الذهبي.. فساد الفرد أم المؤسسة ؟
أثار توقيف رئيس المخابرات الأسبق الجنرال محمد الذهبي الذي نظر اليه طويلا كأحد أقوى رجال الاردن في عهد الملك عبد الله الثاني ارتياحا لدى الأوساط السياسية وتحديدا الحراك الشعبي المطالب بمحاربة الفساد وزج الفاسدين خلف القضبان، فيما اعتبره البعض محاولات للتسكين.
الذهبي الذي أوقفه المدعي العام الخميس 14 يوما على ذمة التحقيق، يترك الباب مواربا حول احتمالية تصفية رؤس جديدة في الحملة التي بدأها الأردن على الفساد، واشتد أوجها في عهد حكومة رئيس الوزراء( القاضي) عون الخصاونة الذي حمل ملف الحرب على الفساد على أمل اجتثاثه.
الارتياح ترجمه الكاتب والمحلل السياسي بسام بدارين، الذي رأى في التوقيف محاولة لتهدئة الشارع الثائر منذ كانون ثاني العام 2011. بدارين قال" الدولة قطعت خطوات كبيرة باتجاه الشفافية والمسؤولية".
الذهبي، ليس اول شخصية من العيار الثقيل تحال في عهد الملك عبد الله إلى القضاء، سبقه سميح البطيخي رئيس جهاز المخابرات الأسبق إلى قفص الاتهام والإدانة غير انه قضى فترة سجنه في بيته القابع على شواطئ العقبة لمدة سبعة سنوات.
رئيسا جهاز مخابرات وجها بفسادهم ضربة موجعة للجهاز، ليفتح سؤال حول طبيعة الفساد اذا ما كان مؤسسيا أم فرديا في أقوى أجهزة الدولة؟
بدارين ينظر إلى الأمر في أطار الفساد الشخصي والذي لا يتعداه بحسبه ليشمل نهج المؤسسة، يقول "مؤسسة المخابرات قادرة على الاعتراف بالأخطاء التي يرتكبها أفرادها وضابطه".
يزيد، أخطاء الأفراد تنتج عن أخطاء في أليات التعيين واختيار الشخصيات، مؤكد على ضرورة النظر بصورة شمولية لما تورط فيه الذهبي من فساد تتحمل أسس التعيين جزاء منه.
بدارين يؤكد على أن إي مخالفة يثبتها القضاء بحق الذهبي تبقى محصورة في إطاره الشخصي ولا يمكن تعميمها على المؤسسة بكليتها.
الإيجابية التي يطلقها بدارين حول اعتقال الذهبي، يقابلها الكاتب عمر كلاب بسلبية، حيث يرى في اعتقال مسؤول بحجم الذهبي مؤشر سلبي على محاربة الفساد لقيمة الرجل وموقعه السابق الذي ترأسه.
كلاب يعتبر أن الدولة التي تغامر بمدير مخابرات، تتبع حلولا " مرفونية"، وقال " المغامرة ستلقي بظلال ثقيلة على الدولة".
وحتى في اطار المسائلة يؤكد كلاب على ضرورة شموليتها لجميع الاطراف، ويقول " في قضية الذهبي هناك إساءة سياسية ثنائية أثارها الثنائيان محمد الذهبي وباسم عوض الله خلال تسلمهما مهامهما تمثلت بتزوير الانتخابات وزرع الفرقة ونخر المجتمع والاعتداء على إرادة الشعب.
لا يعتقد كلاب أن الفساد الحاصل في دائرة المخابرات العامة ومؤسسات الدولة الأخرى السيادية فساد ماليا بقدر ما هو فساد سياسي ناجم عن تدخل الدائرة في كافة مناحي الحياة.
ويتفق الطرفان على ضرورة أن يكون إي حل لمواجهة الفساد حلا شاملا يحاربه في مختلف الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لا أن يكون مجرد قفزات في الهواء.