الدورية الجبلية: نزاع على الحياة ومواجهة طبيعة لا ترحم

الرابط المختصر

يأسرك الفيلم الصيني "الدورية الجبلية" للوهلة الأولى بصدقية، مشاهده وواقعية تصويره، حيث تعيش أجواء مناخية صعبة في المناطق الواقعة بين الصين والتبت، فعنوان الفيلم الدورية الجبلية، ما يعنيه من تحد وصعاب جمة تواجه تلك الدورية، التي تحرص دوما على ملاحقة الصيادين الذي يعتدون باستمرار على الحيوانات البرية في مناطقها من غزلان والظباء وغيرها. وتفاصيل قصة الفيلم؛ يحاول كادر المتطوعين باستمرار ملاحقة المعتدين على الحيوانات، مع تعرضهم لصعوبات كثيرة جراء العواصف الثلجية، التي تحول دون استمرار بعضهم، مع عرض لقطات قتل مؤثرة جدا للحيوانات، وكيف يتعدى الإنسان على حياتهم دون شفقة أو رحمة.



وتشاهد بعد ذلك لقطة تُظهر أحد الصيادين، وهو يقتل عضو في الفرقة المتطوعة، مشهد مؤلم، يعطي المشاهد فكرة جشع الإنسان، لحظة قتله للنفس، سواء أكانت إنسانية أم حيوانية، ناهيك عن حشد مجموعة من المشاهد المؤثرة لقتل الظباء وسلخ فروها عنها وأكل لحومها، أو أكل العقبان للحومها، وترك هياكلها العظمية والمنتشرة في كثير من المناطق المثلجة.



مراسل صحفي، يحاول أن ينضم إلى فريق المتطوعين، لأجل القيام بتقرير صحفي عن مهامهم وجوهر عملهم، وبدورها تقوم الفرقة بأخذه معها في جولات، حيث يواجهون صعوبات طبيعية قاتلة لبعضهم، وما تلقيه على نفوسهم، من تعب وإعياء، وبالتالي يفضي ذلك لبيع بعض ما يصادرونه من الصيادين، لأجل تسليك أوضاعهم المعيشية.



لقطات صعبة، تظهر ما يعانيه سكان المناطق الواقعة بين الصين والتبت من ظروف مناخية سيئة، تؤثر على مناحي حياتهم، وتشمل ملامح التأثر على المتطوعين والصيادين على سواء، فالمناخ لا يرحم، وحياتهم مجبولة بالتعب والعناء.



لعل ما أراده المخرج هو إظهار الصعوبات عند كلا الطرفين، فريق المتطوعين؛ الأخيار، والصيادين؛ الأشرار، في ثنائية أراد المخرج من خلالها إظهار مدى معاناة من يقطن في هذه الدول من أجواء بادرة مثلجة، أثرت جليا على منحى حياتهم اليومية.



وقائع حقيقية، هي سمة الفيلم، حيث بنيت القصة بناءا على تقرير صحفي نُشر أوائل التسعينيات عن أحدث حصلت فعلا في منطقة تدعى "كيكلسكي"، حيث العواصف الثلجية أثرت على طرق حياة من يسكن فيها، معتمدة الكاميرا في أكثر من مكان على إظهار تأثر الممثلين في مسيرتهم الصعبة.



لعل جرعة المصداقية؛ هي السمة الغالبة على الفيلم الذي حاز عام 2004 على جائزة التحكيم الخاصة في مسابقة أفلام مهرجان طوكيو السينمائي الدولي، فرغم طابع الإثارة والتي تميزت الكثير من اللقطات إلا أن مأزق التكرار في بعض المشاهد، وقع بها مخرج الفيلم شو لو، حيث سرد تفاصيل معاناتهم وصلت، لكن تكررها من لقطة إلى أخر أضعف قيمة الجذب ولفت الانتباه.



ما يلفت النظر بالفيلم، هو جمالية اللقطات، وقوة الصورة البصرية، وقدرة المخرج على استغلال جمال المكان، فالتبت وغيرها من المناطق، أرض خصبة وطبيعة مؤثرة، عصية على كثير من المخرجين، من استغلالها.



أجواء الفيلم وأنت تتابعها، تجعلك تستذكر الفيلم الأمريكي، سبع سنوات في التبت، للمثل براد بيت، حيث تأريخ المكان عبر الصورة، وإظهار أثر الأجواء المناخية الصعبة على الممثلين، لكن مع فارق في أن فيلم الدورية الجبلية، فيلم محلي من أهل المنطقة، بمعنى أنه أدرى من أي واحد كان، بجغرافية المكان وطقوس وعادات ساكنيه، وحتى ظروفه المناخية.



فالصعوبات كثيرة كما اشرنا؛ أرضية التصوير، الأجواء المناخية، كان ذلك واضحا للمشاهد، فالثلوج المتساقطة ليست إلا طبيعية، ومعاناتهم من البرد كاحمرار الوجه واليدين، لم تكن تمثيلية إنما حقيقية، وضحت قدر المعاناة والتعب الذي واجه كادر العمل، وهذا بالنهاية ما أضفى المصداقية والواقعية على هذا الفيلم.

أضف تعليقك