوع التنمية السياسية اذ ابقت الحكومة على كل القضايا السابقة"
ويتابع حمارنة ان موضوع الإصلاح السياسي ليس موضوع لقاء مع الأحزاب وفقط، بل يحتاج الى إجراءات حقيقية تسمح للناس ان يساهموا بالشأن العام، ومن جملة هذه الأمور ايجاد المناخ المناسب للعمل السياسي بمعنى توفير حد اعلى من الحرية والديمقراطية والانسجام في الحياة العامة مع معطيات الدستور".
وعلى الرغم من التشاؤم في موضوع الاصلاح السياسي، تظهر نتائج الاستطلاعات ان حكومة الذهبي نجحت في معالجة موضوع الاصلاح السياسي وتعزيز المشاركة السياسية، ويرى د. محمد المصري ان قضايا الاولويات السياسية ما زالت على راس مطالب الراي العام كالديمقراطية والاصلاح السياسي والقضايا الاجتماعية ومواجهة الاقليمية وتعزيز الوحدة الوطنية ودعم الاستقرار في المنطقة، هي قضايا يراها المواطن اوليات مهمهم يجب على الحكومة معالجتها لكن الاغلبية وبنسبة تزيد على 80% تضع الظروف الاقتصادية اولا وبالذات ارتفاع السعار والفقر والبطالة والفساد المالي والاداري ".
الرئيس وشخصيته الذهبية
ولعبت شخصية الرئيس الذهبي دورا في ارتفاع شعبية الحكومة اذ تفوق على فريقه الوزاري في تقييم الاداء، وهذا منحه فرصة اكبر للمكوث في الدوار الرابع ربما لمدة طويلة، وحول هذا يكتب الصحفي فهد الخيطان في مقالة له في العرب اليوم " شخصية الذهبي التنفيذية وديناميكيته في ادارة اعمال الحكومة تضافرت عوامل داخلية وخارجية عديدة ساهمت مجتمعة في تعزيز حضوره العام من ابرزها حالة التناغم بين مراكز صناعة القرار بعد التغييرات الاخيرة في الديوان الملكي ودعم تلك المراكز للحكومة كي تمارس سلطتها من دون تدخل او منافسة, خاصة في الشأن الاقتصادي المحلي وعلى المستوى الخارجي انخفاض اسعار المحروقات وتلمس المواطن آثار هذا الانخفاض بشكل مباشر وسريع, كما ساهم الانفتاح على دول عربية مثل سورية وقطر في تهدئة اوساط المعارضة التي طالما انتقدت سياسة القطعية مع تلك الدول.
وو فق تقديرات سياسيين مطلعين يقول الخيطان, فان اداء رئيس الوزراء الذي يحظى بتقدير صاحب القرار وعموم الرأي العام سيؤهل حكومته للاستمرار فترة طويلة. ويعتقد بعض السياسيين ان الذهبي سيعمر في الدوار الرابع لفترة تفوت ما قضته آخر ثلاث حكومات. هذه التقديرات تلقي على عاتق رئيس الوزراء اعباء كثيرة يتعين الاستعداد لها منذ الان حتى لا تقع مفاجآت غير سارة".
ويتفق د.محمد المصري مع هذا الطرح الى حد ما ويرى ان شخصية الرئيس تساعد في اقامته في الرابع لكن الاهم من ذلك هو المحافظة على رصيده من ثقة المواطنين اذ عليه البدء بصرف هذا الرصيد وستغلال هذه الثقة الموجودة لدى المواطنين في التعامل مع مجموعة من القضايا الاساسية من اجل ان تحول هذا الرصيد من رصيد قصير الامد الى رصيد طويل الامد واذا ما قامت الحكومة بذلك تكون الحكومة قد خدمة نفسها والدولة الاردنية في استعادة ثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة الاردنية".
وعند الكاتب جميل النمري مصائب قوم عند قوم فوائد، يقول في مقالة له ان التغييرات في بعض المواقع اعادت الاعتبار للولاية الدستورية للحكومة؛ فيما كان الرئيس يختم عامه الأول بكفاءة في الأداء ونجاح في العمل حاز على اعتراف الجميع، كفاءة ونجاحا يفوضانه اجراء ما يراه ضروريا من تغيير على فريقه وفق تجربته وما رآه من قصور او ثغرات، لكن هذا الانجاز وقد اصبحت الحكومة تمسك بزمام الأمر كله يعيد الى حضنها كامل المسؤولية السياسية ويضعها امام تحدّي التعامل مع ملفات خارجية وداخلية تنتمي لمرحلة جديدة.
عوامل اخرى لعبت دورا في ارتفاع تقييم اداء حكومة الذهبي -حسب استطلاع مركز الدراسات- كالحوار مع حماس، فهذا الحوار بحد ذاته يعتبر تحولأً نوعيأ في سياسة خارجية استمرت خلال الثلاث سنوات الماضية. وبالإضافة إلى الانفتاح مع حماس، فإن تحسن علاقات الأردن مع الدول العربية، مثل العلاقات مع سوريا وقطر خلال الشهرين الماضيين، يعتبر تحولاً في علاقات الأردن في الإقليم، الامر الذي انعكس على شعبية الحكومة.
إضافة إلى التحولات في علاقات الأردن الخارجية، شهدت الأشهر القليلة الماضية تحول في العلاقة بين الدولة وجبهة العمل الإسلامي، فبعد حوالي سنتين من التوتر بين الحكومة والحركة الإسلامية بدأت بوادر الحوار بينهما تظهر جلياً.
تحدِ كبير امام رئيس الوزراء نادر الذهبي الازمة المالية ما زالت تهدد اقتصاديات العالم على الرغم من انه قلل من تأثير هذه الازمة على الاقتصاد الاردني عندما قال ان تأثيرات الازمة المالية العالمية على المملكة كانت اقل بكثير من تأثيراتها على العديد من الاقتصاديات الكبيرة مثل الولايات المتحدة الاميركية واوروبا، لكن عام 2009 قد يحمل المفاجات وخصوصا فيما يتعلق باسعار النفط المضطربة.











































